البحث

عبارات مقترحة:

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

تكريم المرأة في الإسلام

العربية

المؤلف فواز بن خلف الثبيتي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خدعوها حين أوهموها أنها مظلومة .
  2. مظاهر تكريم الإسلام للمرأة .
  3. حق المرأة في اختيار الزوج .
  4. حق المرأة في الملكية والتصرف فيها .
  5. حق المرأة في الميراث .
  6. حق المرأة في النفقة .
  7. وصايا نبوية بالمرأة .
  8. حق المرأة في التعليم .
  9. حق المرأة في الطلاق .
  10. حق المرأة في الدعوة إلى الله والمشورة .
  11. إهانة المرأة في الجاهلية القديمة والمعاصرة .
  12. المقصود بحديث النساء شقائق الرجال .
  13. الهدف من دعاوى تحرير المرأة .

اقتباس

جاء الإسلام وجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ليضع الأسس الكبرى لكيان المرأة المسلمة، فنعمت المرأة تحت ظله بوثوق الإيمان، ونهلت من معين العلم، وضربت بسهم في الاجتهاد، وشرع لها من الحقوق ما لم يشرع لامرأة في أمة من الأمم، أو عصر من العصور، فلم تشبهها امرأة من نساء العالمين في جلال حياتها، وسناء منزلتها. يقول أحد المستشرفين في كتاب له عن الإسلام ونفسية المسلمين: "من أراد أن يتحقق عن عناية محمد، -ونحن نقول صلى الله عليه وسلم- بالمرأة فليقرأ...

الحمد لله العلي القدير العلي، الخبير الذي أحاط بكل شيء علماً، واليه المصير، نهى المرأة عن مواطن الفساد وحذرها من ذلك أشد التحذير.

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، صلَّى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن أجسادكم على النار والعذاب لا تقوى.

أيها الإخوة في الله: لقد خدع الأعداء المرأة المسلمة حين أوهموها بأن الإسلام ظلمها، ونقص حقوقها، وجعلها لعبة في يد الرجل، أوهموها أن الإسلام ظلمها حين جعل الطلاق بيده لا بيدها، وخدعوها حين زعموا أن الله أهانها ولم يكرمها، فجعلها تبعاً للزوج، إلى غير ذلك من الأوهام والأكاذيب التي يستخدمها أعداء المرآة، لتتنكر لدينها، وتبحث عن الكرامة والسعادة في غير نهجه وشرعه.

ولو تأملت المرأة -وهي أحيانا جاهلة أو متناسية أو مخدوعة- لو تأملت في تكريم الإسلام لها، وجوانب إعزازها ورفعتها لما كان لتلك الدعوات المغرضة في نفسها وسلوكها أي اثر.

فلنقف اليوم وقفه تأمل وتذكر وتفكر فيما حبى الله المرأة من تكريم، وقد استمعنا في الجمعة الماضية إلى ما كانت عليه المرأة في الجاهليات القديمة من إهانة واحتقار، وإذلال وصغار.

أيها الناس: بمبعث محمد -صلى الله عليه وسلم- أشرق نور الإسلام، فاكتسح الظلام، وأقام الخير، ونشر العدل، ومن ثم استعادت المرأة حقوقها، وعرفت منزلتها، واستنشقت نسمات الحرية الحقة.

جاء الإسلام وجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ليضع الأسس الكبرى لكيان المرأة المسلمة، فنعمت المرأة تحت ظله بوثوق الإيمان، ونهلت من معين العلم، وضربت بسهم في الاجتهاد، وشرع لها من الحقوق ما لم يشرع لامرأة في أمة من الأمم، أو عصر من العصور، فلم تشبهها امرأة من نساء العالمين في جلال حياتها، وسناء منزلتها.

يقول أحد المستشرفين في كتاب له عن الإسلام ونفسية المسلمين: "من أراد أن يتحقق عن عناية محمد، -ونحن نقول صلى الله عليه وسلم- بالمرأة فليقرأ خطبته في مكة التي أوصى فيها بالنساء".

أيها الإخوة المؤمنون: أكرم الإسلام المرأة حين جعلها صْنَو الرجل وشقيقته، فلم يفرق بينهما في أركان الإسلام وشرائعه إلا فيما يخص المرأة.

وجعل لها من الحقوق مثل ما للرجل، فقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)[البقرة: 228].

وتلك الدرجة هي درجة الرعاية لهن والحياطة، أو درجة الإنفاق عليهن، وقيل: القوامة والحراسة لهن.

أما في الحقوق والواجبات: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228].

