البحث

عبارات مقترحة:

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

رسائل للأمة الإسلامية

العربية

المؤلف حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. العزة والتمكين .
  2. تكليف بقدر المسؤولية .
  3. المعاصي وأثرها .
  4. كلمة التوحيد ومضامين السنة النبوية .
  5. الهمة العالية .
  6. أهمية العزة .
  7. أهمية الالتفاف حول العلماء .
  8. خطورة الاغترار بالشعارات البراقة .
  9. عدم الركون إلى الدنيا .
  10. أهمية التمسك بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
  11. وصايا لأهل غزة الصابرين .

اقتباس

لذا فحقائق من نور الوحيين نوجهها من منبر سيد البشرية وإمام الخليقة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- تتضمن رسائل موجهةً إلى حكام المسلمين وإلى علمائهم ومثقفيهم وشعوبهم ومجتمعاتهم قبل فوات الأوان والندم على ما مضى وكان ..

الحمد لله معز التوحيد وأهله ومذل الشرك وأهله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله.. أفضل أنبيائه وأشرف رسله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا- فبها تتحقق السعادة ويحصل الفلاح.

أيها الأخوة المسلمون: تمر بالمسلمين محنة عظمى وبلية كبرى.. ألا وهي عدوان الصهاينة الحاقدين على أهلنا في غزة الحبيبة.. عدوان جمع العدوان بشتى صوره والفساد بجميع أشكاله مما لا يصف بشاعته لسان ولا يحيط بفضاعته بيان.

إخوة الإسلام: منذ فترة الاستخراب المسمى زورًا وعدواناً بـ (الاستعمار) والأعداء يتكالبون على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- جزئوا أوطاننا وخربوا أوطاننا وسلبوا ثرواتنا واحتلوا مسرى نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- في تآمرٍ لا ينقطع وأحقادٍ لا تنقضي، يسعون لتدمير الأمة الإسلامية وسلخها من هويتها وعقيدتها؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إخوة الإسلام: لذا فحقائق من نور الوحيين نوجهها من منبر سيد البشرية وإمام الخليقة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- تتضمن رسائل موجهةً إلى حكام المسلمين وإلى علمائهم ومثقفيهم وشعوبهم ومجتمعاتهم قبل فوات الأوان والندم على ما مضى وكان

أمرتهم أمرًا بمنعرج اللوى

فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ

حقائق يقينية تضمنها القرآن العظيم ووصايا نبوية أوصى بها المصطفى الكريم -عليه أفضل الصلاة والتسليم- لذا فإن الحاجة ماسة إلى العمل بها والالتزام بمضمونها والتمسك بقواعدها قبل أن تعم الكارثة وتقع المحنة الشاملة على حد القائل:

أمرتك أمراً جازماً فعصيتني

فأصبحت مسلوب الإرادة نادماً

الرسالة الأولى: أن مصدر العزة والتمكين وموطن العزة والنجاة يكمن في تحقيق الإيمان بالله -جل وعلا- والطاعة الكاملة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- في كل شأن وفي كل مناحي الحياة.. ألم يقل الله -جل وعلا- لنا: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [النور: 55] ؟.

الرسالة الثانية: كل مكلف في الأمة الإسلامية فهو مسئول عن أحوال أمته، وهو على ثغرةٍ من ثغور الإسلام أمام الله..

فالجهاد كما يكون بالنفس يكون بالقلم.. يكون بالمال.. يكون بالدعاء كما دلت عليه حقائق القرآن العظيم ودلائل سنة نبيه الكريم.

فأروا الله من أنفسكم في أمتكم خيرًا وقدموا لأنفسكم من مال الله -جل وعلا- ما يقود للسعادة الكبرى، ألا وإن من أعظم الأسباب للنصر التوجه لله -جل وعلا- بالإخلاص والتضرع والدعاء: ( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) [البقرة: 250]،؛ فالنتيجة قول الله -عز وجل-: ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ.. ) [البقرة: 251]..

ومن أدعية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في الغزوات: " اللهم منزل الكتاب سريع الحساب؛ اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم " رواه مسلم..

وكان يقول في حال التقاء الصفين: " اللهم أنت عضدي وأنت نصيري، وبك أجول وبك أصول وبك أقاتل".

