البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

الطيرة والتشاؤم في ميزان الإسلام

العربية

المؤلف سعد بن تركي الخثلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أركان الإيمان
عناصر الخطبة
  1. أهمية صفاء العقيدة وسلامتها من الانحراف .
  2. التطير والتشاؤم عادة أهل الجاهلية قبل الإسلام .
  3. تحريم الإسلام للتطير والتشاؤم والحكمة في ذلك .
  4. بعض صور التطير والتشاؤم .
  5. التطير والتشاؤم سوء أدب مع الله .
  6. تفشي التطير والتشاؤم في الغرب .
  7. الهدي النبوي في دفع التطير التشاؤم والوقاية منه .

اقتباس

الحكمة في النهي عن التشاؤم والتطير: أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله، والخوف من غيره، وعدم التوكل عليه، والثقة به، فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء، فيتسرع نفوذها فيه؛ لأنه لم يتدرع من التوحيد، والتوكل بجنة واقية، وكل...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

 

عباد الله: إن صفاء العقيدة وسلامتها من الانحراف من أهم الأمور التي ينبغي أن يسعى المسلم إلى تحقيقها، وإن الله -تعالى- قد بعث الأنبياء والرسل إلى أمم وأقوام كانوا يعرفون أن الله -تعالى- هو الخالق، الرازق، المدبر لهذا الكون؛ كما قال سبحانه: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)[الزخرف: 87]، (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)[يونس: 31].

 

ولكن كان عند هذه الأمم كان عندها انحراف في العقيدة فأرسل الله -تعالى- الرسل، وأنزل الكتب لتصحيح عقائدهم، وتخليصها من شوائب الشرك، ومن هنا يبرز أهمية الاهتمام بسلامة العقيدة، وصفاءها، وخلوها من شوائب الشرك والبدع.

 

والحديث في هذه الخطبة عن أمر من الأمور التي تخدش في سلامة التوحيد الخالص، وفي صفاء العقيدة، ألا وهو: التطير والتشاؤم.

 

وقد كان التطير والتشاؤم عادة لكثير من الأمم السابقة قبل الإسلام، فقد ذكر الله -تعالى- شيئا عنهم، فقال سبحانه في قصة ثمود وتشاؤمهم من نبيهم صالح -عليه السلام-: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)[النمل: 47].

 

وفي قصة موسى -عليه الصلاة والسلام- مع قومه: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الأعراف: 131].

 

وفي قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)[يس: 18-20].

 

فالتطير والتشاؤم من بقايا عادات الأمم السابقة التي تبعتهم عليها العرب حتى تأصلت فيهم فصارت لهم دينا وعقيدة يسيرون عليها، ويتوسعون فيها، كان الواحد من العرب إذا رأى الطير طار يمنة تيمن به ومضى لأمره، وإن راءه طار يسرة تشاءم به ورجع.

 

ثم توسعوا في ذلك حتى صاروا يتطيرون بالحيوانات والطيور ويتشاءمون من المناظر، فكان أحدهم إذا أراد سفرا فرأى في الطريق رجل أعور تشاءم وألغى سفره، ويتشاءمون ببعض الشهور، وببعض الأيام، وبالعدوى، والأمراض، وينسبون المطر والأحداث إلى الأنواء والنجوم والطوالع والدهور، واشتهر عندهم التشاؤم بشهر صفر والتطير منه، فيتوهمون فيه كثرة الحوادث، وحصول الكوارث والمصائب، وعدم التوفيق، فلا يعقدون فيه نكاحا، ولا ينشئون فيه سفرا، ولا يبدؤون عملا، وكانوا يكفون عن القتال في الأشهر الحرم، فإذا دخل شهر صفر كثر القتال، وانتهكت الحرمات، وكثرة الكوارث والنكبات حتى غدا شهر صفر عندهم شهر المآتم والأحزان، وبالغ بعضهم حتى تشاءموا من أيام وشهور أخرى كشهر شوال، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك كله، ونهى عنه، وجعل التطير والتشاؤم من الأوهام السخيفة، والخرافات الباطلة، والعقائد المذمومة التي يسعى الإسلام إلى محاربتها، واجتثاثها من جذورها.   

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر"(متفق عليه).

وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة"(متفق عليه).

وذكرت الطير عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما"(رواه أحمد بسند صحيح).

ويقول بريدة -رضي الله عنه- إن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح ورئي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه"(رواه أبو داود بإسناد صحيح).