فكل ما يحق للرجل المطالبة به وانتظاره من زوجته من أمور شرعية، من صدق وأمانة، وعفة وإخلاص، وحسن معاشرة ومودة، واحترام وثقة، وتكريم وبر ورعاية، وغير ذلك يحق  للمرأة أن تطالب به، فهو من حقها أيضاً: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228].

بل أمر الله الأزواج بمعاشرة نسائهم بالمعروف: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].

فالإسلام ينظر إلى المرأة على أنها إنسانٌ شريف كريم، ذو عقل وإحساس.

وأنها سكن للرجل خلقت منه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[الأعراف: 189].

ليست مجرد موضع للشهوة العابرة ثم ينتهي كل شيء، شأن البهائم في حياتها، وعلاقاتها، كلا.

ومن تكريم الإسلام  للمرأة والبنت: أنه اعتبرها سبباً في دخول الجنة إذا رعاها الأب، وعلمها وأدبها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضم إصبعيه" [رواه مسلم].

وقال: "من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته - أي طاقته وقدرته - كن له حجاباً من النار".

وفي رواية: قال رجل: واثنتان يا رسول الله؟ قال: "واثنتان".

وفي رواية: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار".

فأين هذا ممن: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)[النحل: 58].

وأين هو ممن يهمل تربية بناته، ويعرضهن للضياع والفجور؛ كما هو الحال في الحياة الغربية المعاصرة؟!

بل جعل الإسلام في إكرام المرأة وخاصة المسكينة والأرملة أعظم الأجر، فقال رسول الله: "الساعي على الأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم الذي لا يفتر أو كالصائم الذي لا يفطر".

وكرم الإسلام المرأة حين جعل لها حرية الاختيار لزوجها دون إكراه وإجبار، فأوجب على الولي أخذ رأيها، فيمن يتقدم إليها، ولها الحق في رده، ولو رضيه الأب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن".

وقد رد النبي –صلى الله عليه وسلم- نكاح من زوج ابنته دون رضاها، وجعل الأمر إليها، ولا شك أن هذا من إكرامها وتقديرها.

وكرمها الإسلام أيضاً حين أثبت لها حق الملكية والتصرف في مالها، فلا وصاية لأحد عليها مهما كان، مادام تصرفها فيه مشروعاً، فلها أن تتبرع من أموالها، وأن تتصدق منها، وأن توقف منها ما تشاء، ولها أن تبيع وتشتري، وتكفل ما تشاء.

بل وشرع الله لها الوصية والإرث كالرجل، وتولى الله -سبحانه- قسمة ذلك بنفسه، فأين هذا من حال من كانوا ولا يزالون ولا يورثون المرأة شيئاً، بل كانوا يرثونها كالمتاع؟!

وأين هذا من قوانين الغرب اليوم والتي لا تعترف بالمرأة؟! بل يوصون بأملاكهم لخليلاتهم وعشيقاتهم وسكرتيراتهم، بل وكلابهم؟!

أين هذا من قول الله - تعالى -: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)[النساء: 7].

ولا ظلم على المرأة في هذا التفضيل، فقد شرع التفضيل في الميراث بين الذكور والإناث لحكم عظيمة منها:

إن الرجل أحوج إلى المال من الأنثى؛ لأن الرجال قوامون على النساء، ولا من عليهم من مؤن الحياة والنفقة على العيال وغيرهم ما ليس على النساء، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رداً على من انتقصوا الإسلام، وأنه ظلم المرأة في الميراث.

بل زيادة في تكريم الإسلام  للمرأة على الميراث وحقها فيه: أن أوجب على الزوج المهر لها ليكون دليلاً على صدق الرغبة فيها، وإكراماً لها: (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء: 4].

وفرض عليه وإلزامه بالنفقة عليها وعلى أولادها وإن كانت غنية.

فالزوج ملزم بالنفقة عليها، وإسكانها ورعايتها، وكسوتها إذا اكتسى، وهل هذا إلا إكرام لها، وإعزاز أن تكون في بيتها مع أبنائها؟ والزوج خارج المنزل في كدح ومشقة وتعب؟

إن هذا بعينه ما تبحث عنه نساء الغرب اليوم وينادين به، فهل من مدكر؟!

عباد الله: ومن مظاهر تكريم الإسلام  للمرأة: كثرة وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم – بها، والإحسان إليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيراً ".

وقال: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم".

فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مقياس خيرية الرجال بحسب إكرام المرأة!!

ولا شك أنه إكرام لها وإعزاز.

ومن وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء قوله: "أحرج عليكم حق الضعيفين المرأة والعبد".

ومن وصاياه بها: أنه حرم صلى الله عليه وسلم قتلها في الحروب، كما حرم قتل الأطفال والشيوخ إلا أن يقاتلوا.

