الظاهر
هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...
العربية
المؤلف | علي عبد الرحمن الحذيفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
ومما يعصِم وينجي من الفتنِ التمسُّك والاعتصامُ بكتاب الله تعالى وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم وفهمُ معانيها وتفسيرُها عن الراسخين في العلم وليس عن الجاهلين والمبتدعين؛ لأن أكثرَ الانحراف سببُه سوءُ الفهم للقرآن والسنة، قال صلى الله عليه وسلم: ((تركتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب الله وسنتي)).
أمّا بعد: فاتقوا الله ـ أيّها المسلمون ـ حقَّ التقوى، وأطيعوه في كلِّ أحوالكم يصلِح لكم الدنيا والأُخرى.
عبادَ الله، إنَّ ضلالَ من ضلَّ عن الصراطِ المستقيم وزيغَ من زاغَ عن الدِّين القويم إمّا بسَبب الشهواتِ وإيثارِ الدنيا على الآخرة كما قال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم:59]، وقال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية:23]، وكما قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات:37-39]
وإما أن يكونَ الزيغُ والانحراف عن الدينِ القويم بسبَب الاعتقاد الفاسدِ والفهم الضّال كما قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف:103-105]، وكما قال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [آل عمران:105، 106].
روى ابن جرير في تفسير الآية عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (همُ الخوارج) ، وقال ابن كثير في تفسيره: "(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) يعني: يومَ القيامة حين تبيضّ وجوهُ أهل السنة والجماعة، وتسودّ وجوهُ أهل البدع والفُرقة، قاله ابن عباس رضي الله عنهم" انتهى.
أيها المسلمون، إنَّ الفتنَ أعظمُ ضَررٍ على الدّين والدنيا، وإنّ القائمين بالفتَن أصحابُ شهواتٍ ومقاصدَ سيّئة محرَّمة، وأصحابُ زيغٍ في العقيدة وضلال في الأفهام، حذَّرنا منهم الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [آل عمران:7]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا رأيتُم الذين يتَّبعون ما تشابَه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذَروهم)) رواه البخاري ومسلم.
والفتنُ لا تكون إلاَّ مع الاختلاِف، ولكنَّ أهلَ العلم يعرِفونها ويحذّرون منها. ومعنى الفِتَن كلّ قولٍ وكلّ فعل يضرُّ المسلمين في دينهم ودنياهم ويصدّهم عن الحقّ بذهاب الدين كلِّه عند المسلم أو نَقصِه.
وقد حذَّرنا الله تعالى من الفتن، قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:25] .
وحذَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جميع الفِتَن، بل سمَّى بعضَها ووصَفها لنبتعِدَ عنها، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنّه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمَّته على خيرِ ما يعلمه لهم، وينذِرهم شرَّ ما ي منه فأولئك الذين علمه لهم، وإنَّ أمتَكم هذه جعَل الله عافيتها في أوَّلها، وسيُصيب آخرها بلاءٌ وأمور تنكرونها، وتجيء فتنٌ يرقِّق بعضُها بعضًا، تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلِكتي، ثم تنكشِف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويدخَل الجنة فلتأتهِ منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحبُّ أن يُؤتَى إليه، ومن بايَعَ إمامًا فأعطاه صَفْقة يدِه وثمرةَ قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاءَ آخر ينازِعه فاضربوا عُنقَ الآخر)) رواه مسلم
وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن السَّعيدَ لمَن جُنِّب الفتن، إنّ السعيد لمَن جُنِّب الفتن، ولمَن ابتُلي فصبرَ فواهًا)) رواه أبو داود، وفي الحديث: ((استعيذوا بالله من أربع: فتنةِ القبر، وعذابِ النار، وفتنة المحيا والممات، وفتنةِ المسيح الدجّال)) رواه البخاري ومسلم، ولكن إذا وقعتِ الفِتنُ فقد جعل الله للمسلمِ منها مخرجًا وملاذًا وحِصنًا يَعتصِم به، وملجأً يتمسَّك به.
فممَّا يعصِم من الفتن الدعاءُ، فهو جامعٌ لكلّ خير وصارفٌ لكلّ شرّ، وفي الحديث: ((تكون فِتنٌ لا ينجو منها إلا مَن دعا دعاءَ الغريق)).
ومما يعصِم وينجي من الفتنِ التمسُّك والاعتصامُ بكتاب الله تعالى وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم وفهمُ معانيها وتفسيرُها عن الراسخين في العلم وليس عن الجاهلين والمبتدعين؛ لأن أكثرَ الانحراف سببُه سوءُ الفهم للقرآن والسنة، قال صلى الله عليه وسلم: ((تركتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب الله وسنتي)).
ومما يعصم وينجي من الفتن إنكارُ القلبِ للفتنة والتحذيرُ منها وبُغضُها، عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعرَض الفِتن على القلوب كالحصير يُعرَض عودًا عودًا، فأيّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلبٍ أنكرها نُكِتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، على أبيضَ مثل الصّفا، فلا تضرّه فتنة ما دامتِ السموات والأرض، والآخر أسودُ مربادّ كالكُوز مجخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا إلا من أُشرِب من هواه)) رواه أبو داود. ومعنى ((أسود مربادّ)) هو شدّة السواد مع بياض، ومعنى ((مجخِّيًا)) أي: منكوسًا لا يصِلُ إليه خير.