إخوة الإسلام: الرسالة الثالثة: على الأمة جميعًا الحذر من المعاصي كلها والبعد عن المناهي جميعها؛ فلقد فتحت علينا أبواب كل شر ولقد أغلقت علينا أبواب كل نصر، بها تحل الكوارث وتنزل المثلات وينتصر الأعداء وتضعف القدرة: ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ .. )، ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) [الشورى]..

ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يحدثنا عن شأننا اليوم بقوله: " وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري " حديث صحيح.

الرسالة الرابعة: الحذر من مكائد الكافرين ومن موالاتهم ومحبتهم؛ فربنا -جل وعلا- يقول: ( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ.. ) [آل عمران: 28]، وما ضاعت الأندلس إلا بأسباب أعظمها ضياع عقيدة الولاء والبراء والاستعداء على المسلمين بالأعداء الحاقدين وعقد العهود والحلاف معهم ضد المسلمين تحقيقاً للمصالح الذاتية.. واقرؤوا التاريخ جيداً.

الرسالة الخامسة: أن الرابطة الحقيقية للأمة يجب أن تكون كلمة التوحيد ومضامين السنة الصحيحة؛ فإحلال الشعارات القومية الزائفة والحزبيات المقيتة محلها أخطر شيء على الأمة وأعظم مرض في جسدها واسألوا حرب عام 48 وحرب عام 67 اسألوا واقرؤوا جيداً، لن تفلح أمة الإسلام عرباً وعجماً إلا حين يكون منهجها واحداً هو الإسلام وقائدها واحداً هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسيرته الصحيحة ( الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ.. ) [النساء: 76]، الله -جل وعلا- يخبرنا أيضا ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) [الجاثية: 18].

أمة الإسلام: إن أضر شيء على الأمة اختلاف القلوب وتفرق الصف فهو أعظم الأسباب في القضاء على كيان الأمة الإسلامية لاستلزامه الفشل وذهاب القوة والدولة، ألم يقل الله -جل وعلا-:( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ.. ) [الأنفال: 46] ؟ ألا فلتمحَ الفواصل والحواجز برابطة الإسلام الجامع والعقيدة الرابطة بين القلوب والنفوس على حد قول خالقنا -جل وعلا-:( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ.. ) [آل عمران: 103].

الرسالة السادسة: لابد من شحذ الهمم وبعث العزائم في النفوس والقلوب؛ فأمة الإسلام أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أمة تحمل عقيدة لا تعرف اليأس ولا يدخلها القنوط أبداً ألم يقل الله -جل وعلا-:( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ.. ) [آل عمران: 139 – 140] ؟ إنها أمة متى أرضت الله -جل وعلا- وتمسكت بدينها عزت وانتصرت وقادت مهما أحاط بها من كروب ونزل بها من خطوب، ربنا -جل وعلا- يقول:( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) [يوسف: 110]، إنها أمة جرت سنة الله -جل وعلا- لها بالنصر والتمكين مهما طالت الدهور، ومضت السنون؛ فربنا -جل وعلا- يقول: ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الروم: 47]، ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) [الصافات: 171 – 173].

ومن هنا فإن الكثير من وسائل الإعلام التي تبث التخذيل في الأمة وإدخال اليأس عليهم، إنما تخدم أعداء الإسلام وتجري وراء الشيطان، فعليها أن تتقي الله -جل وعلا- في الأمة.. على من يتبنى ذلك أن يخشى الله -جل وعلا- وأن يخاف من سطوته وعذابه.. على المسلمين أن يكونوا أمام هذه الدعوات الخبيثة المشبوهة أن يكونوا ثابتين ثبات الجبال الراسيات، لا يضرهم إرجاف مرجف ولا تخذيل مخذل ألم يقل الله -جل وعلا- عن المنافقين قديماً ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ.. ) [آل عمران: 173]؟ لكن المؤمنون يقول الله -جل وعلا- في شأنهم ( فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) [آل عمران: 173]، فكانت الثمرة ( فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [آل عمران: 174 – 175].

يا من حمل على نفسه خنق الألم في الصدور وبث روح الهزيمة النفسية في قلوب أبناء الأمة الغيورين وإشاعة روح الضعف في نفوس المؤمنين تلك صفات نفاقية مهينة..قال الله -جل وعلا- في حق أهلها في شأن غزو الخندق ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) [الأحزاب: 12]، وما أشبه حال المنافقين اليوم بحال المنافقين بالأمس !.

