المؤخر
كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...
أولاً: معنى (علوم) : العلوم جمع (علم)، والعلم: معرفة الشيء على الحقيقة التي هو عليها ظنّاً أو يقيناً، فحين يقال لك: هل تعلم أن أول من أسلم من الرجال أبو بكر؟ فأنت تعلم هذا، وهو حقيقة، فهذا علمٌ. وقد تقرأ في كتب الفلك وجود نجم له مسمى جديد، فهذا بالنسبة لك علم ظنيٌّ لم يرتق إلى الحقيقة، وهو بالنسبة لك علمٌ. والعلم بهذا التعريف يقرب من معنى (المعرفة)، لكنَّ في دلالة لفظ (العلم) من جهة اللغة ما يدلُّ على أنه أوسع في المدلول عليه من لفظ (المعرفة)، وهو موجود في كتب (الفروق اللغوية وغيرها). وأمَّا (العلم) في الاصطلاح، فهو يُطلق على (المسائل المضبوطة ضبطاً خاصّاً)، وسيدرك الطالب تمايز كل علم بالنظر في موضوعاته ومسائله، فإذا قلت له: مقدار الغنة حركتان، فإنه يعرف أن هذا من علم التجويد، وإذا قلت له: قرأ نافع كذا، علِم أن هذا من علم القراءات، وإذا قلت له: الشمس تضيء بنفسها، والقمر يعكس ضوءها، علِم أن هذا من علم الفلك، وهكذا غيرها من المعلومات التي ضُبطت في مسائل العلوم، وتميَّزت بها. ثانياً: معنى (القرآن) : القرآن في اللغة مأخوذ من مادة قرأ، بمعنى تلا، وهذا ظاهرٌ من استخدام هذا اللفظ ومشتقاته في كلام الله سبحانه، وفي كلام رسوله، وفي كلام الصحابة الذين نزل عليهم القرآن، ولا حاجة إلى التطويل في تقرير هذه المسألة. ومما يدل على أنه مأخوذ من (قرأ) بمعنى (تلا) قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204] ، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ﴾ [يونس: 61] ، وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98] ، وقوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78] ، وقوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ [الإسراء: 106] وغيرها من الآيات. أخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «اقرأ القرآن في كل شهر. قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال: في ثلاث». وأخرج البخاري عن أبي بردة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (بعث جده أبا موسى ومعاذاً) إلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا». فقال أبو موسى: يا نبي الله، إن أرضنا بها شراب من الشعير المِزْر، وشراب من العسل البِتْع. فقال: «كل مسكر حرام». فانطلقا، فقال معاذ لأبي موسى كيف تقرأ القرآن؟ قال: قائماً وقاعداً، وعلى راحلتي، وأتفوقه تفوقاً. قال: أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي فالقرآن بمعنى المقروء، ثم غلب اسماً على كلام الله تعالى المحفوظ بين دفتي المصحف. والقرآن في الاصطلاح: كلام الله المنَزل على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، المتعبد بتلاوته، المعجز بأقصر سوره. شرح التعريف: (كلام الله) : عموم يشمل جميع كلامه سبحانه، فيدخل فيه كلامه للملائكة، ولغيرهم. وخرج بـ (المنَزل) ما لم يُنَزل من كلامه لأهل السماء، ويدخل فيه كلامه المنَزل على عموم أنبيائه. وخرج بقوله: (على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم) ما نزل على غيره من الأنبياء، ويدخل فيه ما نزل عليه من كلام الله كالحديث القدسي. وخرج بقوله: (المتعبد بتلاوته، المعجز بأقصر سوره) الحديث القدسي، وغيره من الكلام المنَزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم سوى القرآن. "المحرر في علوم القرآن" للدكتور مساعد الطيار.
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".