 

وجاء في صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قوله صلى الله عليه وسلم: "هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون"، فذكر من صفاتهم: أنهم "لا يتطيرون" أي: لا يتشاءمون.

 

إن التطير والتشاؤم ينافي كمال الإيمان، ويضاد التوكل الخالص، لا يدفع شرا ولا مكروها، ولا يجلب خيرا ولا محبوبا، بل يدعو إلى تعطيل العقل، وبلبلة الفكر، واضطراب النفس، وتعطيل المصالح، وترك السعي والتوكل، وهذا كله يقود إلى الفشل في الحياة، ولا يزال بالمرء حتى يصير عبدا للخزعبلات، وضحية للدجل والضلالات.

 

الطيرة والتشاؤم من الشرك المنافي لكمال التوحيد الواجب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك".

وفي حكمة النهي عن التشاؤم والتطير، يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله، والخوف من غيره، وعدم التوكل عليه، والثقة به، فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء، فيتسرع نفوذها فيه؛ لأنه لم يتدرع من التوحيد، والتوكل بجنة واقية، وكل من خاف شيئا غير الله سلط عليه، كما أن من أحب مع الله غيره عذب به، ومن رجا مع الله غيره خذل من جهته، وهذه أمور تجربتها تكفي عن أدلتها".

 

عباد الله: ومع نهي الإسلام عن التطير والتشاؤم وتحريمها، وبيان فسادهما وأضرارهما إلا أنه من العادات الجاهلية التي لا تزال باقية في الناس إلى اليوم، ولقد بلغ التشاؤم والتطير في واقع بعض الناس اليوم مآخذ شتى، وضروب متعددة، فبعضهم يذهب إلى الكهان، والسحرة، والمشعوذين، ومدعي علم الغيب، وقراءة الكف، والفنجال، يسألونهم عن مستقبل أمورهم وحياتهم، فيصدقونهم فيما يقولون، فيقعون في الكفر بالله -تعالى-، ويعتقد بعضهم في الأبراج اعتقادا فاسدا، حتى علقوا مستقبل حياتهم وأحوالهم وما يجري لهم من خير أو شر، على كون الواحد منهم قد ولد في برج كذا، أو في برج كذا، في سيل من الخرافات لا تنتهي، وصار بعض الناس يتشاءم ببعض الكلمات، والأفعال، والهيئات، والأشخاص، والأماكن، والأزمان، وربما ترى بعضهم قد علق في بيته، أو سيارته صورة، أو كلمات، أو خرقا بالية، أو نحو ذلك.. يتفاءل ببعضها، ويزعم أن بعضها يدفع عنه الحسد، والعين، والحوادث، وكل هذه الاعتقادات الفاسدة المنافي للتوكل على الله -عز وجل- والإيمان بقضائه وقدره، وحسن الظن به، والتوكل عليه، وإلا فما تغني الأيام والشهور، وماذا تضر من دون الله، وما ذنب الحيوانات، والطيور، وأصحاب الأمراض والعاهات، حتى يتشاءم بها، ويتطير منها، لكنها أوهام الجاهلين، وأساطير الأولين، وألاعيب الشياطين، لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى، ولا زاجرة الطير ما الله صانع.

 

عباد الله: إن من ظن أن ذهاب طائر أو قدومه، أو صوت غراب، أو شهرا معينا، أو يوما من الأيام، أو غير ذلك؛ من الأشياء والأشخاص يرد قضاء، أو يدفع مقدورا، أو يجلب خيرا ونفعا، فقد جهل قدر الله -عز وجل- وأساء معه الأدب –تعالى الله عما يشركون-، فعليكم -رحمكم الله- بتحقيق التوكل الصادق على الله، وإخلاص التوحيد لله -عز وجل- وأن يكون المرء متفائلا بالخير قولا كان أو فعلا، وحسن الظن بالله -تعالى- في جميع الأحوال والظروف؛ موقنا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، واثقا بالله -تعالى-، مفوضا أمره إليه، مبتعدا عن الطيرة والتشاؤم، مقتفيا آثار سلف هذه الأمة الصالحين الذين بلغوا مبلغا عظيما في إنكار الطيرة، والتشاؤم، والتحذير منهما.

 

قال عكرمة مولى ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كنا جلوسا عند ابن عباس فمر طائر، فقال رجل من القوم: خير، خير، قال ابن عباس: لا خير ولا شر، مبادرة منه بالإنكار عليه لئلا يعتقد أن له تأثيرا في الخير أو الشر".

وخرج التابعي الجليل طاووس بن كيسان -رحمه الله- مع صاحب له في سفر، فصاح غراب، فقال الرجل: خير، قال طاووس: "وأي خير عنده؟ والله لا تصحبني".

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، والتابعين لهم بإحسان ومن اقتفى، أحمده -تعالى- وأشكره، وأثني عليه وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.

 

عباد الله: الطيرة والتشاؤم ذكرهما الله -تعالى- عن بعض الأمم السابقة، وكانت موجودة عند العرب قبل البعثة فأبطلها الإسلام، ولكن لا تزال تعشعش في نفوس بعض الناس اليوم، رغم التقدم العلمي في علوم المادة، وكلما كان المجتمع أكثر بعدا عن نور الوحي والنبوة كثرت فيه أمور الدجل، والشعوذة، والتطير، والتشاؤم، ففي كثير من بلدان الغرب اليوم يضرب التشاؤم والتطير أطنابه في مجالات كثيرة، فعندهم التشاؤم ببعض الحيوانات، وفي بعض المسابقات الكروية يضعون حيوانا إذا تحرك حركة معينة قالوا إن هذا الفريق سيفوز، وإذا تحرك حركة أخرى قالوا إنه سيخسر، وعندهم تشاؤم من بعض الأيام كيوم الثلاثاء ويسميه بعضهم: بيوم الثلاثاء الأسود، بل بلغ الأمر بالتشاؤم عند بعضهم أنهم يتشاءمون حتى بالأرقام كالرقم ثلاثة عشر، قد رأيت بنفسي مصعدا في عمارة مكونة من عدة طوابق، وإذا بالمصعد يخلو من الرقم ثلاثة عشر فسألت عن السبب، فقيل: إنهم يتشاءمون بهذا الرقم، فلا يضعونه في أرقام المصاعد ولا في غيرها، وليس العجب أن يقع هذا منهم لبعدهم عن نور الوحي والنبوة، ولكن العجب أن يقع هذا من بعض أبناء المسلمين، مما تربى ونشأ على التوحيد، ثم يقع منهم هذا التشاؤم والتطير بأمور لا تستند إلى دين، ولا إلى عقل، ولا إلى منطق، بل إلا خزعبلات وخرافات وأمور جاهلية، قد بلغني أن بعض الناس اليوم لا زال لا يعقد عقدا النكاح في شهر صفر، وبعض التجار لا يعقدون الصفقات التجارية في شهر صفر، ويتشاءمون بأمور معينة، يتشاءمون بأوقات وأزمان وأماكن وأمور ما أنزل الله بها من سلطان، إن هذا الأمر ليؤثر في كمال التوحيد الواجب، وإنه يدل على ضعف الإيمان، وضعف تحقيق التوكل على الله -عز وجل- وإلا فما علاقة الأيام والشهور والأماكن والأشخاص بما يقدره الله -تعالى- ويقضيه، هذه من خرافات، وخزعبلات الجاهلية، لكنها لا تزال باقية لدى بعض الناس اليوم.    

 

عباد الله: وإذا وقع في قلب الإنسان شيء من التطير أو التشاؤم فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى دفعه بالتوكل على الله -عز وجل-، والإتيان بهذا الذكر؛ فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل"، والمعنى: أن التطير قد يخطر ببال كل حد من غير أن يقصد، لكنه إذا توكل على الله، وسلم أمره إليه، ولم يعمل بذلك الخاطر غفر الله له، ولم يؤاخذ به.

 

وعند أحمد بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك" قالوا: يا رسول الله: وما كفارة ذلك؟ قال: "أن يقول أحدهم: "اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك".

 

فاتقوا الله -عباد الله-، واحرصوا على تحقيق التوحيد، وتحقيق التوكل على الله -عز وجل- وصفاء العقيدة، والبعد عن التطير والتشاؤم بجميع أشكاله، وصوره.

 

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك، فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن صحابة نبيك أجمعين،

وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك  يا رب العالمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم أذل النفاق والمنافقين.

 

اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم فأشغله في نفسه، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدميره تدميرا عليه، يا قوي يا عزيز.

 

اللهم انصر من نصر دين الإسلام في كل مكان، واخذل من خذل دين الإسلام في كل مكان، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وهيئ لأمة الإسلام أمرا رشدا، يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

 

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك، وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمة لرعاياهم، ووفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا أخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

 

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

 

نسألك اللهم من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.

 

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر: 10].