البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

اليقين بالله والتوكل عليه

العربية

المؤلف عبد العزيز بن الطاهر بن غيث
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. تعريف التوكل وبيان أهميته .
  2. ملازمة التوكل لليقين .
  3. ثمار التوكل .
  4. من أسباب التوكل .

اقتباس

اليقين بالله والتوكل على الله والثقة بالله معانٍ عظيمة، وصفات جليلة، إذا وصل إليها العبد فإنه يصبح مَلِك الدنيا الغنيَّ بالخالق عن الخلق، الذي يفيض الإيمان من نفسه فينير له دربه ويذلّل له طريقه ويجعله مطمئنًا في سيره إلى الآخرة، مسدَّدًا في هجرته إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولأن تحقيق اليقين بالله والتوكل عليه مفقود لم يشعر الناس بأنهم ملوك، ولم يشعر المسلم بأنه مستغنٍ عن الناس فقير إلى الله ..

وبعد: يقول الله -تبارك وتعالى- في كتابه العزيز: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق:3]، ويقول سبحانه: (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران:122]، ويقول -عز وجل-: (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [إبراهيم:12]

عباد الله: اليقين بالله والتوكل على الله والثقة بالله معانٍ عظيمة، وصفات جليلة، إذا وصل إليها العبد فإنه يصبح مَلِك الدنيا الغنيَّ بالخالق عن الخلق، الذي يفيض الإيمان من نفسه فينير له دربه ويذلّل له طريقه ويجعله مطمئنًا في سيره إلى الآخرة، مسدَّدًا في هجرته إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولأن تحقيق اليقين بالله والتوكل عليه مفقود لم يشعر الناس بأنهم ملوك، ولم يشعر المسلم بأنه مستغنٍ عن الناس فقير إلى الله.

والتوكل هو الاعتماد على الله مع إظهار العجز، والاسم منه التّكلان، يقال: اتكلت عليه في أمري، قال الإمام أحمد: "وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله -جل ثناؤه- والثقة به"، وقال ابن رجب الحنبلي: "التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله -عز وجل- في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها".

ولا يعني التوكل عدم الأخذ بالأسباب الدنيوية، ولكن يعني عدم تعلق القلب بهذه الأسباب، بل تعلقه في تحقيق أي أمر بالله سبحانه، فلا تنافي بين التوكل الذي هو عمل القلب وبين الأخذ بالأسباب الذي هو عمل الجوارح.

وكما أن ترك التوكل والتفريط فيه أمر مذموم وعيب قادح في الإيمان، فإن المبالغة في التوكل والإفراط فيه الذي يفضي إلى ترك السعي وترك الأخذ بالأسباب أمر مذموم أيضًا، وهو إما أن يكون جهلاً، وإما أن يكون كذبًا وادعاءً، قال رجل للإمام أحمد -رحمه الله-: أريد أن أحج إلى مكة على التوكل بغير زاد، فقال الإمام أحمد مستنكرًا وليقيم عليه الحجة: "اخرج في غير قافلة"، فقال الرجل: لا، إلا معهم، قال الإمام أحمد: "فعلى جراب الناس توكلت". أي: إنك كاذب في هذا؛ لأنك ستعتمد على الناس في أكلك وشربك، ولست متوكلاً على الله كما تدعي.

والإنسان -إخوة الإيمان- لا بد له أن يتوكل لأنه خلق ضعيفًا، كما قال الله سبحانه: (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) [النساء:28]، وقال سبحانه: (إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) [المعارج:19-21]، فما دام التوكل ضرورة وما دام المرء ولا بد متوكلاً ولا مفر له من التوكل، فقد دلّه الله سبحانه على صفات من يصح أن يتوكّل عليه ومن لا يخذله إذا توكّل عليه، فقال -عز من قائل-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) [الفرقان:58]، توكّل على الحي الذي لا يموت، هذه هي الصفة الأساسية لمن لا يصح التوكل إلا عليه، ولا يصح الفرار إلا إليه.

