الرب
كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...
العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
نفى الله الإيمان عن من لم يحكّم نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ). والاستسلام لحكمه, يعني: في كل شيء, في القليل والكثير, والصغير والكبير, والنقير والقطمير.
ولم يكتفِ الربُّ سبحانه بهذا، بل قال: (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). فإن بقي في النفس، ولو بعض التردد والحرج ..
الحمد لله الذي أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس على حين فترة من الرسل، فدعا إلى الله على بصيرة صادقة، حتى محا الله به الشرك، ومهّد به أحسن السبل، وجاهد المنافقين والكفار، و أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة على المؤمنين ، فللَّه المنة والفضل.
فيا لها من نعمة عظيمة، لو عقلها الخلق، وأطاعوا الرسل، وأشكره سبحانه على نعمه الكثيرة، التي تزيد بالشكر وصدق العمل، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ولا نظير له, وهو أعلى وأجلّ، وأشهد أن نبينا, وإمامنا, وقدوتنا, وحبيبنا, وسيدنا, محمداً عبد الله ورسوله, أفضل الخلق، وملته أزكى الملل. صلى الله وسلم عليه, وعلى آله, وصحبه أهل الشرف, والتقوى, وتصديق القول بالعمل.
أما بعد:
فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى، وامتثلوا الأمر، واجتنبوا النهي، واحذروا الغرور والزلل، واعلموا أنه لا يصلح إيمان عبد من الخلق- ولو شهد أن لا إله إلا الله- حتى يؤمن برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويشهد أنه رسول الله حقاً؛ لأن الله يقول في كثير من السور: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) [المائدة: 92]. (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) [النساء: 136]، (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) [النساء: 80]، وقال: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور: 54]، وقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21].
وغير ذلك من النصوص القرآنية.
وكذلك ما جاء من الأحاديث النبوية, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام".
وقال: " لا يؤمن أحدكم, حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به".
يا عباد الله, احذروا التفريط والإفراط؛ فتزلوا عن الصراط فتضيعوا، فقد قال ربكم -عز وجل- وهو الحكيم العليم- في حق نبيكم الكريم, منبهاً على أتباعه: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء:65].
فإذا كان هذا في مسألة تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بين الناس من نزاع أو خلاف، فما ظنكم بأصل الإيمان به صلى الله عليه وسلم؟ الذي هو من أصل الدين، ومسألة التحكيم فرع عليه, أي: على الإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم, فإن الرب سبحانه قال في هذه الآية: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ).
فنفى الإيمان عمن لم يحكّم نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَلا) ثم أكده بالقسم بنفسه الشريفة، بقوله: (وَرَبِّكَ), ثم أكده ثالثاً, ثم عطف عليه باللام الأخرى, بقوله: (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ).
والاستسلام لحكمه, يعني: في كل شيء, في القليل والكثير, والصغير والكبير, والنقير والقطمير.
ولم يكتفِ الربُّ سبحانه بهذا، بل قال: (وَيُسَلِّمُوا), ثم أكده بقوله: (تَسْلِيماً). فيجب إتباعه صلى الله عليه وسلم.
فإن بقي في النفس -ولو بعض التردد والحرج- فلا يحصل الإيمان الكامل. فما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الصلاح والهدى، والنور الواضح، والبرهان الساطع، وما سواه من أحكام الطواغيت، فهو جهل وضلال، وحسرة وهلاك وفساد، ودمار وأحكام طاغوتية، ومسائل فرعونية، وتلبيسات إبليسية، وأحكام جاهلية.
وهي ضارة في الدنيا والآخرة، ومحْدثة للبلية, والشك والحيرة, والضياع لحقوق عباده؛ لأن الخلق ضعفاء عاجزون, لا يعلمون عواقب الأمور.
ومعنى شهادة أن محمداً عبد الله ورسوله: أنه عبد لا يُعْبد, ورسول لا يكذب, بل يطاع ويتبع، شرفه الله بالعبودية. وتحقيقها طاعته فيما أمر, وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
جعلنا الله وإياكم من أتباعه, ومن أهل سنته, وأتباع ملته, وممن حقق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) [الأحزاب:40].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم, ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.