البحث

عبارات مقترحة:

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الخادمات في البيوت

العربية

المؤلف سامي بن خالد الحمود
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خطر الخادمات .
  2. توجيهات تتعلق بالخادمات .
  3. هروب الخادمات من البيوت .
  4. حقوق الخادمة .

اقتباس

ومن المقترحات المفيدة للتقليل من الحاجة للخادمات، إنشاء دور حضانة في مقار العمل أو الأحياء؛ نظرًا لكون الموظفات هن أكثر السيدات حاجة إلى الخادمات، هذا الأمر لو تبنته وزارة العمل سيخفف من المشكلة وسيوجد فرص وظيفية نسائية محترمة، بدلاً من المقترح الفاشل والخطير الذي دعا إليه وزير العمل قبل فترة بتوظيف السعوديات خادمات في البيوت، وكأننا في أفقر دولة حتى ..

 

 

 

 

أما بعد: سحرٌ أسودُ وآخرُ أحمر، وطلاسم وخِصَلٌ من الشعر، وصور للزوج والزوجة، وقِطَع من الثياب, وفي أحد البيوت يكتشف رب الأسرة سحر الفراق, خِصَلٌ من شعر زوجته معقودة بخيوط في حذائه, وخادمة تتنبأ بطلاق ابنتهم قبل زواجها، وتملأ منزل العائلة بالذباب, وغيرُها من القضايا الكثيرة, والسبب وجود الخادمة في البيت، أو قل عدم ضبط وجودها في البيت.

عباد الله: مع اتساع الحياة المدنية وتطور المجتمعات ظهرت قضية الخادمات في البيوت كقضية أساسية من أهم قضايا المجتمع، بل هي مملكة داخل مملكة، حيث يقدَّر عدد الخادمات في المملكة العربية السعودية بمليون خادمة من مختلف الجنسيات، ثلثي هذا العدد من أندونيسيا، والباقي من جنسيات أخرى, ويقدِّر الاقتصاديون أن سوق العمل السعودية سيستقطب خلال العشرة أعوام المقبلة مليونين من الخادمات.

ومع هذا، لم تعط هذه الظاهرة المتفشية حقها، من البحث والدراسة، والضبط والتوجيه، وإصدار القرارات المناسبة كغيرها من قضايا العمالة الوافدة. هل وجود الخادمات -كما يقول كثير من الناس- شرّ لا بدّ منه؟ ليس دائمًا، بل نقول: وجود الخادمات شرّ يمكن الاستغناء عنه، فإن وجد فإنه يمكن ضبطه والتخفيف منه.

وههنا بعض التوجيهات فيما يتعلق بالخادمات:

1/ أن لا تستقدم الخادمة إلا عند الحاجة والضرورة، بعيداً عن التقليد والتفاخر والتباهي، وما يسمى بـ (البرستيج) في بعض العائلات والأسر, حتى إن بعض الأسر تشترط الخادمة على الزوج الجديد في عقد النكاح دون أي حاجة؛ لأن العروس الجديدة، لا تريد أن تحمل حتى الجريدة, وصاحبة البلاط السلطاني، لا يمكن أن تقضي وقتها بين الأواني، وما هي إلا سنة إلا وتصاب بالسمنة, ولو أن هذه المغرورة تحركت من أول أمرها لأرضت زوجها، وأراحت بدنها، والله المستعان.

ومن المقترحات المفيدة للتقليل من الحاجة للخادمات، إنشاء دور حضانة في مقار العمل أو الأحياء؛ نظرًا لكون الموظفات هن أكثر السيدات حاجة إلى الخادمات، هذا الأمر لو تبنته وزارة العمل سيخفف من المشكلة وسيوجد فرص وظيفية نسائية محترمة، بدلاً من المقترح الفاشل والخطير الذي دعا إليه وزير العمل قبل فترة بتوظيف السعوديات خادمات في البيوت، وكأننا في أفقر دولة حتى تخدم بناتنا في البيوت.

2/ أن تكون الخادمة مسلمة فإنها أولى من غيرها, فهي تخاف الله -عز وجل- في الغالب، ثم إنها تكون أحرص وآمن على الأطفال, أما الخادمة الكافرة فقد يتأثرون بشيء من دينها أو تفسد عقائدهم.

3/ الالتزام بالضوابط الشرعية, ومن ذلك: الحجابُ الشرعي للخادمة، باللباس الساتر والعباءة، فلا يجوز أن تتكشف للرجال في المنزلِ، ولا أن تختلط بهم، أو تخلوا بأحدهم, وعلى ربة البيت أن لا تتهاون في دخول الخادمة على زوجها وأبنائها لتقديم الشاي والقهوة ونحو ذلك، وعلى رب البيت والأبناء أن يتقوا الله -عز وجل- في هذا الأمر؛ فإن الخادمة امرأة أجنبية عنهم، ولا يجوز لهم رؤيتها أو التوسع معها، فإنه ذريعة للفتنة ووقوع المنكر لا قدر الله.

يحدثني أحد ضباط الشرطة عن قضية قام هو بالتحقيق فيها في إحدى المدن, رأى أحد رجال الأمن جثة على الطريق في ساعة متأخرة من الليل، وحولها امرأة أخرى تمشي وقد بدا عليها الذعر والهلع, تم إبلاغ الشرطة، واتضح أنهما خادمتان مقيمتان تعملان في أحد المنازل في المدينة تعرضتا لبعض التحرشات من أبناء صاحب المنزل، فهربتا من المنزل, وبينما هما تمشيان اختطفتا إلى بيت مهجور، واعتُدي عليهما من عدد من الشباب, وفي مساء اليوم التالي أراد الشباب أن يتخلصوا من الخادمتين, فأركبوهما في السيارة، وفي الطريق قامت إحدى الخادمتين بفتح باب السيارة وهي تسير بسرعة، وألقت بنفسها في الشارع فماتت في الحال، ونزلت الأخرى من السيارة.

وفي الشرطة، تم التعرف على صاحب البيت المهجور الذي وقعت فيه الجريمة، وحامت الشبهة حول أحد أبنائه، استدعي صاحب المنزل، وقيل له: ولدك فلان؟، قال: وش سوى حسبي الله عليه, تم القبض على الشاب وزملائه واعترفوا بجريمتهم وصدر بحقهم العقاب المناسب.

ومن خلال هذه القضية التي كان سببها هروب الخادمة بسبب تحرش أبناء المنزل بها، أقول: إن من مكامنِ الخطر، ومواطنِ الفتنة، ما تعيشه بعض البيوت من الفوضى في قضية وجود الخادمة في المنزل, عدمُ التزام بالحجاب, اختلاطٌ بالرجال، ولا سيما الشباب, تركُها في المنزل بمفردها يدخل عليها من هب ودب.

وهذه القضية ما لم يكن فيها حرص والتزام بالضوابط الشرعية، فإن النتائج ستكون وخيمة, وقد قال معلم البشرية –صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما".

وعن عقبة بن عامر –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: " إياكم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال:الحمو الموت" رواه البخاري، والحمو: هو أخو الزوج.

ومن المؤسف جدًا أن بعض الناس لجهلهم أواتباعهم شهواتهم يظنون أن الخادمة تُعامل معاملة الأمة ومِلْك اليمين!! فلا يتورع أحدهم من النظر إليها، أو التوسع في معاملتها بحجة أنها خادمة! بل زاد بعضهم وسمح لها بلبس أحسن ثيابها وتسريح شعرها كأنها بين محارمها.

4/ عدم خروج الخادمة من المنـزل إلا للحاجة الماسة، وقد وصل الحد عند بعض الناس أن الخادمة تذهب لشراء حاجيات المنـزل، وتُخرج لرمي القمامة في الشارع، وكم سبب هذا التساهل من حوادث وجرائم في البيوت وفي المجتمع.

5/ عدم الاعتماد على الخادمة في تربيةِ الأطفال، ولا سيما غير المسلمة.

إن ترك الطفل الساعاتِ الطِوالَ مع الخدم لا يَضْمَنُ تمتُعَه بالرعايةِ الدافئة التي يحتاجها كلَّ حين، وثّمَّة دراساتٌ نفسية كثيرة، تتفق على أن جُلَّ الأطفالِ والصغار من ذوي المشاكلِ النفسيةِ، هم الذين عانوا حرمانًا عاطفيًا كبيرًا في طفولتهم المبكرةِ بسبب غياب أمهاتِهم عنهم، وإسلامِهم إلى الخدم.

6/ وههنا مسألة هامة جدًا يكثر السؤال عنها، وهي: تفتيش حاجيات الخادمة والرسائل الواردة إليها أو الصادرة منها، خوفًا من السرقة أو السحر، فقد يقال إن هذا مخالف للشريعة التي نهت عن التجسس على الآخرين والاطلاع على عوراتهم، لكن الأقرب –والله أعل- أنه متى ما وجد الشك، أو كثرت الحوادث كما في زماننا، فإنه يجوز ذلك من قبل الكفيل، وهو من باب الاحتياط وأخذ الحذر، لأن التهمة عامة، والضرر حاصل في العديد من البيوت وللأسف، ولا يمكن درء هذا الضرر إلا بالقيام بالتفتيش والمتابعة، على أن تكون بقدر الحاجة وبدون توسع، ومن الكفيل المسؤول نظامًا عن الخادمة ومتابعتها.

عباد الله: أشير هنا إلى ظاهرة هروب الخادمات من المنازل ووجود عصابات للتغرير بالخادمات وتهريبهن من البيوت وتشغيلهن في أعمال أخرى، أو ممارسة الرذيلة والإخلال بأمن البلد.

ولهذا أقول:

1/ لا بد من وضع أنظمة صارمة على مكاتب الاستقدام التي تنتهي مسؤوليتها بانتهاء فترة التجربة الثلاثة أشهر، ولا بدَّ كذلك من عقوبات رادعة لهروب الخادمة من منزل كفيلها, وقد كشفت بعض اعترافات الخادمات الهاربات أنه يتم إفهامهن في بلادهن بإمكانية الهرب بعد مضي ثلاثة أشهر وأنه لا يوجد عقوبات صارمة أو تعليمات تحذرهن من الهرب.

2/ الحذر من خروج الخادمة من البيت لوحدها، كماتقدم.

3/ منع الخادمة من اقتناء جهاز الجوال إلا للضرورة، وإذا أتيح لها ذلك فليكن بمتابعة سلوكها واتصالاتها.

4/ بعض الأسر شريكة في الجريمة بتعاملها مع مشغلي الخادمات غير النظاميات في السوق السوداء، وربما تتساهل بعض ربات البيوت في تناقل الأرقام للحصول على الخادمات من فلان أو علان.

نسأل الله أن يصلح أحوالنا، ويقينا شر أنفسنا، وشر شرارنا، إنه جواد كريم، وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا لا ينفد، أفضلَ ما ينبغي أن يُحمد، وأصلي وأسلم على أفضل المُصطَفِين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.

أما بعد: وإن كان هناك مآخذُ غيرُ مرضيةٍ تصُدرُ من بعض الخادمات فإننا في المقام نفسِه نُشير إلى العدل ومراعاة حقوقهم، فإن العدل من سمات المسلمين، وإعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقه مما أوجبه الله على المؤمنين, ومن حقوق الخادمة:

1/ رحمتها والعطف عليها، فإنها لولا ضعفها وحاجتها إلى المال لما هان عليها فراق ُالعيال، والسفرُ آلافَ الأميال, والراحمون يرحمهم الرحمن.

2/ حسن الخلق والمعاملة، فإنّ حُسنَ الخلق مع الضعيف دليلٌ على قوّة الإيمان، وقد كان صلى الله عليه وسلم أحسنَ الخلق خلُقًا وتعاملاً مع الخدم، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- الذي خدمه صلى الله عليه وسلم عشر سنين، قال: خدَمتُه حَضرًا وسفرًا، فما قال لي لشيءٍ فعلتُه: لمَ فعلتَه؟ ولا لشيءٍ لم أفعَله: لمَ لَم تفعله؟.