فإذا أردت -يا عبد الله- أن تتوكل فطبّق هذه القاعدة ثم توكّل، إذا قرّرت أن تتوكل على عقلك فتذكر: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)، وإذا قررت أن تتوكل على مالك فتذكر: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)، وإذا قررت أن تتوكل على البشر مهما بلغ جاههم ومالهم وسلطانهم فتذكر: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)، عند ذلك ستترك كل هذه الأمور وكل هذه الوسائط، وتعلم أن التوكل لا يصح إلا على الله، ولا تصح الثقة إلا بالله، ولا يصح اليقين إلا بالله -سبحانه وتعالى-.

والتوكل على الله -إخوة الإيمان- ثمرة من ثمرات اليقين بالله، فإن الإنسان لا يتوكل إلا على من أيقن بوجوده وبقدرته وعظمته، لهذا كان اليقين من أعظم نعم الله على العبد، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية".

فاليقين بالله من أعظم النعم، وقد جعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث قبل العافية في المرتبة، ويقول ابن مسعود كما عند البخاري: "اليقين الإيمان كله"، ويقول ابن قيم الجوزية: "واليقين من منازل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُمن قال: إياك نعبد وإياك نستعين امتحنه الله باليقين".

فلنعلم -أيها الناس- أننا إن ضعف التوكل عندنا فإننا إنما أتينا من ضعف يقيننا، فإذا قوي يقيننا ورسخ في قلوبنا قوي توكلنا على الله في كل أمور حياتنا، إذا اكتمل الإيمان واليقين في قلوبنا توكلنا على الله وفوضنا الأمر إليه في محاربة الأعداء، وفي جلب النفع ودفع الضر، وفي قضاء الحوائج وفي طلب الرزق وغير ذلك من أمور يبتلي الله سبحانه بها الإنسان؛ لينظر مقدار توكله على الله سبحانه.

ومن أعظم الخلق توكلاً على الله الأنبياء -عليهم السلام-، يقول سبحانه: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران:173، 174]، يروي البخاري في صحيحه عن ابن عباس في هذه الآية قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قالوا له: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".

ولنا -يا عباد الله- أفضل الأسوة وأفضل الدروس في التوكل واليقين بالله فيما ابتلى الله به خليله إبراهيم -عليه السلام-، فاليقين بالله سبحانه والثقة به وبأوامره جعلت إبراهيم -عليه السلام- يضع زوجته وولده الرضيع في مكان مقفر مجدب لا ماء فيه ولا شجر ولا إنس، ثم يذهب بأمر الله سبحانه ويتركهما في هذا المكان، ويقين المرأة الصالحة بالله وتوكلها عليه جعلها ترضى كل الرضا بهذا، ولا تعترض ولا تتذمر ولا تشكو من هذا العمل الذي قام به زوجها -عليه السلام-، بل تسلم تسليم المخبتين الطائعين، يروي البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن إبراهيم -عليه السلام- جاء بها وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟! فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا، قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا".

انظر إلى هذا القول الشافي الواثق، وإلى هذا الظن الحسن والثقة المتناهية بالله -عز وجل-، هي كانت تنتظر من إبراهيم -عليه السلام- ردًا واضحًا، فما أن قال لها: نعم، أي: الله هو الذي أمرني بهذا وأنا أترككم له حتى قالت بكامل الثقة: إذًا لا يضيعنا، ما دمت قد تركتنا في عهدة من يعلم غيب السماوات والأرض ومَنْ كلُّ دابة في الأرض رزقها عليه ومَنْ هو أرحم بخلقه من الوالدة بولدها، إذًا لا يضيعنا.

