الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
العربية
المؤلف | فهد بن سعد أبا حسين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التوحيد |
الله -جل وعلا- هو الملك وملك الملوك، فمع كونه الملك المدبر المصرف للأمور كلها، فهو -سبحانه- قدوس منزه عما يعتري الملوك من النقائص، التي أشهرها الظلم والاستبداد، والحاجة إلى الجند، فالله سبحانه منزه عن ذلك كله؛ لأنه هو القدوس سبحانه. يغفر ذنباً, ويفرج هماً، ويكشف غماً، وينصر مظلوماً، ويأخذ ظالماً، ويفك...
الخطبة الأولى:
من أسماء الله -جل وعلا- " القدوس"
ومعنى القدوس: الطاهر من كل عيب، المنزه عن الأنداد والشركاء والأولاد.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من ذكر هذا الاسم في ركوعه وسجوده.
عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"[رواه مسلم برقم (487)].
فالله –سبحانه- هو القدوس المنزه عن صفات النقص كلها، وهو المتنزه عن جميع العيوب، المنزه عن أن يماثله أحد من الخلق.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11].
(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 4].
(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم: 65].
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة: 1].
(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ) [الحشر: 23].
فإذا علمت أن من أسماء الله القدوس، فإنك حينئذ تقدس الله سبحانه وتنزهه عن النقائص والعيوب في أسماءه وصفاته، وأقواله وأفعاله سبحانه.
أما كيفية ذلك:
فأولاً: أن تنزه الله سبحانه عن الشركاء والأنداد والصاحبة والولد؛ فهو الله الواحد الأحد الفرد الصمد: (سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ) [النساء: 171].
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111].
ثانياً: أن تثبت ما أثبته الله لنفسه من أسماءه وصفاته؛ كما جاء في كتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.
فإذا وصف الله نفسه بأي صفة بالسمع أو البصر أو الرحمة أو الكرم، فلا تحرف هذه الصفة، وتميل بها عن معناها، ولا تعطل هذه الصفة عن معناها، ولا تمثل هذه الصفة بصفات المخلوقين، لا تقل أن كرم الله ككرم فلان، ورحمة الله كرحمة فلان؛ لأن الله سبحانه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11].
فهذه الآية فيها نفي التمثيل، وليس نفي الصفات لله سبحانه، فليس من تقديس الله -جل وعلا- أن تنفي ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات والأفعال.
وقد ضل في هذا الباب طائفة من المسلمين، فنفوا عن الله -جل وعلا- صفات الكمال والجلال التي جاءت في القرآن والسنة أو نفوا بعضها، مع أنهم يقرؤونها في القرآن، ويقرؤونها في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهم يقرأون قوله تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) [الكهف: 58].
ثم يقولون ليس من صفات الله الرحمة، ويقرأون قوله سبحانه: (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40].
ثم يقولون ليس من صفات الله الكرم، وهذا من الضلال العظيم.
ثالثاً: إذا علمت بأن من أسماء الله القدوس فإياك أن تسيء الظن بالله سبحانه.
كيف يظن الإنسان بالله ظن السوء مع علمه بأنه سبحانه القدوس المنزه عن النقائص والعيوب في أقواله وأفعاله وأسمائه وصفاته سبحانه.
فليس هذا من دأب المؤمنين، وإنما من طريقة المنافقين والمشركين: (﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ) [الفتح: 6].
فكل ظن لا يليق بحمده وحكمته ورحمته وعلمه فهو سوء ظن بالله [انظر: للفائدة زاد المعاد لابن القيم -رحمه الله- (3/230)].
بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ....
وبعد:
مما يذكر به المؤمن في هذا الباب أن كلمة "سبحان"، يعني التنزيه، فإذا قال المؤمن: "سبحان الله" فإنه ينزه الله عن كل سوء.
وهذا التنزيه يتضمن الكمال المطلق لله من جميع الوجوه.
وكم يتعجب الإنسان حينما يقرأ في القرآن اقتران اسم القدوس باسم الملك.
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) [الجمعة: 1].
فالله -جل وعلا- هو الملك وملك الملوك، فمع كونه الملك المدبر المصرف للأمور كلها، فهو سبحانه قدوس منزه عما يعتري الملوك من النقائص التي أشهرها الظلم والاستبداد والحاجة إلى الجند، فالله سبحانه منزه عن ذلك كله؛ لأنه هو القدوس سبحانه.
يغفر ذنباً, ويفرج هماً، ويكشف غماً، وينصر مظلوماً، ويأخذ ظالماً، ويفك عانياً، ويغني فقيراً، ويجبر كسيراً، ويشفي مريضاً، ويقيل عثرة، ويستر عورة، ويعز ذليلاً، ويذل عزيزاً، ويعطي سائلاً، ويداول الأيام بين الناس، ويرفع أقواماً ويضع آخرين، وكل ذلك بلا نقص ولا خطأ جل جلاله وتقدست أسماءه.
فتبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير.