الوتر
كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
إنَّ مما يُدْمي القلوب، ويُشْعِر بالخوف من عذاب علام الغيوب، انتشارُ آفةٍ مِن أشدِّ الآفات خطراً على مجتمعات المسلمين، وهذه الآفة الخطيرة بيَّنها ربنا -جل وعلا- في كتابه، ووجَّهَ إلى الحذر منها، وأمَرَ باجتنابها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، ونبَّهَ إلى خطَرها، وأشار إلى لعن صاحبها. أتدرون -أيها المؤمنون- ما هي هذه الآفة؟ إنها آفة الرشوة، أعاذنا الله وإياكم من شَرِّها! ..
الحمد لله رب العالمين، أقام العدل بين الناس، ويوم العرض عليه لا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتى بها وكفى به تعالى حسيبا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحل الحلال وأبانه، وحرم الحرام وبين خطورته وأضراره، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي وجه العباد إلى ما يرضي ربهم، ويبعدهم عن غضبه وسخطه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18-19].
عباد الله: إن مما يُدْمي القلوب، ويُشْعِر بالخوف من عذاب علام الغيوب، انتشارُ آفةٍ مِن أشدِّ الآفات خطراً على مجتمعات المسلمين، وهذه الآفة الخطيرة بيَّنها ربنا -جل وعلا- في كتابه، ووجَّهَ إلى الحذر منها، وأمَرَ باجتنابها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، ونبَّهَ إلى خطَرها، وأشار إلى لعن صاحبها. أتدرون -أيها المؤمنون- ما هي هذه الآفة؟ إنها آفة الرشوة، أعاذنا الله وإياكم من شرها وضررها وسوء عاقبتها.
فالرشوة متى فشت في مجتمع من المجتمعات حُكِمَ عليه أنه مجتمع فاسد، ينحدر إلى الدمار، والهلاك المحقق.
عباد الله: لقد حمَّل الله -تعالى- الإنسان الأمانة، ومنها أمانة المال، فإذا ضيَّعها كان في ذلك فساد المجتمع، واختلال نظامه، وتفكُّك عراه وأواصره؛ ولذا حرَّم الله على عباده كل ما يكون سببًا لضياعها أو نقصها؛ فحرَّم الرشوة، وهي عبارة عن بذل المال للتوصل به إلى باطل، إما بإعطاء الباذل ما ليس من حقه، أو بإعفائه من حق واجب عليه، يقول الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188].
ويقول الله -تعالى- في ذم اليهود: (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [المائدة:42]، ولا شك أن الرشوة من السحت، كما فسرها ابن مسعود -رضي الله عنه-.
عباد الله: إن الرشوة، بجميع صورها، عدَّها العلماء من كبائر الذنوب، ويدل على ذلك ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي". ومعلوم أنَّ اللعنَ لا يكونُ إلا على ذنبٍ عظيمٍ، ومنكَر كبير.
عباد الله: لقد أضحت الرشوة في عصرنا الحالي باباً مفتوحاً على مصراعيه، فلا يكاد الشخص في كثير من البلاد الإسلامية يقضي حاجة أو ينجز عملاً يخصه إلا بواحد من ثلاثة أمور: وساطة، أو جاه، أو دفع رشوة.
وبمرور الوقت صارت الرشوة عرفاً بين الناس، وقد كثرت أسئلة الناس عنها والإلحاح على التحايل عليها، ورغم أن بلادنا -ولله الحمد والمنة- وضعت أنظمة صارمة وعقوبة شديدة، إلا أن هناك مِن ضعاف النفوس مَن يتعاملون بها على أشكالٍ مختلفةٍ، ويتحايلون على أخذها من الناس.
عباد الله: ومن صور أخذ الرشوة ما يلي: الرشوة في الحكم، وهي مِن أشَدِّ صورها، فيقضي لمن لا يستحق أو يمنع مَن يستحق، أو يقدم مَن ليس من حقه أن يتقدم، أو يؤخر الجدير بالتقديم، أو يحابي في حكمه لقرابة أو لجاه أو لدنيا.
ومن صورها: الرشوة للحصول على وظيفة في أي جهة من الجهات الرسمية أو غيرها من الوظائف الخاصة، أو دفع رشوة للترقية، أو دفع رشوة للنقل من مكان إلى مكان، أو دفع رشوة من أجل الحصول على علاوة لا يستحقها، أو إجازة غير نظامية.
أو إعطاء الطالب هدية لأستاذه من أجل إنجاحه في الامتحان، أو دفع رشوة من أجل الحصول على شهادة أو مؤهل لا يستحقه طالبه.