هذه هي قمة اليقين، وهذه هي ذروة التوكل -يا عباد الله-، أما كيف لن يضيعنا؟! أو بأي شيء سينقذنا؟! أو ماذا سيرسل لنا؟! هذا كله لا يهم، المهم أنه مادام الأمر من الله فإنه لن يضيعنا، لو نصل -يا عباد الله- إلى بعض هذا اليقين أو بعض هذا التوكل إذًا لانقلبت حياتنا كلها سكينة وطمأنينة، ولرأينا في أحلك الظروف وأصعب الأوقات نافذة ربانية يشع منها النور، ولكن ضاع اليقين بالله وبموعود الله وبنصرة الله، فغاب التوكل وأصبحت حياة الإنسان جحيمًا، يفكر في الرزق، ويخاف من الغد، ويضخم الأمور، وتركبه الوساوس لأتفه الأسباب، رغم أنه غير مأمور بهذا الغم وهذا الهم وهذا التفكير، بل هو مأمور بعبادة الله -عز وجل- والسعي في مصالحه قدر استطاعته، مجتنبًا ما حرم الله، ولكنه يترك كل هذا ويشقي نفسه رغم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يخاطبنا خطابًا بليغًا مبينًا واضحًا فيقول: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا"، أي: تخرج جائعة خالية البطون، وتعود ملآنة البطون. أخرجه الترمذي.

إلى الرحمن ترتفـع الأيـادي

وليس لـغـيره نفـع العباد
وباب الرزق بالإيمان يطـرق إذا أيقنـت فـأبشر بازدياد
وثـق بالـرب رزاق الـبرايا كما وثقت به الطير الغوادي
إذا خرجت من الأوكار جوعى تعود بطونهـا ملأى بـزاد

وللتوكل ثمار وفوائد وبركات يجنيها العبد المتوكل، من ذلك أن يكفيه الله كلّ شيء ويكون حسبه سبحانه، يقول تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق:3]. ومن ذلك أن لا يكون للشيطان عليه سبيل أو سلطان، يقول سبحانه: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل:99]. ومن ذلك الحفظ والنصر على الأعداء، يقول سبحانه: (وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران:173، 174]، إلى غير ذلك من آثار وثمار طيبة للتوكل.

فلا بد من اليقين بالله سبحانه والتوكل عليه حتى ييسر أمرك يا عبد الله، وحتى يفتح عليك أبواب فضله، يقول سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال:2].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وأجارني وإياكم من خزيه وعذابه الأليم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، من عمل بطاعته هداه، ومن توكّل عليه كفاه، ومن أيقن به سدده وجعل الجنة مأواه، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

عباد الله: التوكل خصلة فيها مرضاة الله سبحانه، وفيها ذهاب لوساوس الشيطان اللعين، فبقدر ما يكون الإنسان متوكلاً على الله واثقًا بما عند الله بقدر ما يكون الشيطان أمامه ضعيفًا خسيسًا فاشلاً في وسوسته، وبقدر ما يكون الإنسان متذبذبًا خوارًا متوجّسًا بقدر ما يقوى الشيطان أمامه ويتعاظم ويعكّر عليه صفو حياته وآخرته.

والتوكل وصية الله للأنبياء -عليهم السلام- ووصية الأنبياء لأقوامهم، يقول سبحانه مبينًا ما قاله موسى لقومه: (يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) [يونس:84]، وما قاله نوح: (يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ) [يونس:71]، وما قاله هود: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [هود:56]، ويقول سبحانه عن شعيب: (وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود:88]، وقال سبحانه آمرًا وموجهًا لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159]، وقال له أيضًا: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) [المزمل:9].

فما أعظمها من عبادة، وما أعظمها من خصلة، ما من رسول إلا تخلّق بها وحثّ عليها قومه، وهذا يدلنا على عظم هذه العبادة القلبية الجليلة التي غابت عن قلوب المسلمين، فوثقوا في كل شيء ولم يثقوا فيما عند الله سبحانه.

فتوكلوا على الله -أيها الناس-، وأكثروا من لفظ التوكل على الله موقنين بهذه الكلمة تنالوا فضلها وبركتها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له: حسبك، قد هديتَ وكفيت ووقيت، فيتنحى له الشيطان، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟!". أخرجه النسائي عن أنس.

فما أحرانا -إخوة الإيمان- أن نتحلى بهذه الخصلة العظيمة التي إن تخلّق بها المسلم لانت له كل الصعاب واستسلم للعزيز الوهاب، قيل لحاتم الأصم -كما في سير أعلام النبلاء-: علامَ بنيت أمرك في التوكل؟! قال: "على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنّت نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا مستحي منه".

اللهم ردنا إليك ردًا جميلاً، اللهم ردنا إليك ردًا جميلاً، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك...