اللطيف
كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
فإن أولئك المبطلين يتهمون المحافظين المتدينين بالتعقيد، ويزعمون أن المتدينين عند الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة لا يفكرون إلا في النوايا السيئة، وأن الكبت هو الذي يسبب السعار الجنسي، وأن المجتمعات التي تتبنى العلاقات الطبيعية المنفتحة بين الرجل والمرأة في مجال العمل والتعليم وخلافه مجتمعات حضارية محترمة تربي الناس على استقرار المشاعر وضبط الغريزة؛ فإذا اختلطت المرأة بالرجل بشكل دائم ..
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن كيد المبطلين الذين يسعون لإخراج المرأة من خدرها ومن حيائها كيد قديم ومتجدد، وهو كيد متعدد الصور، ومن أكبر صوره: الكيد الفكري؛ أي: الذي يعتمد على الإقناع المنطقي.
فإن أولئك المبطلين يتهمون المحافظين المتدينين بالتعقيد، ويزعمون أن المتدينين عند الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة لا يفكرون إلا في النوايا السيئة، وأن الكبت هو الذي يسبب السعار الجنسي، وأن المجتمعات التي تتبنى العلاقات الطبيعية المنفتحة بين الرجل والمرأة في مجال العمل والتعليم وخلافه مجتمعات حضارية محترمة تربي الناس على استقرار المشاعر وضبط الغريزة؛ فإذا اختلطت المرأة بالرجل بشكل دائم زالت عقدة الرغبة التي هي وسواس المحافظين.
يقولون: انظروا إلى كذا، انظروا إلى كذا، النساء محترمات والرجال محترمون مشغولون في حالهم وأعمالهم، والحياة طبيعية، وإذا حدثت بعض التحرشات هنا وهناك فإنها خلاف القاعدة، ولا يفعلها أصلاً إلا السفهاء، والسفهاء لا يخلو منهم مجتمع، أما الناس المثقفون المحترمون -وهم الغالب في المجتمع- فإنهم يترفعون عن هذه الأفعال.
هذا هو منطقهم، وهذا هو كيدهم، أما الدين الذي هو منهجنا فليس هذا رأيه، فإن الأمر بالستر والحجاب هو منهج القرآن ومنهج النبوة؛ فالسفور والانفتاح على النساء يعكّر صفاء القلب وطهارته بنص القرآن، والسعي إلى طهارة القلب باتِّخاذِ حجابٍ حين سؤال زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- أكبر دليل على هذا المنهج القويم.
يقول -سبحانه-: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب:53]، قال: ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن، أطهر، أي: أكثر طهارة؛ فطهارة القلب تزداد مع وجود الحجاب بين الرجل والمرأة لا العكس، هذا هو الهدي الذي يؤكده من الأدلة الشرعية ما يطول المقام بذكره، أدلة واضحة وضوح الشمس من الكتاب ومن السنة ومن فعل الصحابة ونسائهن.
وإذا آمَنَّا صدقًا بلا ريب بأن الله -سبحانه- هو أحكم الحاكمين، لا حدود لحكمته -جل وعلا-، حكمة تامة كاملة لا يعتريها نقص أبدًا ولا قيد شعرة، وهو العليم بعباده وما يصلح أمورهم في الدنيا قبل الآخرة، فلا يقولنّ قائل: أعيدوا النظر في الأحكام؛ فإن أوضاع الناس وقت النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة تختلف عن أوضاع اليوم أو أوضاع الغد.
لا يُقال ذلك؛ لأن علم الله -تعالى- لا يحده زمان، وحكمة الله -جل وعلا- لا يغيب عنها متغير طوال الدهر، فهو إذا سنّ الأحكام فإنه يعلم ما يصلح عباده اليوم وغدًا وفي كل حين، وهو بتلك الأحكام لا يبخسهم حقوقهم بل ييسر عليهم، ولا يظلمهم مثقال ذرة، بل يعدل معهم كل العدل، علموا ذلك أم لم يعلموا، فطنوا لذلك أم لم يفطنوا، وكما قال -جل وعلا-: (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) [البقرة:140]، وكما قال أيضًا: (وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة:216].