الرسالة السابعة: يجب على الأمة الالتفاف حول العلماء الراسخين في العلم والخير والهدى؛ فربنا -جل وعلا - يقول:( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) [النساء: 83]، فواجب على الأمة حكاماً وعامة أن يقربوا من علماء الإسلام، وأن يصدروا عن رأيهم المبني على الاجتهادات الصحيحة من الوحيين؛ فقد علمنا تاريخ الأمة المجيد أن المسلمين في كل فتنة وفي كل محنة لا يجدون العلاج الناجح إلا عند العلماء الربانيين، والأئمة المصلحين.

الرسالة الثامنة: العزة لا تنال إلا من الله العزيز الحكيم، ولا تكتسب إلا بالاعتصام بدينه والتمسك بشرعه، ومن ظن أن العزة والتمكين في الارتماء في أحضان الكافرين، فحالهم كحال المنافقين الذين ذكرهم الله بقوله:( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ) [النساء: 138 – 139]، قال عمر لأبي عبيدة حين فتح الشام في القصة المشهورة: " إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله -جل وعلا- ".

الرسالة التاسعة: يجب على أجيال المسلمين جميعاً الحذر من الاغترار بالشعارات البراقة، والادعاءات المزخرفة التي تزعم أنها تخدم الإسلام، وهي له في الباطن مخالفة، وفي الظاهر معاندة..وقد قيل:

تسمَّى بنور الدين وهو ظلامه

وهذا بشمس الدين وهو له خفس

كفى للشعارات البراقة فأمام الحقائق تتلاشى المظاهر وتزول، والأمور مرهونة بحقائقها وجوهرها لا بزخرف ألفاظها ومعانيها فالأمة في حال ارتقاء فكري، الأمة تريد عملاً صادقاً نابعاً من مشكاة القرآن والسنة المطهرة صادراً عن إخلاص للإسلام والمسلمين.. أما الدعايات والعواطف، فلقد استيقنا جميعا أنه لا للإسلام ينصر ولا للعدو يكسر.

في أرض أندلس أسماء معتمد فيها ومعتضد.. ألقاب مملكة في غير موضعه كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد.

الرسالة العاشرة: أخطر ما على الأمة اليوم أن تركن إلى هذه الدنيا الفانية وأن تؤثرها على الآخرة الباقية؛ فإنها إن هي فعلت ذلك وغلَّبت الفانية وملذاتها ونسيت الآخرة ونعيمها ذلت وهانت وفاتها الفلاح في الدارين وغاب عنها العز بأشكاله والنصر بأنواعه فلا يهلك على الله إلا هالك.. رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول معلناً وثيقة عظيمة: " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أومن قلة يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت ".

إن الأمة متى ركنت إلى ألوان الترف الفاجر، وانهمكوا في اللهو والخلاعة والإغراق في المجون فالتاريخ شاهد على أن هذا من أعظم أسباب الذل والهوان وعدم الصمود أمام المحن والفتن والتاريخ لا يرحم أحداً، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أوصى الأمة وقال: " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، و رضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " أخرجه أبو داود بسند صحيح.

الرسالة الأخيرة: الواجب على المسلمين جميعاً التمسك بسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسيرته القولية والعملية، فالجد لابد أن يكون والعمل لابد أن يحصل؛ فعلى قدر ذلك يكون الفوز والظفر، لابد للأمة الإسلامية أن تأخذ بالأسباب وإعداد العدة وتنشيط الهمم لرفع العوائق نحو المعالي، فلا عذر للأمة بالخمول والرضا بالدون فربهم -جل وعلا- قد قال لهم: ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ.. ) [الأنفال: 60].

إنه الإعداد الشامل..المعنوي والمادي، والعلمي والنظري، والعسكري والسياسي، والإعلامي فذلك أمر واجب وفرض على المسلمين حكاماً ومحكومين، ومن بذل جهده واستنفذ طاقته وفق سنن الله الثابتة فإنه - بإذن الله - إلى الخير والسعادة والعز والريادة، فلا يصنع التاريخ المجيد إلا الرجال العاملون ذوو الكفاح المتواصل والعزائم التي لا تلين.

نسال الله -جل وعلا- أن ينفعنا بما سمعنا.. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على كل حال، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فياأيها المسلمون: ألزموا التقوى؛ فبها العز والسعادة والنصر والتمكين.

إخوة الإسلام: في غزة اثبتوا واصبروا والهجوا بذكر الله -جل وعلا- تمسكوا بطاعته.. تذكروا قبل نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق.. لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة "..

