قال الشارِح حفظه الله: «فإن علمَ أصولِ الفقه لما كان هو العلمُ الذي يأوِي إليه الأعلام، والملجأ الذي يُلجأ إليه عند تحرير المسائل، وتقرير الدلائل في غالبِ الأحكام، وكانت مسائلُه المُقرَّرة، وقواعده المُحرَّرة، تُؤخَذ مُسلَّمة عند كثيرٍ من الناظِرين، كما نراه في مباحثِ الباحثين وتصانيفِ المُصنِّفين. ولذلك حرِصَ كثيرٌ من أهل العلمِ عليه من أجل تبيين غايته وتوضيح مسالكه ومسائله، ومن الكُتب المُهمَّة عند الحنابِلة كتاب «مُختصر الروضة»، المعروف بـ (البلبل) لنجم الدين الطُّوفي الحنبلي رحمه الله، وقد اختصَرَه المُؤلِّف من كتاب روضة الناظِر لابن قُدامة المقدسيِّّ رحمه الله، وأعادَ ترتيبه وزاد عليه مسائل وخالفَ في أُخرى. وهو من الكتب المذهب المُفيدة التي حوَت أكثرَ مسائل الأصول، وقد تبِعَ فيها المُؤلِّف طريقةَ تحقيق قواعد الأصول، وبحث المسائل، وشرح التعريفات، وهي إحدى طرق التأليف في هذا الفن؛ حيث أتى بأدلَّة المُخالِف وناقشَها، وقد أفادَ فيها وأجادَ، إلا أن الطُّوفي في بعضِ المواطِن قد خالفَ مُعتقَد أهل السنة والجماعة، ولربما خالفَ المذهبَ، ولربما ناقَضَ نفسَه أيضًا في بعض أقواله».