ومما يعصِم من الفتن ويُنجِي منها لزومُ جماعةِ المسلمين وإمامهم، عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون الرسولَ صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشرّ مخافةَ أن يُدرِكني، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنّ الله تعالى جاء بهذا الخير، فهل بعدَ هذا الخير من شرّ؟ قال: ((نعم))، فقلت: هل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال: ((نعم وفيه دَخَن))، قلتُ: وما دَخنُه؟ قال: ((قوم يستنّون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرِف منهم وتُنكر))، قلت: فهل بعدَ ذلك الخير من شرّ؟ قال: ((نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم، من أجابهم قذَفوه فيها))، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدرَكني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعةَ المسلمين وإمامَهم))، قلتُ: يا رسول الله، فإن لم يكُن لهم جماعة ولا إِمام؟ قال: ((تعتزلُ تلك الفِرقَ كلَّها ولو أن تعضَّ على أصلِ شجرة حتى يأتيَك الموت وأنت على ذلك)) رواه مسلم.
فأرشَد النبيّ صلى الله عليه وسلم عند ظهور الفِتن وعند ظهور دُعاة الفتنة أرشدَ إلى لزومِ جماعة المسلمين وطاعةِ إمامهم؛ لأن ذلك عِصمة لدِين المسلم وسلامةٌ له من البدَع والمذاهب الضالّة، لكنّ الخوارجَ ومن شابههم عكسُوا هذا الحديثَ، فعصَوا الإمام، وقتلوا جماعةَ المسلمين، قتلوا الأطفالَ والنساءَ والأبرياء، وحملوا السلاحَ على رجال الأمن المسلمين الذين هُم في خدمةِ الدين والبلاد، وقتلوا المستأمَنين غيرَ المسلمين الذين حرّم الشرعُ دماءهم، قال الله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء:115].
ومما يعصِم من الفِتن ويُنجي منها سؤالُ أهلِ العلم الراسخين والرجوعُ إلى أهلِ الفتوى، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل:43]، فمن استرشَد أهلَ العلم وعمِل بالدليل من القرآن والسنة لا يضلّ، وما ضلّ من ضلّ من المسلمين في العقائد إلاّ بالتأويل الفاسد والإعراض عن أئمة الإسلام.
ومما يعصِم من الفتن الأخذُ على يدِ القائمين على إيقاد نارِها بقوّة السّلطان، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((كلاَّ والذي نفسي بيده، لتأمرُنّ بالمعروف، ولتنهَوُن عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يدِ السفيه، ولتأطرنَّه على الحقِّ أطرًا، ولتقصرُنَّه على الحقّ قصرًا)) ، ومن تستَّر على أحدٍ من الخوارجِ فهو شريكٌ له في الفتنة والمعصية، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:102، 103].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيّد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهَد أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، الصادقُ الوعد الأمين، اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله حقَّ تقواه، فربُّكم أهلُ التقوى وأهل المغفرة.
أيها المسلمون، إنَّ أمَّةَ الإسلام أحاطَت بها الفتنُ والبلايا، ونزلت بها الشدائدُ والكرُبات، وظهر الاختلاف بين المسلمين على ساحةِ العالم الإسلاميّ، واستُهدِفَ الإسلام من أعداء الإسلام ومن بعض المنتسبين للإسلام، وواجبُكم ـ معشر المسلمين ـ الدفاعُ عن دينكم والوقوفُ أمام الغزوِ الفكريّ المعادي للإسلام والمخطَّط له من أعداء الإسلام، والذي يستهدِف التشكيكَ في القرآن الكريم وفي سنّة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويستهدفُ تعاليمَ الإسلام وتعطيلَ أحكام الله وتعطيلَ شرع في أرض الله، ويستهدفُ إخراجَ المرأةِ المسلمة عن تعاليم دينها لتكونَ كالمرأة الكافرةِ في جميع أحوالها، ويستهدفُ هذا المخطَّطُ أن يجعلَ بأسَ المسلمين بينهم، فيذكِي أسبابَ الصراع بين المسلمين، ويُذكي أسبابَ الصراع بين الحكّام والرعية، ويريد أعداءُ الإسلام أن يجعلُوا بأسَ المسلمين بينهم وصراعهم بينهم.
وإنَّ واجبَكم ـ معشر المسلمين ـ أن تقِفُوا لِكلّ ما يضرُّ دينَكم بالتمسُّك بدينكم، وبالوقوف أمامَ الغزو الفكريّ، وهو التمسُّك بعقيدة الإسلام والاعتصامُ بكتاب الله وبسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يُنجي من الغزو الفكريّ إلا أن يتمسَّك المسلمُ بدينه، وأن يرفُض ما يخالف دينَه جملةً وتفصيلاً، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69] .
فجهادُ النفسِ هو بحملِها على طاعةِ الله وإبعادِها عن معصية الله، وقال تبارك وتعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:109، 110]، وقال تبارك وتعالى: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) [إبراهيم:46] .
أيّها الناس، معشرَ شبابِ المسلمين، لو أنَّكم تدرِكون ما يُخطِّط لكم أعداءُ الإسلام ما عاونتموهم ولا ساعدتموهم على هدِم دينكم، وعلى الإضرار بمجتمعكم، وعلى أن تجعَلوا بَأسكم بينكم، فتوبوا إلى الله وارجعوا إليه، فإنّ الله تبارك وتعالى يقبَل التوبةَ عن عباده، واعلموا بأنَّكم مسؤولون عن أعمالِكم، ومسؤولون عن أفعالكم جميعها، والله عزَّ وجلَّ لا يخفى عليه مِن نياتكم وأعمالكم شيء، قال الله تبارك وتعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:7، 8].
فكونوا على حذَر من الشيطان الرجيم، وكونوا على حذرٍ من أعداءِ الإسلام، وكونوا على حذرٍ من أنفسكم، فإنَّ من أعداء الإنسان للإنسان نفسه.
عباد الله، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليَّ صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشرًا)).
فصلّوا وسلِّموا على سيّد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين...