الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
ألا وإن الدعاء ينبئ عن حقيقة العبودية, وقوة الافتقار, ويوجب للعبد خضوعه وخشوعه لربه, وشدة الانكسار.
فكم من حاجة ألجأتك إلى كثرة التضرع واللجوء إلى الله والاضطرار، وكم من دعوة "
الحمد لله الذي أمر بالدعاء, ووعد عليه الإجابة، وحثَّ على أفعال الخير كلَّها, وجعل جزاءها القبول والإثابة. فسبحانه من كريم جواد رءوف بالعباد، يأمرُ عباده بالتقرُّب إليه بالدعاء, ويخبرهم أن خزائنه ليس لها نفاذٌ. وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له ولا ندَّ ولا مضاد.
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله, سيد الرسل وخلاصة العباد، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه العلماء العُباد, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم التناد.
أمَّا بعد:
أيُّها الناس, اتقوا الله تعالى، وتعرضوا لنفحات المولى, في جميع الأوقات بالدعاء والرجاء، واعلموا أن الدعاء يجلب الخيرات, ويستدفع به البلاء.
وإنه ما دعا الله داعٍ، إلا أعطاه ما سأله معجّلاً, أو ادّخر له خيراً منه ثواباً مؤجَّلاً، وصرف عنه من السوء، أعظم منه كرماً منه وإحساناً وتفضيلاً.
وفي الصحيح مرفوعاً: "يستجاب للعبد, ما لم يدعُ بسوء, أو قطيعة رحم, ما لم يعجل". قيل: يا رسول الله, ما الاستعجال؟
قال: "يقول: قد دعوت, وقد دعوت, فلم أر يستجاب لي, فيتحسر عند ذلك, ويدع الدعاء".
وفي حديث قال صلى الله عليه وسلم: "من فتح الله له باب الدعاء, فتحت له أبواب الرحمة".
وقال صلى الله عليه وسلم: " ليس شيء أكرم على الله من الدعاء".
وقال صلى الله عليه وسلم: " الدعاء هو العبادة"، ثم قرأ قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر: 60].
وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل".
فعليكم عباد الله بالدعاء، ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، وكيف لا يكون الدعاء مخ العبادة وخالصها، وهو من أعظم القرب لرب العالمين؟ وبه يدرك العبد مصالح الدنيا والدين, بكثرة الإلحاح فيه على الله ينقطع الرجاء من المخلوقين، ويكمل رجاؤه وطمعه في رحمة أرحم الراحمين.
ألا وإن الدعاء ينبئ عن حقيقة العبودية, وقوة الافتقار, ويوجب للعبد خضوعه وخشوعه لربه, وشدة الانكسار.
فكم من حاجة دينية, أو دنيوية, ألجأتك إلى كثرة التضرع واللجوء إلى الله والاضطرار.
وكم من دعوة رفع الله بها المكاره وأنواع المضار، وجلب بها الخيرات والبركات والمسار.
وكم تعرض العبد لنفحات الكريم, في ساعات الليل والنهار، فأصابه نفحةٌ منها في ساعة إجابة فسعد بها, وأفلح والتحق بالأبرار.
وكم تضرَّع تائبٌ, فتابَ عليه وغفر له الخطايا والأوزار.
وكم دعاهُ مضطرٌ فكشف عنه السوء, وزال عنه الاضطرار.
وكم لجأ إليه مستغيثٌ, فأغاثه بخيره المدرار!.
فمن وفَّق لكثرة الدُّعاء فليبشر بقرب الإجابة، ومن أنزل حوائجه كلها بربه, فليطمئن بحصولها من فضله وثوابه.
فحقيقٌ بك أيُّها العبد, أن تلحَّ بالدُّعاء ليلاً ونهاراً، وأن تلجأ إليه سراً وجهاراً, وأن تعلم أنَّه لا غنى لك عنه طرفة عين في دينك ودنياك؛ فإنَّه ربك وإلهك، ونصيرك ومولاك, قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186].