الرب
كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...
العربية
المؤلف | أحمد عبدالرحمن الزومان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
فالعالم يعيش ثورة اتصالات وتداخل ففي السابق كان المعول عليه في نشر الأفكار المكتوب من كتب وصحف ونحوها وكان يمكن التحكم في دخولها أما الآن فيصعب إن لم يكن مستحيلاً التحكم فيما يقال ويعرض ونحن لسنا بمعزل عن هذه الثورة ومن ذلك الشبكة العنكبوتية وهي ما يعرف بالانترنت, والانترنت ليس شراً محضاً وليس خيراً محضاً فهو كغيره من المستجدات فإذا أحسن المستخدم استغلاله انتفع به فكم من محاضرة أو درس علمي في أحد المساجد ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رجالا كثيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد: فالعالم يعيش ثورة اتصالات وتداخل ففي السابق كان المعول عليه في نشر الأفكار المكتوب من كتب وصحف ونحوها وكان يمكن التحكم في دخولها أما الآن فيصعب إن لم يكن مستحيلاً التحكم فيما يقال ويعرض ونحن لسنا بمعزل عن هذه الثورة ومن ذلك الشبكة العنكبوتية وهي ما يعرف بالانترنت, والانترنت ليس شراً محضاً وليس خيراً محضاً فهو كغيره من المستجدات فإذا أحسن المستخدم استغلاله انتفع به فكم من محاضرة أو درس علمي في أحد المساجد تمكن من متابعتها مسلمون في بلاد كثيرة متباعدة، وكم من موقع دعوي يعرف بالإسلام ويدعو إليه كان سبباً في دخول الناس في الإسلام، وكم من رسالة لا تصل إلا بعد مدة وبمال كثير تصل بعد لحظات من إرسالها كم من كتاب يبحث عنه طالب العلم ولا يجده ثم يقوم بتحميله من أحد المواقع العلمية كم من مناظرة أبطلت الباطل ودحضته إلى غير ذلك من أبواب الخير التي يمكن أن ينفع بها من الانترنت مع توفير للمال والوقت والجهد.
و يمكن أن يكون وسيلة هدم يعود ضرره على الفرد والمجتمع فقد وجد فيه من طاشت عقولهم وتأثروا بأعداء الله متنفساً لهم لبث سمومهم فتارة يقعون في دين الله ويشككون بأحكامه ويستهزؤن به وبحملته تلميحاً وتصريحاً فيصفونهم بالأوصاف الذميمة رجاء أن ينفر الناس منهم ويلصقون بهم التهم ويفترون عليهم الكذب ناسبين لهم ما لم يقولوه أو يعتقدوه، وهم مع ذلك يعملون جادين لإفساد المرأة وإخراجها من بيتها داعين إلى نزع مصدر عزها ودليل عفتها ونزاهتها الحجاب يركبون الصعب والذلول ويتحججون بالحجج لقيادة المرأة السيارة وإذا حصل حادث مات فيه عدد من النساء جعلوا قيادة المرأة للسيارة طوق النجاة وعجباً لهؤلاء أليس يحدث للرجال أضعاف الحوادث هل أدت قيادة الرجل لاسيما الشاب للسيارة إلى منع الحوادث هل مشاكلنا كلها حلت وليس لدينا مشكلة إلا من يوصل المرأة إلى مدرستها وبيتها والسوق مع أن هذه ليست مشكلة ولله الحمد ألستم أنتم الذين تقومون بتوصيل أهليكم إلى المدارس والمناسبات والأسواق؟ بلى. وإن وجد من النساء من لا تجد من يوصلها إلى ما تريد بالسيارة فهي حالة نادرة والنادر لا حكم له.
إلا اللهم شخص يريد أن يتهرب من المسؤولية ويرى أن في قيادة المرأة للسيارة مخرج فهذا أمر آخر
أما الشباب الصالح فلم يسلموا من سهامهم فينبزونهم بأقبح الألقاب وإذا حصلت سقطة من أحدهم وانحراف عن الصراط المستقيم جعلوا هذا الحكم عاما.
وكذلك أماكن العبادة وحلق تحفيظ القرآن والأندية الصيفية لم تسلم من كيل التهم لها جزافاً هل تناسى هؤلاء أن هذه الأماكن أماكن مفتوحة للجميع وتخضع لإشراف وليست تعمل في الخفاء ولا أقول إن العاملين فيها معصومون ولا يقعون في أخطأ فهم كغيرهم فالنقد البناء الذي يراد به الترقي إلى الأفضل باب وما يفعله هؤلاء باب آخر.