والمطلوب من المعترض إن كان مسلمًا إذا ناقش حكمًا شرعيًّا واضحًا صريحًا كحكم الحجاب أو حكم الاختلاط غير العفوي، غير المقصود -أما الاختلاط المقصود فهو الذي يُرَتَّب له كجعل بيئة العمل مختلطة- إما أن يلتزم بالأصول العلمية الشرعية حين النقاش، وإما أن يصمت؛ لأن الأمر دين وليس فلسفة وذوقًا وهوى، والذين يقحمون أنفسهم في الأحكام الشرعية بلا علم في خطر كبير، فقد جمعوا بين الكلام على الله تعالى بغير علم وبين الفواحش والإثم والبغي بغير الحق؛ بل والشرك بالله! يقول -جل وعلا-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33].
أيها الإخوة: ليس الدين وحده هو الذي يعارض أهواء المستغربين، بل الواقع يكذبهم ويكذب آراءهم وأقوالهم ومنطقهم، ولكن العمى عمى البصيرة لا عمى البصر، فالفطرة البشرية -يا إخوة- لا تتغير، الغريزة خَلق لا يختلف، ولا حصانة لأحد من الغريزة أبدًا، سواء في المجتمعات المنفتحة التي يزعمون أنها خالية من الكبت، أو في المجتمعات المحافظة، الغريزة هنا والغريزة هناك، وحتى من كان مثقفًا أو محترمًا في تلك البيئات التي تحترم حرية المرأة كما يتصورون فإن الواقع يصرخ بخلاف ذلك، بخلاف منطقهم.
والجدير بالذكر -أيها الإخوة- أننا عندما نتكلم عن النتائج الوخيمة لمبدأ الانفتاح والاختلاط الذي ينهجه الغرب، والفضائح المتتالية للمشاهير التي ظهرت على السطح بشكل واضح مع ثورة وسائل الاتصال، فضلاً عن فضائح العامة؛ فإنه قبل الحديث عن ذلك ينبغي أن نعرف أن العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة التي يمكن أن تعد فضيحة أخلاقية في مفهومهم، إنما هي العلاقة التي تنشأ خارج إطار الزواج، أي من قبل رجل متزوج أو امرأة متزوجة.
أما العزاب من الرجال والنساء فلهم الحرية في بناء أية علاقة حميمة، للرجل الحق وللمرأة الحق في ذلك أيضًا ولا تثريب، أما العلاقة الحميمة للمتزوجين خارج إطار الزواج فإنها الحالة الوحيدة التي تعتبر خيانة، وهي ليست خيانة بسبب الاتصال الجسدي المحرم، كلا، وإنما من أجل خيانة العهد الذي هو ضمن شروط عقد الزواج بين الرجل وزوجته.
والأمثلة كثيرة جدًّا يصعب حصرها، ولن أتكلم عن فضائح رؤسائهم الكثيرة، وإنما سأذكر من هم دونهم، وسأذكر منهم ما تيسر مما قرأته في صحفهم واطلعت عليه من أخبار مشاهيرهم في العامين الماضيين في المجتمع السياسي فقط.
وأبدأ بأحدث الأمثلة: الجنرال الكبير "ديفيد بترايوس" رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أي منصب بعد هذا المنصب أكثر احترامًا وأكثر عرضة للمراقبة؟! ومع ذلك؛ فقبل اثنين وعشرين يومًا فقط، أي في التاسع من شهر نوفمبر الحالي، استقال هذا الجنرال من منصبه بعد أن كشفت علاقته غير الشرعية مع مَن عيّنها لكتابة مذكراته، وهي امرأة تدعى "بولا برودويل"، ولولا أن الجنرال ديفيد بترايوس جاء وهو في الستين من عمره، ولولا أنه كان متزوجًا، لما عد فعله فاضحًا! لكن مقاييسهم هكذا.
