البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الحزن الممنوع والمشروع

العربية

المؤلف سليمان بن حمد العودة
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. معنى الحزن وحقيقته .
  2. أضرار الحزن .
  3. الحزن الممدوح .
  4. السبيل إلى القضاء على الحزن .

اقتباس

وحديثي إليكم اليوم عن حالة نفسية، وخطرات قلبية تمر بنا جميعاً، ومنا المكثر فيها ومنا المقل، وتختلف لها الدوافع والمواقف، إنه حديث عن الحزن المرادف للهم؛ فما يعني الحزن؟ وماذا يجوز من الحزن وماذا يمنع؟ وما يحمد منه وما يذم؟ وكيف نتقي الحزن المذموم وندفعه؟

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله وارض اللهم عن أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أيها المسلمون: يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت:64].

إنها حقيقة لا مرية فيه، حقارة الدنيا، وزوالها وانقضاؤها، وغايةما فيها لهو ولعب، أما الحياة الأبدية الباقية فهي حياة الآخرة، ومن علم ذلك وأيقن به آثر الباقية على الفانية، وبذلك ختمت الآية "لو كانوا يعلمون".

هذه الدنيا الدنية حكم الله بفنائها، وقدر على الإنسان نصيبه من الكبد فيها، وليس يسلم أحد من همومها وأكدارها ومنغصات العيش فيها، ومن رام غير ذلك فيها فهو مكلف الأيام ضد طباعها، ومن عيون الشعر وحكمه قول الشاعر:

حكم المنية في البرية جاري

ماهذه الدنيا بدار قرار
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً حتى يرى خبراً من الأخبار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هاري
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري
والنفس إن رضيت بذلك أوأبت منقادة بأزمة المقدار
فاقضوا مآربكم عجالا إنما أعماركم سفر من الأسفار
ليس الزمان وإن حرصت مسالماً خلق الزمان عداوة الأحرار

عباد الله: وحديثي إليكم اليوم عن حالة نفسية، وخطرات قلبية تمر بنا جميعاً، ومنا المكثر فيها ومنا المقل، وتختلف لها الدوافع والمواقف، إنه حديث عن الحزن المرادف للهم؛ فما يعني الحزن؟ وماذا يجوز من الحزن وماذا يمنع؟ وما يحمد منه وما يذم؟ وكيف نتقي الحزن المذموم وندفعه؟

قال العارفون: الهم والحزن قرينان، وهما الألم الوارد على القلب، فإن كل على ما مضى فهو الحزن، وإن كان على ما يستقبل فهو الهم.

والحزن انخلاع عن السرور، وملازمة الكآبة لتأسف على فائت أو توجع للمتنع، وهو من عوارض الطريق، وليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين، ولهذا لم يأمر الله به في موضع قط، ولا أثنى عليه، بل نهى عنه في غير موضع، قال تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:139].

وقال تعالى: (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) [النحل: 127].

وقال تعالى: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم) [الحديد: 23]. ومثل ذلك كثير...

بل لقد قيل عن الحزن: إنه بلية من البلايا التي نسأل الله دفعها وكشفها، ولهذا يقول أهل الجنة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر: 34].

وكان الحزن مما استعاذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن.." الحديث".

يا ابن آدم: عجباً لك تضيق بك المهاجر وتقتلك الهموم، وتؤرقك الأحزان – كل ذلك أسفاً على فائت حقير، أو خوفاً من مستقبل لا تدري ما الله صانع به؟ أين ثقتك بالله وخزائنه ملئى ويده سحاء الليل والنهار، وأين إيمانك بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن:11].

يا أخا الإسلام: وإنما ينهى عن الحزن لأنه لا يجلب منفعة، ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر به الله.

وينهى عن الحزن لأن فيه نسيان المنة لرب العالمين بما أنعم عليكم من نعم قد تغيب عنك كلها أو بعضها حال حزنك، فلا تتذكر إلا هذه المصيبة في نظرك، وقد يكون فيها هي الأخرى خير لك وأنت لا تدري، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.

وينهى عن الحزن لأن فيه بقاء في رقة الطبع، وحبساً للنفس في سجن التضجر والتشكي، والنفس مولعة بحب العاجل، وهي كالطفل إن تتركه شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.

يا أخا الإيمان: وينهى عن الحزن لأنه يضعف القلب، ويوهن العزم ويضر الإرادة، وهو بهذا مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره.