ناهيك عن القصص المختلقة عن رجال الحسبة. يكتب هؤلاء تحت أسماء رجال ونساء مستعارة لأنهم يرون أنهم آمنون من أن تعرف أسماؤهم (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا).
إخواني: لنعلم أن وجود هؤلاء وأذاهم للمؤمنين أمر طبعي فهي سنة كونية قدرية فالرسل منذ مبعثهم لم يخلو ممن يناصبهم العداء ويزعم أنهم مفسدون في الأرض ويشكك في نياتهم تارة ويتهمهم في عقولهم تارة أخرى وكذلك أتباع الرسل من بعدهم (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ).
والواجب على المسلم أن يتقي الله فيما يحب ويكره فمن لم يتق الله في المسلمين فاتق الله أنت فيه فعليه ما حمل وعليك ما حملت فلا تتجاوز حدود الله مع هؤلاء فيبتعد المسلم عن الحكم على هؤلاء بالكفر أوالنفاق ومن رد عليهم يقول لهم قولاً ليناً يظهر فيه النصح لهم والحرص على هدايتهم مبيناً بطلان قولهم متجنباً الكلام الفاحش البذيء فليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: الإنترنت إذا لم يرشد استعماله خطره عظيم لاسيما على الشباب ففيه المناظر الإباحية والأفكار الهدامة أخي الشاب حينما تضع أصابعك على لوحة المفاتيح وتنتقل بين المواقع تذكر قوله تعالى (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) ربما ترى أنك متعت ناظريك لكنْ هذه اللذة مؤقتة وتعقبها حسرات بل تجر إلى الفاحشة. كم من شخص أصبح مدمنا لهذه المشاهد لا يستطيع الانفكاك منها.
فمن أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب إرسال البصر فإنه يريه ما يشتد طلبه ولا صبر له عنه ولا وصول له إليه وذلك غاية ألمه وعذابه والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل كل:
الحوادث مبدؤها من النظر | فلا مرحبا بسرور عاد بالضرر |
فاجعل الحاسب في مكان مفتوح يطلع عليه الجميع وإذا رأيت أنه لا بد من وضعه في غرفة فتجنب غلقها بالقفل أثناء التصفح.
غرف الدردشة قد تكون وسيلة لمرضى النفوس يصطادون فيها فرائسهم فلابد من الحذر حين التعامل معها وليس كل شخص يلجها فكم من ضحية لها ومن له دراية بواقعها يعلم طرفاً من مخازيها.
الانترنت مجال رحب للإشاعة والقالة بين الناس ونقل الحديث من أناس لا تعرف أسماؤهم فضلاً عن عدالتهم وهل يريدون الخير بالمسلمين أم الشر بل هل هم مسلمون أم كفار هل هم أولياء أم أعداء هل هم من أهل السنة أمن من المبتدعة؟.
البعض يتناقل ما يطلع عليه في الانترنت ويأخذه على أنه من المسلمات ولا شك أن هذا خطأ في طريقة التلقي وبعد عن منهج الله فالمسلم المعروف إذا كان عليه أثر الفسوق أمرنا بالتثبت في أقواله فلا نقبلها إلا إذا عرفنا صدقه فكيف بالمجهول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
ولو ثبت صدق الخبر فليس كل ما يعرف يقال ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيحين: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".
الانترنت مجال لضعفاء الإيمان مرضى النفوس في نشر صور النساء المؤمنات بعد التقاطها خلسة في مناسبات ألا يفكر هؤلاء بحجم الضرر الذي ادخلوه على بعض البيوت ألا يخشى من يفعل ذلك أن يكون جزاؤه من جنس عمله فعن ابن عمر قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" رواه الترمذي بإسناد حسن.
لابد من الاعتدال في الوقت الذي يصرف في تصفح الانترنت فالوقت هو رأس مال المسلم وسوف يسأل عنه فليسأل نفسه من يقضي الساعات خلف هذه الشاشة ما الذي استفاده وهل يساوي تضييع الأوقات إضافة إلى إضاعة المال كان يكفيك دقائق لتطلع على ما ترى أنك بحاجة إلى الاطلاع عليه وباقي الوقت اصرفه فيما يعود عليك بالنفع في دينك أودنياك فليكن لدينا انتقائية لمواقع علمية وإخبارية ولنبتعد عن مواقع القيل والقال إلا لمن كان في دخوله مصلحة راجحة.
لا بد من التربية الإيمانية للأولاد وخوفهم من الله وأن يتركوا ما لا يرضي الله بدافع داخلي فالرقيب يغفل وحجب المواقع يمكن أن يتحايل عليه مع وجوب الإشراف على هذه الأجهزة والإطلاع على محتواها بين فترة وأخرى.