المتين
كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...
العربية
المؤلف | مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | القرآن الكريم وعلومه - التاريخ وتقويم البلدان |
وسُمِّيَت سورة الكهف لما فيها من المعجزة الربانية في تلك القصة العجيبة الغريبة، قصة أصحاب الكهف، وهي قصة التضحية بالنفس في سبيل العقيدة، وهم الفتية المؤمنون الذين خرجوا من بلادهم فراراً بدينهم، ولجؤوا إلى غار في الجبل، ثم مكثوا فيه نياماً ثلاثمائة وتسع سنين بقدرة الله تعالى، ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة ..
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) [الكهف:1-5].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهمَّ صَلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله، إن طاعة الله وتقواه وعبادته هي ما يجب أن يلتزم به المسلم، ومما يجعل العبد يزداد من طاعة الله قراءة القرآن، وتدبره، وتفهُّم معانيه، والعمل به، وعدم هجره.
وفي يوم الجمعة من السنة أن يبكر المسلم إلى المسجد ليصلي صلاة الجمعة ويستمع لخطبتها، وقبلها يتنفل بما شاء، ويقرأ سورة الكهف، وفي الحديث، عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين"، وفي رواية: "وزيادة ثلاثة أيام".
فلماذا هذه السورة بالذات لها هذا الفضل العظيم؟ كما روى مسلم وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من فتنة الدجال"، وكما أخرج مسلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عُصِمَ من فتنة الدجال".
وللتعريف بهذه السورة فهي السورة الثامنة عشر من ترتيب المصحف الشريف، وآياتها عشر ومائة آية، وهي من السور المكية، وإحدى خمسِ سورٍ في القرآن بدأت بالحمد، هي: الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر؛ وكلها تبتدئ بتمجيد الله -جل وعلا- وتقديسه، والاعتراف له بالفضل والكبرياء والجلال والكمال.
وسميت سورة الكهف لما فيها من المعجزة الربانية في تلك القصة العجيبة الغريبة، قصة أصحاب الكهف، وهي قصة التضحية بالنفس في سبيل العقيدة، وهم الفتية المؤمنون الذين خرجوا من بلادهم فراراً بدينهم، ولجؤوا إلى غار في الجبل، ثم مكثوا فيه نياماً ثلاثمائة وتسع سنين بقدرة الله تعالى، ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة.
وخلاصة قصة أصحاب الكهف كما ذكرها المفسرون: أن ملكاً جباراً يسمى (دقيانوس) ظهر على بلدة من بلاد الروم تدعى (طرطوس) بعد زمن عيسى -عليه السلام-، وكان يدعو الناس إلى عبادة الأصنام، ويقتل كل مؤمن لا يستجيب لدعوته الضالة، حتى عظمت الفتنة على أهل الإِيمان.
فلما رأى الفتية ذلك حزنوا حزناً شديداً، وبلغ خبرهُم الملكَ الجبار فبعث في طلبهم، فلما مثلوا عند الملك توعدهم بالقتل إن لم يعبدوا الأوثان ويذبحوا للطواغيت، فوقفوا في وجهه وأظهروا إيمانهم، قال تعالى: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) [14]، فقال لهم: إنكم فتيانٌ حديثةٌ أسنانكم، وقد أخّرتكم إلى الغد لتروا رأيكم.
فهربوا ليلاً، ومرّوا براعٍ معه كلب فتبعهم، فلما كان الصباح آووا إلى الكهف، وتبعهم الملك وجنده، فلما وصلوا إلى الكهف هاب الرجال وفزعوا من الدخول عليهم، فقال الملك: سُدُّوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعاً وعطشاً.
وألقى الله على أهل الكهف النوم فبقوا نائمين وهم لا يدرون ثلاثمائة وتسع سنين، ثم أيقظهم الله، وظنوا أنهم أقاموا يوماً أو بعض يوم، وشعروا بالجوع، فبعثوا أحدهم ليشتري لهم طعاماً، وطلبوا منه التخفِّي والحذَر، فسار حتى وصل البلدة، فوجد معالمها قد تغيرت، ولم يعرف أحداً من أهلها، فقال في نفسه: لعلي أخطأت الطريق إلى البلدة!.