وهل علمت أن الحزن مدخل من مداخل الشيطان على الإنسان يحزنه ليقعد به عن عمل الصالحات وهو يكثر عليه الهواجس والخطرات، ثم يتركه صريع الهم، ممتلئاً بالحزن.. لا تقوى نفسه على عمل الصالحات وتضعف في مقاومة الشهوات، وليس بمقدور الشيطان أن يضر أحداً إلا بإذن الله وعلى من أصيب بشيء من ذلك أن يستشعر عظمة الله ويتوكل عليه (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [المجادلة:10].

يا أخا الإيمان: فإن قلت وما بال المؤمن لا يحزن وهو يشعر بتقصيره في حق الله، وما باله لا يأسف هو يرى عمره ينقرض في تحقيق الملذات، دون أن يعمل عملاً لائقاً لجنة عرضها الأرض والسموات؟

وما بال المؤمنين لا يحزنون، ومصائب إخوانهم المسلمين تترى، وقضاياهم تتحكم فهيا الأهواء، ويسوسهم فهيا الأعداء وأنى لقلب لا يحزن، وكلمة الحق، وأصوات المحقين تكاد تخنق، بينما يملأ الآفاق ضجيج الباطل، ويكثر سواد المبطلين.

وما بال قلب عمرته الرحمة لا يحزن لمصاب عزيز، وأي عين لا تدمفع لفقد حبيب وتلك رحمة جعلها الله في قلوب العباد؟

إن قلت ذلك أو عددت غيره مما يدعو للأسى والحسرة والهم والحزن أجبت بأن الحزن لا يحمد لذاته وإنما يحمد لسببه ومصدره ولازمه دون أن يفضي به الحزن إلى القعود عن فعل الأسباب الموصلة إلى الله يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه، فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عموماً، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك إلى قوله: ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه.

إلى أن يقول: وما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وإن كان محموداً من جهة أخرى.

يا أخا الإسلام: وإذا حزنت على شيء تكرهه فلا تتسخط ولا تعترض على أقدار الله، وسلم وارض وافعل الأسباب الدافعة لهذا الهم وكذلك كان هدي المصطفى، تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون".

ومع الهم والحزن توكل على الله وبث الشكاية إليه، وارفع الدعوات له فذلك شأن الصالحين (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) [يوسف: 86].

وإياك واليأس من روح الله، والإحباط المذل للنفوس وكذلك يلازم المؤمن الصبر وقوة الرجاء وعدم اليأس حين الشدائد والضراء والمحن (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف:87].

اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال"، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك إنك كنت غفاراً.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين كتب على ابن آدم حظه من السعادة والشقاء والفقر والغنى فهو مدرك ذلك لا محالة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحكم ما يشاء ويختار وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان أعظم الناس مسؤولية وأحسنهم خلقاً اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أما بعد: إخوة الإسلام فإذا اهتم لشيء من محقرات الدنيا فاتتهم،أو حزن آخرون على مرتبة من مراتب هذه الحياة لم ينالوها، أو بات القلق منكداً لحياة فئام من الناس وقد لا يحددون مصدره، فثمة فئة أخرى تعد من خواص الناس ونبلائهم تحزن على تفريطها وتقصيرها في خدمة ربها وعبوديته، أو تحزن على تورطها في مخالفته ومعصيته وضياع الأيام والأوقات، وهذا دليل على صحة الإيمان في القلب وكلما كان القلب أشد حياة كان شعوره بهذا الألم أقوى.. ولكن الحزن وحده لا يجدي عليه بل يضعفه، والذي ينفعه أن يستقبل السير، ويجد، ويشمر، ويبذل جهده.

وأخص من هؤلاء من يحزن على جزء من أجزاء قلبه، كيف هو خال من محبة الله، وعلى جزء من أجزاء بدنه كيف هو منصرف في غير محاب الله.

أيها الإخوة المؤمنون: إذا عرفتهم الحزن المذموم، والممدوح فكيف يدفع الحزن، وكيف يتحول إلى عمل مثمر ويتجاوز صاحبه السلبية والقلق؟

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يذكر حزن الخواص من الناس والتي سبقت الإشارة إلى شيء منها: "فهذه المراتب من الحزن لا بد منها في الطريق، ولكن الكيس لا يدعها تملكه وتقعده، بل يجعل عوض فكرته فيها فكرته فيما يدفعها به، فإن المكروه إذا ورد على النفس فإن كانت صغيرة اشتغلت بفكرها فيه وفي حصوله على الفكرة في الأسباب التي يدفعها به فأورثها الحزن، وإن كانت نفساً كبيرة شريفة لم تفكر فيه، بل تصرف فكرها إلى ما ينفعها فإن علمت منه مخرجاً فكرت في طريق ذلك المخرج وأسبابه وإن علمت أنه لا مخرج منه فكرت في عبودية الله فيه وكان ذلك عوضاً لها من الحزن.