أو دفع رشوة لتيسير أمر من الأمور التي يمنعها النظام الذي وضعه ولي الأمر، كالعمال الذين يدفعون مالاً لكفلائهم ليعملوا بحريتهم في أي مكان، أو دفع المقاول أو من ينوب عنه رشوة للمسؤولين عن المناقصات الخاصة بالمشاريع من أجل إرساء المشروع عليه، أو دفع رشوة للقائمين بالرقابة على تلك المشاريع من أجل استلام المشروع وفيه نقص وعيوب، أو عدم إكماله بالصورة المتفق عليها.
والرشوة لها أشكالٌ كثيرة ومتنوعة، كالمبالغ النقدية، أو تقديم خدمات، أو تسهيلات، أو أشياء عينية، أو الدعوة إلى ولائم، إلى غير ذلك من أشكالها الأخرى.
وآخر ما وقفت عليه من صورها أن بعض الناس يضع فاتورة هاتف أو كهرباء أمام المراجع قائلاً هذه الفواتير تحتاج إلى سداد، ثم إن قام المراجع بسداد فاتورة الموظف وإلا ترك معاملته واحتج بأعذار واهية لهذا المراجع.
لقد تفشت الرشوة في غالبية المجتمعات في هذا العصر، ولم تعد مقصورة على تعاملات الأفراد، بل أصبحت أداة تستخدمها المؤسسات والشركات التجارية لتحقيق أهدافها وتنفيذ مخططاتها التسويقية.
بل أصبحت الرشوة تأخذ مسميات مختلفة، فتارة يسمونها (إكرامية)، وتارة يطلقون عليها (حلاوة)، وتارة يسمونها (هدية) أو (تحية) أو (وهبة)، وصدق الله تعالى إذ يقول: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) [يونس:59].
عباد الله: إن للرشوة آثاراً خطيرة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ومن هذه الآثار ما يلي:
أولاً: إضعاف وازع الإيمان عند المسلم؛ فالذي يتعامل بالرشوة تضعف في قلبه رقابة الله واطلاعه عليه، وأنه محاسبه ومجازيه عن كل صغيرة وكبيرة، وقد يستهين البعض بتلك المعصية غافلاً عن قوله تعالى: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور:15].
ثانياً: تدمير المبادئ والأخلاقيات الكريمة للمجتمع المسلم؛ فانتشار ظاهرة الرشوة في المجتمع المسلم يعني تدمير أخلاقه، وفقدان الثقة بين طبقاته،وانتشار التسيب واللامبالاة وفقدان الشعور بالولاء والانتماء، وسيطرة حب النفس، وانتشار أمراض القلوب من الحسد، والضغينة، والبغضاء، والغل إلى غير ذلك.
ثالثاً: توسيد الأمر لغير أهله؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحدِّث إذ جاء أعرابي فقال متى الساعة؟ قال: "إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة". قال: كيف إضاعتها؟ قال: "إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري.
فالإنسان حينما يدفع رشوة للحصول على وظيفة معينة ليس أهلاً لها، ولا تتوافر فيه مقوماتها وشروطها، يترتب على ذلك القصور في العمل والإنتاج، وإهدار الموارد، وظلم مستحقي هذه الوظائف.
رابعاً: إهدار الأموال وتعريض الأنفس للخطر؛ فالذين يحصلون بالرشاوى على المشاريع الخاصة بخدمات المسلمين، عرضة لتقصيرهم فيما يقومون به، فهنا يقع المحظور، وتحدث الأخطار التي تضر بالأموال، والأنفس. ويقاس على ذلك جميع المجالات التي يعيشها المجتمع المسلم.
وقد قرر أهل العلم أن أخذ الرشوة حرام؛ لما ورد من الأدلة على تحريم أخذها ومن ذلك قوله تعالى-: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة:188]، وما رواه الشيخان عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي لي.
قال: فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي! أفلا قعد في بيت أبيه (أوفي بيت أمه) حتى ينظر أُيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده! لا ينال أحد منكم شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رأينا عُفرتي إبطيه، ثم قال: "اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟".
قال النووي -رحمه الله-: في الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنه كان في ولايته وأمانته... والعامل يطلَق على أصحاب الوظائف والمسؤولين وغيرهم ممن بيدهم قضاء مصالح الناس.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً -أي منحناه راتباً- فما أخذه بعد ذلك فهو غلول أي خيانة" رواه أبو داود، وصححه الألباني.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:25].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الرشوة من أسباب سخط الله وحلول نقمته.
عباد الله: هناك فرق بين الرشوة والهدية، فالقصد والباعث لكل منهما يختلف عن الآخر، فالهدية تبذل من أجل استجلاب المودة والإحسان وتأليف القلوب، وأما الرشوة فيقصد بها تحصيل ما ليس له بحق، أو بإعفائه من حق واجب عليه وهذا هو عين الفساد.
عباد الله: وإن من أهم عوامل تفشي ظاهرة الرشوة بين المسلمين ما يلي:
أولاً: ضعف الوازع الديني؛ فضعف الإيمان وحب الدنيا أدى إلى جرأة الناس على المعصية، وتهاونهم بها، فاستحلوا أكل الأموال بينهم بالباطل بما في ذلك تقديم الرشوة وأخذها.
ثانياً: غياب القدوة؛ إذ من الملاحظ شيوع الفساد بين طبقات بعض الموظفين وغيرهم حيث يتورط البعض في جرائم انتهاك حرمة المال العام بالاختلاس أو السرقة أو الغش، وقلما توقع عقوبات رادعة على هؤلاء؛ ومن ثمَّ، فليس عجيباً أن يستحل صغار الموظفين الذين يعملون تحت إدارة هؤلاء المال العام، خصوصاً قليلي الدخل منهم.
ثالثاً: العجلة في قضاء المصالح؛ بعض الناس يستعجل قضاء حوائجه ولا يصبر على تأخيرها، وبعض المعاملات تحتاج إلى أيام أو أكثر لإتمامها، ولكن صاحبها لا يصبر على ذلك، ويستعجل الشخص المسؤول في إنجازها ولو بمقابل مالي، وبعض الناس تغلب عليهم الأنانية والعجلة فترى الواحد منهم يتخطى الصفوف ليقف في المقدمة، ومنهم من لا يكتفي بذلك، بل يدخل المكاتب من أبوابها الخلفية مستغلاً مركزه الوظيفي أو جاهه أو عن طريق الرشوة.
رابعاً: انخفاض دخول بعض الموظفين، مع ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض الرواتب والأجور التي تصرف للموظفين بشكلٍ كبير في كثير من البلاد الإسلامية جعل الموظف عاجزاً عن تحمل نفقات المعيشة له ولأسرته، وهذا يدفع بعضهم فيستحل الرشوة لنفسه على أساس أنها مستحقة له كأتعاب عن إنجاز خدمة لم يستوف حقها، وهذا لا يسوغ له؛ بل هي معصية يجب عليه تجنبها، والبحث عن الرزق الحلال من جهات أخرى.
عباد الله: وإن من سبل مكافحة ظاهرة الرشوة ما يلي:
أولاً: معرفة المسلم أنه موقوف بين يدي ربه، وأنه سائله عن ماله، كما ورد ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع"، وذكر منها: "وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه" رواه الترمذي، وصححه؛ فيحرص على عدم أخذ شيء لا يحل له.
ثانياً: ينبغي أن يعلم المسلم الذي يأخذ الرشوة أنه ملعون من الله تعالى ومن رسوله -صلى الله عليه وسلم-: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي" رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني، وفي رواية للترمذي: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي" صححه الألباني في جامع الترمذي، ومعلوم أن اللعن هو الطرد من رحمة الله، فهل يليق بالمسلم أن يسعى ليكون مطروداً من رحمة الله تعالى؟.
ثالثاً: ينبغي أن يعلم الذي يأخذ الرشوة أن ذلك طريق للعذاب، كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" رواه الطبراني وصححه الألباني؛ وعلى قدر تذكُّر ذلك ومعرفته بقدر ما يبتعد عنها.
رابعاً: تربية الأفراد تربية إسلامية قويمة تغرس في نفوسهم حب الفضائل، وتجنب الرذائل، وتعود الإنسان على مراقبة الله -عز وجل- في السر والعلن، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" رواه البخاري ومسلم.
وعلى المسلم تجنب دفع الرشوة حتى ولو كانت بقصد الوصول إلى حقٍّ؛ لأن ذلك يفتح الباب لهذه العادة السيئة فتنتشر وتصير عرفاً.
ويجب كذلك تكثيف التوعية لأفراد المجتمع بخطر الرشوة على استتباب الأمن والنظام وعلى التنمية الاقتصادية، وأنه طريق إلى الكسب غير المشروع، وإهدار للمال العام.
ومن سبل مكافحتها بيان مضارها وآثارها، وإشاعتها عند الناس، والإعلان عن كل من يتعاطاها والتشهير به لينبذه المجتمع ويدركوا جريرة فعله.
وأخيراً: فإن العقاب يكون وسيلة هامة لمكافحة الرشوة، فلولي الأمر سلطة توقيع عقوبات تعزيرية على المرتشى، وهو الذي يحددها وفق تقديره لحجم الجريمة وظروف ارتكابها، ومن هذه العقوبات: الحبس، والعزل من الوظيفة، والغرامة، ومصادرة أموال الرشوة.
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يقينا شر الذنوب والمعاصي، وأن يوفقنا جميعا للعمل بما يرضيه عنا.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً] [الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.