وفيما أخرجه أحمد والطحاوي بسندٍ صحيحٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عبد الله بن حواله، وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: " عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها حزبه من عباده.. " إلى أن قال -صلى الله عليه وسلم-: " فإن الله تكفل لي بالشام وأهله "، قال راوي الحديث: من تكفل الله به فلا ضيئة عليه ".

فيا أهل غزة تمسكوا بالإسلام وتوكلوا على الله -جل وعلا- فوعد الله متحققٌ، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- كما رواه مسلم يقول لكم: " لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة "، وأهل الغرب هم أهل الشام كما ذكر ذلك الإمام أحمد، ونصر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.

إخوة الإسلام في غزة: طوائف اليهود مهما بلغت وحشيتهم فالله -جل وعلا- غالبٌ على أمره ووعده حقٌ لا يخلف، واعلموا أن من سنن الله -جل وعلا- المدافعة بين الحق وأهله والباطل وحزبه، والشر يجمح إلى العدوان.. ولكن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق..

ولقد وعدكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- بما ورد في الحديث الذي صححه أهل العلم من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- حينما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " طوبى للشام، فقلنا: لأي ذلك يا رسول الله ؟ قال: لأن ملائكة الرحمن باسطةٌ أجنحتها عليها ".

نسأل الله -جل وعلا- أن يظلكم بذلك..

الله -جل وعلا- مع عباده المتقين.. يحفظهم من الشرور ويقيهم من الأضرار والأخطار: (.. وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) [آل عمران: 120]، ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) [البقرة: 194]، ورسولكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: " أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك ".

مهما أظلمت المسالك وقست الحوادث وتوالت العقبات وتكاثرت النكبات فمع الصبر والتقوى ينهض الضعيف ويضعف العدو القوي، وربنا -جل وعلا- يقول: ( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ) [الحشر: 2].

نسأل الله -جل وعلا- أن يقذف في قلوب اليهود الرعب والذل والهوان.

واعلموا -إخوة الإسلام- في غزة أن هذه الدنيا هي دار ابتلاء؛ فاثبتوا يا أهل غزة في الابتلاء والامتحان؛ فربكم -جل وعلا- قد حكى عن الصحابة في غزوة أحد: ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) [آل عمران: 140 – 142]، إنها تحكي حالكم وشأنكم.

معاشر المسلمين: علينا جميعا أن نعلم حق العلم حقيقةً غائبةً عن كثيرٍ من أبناء الأمة: هي أن المعركة بين المؤمنين وخصومهم هي في صميمها معركة عقيدة وتوحيد ليس شيءٌ آخر: ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) [البروج: 8]، (.. وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا..ْ) [البقرة: 217].

ثم اعلموا أن الله أمرنا بأمرٍ عظيم؛ ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم..
اللهم صلِّ وسلم وبارك وأنعم على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد -صلى الله عليه وسلم- اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن الآل والصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم يا قوي يا عزيز.

اللهم نسألك نصرك لأهل فلسطين. اللهم نسألك نصرك لأهل فلسطين، اللهم نسألك نصرك لأهل غزة، اللهم أحفظهم بحفظك. اللهم أحفظهم بحفظك. اللهم أحفظهم بحفظك، اللهم اكلأهم بحفظك ورعايتك، اللهم أحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم.

اللهم اجعلهم سوط عذابٍ على اليهود. اللهم اجعلهم سوط عذابٍ على اليهود. اللهم اجعلهم سوط عذابٍ على اليهود، اللهم انتقم، اللهم انتقم من اليهود بأيديهم. اللهم انتقم من اليهود بأيديهم. اللهم انتقم من اليهود بأيديهم، اللهم عليك بالصهاينة فإنهم لا يعجزونك. اللهم عليك بالصهاينة فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم وبمن عاونهم.

اللهم عليك بهم وبمن عاونهم. اللهم عليك بهم وبمن عاونهم، اللهم اقذف في قلوبهم الرعب. اللهم اقذف في قلوبهم الرعب، اللهم اقذف في قلوبهم الرعب، اللهم زلزلهم. اللهم اهزمهم، اللهم انصرنا عليهم، اللهم ادحر قوتهم، اللهم أكبت قوتهم يا قوي يا عزيز،

نسألك يا الله، نسألك يا الله، نسألك يا الله أن تستجيب لنا يا قوي يا عزيز، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

عباد الله: اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.