3/ العفو عن أخطائها والتجاوز عن زلاتها, وقد صح عند أبي داود أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كم أعفو عن الخادم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "كل يوم سبعين مرة".

4/ الإحسان إلى الخادمة والتصدق عليها, فقد جاء في حديث أبي ذر المتفق عليه قاعدة عظيمة يرسمها نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إخوانكم خَوَلكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعامه، فإن لم يجلِسه معه، فليناوِله لقمةً أو لقمَتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه وليَ علاجَه" أي: تولى صنعه وعمله.

في إحدى قرى الرياض أصيبت امرأة بمرض سرطان الدم فاستقدمت خادمة اندونيسية، وبعد مرور أسبوع على حضور الخادمة، لاحظت المرأة أن الخادمة تمكث طويلا في دورة المياه أعزكم الله، فلما سألتها وأكدت عليها أخذت الخادمة تبكي بكاءً شديداً وقالت: إني وضعت ولدي قبل عشرين يومًا فقط، وعندما اتصل بي المكتب في اندونيسيا أردت اغتنام فرصة العمل لحاجتي الماسة للمال، وأنا أبقى طويلاً في دورة المياه لأن صدري مليء بالحليب فأقوم بتخفيفه.

عندما علمت المرأة بالأمر قامت بالحجز فورًا للخادمة في أقرب رحلة وأعطتها المبلغ الذي ستتقاضاه خلال السنتين بالتمام والكمال، وقالت لها: هذه رواتبك لمدة سنتين مقدمًا، اذهبي إلى ابنك وأرضعيه، وبعد سنتين بإمكانك الحضور إلينا إن رغبت, وبعد سفر الخادمة كان لدى المرأة موعد في المستشفى، وعند فحص الدم كانت المفاجأة أن المرأة شفيت بحمد الله ولم يجدوا فيها أي أثر للمرض.

وصدق النبي –صلى الله عليه وسلم- حينما قال: "داووا مرضاكم بالصدقة", رواه أبو داود في المراسيل والطبراني والبيهقي وحسنه الألباني.

5/ تجنب ظلم الخادمة بصوره المختلفة:

- فمن صور ظلمها: احتقارها أو لعنها أوشتمها بأشنع الأوصاف وأقذع العبارات.

- ومن صور ظلمها: تكليفها بالعمل الشاق الذي لا تطيقه، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلَّف من العمل ما لا يطيق".

- ومن صور ظلمها: المماطلة بأجورها ومرتباتها، أو منعها أو نقصها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقُه" رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عيه وسلم- قال: "قال الله -عز وجل-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره".

فليحذر المسلم من أن يكون اللهُ –تعال-ى خصمَه في الموقف العظيم.

ومن صور ظلمها: التسلط عليها بالضرب، روى مسلم في صحيحه عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط، فسمعت صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود"، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله، فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا الغلام"، فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا، وفي رواية: فسقط السوط من يدي هيبةً له، وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حرٌ لوجه الله –تعالى-، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار" أو: "لمستك النار".

6/ الاعتناء بالجانب الديني، بتعليم الخادمة أمور دينها وتمكينها من أداء العبادات, وأن توفر لها الكتيبات والأشرطة الإسلامية بلغتها وهي متوفرة -ولله الحمد- لدى مكاتب دعوة الجاليات، جزى الله القائمين عليها والمتبرعين لها خيرًا، وللفائدة فإن أقرب مكتب لنا هو مكتب الربوة للدعوة وتوعية الجاليات، وهو من أنشط المكاتب بالرياض.

خذ هذه الفكرة, وأنت في الطريق الدائري الشرقي، توجه إلى المخرج الخامس عشر، وأنت باتجاه الجنوب ستجد على يمينك قبل مواقف أسواق المجد معرضًا أو كشكًا تابعًا لمكتب الدعوة, خذ من المعرض ما يناسب لغة خادمتك، وهو موجود بأسعار زهيدة بحمد الله, وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلا واحد خيرٌ لك من حمر النعم".