ثم اشترى طعاماً، ولما دفع النقود للبائع جعل يقلبها في يده، ويقول: من أين حصلت على هذه النقود؟ واجتمع الناس، وأخذوا ينظرون لتلك النقود ويعجبون، ثم قالوا: من أنت يا أخي؟ لعلك وجدت كنزاً؟ فقال: لا والله! ما وجدت كنزاً، إنها دراهم قومي! قالوا له: إنها من عهدٍ بعيدٍ، ومن زمن الملك دقيانوس، قال: وما فعل دقيانوس؟ قالوا مات من قرون عديدة.
قال: والله ما يصدقني أحد بما أقوله: لقد كنا فتيةً وأكرهَنا الملك على عبادة الأوثان، فهربنا منه عشية أمس فأوينا إلى الكهف، فأرسلني أصحابي اليوم لأشتري لهم طعاماً؛ فانطلِقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي.
فتعجَّبوا من كلامه، ورفعوا أمره إلى الملك -وكان مؤمناً صالحاً- فلما سمع خبره خرج الملك والجند وأهل البلدة، وحين وصلوا إلى الغار سمعوا الأصوات وجلبَة الخيل فظنوا أنهم رسل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة، فدخل الملك عليهم فرآهم يُصلون، فلما انتهوا من صلاتهم عانقهم الملك وأخبرهم أنه رجل مؤمن، وأن دقيانوس قد هلك من زمن بعيد.
وسمع كلامهم وقصتهم، وعرف أن الله بعثهم ليكونَ أمرُهم آيةً ومعجزةً من معجزات الله، ثم ألقى الله سبحانه على أهل الكهف النوم وقبض أرواحهم، فقال الناس: لَنَتَّخِذَنَّ عليهم مسجداً.
وقد اختُلف من بعد في عددهم، وقد أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بترك معرفة عددهم له سبحانه، وطلب عدم المراء في هذا، كما أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعمل شيئاً أن يقول إن شاء الله؛ وذلك لأنه لما سأله اليهود عن قصة أهل الكهف قال: غداً أجيبكم. فتأخر عنه الوحي خمسة عشر يوماً؛ لأنه لم يقل إن شاء الله.
أما القصة الثانية في سورة الكهف فهي قصة أخوين من بني إسرائيلَ أحدهما مؤمن والآخر كافر، ورثا مالا من أبيهما، فاشترى الكافر بماله حديقتين، وأنفق المؤمن ماله في مرضاة الله حتى نفذ ماله، فعيره الكافر بفقره، فأهلك الله مال الكافر، وضرب هذا مثلا للمؤمن الذي يعمل بطاعة الله والكافر الذي أبطرته النعمة.
أما القصة الثالثة فهي قصة موسى مع الخضر -عليهما السلام-، وهي قصة التواضع في سبيل طلب العلم، وما جرى من الأخبار الغيبية التي أطلع الله عليها ذلك العبد الصالح (الخضر) ولم يعرفها موسى -عليه السلام-، حتى أعْلمَهُ بها الخضر، كقصة السفينة، وحادثة قتل الغلام، وبناء الجدار.
وملخص القصة أن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسُئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله -عز وجل- عليه إذ لم يرُدَّ العلم إلى الله، فأوحى إليه أن هناك عبداً بمجمع البحرين أعلَم منك يا موسى، فطلب موسى من ربه أن يلتقي به، فقال: تأخذ حوتا فتجعله في مكتل، فحينما تفقد الحوت فهو ثَمَّ.
فانطلق موسى ومعه فتاه، حتى إذا أتيا الصخرة فناما فخرج الحوت فسقط في البحر، ثم واصل موسى وفتاه السفر، ثم طلب منه أن يأتيه بالغداء، ثم ذكره بأنه نسى الحوت عند الصخرة، فقال موسى ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما، ثم وجدا الخضر.
فطلب منه موسى أن يصاحبه، فقال له: (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) [67]، ثم اتفقا على أن يصاحبه شرط أن لا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً، ثم ركبا السفينة فخرقها الخضر فلم يصير موسى، ثم بعد الانتهاء من البحر وجدا غلاماً فقتله الخضر فلم يصبر موسى، ثم أتيا قرية فطلبوا من أهلها أن يطعموهم فأبوا، فوجد فيها جداراً على وشك أن يسقط فبناه الخضر بدون أجر فلم يصبر موسى، ثم كان الفراق بينهما.
