لقد كانت مسائل الأوقاف من أهمِّ القضايا التي تناوَلَتها المصادرُ التشريعية وكُتب الفروع؛ ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول واقِف في الإسلام، ثم تبِعَه الصحابة - غنيُّهم وفيرُهم - في هذا الأمر المهمِّ؛ وما فعَلوا ذلك إلا تحقيقًا للغاية التي من أجلِها وُجِد الوقف، ألا وهي ابتغاء وجه الله - سبحانه وتعالى - ورِضوانه. ثم سارَت الأمة الإسلامية على درب هؤلاء الأفذاذ، ومع مرور العصور وتوالِي الأزمان بدأت تتكشَّف القيمة الحقيقية للأوقاف؛ إذ إنها ساعَدَت بل أسهمَت بدورٍ حيويٍّ في حل المشاكِل التي واجهَتها الأمة عبر تاريخها الحضاري الطويل؛ من أدواء مادية وأخلاقية واجتماعية ونفسية وعلمية وعسكرية .. وغيرها، وهو ما لم نجِده في أي حضارة أخرى. وهذا الكتاب تناول مجموعةً من القضايا المهمَّة، بدأت بتوضيح بعض من روائع التشريع الإسلامي في مسائل الأوقاف، ثم الحديث عن روائع استِنباطات فُقهاء المُسلمين في الوقف؛ كدليل على حيوية التشريع الإسلامي.