الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
العربية
المؤلف | مراد كرامة سعيد باخريصة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
إننا نعيش في زمن أطَلَّتْ فيه الشبُهات، وعصفت بالقلوب رياح الشهوات، وانبعثت سيول المغريات، واستهان الخلق بالثوابت واستخفوا بالمحكمات. زمن السياسة العرجاء، وعصر المصطلحات العوراء، زمن التحديات الجسام، والأخطار العظام. زمنٌ ضاعت فيه معالم الدين، واندرست آثارُه، وبدأت الشبهات تغشى الإسلام وشعاره، فأصبحت الطرق مبهمة، والسماء غائمة، ابتعد الناس عن المصطلحات الشرعية، واستبدلوها بالمصطلحات الغربية، ووجدت الآراء السقيمة، وولدت الاجتهادات العقيمة ..
عباد الله: إن أمة الإسلام تعيش اليوم زمن عصيباً تحتاج فيه إلى فقه، وعلم بالشريعة، وإدراك وتصور عميق للواقع.
إننا نعيش في زمن طغت فيه ظلمات الفتن على معالم السنن، وغطَّى فيه دخان الحرائق على الحقائق، واشتبهت فيه طرق السير على السائرين، واختلت فيه الموازين.
إننا نعيش في زمن ازدحمت فيه المتغيرات، وتتابعت فيه الأزمات، واختلطت فيه الأصوات، والتبس فيه الحق بالباطل، وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "لم يبقَ من الدنيا إلا بلاءٌ وفتنةٌ" رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
إننا نعيش في زمن أطَلَّتْ فيه الشبُهات، وعصفت بالقلوب رياح الشهوات، وانبعثت سيول المغريات، واستهان الخلق بالثوابت واستخفوا بالمحكمات. زمن السياسة العرجاء، وعصر المصطلحات العوراء، زمن التحديات الجسام، والأخطار العظام.
زمنٌ ضاعت فيه معالم الدين، واندرست آثارُه، وبدأت الشبهات تغشى الإسلام وشعاره، فأصبحت الطرق مبهمة، والسماء غائمة، ابتعد الناس عن المصطلحات الشرعية، واستبدلوها بالمصطلحات الغربية، ووجدت الآراء السقيمة، وولدت الاجتهادات العقيمة.
إننا نعيش في زمن تلاطمت فيه الأفكار، وتغيرت فيه المفاهيم، وكثرت فيه التحديات، وازدادت فيه التساؤلات.
عالَم تسوده الأوضاع المضطربة، وتعصف به الأحوال الملتهبة، قد عظمت فيه الغربة، واشتدت فيه الكربة.
أيها المسلمون عباد الله: إنَّ الأمةَ اليوم بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى أنْ تُمْعِنَ النظر في كتاب ربها، وتُدَقِّقَ الفكر في سنة رسولها محمد -صلى الله عليه وسلم-، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي".
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بأزَماتٍ كثيرةٍ، فكيف كان -صلى الله عليه وسلم- يتعامل مع الأزمات؟ وكيف كان يوجهه ربه عند المدلهمات؟ هذا ما نجده في كتاب الله، وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فالقرآن هو الحياةُ وهو النجاةُ في زمن أفْلَسَتْ فيه النُّظُم، ووهنت فيه القِيَم، وانكشفت فيه عورةُ العولمةِ المزعومةِ.
إن القرآن الكريم هو مصدر التثبيت؛ لأنه يزرع الإيمان، ويُزَكِّي النفوس، ويقوي الصلة بالله؛ فإن الآيات إذا سكنت قلب المؤمن اطمأن قلبه، وازداد يقينه، وعظم إيمانه، يقول الله: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
إن القرآن الكريم يزود المسلم بالتصورات السليمة والقيم الصحيحة التي يستطيع من خلالها أن يقوِّم الأوضاع من حوله، وينظر بنور الله إلى ما يدور؛ حتى لا يقع في الاضطراب أو التناقض: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء) [إبراهيم:27].
إن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، والنور المبين، مَن تمسك به عصمه الله، ومَن اتبعه أنجاه الله، ومَن دعا إليه هداه الله، فلابد أن نرجع إلى الكتاب والسنة في قضايانا المعاصرة، ومشكلاتنا الحاضرة؛ حتى نفهم جذور المشكلات، وأسباب النكبات والويلات، ونقرأ المتغيرات، ونفهم التحليلات، ونتوقع المستجدات.
يقول الله في كتابه العظيم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في العقيدة، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في السلوك، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في الأخلاق، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في السياسة، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في الاقتصاد، يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ في كل شيء: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء:9].
الخطبة الثانية:
ما أحوجنا اليوم -عباد الله- إلى أن نراجع ديننا حتى ننظر في مواطن الزلل، ومواقع الخلل، ونصلح ما فسد، ونعالج ما كسد.
على الأمة اليوم أن تتجه إلى الله وأن تلجأ إليه وأن تلوذ بجنابه وتحتمي بحماه فإنه من آوى إلى الله فقد آوى إلى ركن شديد واحتمى برب مجيد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
من التجأ إلى الله -سبحانه وتعالى-، فإن الله -سبحانه وتعالى- ينّور له الطريق دون غبش، ويبصّره بالأمور دون عمش، ويهديه إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
فإننا ندعو الله في كل ركعة من ركعات صلاتنا أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، غير المغضوب عليهم، وهم اليهود، ولا الضالين، وهم النصارى: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة:6-7].
فو الله الذي لا إله إلا هو! لا رسوخ لقدم، ولا بقاء لمجد، ولا دوام لعز؛ إلا بالتمسك الصادق بكتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهما الميزان الحق، والمقياس الصدق، وهما الجلاء عند الشبهة، والمورد عند اللهفة، والأنيس عند الوحشة، والضياء عند الظلمة.
مَن رام هدى في غيرهما ضل، ومن رام إصلاحاً بغيرهما زل، ومن رام عزاً في غيرهما ذل، ومن أراد أمناً بغير الإسلام ضاع أمنه واختل؛ فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.