فأقول: هذا مثال صارخ لنتائج الغريزة الجامحة إذا لم تضبط بضوابط الإسلام، هذه نتائجها ولو كانت في مجتمع متحضر لم يتعرض للكبت كما يسميهم مستغربون ومستغربات في بلادنا؛ بل هو مجتمع منفتح يظهر احترامه للمرأة فيما يبدو للناس، ويفتح لها الحرية للاختلاط بالرجال في كل محفل، هذا ما تفعله الغريزة إذا وجدت بيئة مغرية، إنها تضطرب وتثور في كل رجل ولو كان مثقفًا محترمًا درس في جامعة راقية كما هو شأن الجنرال بترايوس، بل إنه قد تعرّف على تلك المرأة في الجامعة نفسها! فهما مثقفان ما شاء الله! وكان حينها ذلك الرجل متزوجًا أيضًا.
فالغريزة لا تحدّها ثقافة ولا منصب ولا جاه، متى ما وجدت لها منفذًا تنطلق، ولذلك هذبها الإسلام بتدابيره الرشيدة.
مثال آخر: "روبر ديشن" وعمره ثمانٍ وأربعون سنةً، كان مستشار حملة أوباما الأولى عام ثمانية وألفين، ثم صار "سيناتور" مدينة نيوريوك، فُصل من عمله في الحادي عشر من نوفمبر العام الماضي؛ لماذا؟! بسبب محاولته معاشرة قاصر! والقاصر عندهم: الفتاة التي يقل عمرها عن ثمانية عشر عامًا، وهذا مبدأ آخر من مبادئهم، فلو كانت الفتاة أكبر من تلك السن لما قبض عليه، ولما حُوكم وحكم عليه بالسجن بعام ونصف، ولما فصل من عمله، وَلَمَا كانت فعلته تلك فضيحة تعلنها الصحف، فالقضية هنا بسبب أنها قاصر فقط!
مثال آخر: "فات فيرز" ممثل ولاية جنوب "كارولينا" في مجلس الشيوخ الأمريكي، انسحب من المنافسة عن أحد كراسي المجلس في يناير من هذه السنة بسبب القبض عليه لتحرشه جنسيًّا بامرأة يقال: إنها عشيقة قديمة له!!
مثال آخر: "هيرمان كين" المرشح الرئاسي الأمريكي وأحد منافسي "أوباما" لسباق الرئاسة هذا العام، هذا الرجل المتزوج ذو السبع والستين عامًا، الحامل لشهادة البكالوريوس في الرياضيات والماجستير في علوم الحاسب الآلي، الذي أهلته شهادته وخبرته الإدارية ومكانته الاجتماعية لأن يخوض سباق رئاسة البلاد، هذا الرجل المحترم رفعت ضده في نوفمبر من العام الماضي عدة قضايا تحرش جنسي من عدة نساء؛ فاضطر للانسحاب من المنافسة!
مثال آخر: النائب "ديفيد هيو" ذو السبعة والخمسين عامًا، أعلن انسحابه من مجلس النواب في السادس والعشرين من شهر يوليو العام الماضي بعد اتهامه بتحرشات جنسية تجاه إحدى البنات الداعمات لحملته الانتخابية.
مثال آخر: "مارك سادور" عضو مجلس النواب الأمريكي ذو الاثنين والستين عامًا، استقال من منصبه في الحادي والعشرين من مايو العام قبل الماضي اجتنابًا للتحقيق في علاقته الجنسية خارج الزواج مع موظفة من موظفاته.