بعدها أخبر الخضِرُ -عليه السلام- موسى -عليه السلام- بالأشياء التي لم يستطع الصبر عليها فقال له: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) [79-82].
وفي الحديث، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله أخي موسى! لوَدِدت أنه صبَر حتى يقص الله علينا من أمرهما، ولو لبث مع صاحبه لأبصر العجب!".
وفي قصة الكنز الذي تحت الجدار قال المفسرون: إن صلاح الآباء ينفع الأبناء، وتقوى الأصول تنفع الفروع؛ وأوضح الخضر في آخر الآيات لموسى أن ما فعله من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لم يفعله برأيه واجتهاده، بل فعله بأمر الله وإلهامه.
ومن القصة أيضاً أنهما وهما في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر العصفور في البحر نقرة، فقال الخضر لموسى: ما علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقر هذا العصفور من هذا البحر!.
أما القصة الرابعة والأخيرة فهي قصة ذي القرنين، وهو ملك مكَّن الله تعالى له في الأرض، وبسط سلطانه على المعمورة، وملَك مشارق الأرض ومغاربها، حيث رحل ثلاث رحلات: إلى الغرب وإلى الشرق وإلى السدين، حيث قصة بنائه للسد في وجه "يأجوج ومأجوج".
والراجح أن ذا القرنين هو الاسكندر المقدوني، وهو ملك صالح أعطاه الله العلم والحكمة، وسمي بذي القرنين لأنه ملك مشارق الأرض ومغاربها، وكان مسلما.
وفي وصف يأجوج ومأجوج قيل إنهما قبيلتان من بني آدم، في خلقهم تشويه، منهم مفرط في الطول، ومنهم مفرط في القصر، قوم مفسدون بالقتل والسلب والنهب وسائر وجوه الشر؛ قال المفسرون: كانوا من أكَلةِ لحوم البشر، يخرجون في الربيع فلا يتركون أخضر إلا أكلوه، ولا يابسا إلا احتملوه.
عباد الله: في هذه القصص من سورة الكهف لأكبر العبر والعظات في أمور مختلفة، سواء في قصة نوم أهل الكهف وإيقاظهم، أو في إهلاك مال الكافر عندما تكبر على أخيه المسلم، أو في قصة موسى والخضر والعلم، أو في قصة ذي القرنين ورحلاته، ويأجوج ومأجوج.
نسأل الله أن نعتبر ونتعظ، وأن ينفعني وإياكم بهدي كتابه، وسنة خاتم رسله، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، أحمَدُه وأشكره على ما مَنَّ علينا به من إنزال القرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه.
عباد الله: استكمالا للحديث عن سورة الكهف نقول -وبالله التوفيق-: إن السورة الكريمة استخدمت أمثلة واقعية ثلاثة: الحق والمال، الحياة الدنيا، التكبر والغرور.
فالمثل الأول: بيان أن الحق لا يرتبط بكثرة المال والسلطان، وإنما هو مرتبط بالعقيدة، كما هو حال الغنِيّ المزهو بماله، والفقير المعتز بعقيدته وإيمانه في قصة أصحاب الجنتين.
والثاني: للحياة الدنيا وما يلحقها من فناء وزوال: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [45-46].
وجمهور المفسرين على أن الباقيات الصالحات هن الكلمات المأثور فضلها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ كما في الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لقيت إبراهيم ليلة أسرى بي فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
والثالث: التكبر والغرور، مُصَوَّراً في حادثة امتناع إبليس عن السجود لآدم، وما ناله من الطرد والحرمان: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) [50].
وفي السورة الكريمة مواعظ وعبر وتذكرة، وقد ختمت بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) [107]، والفردوس أعلى درجات الجنة، (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا * قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [108-110].
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن البراء -رضي الله عنه- قال: "قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فنظر، فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "اقرأ فلان؛ فإن السكينة نزلت للقرآن".
أسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا من سورة الكهف من قصصها وآياتها، وما فيها من آيات ومعانٍ جليلة لم نذكرها.
وأسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى قراءتها، والاطلاع على تفسيرها، وفهم معانيها، والاعتبار بها، وأخذ الموعظة والتذكرة.
وأسأل الله لي ولكم الفردوس، أعلى منازل الجنة، وأن نكون من المؤمنين العاملين للأعمال الصالحة، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
وصلوا وسلِّموا عباد الله على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.