عباد الله: وإذا كان هذا مخرجاً عملياً من الأحزان، فثمة مقدمة وأساس لهذا المخرج لا بد من توفره، وبه يعان المرء على تجاوز أحزانه ألا وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته، والتوكل عليه، وحده، وعدم قطع حبل الرجاء معه، قال بعض العارفين: معرفة الله جلا نورها كل ظلمة، وكشف سرورها كل غمة" فإن من عرف الله أحبه ولا بد، ومن أحبه انقشعت عنه سحائب الظلمات وانكشفت عن قلبه الهموم والغموم والأحزان، وعمر قلبه بالسرور والأفراح، وأقبلت إليه وفود التهاني والبشائر من كل جانب، فإنه لا حزن مع الله أبداً مهما ادلهمت الخطوب، واشتد الخصوم.

أليس خير البرية يقول لصاحبه "لا تحزن إن الله معنا".

والكفار يطاردون محمداً صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه حتى يقفوا على فم الغار الذي يختفي فيه وحينها يقول أبو بكر رضي الله عنه : "والله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا" فيرد عليه (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم) [التوبة: 40].

ويوسف عليه السلام يؤذى من أقرب الناس إليه، ويباع ويشترى بأبخس الأثمان وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ثم يؤذى في عرضه وتلحقه التهمة وهي البريء العفيف الطاهر، ويصر الملأ على سجنه من بعد ما رأوا الآيات حتى لا تنفضح امرأة العزيز، ويأسف أبوه لحاله ويقول: (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) [يوسف: 84)، ومع مكوثه في السجن بضع سنين يظل صابراً محتسباً، بل ويظل خيراً صادقاً داخل السجن كما كان خارجه ويعترف له من بالسجن بالصلاح والتقى وفضل العلم والهدى وينادى بـ"أيها الصديق"، ولا يمنعهم سجنه أن يستفتوه فيما أشكل عليهم حين أراد الله براءته وإخراجه من السجن على الملأ، بل لقد ظل عليه السلام داعياً إلى الله، لم تقعده به الأحزان أو تقطعه الهموم عن مواصلة السير إلى الله: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف:39].

وهكذا فمن تأمل حياة الأنبياء أو حياة أتباعهم من المجاهدين الصادقين لم يجد للحزن واليأس في قلوبهم طريقاً مع شدة البلوى وعظيم المصاب.

إخوة الإسلام: وهاكم مخرجاً ثالثاً شرعياً من مخارج الهم والغم أرشد إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بكلمات نافعة، حين دخل المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة – جالساً فيه – فقال: "يا أبا أمامة: مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال: ألا أعلمك كلاماً إذا قتلها أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ فقال: بلى يا رسول الله، قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، فقلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني".

وفي رواية عند النسائي: "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يدعهن، كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل.." الحديث.

يا أخا الإسلام: وهاك دعاءً آخر خاصاً بإذهاب الهم والحزن، قال عليه الصلاة والسلام: "ما أصاب عداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضي في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونوري صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحاً".

أفيعجزك -يا أخا الإسلام- إذا نزل بك هم أو حزن لذات نفسك أو لقضايا المسلمين من حولك أن ترفع يديك إلى السماء، وتدعو دعاء المضطر، الواثق بالإجابة، وبهذه الأدعية وسواها..؟

وخلاصة القول فلا تشغلك هموم الدنيا عن السير إلى الله والاهتمام بمنازل الآخرة، ولا يقعد بك الحزن على مصائب المسلمين عن العمل والدعوة لدين الله، وكن بالله عارفاً، وعليه متوكلاً، وبنصره وتفريجه للكربات واثقاً.. فإن مع العسر يسرا، وإن مع العسر يسرا، ولن يغلب عسر يسرين.

اللهم اهدنا ووفقنا لليسرى، اللهم جنبنا العسرى، اللهم اكفنا ما أهمنا، وعظم أجورنا، وارزقنا الصبر والاحتساب على ما أصابنا هذا وصلوا..