"تون جانلي"، وعمره سبعون عامًا! متزوج وله أربعة أبناء وثمانية أحفاد، كان مرشحًا لمجلس النواب الأمريكي عن ولاية "أوهايو"، اتهم آنذاك بامرأة التقى بها في حملته، اتهم بأنه تحرش بها وحاول اغتصابها، وحكم عليه بدفع غرامة قدرها خمسة وعشرون ألف دولار مقابل انسحابها من الدعوى.
أسأل الله -تعالى- أن يحفظ علينا ديننا وأخلاقنا، وأن يعيذنا من شر كل إباحي مستغرب، وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الأمثلة كثيرة حتى في البلاد العربية وفي البلاد الإسلامية، لكن هذه الأمثلة إذا أخذناها واحدة واحدة فإن المقام يطول، ولكن العبرة فيما قيل، وقد كانت تلك بعض الأمثلة من نتائج الاختلاط في بيئة العمل بين الرجال والنساء في مجتمع اعتاد على الاختلاط سنين عديدة، مجتمع يدعي احترام المرأة والمساواة بينها وبين الرجل.
هذه بعض الأمثلة تناولتها في بلد غربي واحد دون بقية البلاد الغربية، وفي بيئة سياسية فقط دون بقية البيئات المشهورة الأخرى التي تذخر بهذا النوع من الانحرافات، وقيدتها بالعامين الماضيين فقط، أي لفترة محدودة دون ما سلف من أعوام ماضية وتاريخ عريق في هذه الانحرافات، وقصرتها على الطبقة المشهورة التي تسلط عليها الأضواء دون جماهير الناس وعامتهم، والمعروف أن عامة الناس هناك غارقون في مثل هذه العلاقات المحرمة.
هذا هو الغرب الذي يمجده المستغربون، هذا هو الغرب الذي ظاهره شيء وباطنه وحقيقته شيء آخر تمامًا! مصحات نفسية، وأمراض جنسية، وتفكك أسري، وفكر مادي أجرد، وعبودية لشيء يسمونه الحرية، يقدمونها على الدين والأخلاق ويلحقون بها ما يعتبرونه حقوقًا إنسانية هي في حقيقتها حيوانية مآلها الضياع.
فنحن إذا أردنا أن نقتبس منهم فلنقتبس ما ينفعنا في ديننا ودنيانا من طرق الصناعة والتنظيم والتقنية؛ فإن الله -تعالى- قد مكّنهم من الدنيا كما هو الشأن في أمم كافرة سالفة: (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ) [الأنعام:6].
فلنقتبس ما تفوقوا به علينا لا ما سقطوا فيه من قيم منحطة كالتي ينادي بها أربابهم في بلادنا، لقد أمعنوا في تضخيم مفهوم الحرية والمساواة فأقحموا المرأة في كل مكان؛ فماذا كانت النتيجة بعد ذلك بعد فترة؟! النتيجة ما أطلعتكم عليه آنفًا.
لقد أصبح مشروع العشيقة السرية لكل زوجة أمرًا مألوفًا عندهم، إما أن تكون زميلة في العمل أو سكرتيرة، أو في كثير من الأحيان تكون عشيقتُه صديقةَ زوجتِه! أو ربما زوجةَ صديقهِ!
وكله بسبب تهاونهم بالغريزة التي لا تنعدم عن أحد، لا عن مثقف ولا عن كبير في السن ولا عن وجيه، الغريزة تثور في البيئة المختلطة، وتثور في بيئة السفور؛ ولو كان الإنسان مَن كان في منزلته وسنه! فمتى ما وجد فرصة انطلقت غريزته؛ بل ولو كان متدينًا يحمل معه المصحف، دلت على ذلك نصوص القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وواقع الحياة المعاش، وبعد هذا كله ربما سمع هذا الكلام وأمثاله بعض الناس فقالوا: شنشنة قديمة! هذا طبعكم أيها المتدينون!
فإذا كان الأمر كذلك؛ فما أزيد عما قاله ربنا -تبارك في علاه-: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج:46].
أسأل الله أن ينير بصائرنا، وأن يبصرنا بحقائق الأمور...