المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التوحيد |
إن الإنسان في الحياة الدنيا يبحث عن الأمن والطمأنينة مما يجعله يتخذ الأسباب؛ فيذهب إلى من يرى فيه القدرة على منحه الأمان، ولهذا يجب أن يعتقد الإنسان أن الأمان والطمأنينة من مالك الأمن والأمان، وهو...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا مباركا فيه يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 71-72].
من أسماء الله -تعالى- الحسنى اسم الله: المؤمن، وقد ورد اسم الله المؤمن في كتاب الله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الحشر: 33].
وقد ورد اسمه معنى "المؤمن" بمعاني كثيرة؛ منها: قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "المؤمن أي من أمن خلقه من أن يظلمهم وتأمينه سبحانه وتعالى الخائفين بإعطائهم الأمان، قال سبحانه وتعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)[قريش: 3]، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء: 40]، وقوله سبحانه: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[الكهف 49]، فكل خائف يصدق في لجوئه إلى الله فإن الله يؤمنه من الخوف والفزع، فأمن العباد وأمن البلاد بيده سبحانه وتعالى"، وقال زيد: "المؤمن أي صدق عباده المؤمنين في إيمانهم به فهو سبحانه يصدق المؤمنين إذا وحدوه؛ لأنه الواحد الذي وحد نفسه، فقال تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آل عمران: 18].
وقال القرطبي في تفسيره: "المؤمن أي المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم به من العقاب، فهو سبحانه يصدق مع عباده المؤمنين في وعده، ويصدق ظنون عباده الموحدين، ولا يخيب آمالهم، قال سبحانه: (ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ)[الأنبياء: 9]، وعند البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "يقول الله -تعالى-: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".
وقيل: المؤمن هو الذي يؤمن عباده يوم الفزع الأكبر من مخاوف يوم القيامة، ومن عذاب النار، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ)[الأنبياء: 101-103]، وأنه سبحانه يؤمن عباده المؤمنين عند نزول الموت حال الاحتضار فإنه يسمع الملائكة وهي تبشرهم؛ كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ)[فصلت: 30-32].
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم.
إن الإنسان في الحياة الدنيا يبحث عن الأمن والطمأنينة مما يجعله يتخذ الأسباب فيذهب إلى من يرى فيه القدرة على منحه الأمان، ولهذا يجب أن يعتقد الإنسان: أن الأمان والطمأنينة من مالك الأمن والأمان، وهو الله -سبحانه وتعالى-، وهذا ما يؤخذ من صفة الله: "المؤمن"، فهو الذي يطمئن، ويؤمن الخائفين.
وكذلك من آثار اسم الله: "المؤمن": يقين الإنسان أن الله لا يظلم أحداً من خلقه، وأنه سينصر المظلوم ولو بعد حين، فينبغي أن يثق المؤمن ويلجأ إلي الله في كل أموره، فهو المؤمن للمؤمنين من كل شر ومكروه، والله -سبحانه وتعالى- هو المعروف لرسله في عبادتهم وسيعطيهم ما وعدهم؛ لأنه الصادق سبحانه وتعالى فيما وعد به.
نسأل الله أن يؤمن خوفنا في الدنيا والآخرة، كما نسأله سبحانه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمه أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولادينا إلا قضيته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا مريضا إلا شفيته.
اللهم وفق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وابعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.