فعن أنس - رضي الله عنه – قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث جيشاً، قال: "انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة... ".

أين هذا من حرية ورحمة ورعاة حقوق الإنسان اليوم؟!

وصدق المستشرق الفرنسي حين قال: "ما عرف التاريخ فاتحين أرحم من العرب".

وازدادت وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمرأة لما كانت أماً، فجعلها أحق بالإكرام من الأب، قال رجل: يا رسول الله من أبر؟" قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أبوك" [متفق عليه].

فالمرأة عندما تكون أما فإن منزلتها في الإسلام عظيمة، وثوابها جزيل، يكفي أن التواضع لها سبب لدخول الجنة؛ كما قال عليه الصلاة والسلام لمن ترك أمه وارد الغزو: "ويحك إلزم رجلها فثم الجنة".

بل أوصى بصلتها والإحساس إليها وإن كانت كافرة!

أين هذا ممن يؤوي أمه العجوز في بيته في ديار الغرب مقابل أن تقوم بخدمته وخدمه زوجته وأولاده وتنظيف بيته؟!

وهذا يعتبر كريماً باراً بأمه في مجتمع لا يعرف الولد والدته، ولا يؤيها عند كبرها إلا دور رعاية المسنين!.

أيها الإخوة في الله: وأكرم الإسلام المرأة لما أمر بتعليمها أمور دينها، وحثها على ذلك، حتى أصبحت المرأة إماماً تستفتى في أعظم المسائل، يرجع إليها كبار الصحابة.

وأكرمها لما شرع الطلاق، فالطلاق في حقيقته إكرام للمرأة حيث يخلصها من حياة نكدة، أو زوج ظالم، أو فاسق فاجر، لا يرعى لها حقاً، ولا يحفظ لها حرمة، أو لم يحصل بينها وبين زوجها ووئام، فتفتدي نفسها منه.

ومن تكريم الإسلام للمرأة: أن جعل الطلاق بيد الزوج لا بيدها؛ لأنه المنفق الباذل، فلن يتسرع فيه بخلاف المرأة، ثم هو أحكم في تصرفاته، ففي الغالب لا تحركه العواطف، ولا تستثيره الحوادث.

وبلغ الإسلام الغاية في إعزاز المرأة المسلمة لما حفظ لها سمعتها وعرضها، وحذر من قذفها، أو النيل منها؛ فقال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[النــور: 4)].

بل توعدهم قائلاً: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النــور: 23].

ففي أي دين أو نظام تجد المرأة مثل هذا التكريم؟!

ومن حقوقها: الحفظ والصيانة لها ولعرضها وسمعتها.

ومن إكرام الإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم-  للمرأة: أن جعلها ناصحة للرجل، آمرة له بالمعروف، منكرة عليه، بل ومشيرة عليه بما هو أصلح وأنفع، ولو كان فيما يخصه، هو فهذه أم سلمة -رضي الله عنهما- يدخل عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن عقد صلح الحديبية مهموماً أن المسلمين لم يحلوا من إحرامهم، فذكر ذلك لأم سلمة -رضي الله عنها- يستشيرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا نبي الله أخرج ولا تكلم منهم أحدا حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك، قالت: فإذا رأوك فعلت تبعوك، فانشرح صدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرأيها، فخرج وفعل ما أشارت عليه به، فما كان من الصحابة -رضي الله عنهما- إلا أن تسابقوا لنحر هديهم، وحلق رؤوسهم، حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً، فالمسلمة لا يستهان برأيها.

وكيف يستهان برأيها، وقد انتصر لها الوحي، وسمع الله شكواها من فوق سبع سماوات: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ)[المجادلة: 1].

وهذه هند بنت أبى طالب وكنيتها أم هانئ استجار بها عام الفتح في الحرب من أعداء المسلمين من حقه القتل، فأجارته، فجاء علي -رضي الله عنه- يريد قتله، فمنعته من ذلك، واحتكمت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" فوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها بما وعدت! فهل بقي  للمرأة بعد هذا التكريم والتفضيل والإعزاز تكريم وتفضيل وإعزاز.

هل عرفت البشرية دينا كدين الإسلام عني بالمرأة أجمل عناية وأتمها؟!

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 35].

بارك الله لي ولكم في القرآن...

أقول قولي...

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

أما بعد:

ففي الإسلام أخذت المرأة مكانتها، وحددت لها وظائفها، وكرمت وتشرفت بحقوقها ومميزاتها، وما ذاك إلا لأن الله -سبحانه- هو الذي كرمها؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي نصرها.

فجاء تكريم المرأة في الإسلام من فوق سبع سماوات رغم أنوف الرجال الذين كانوا يحتقرونها، ولا يعدونها شيئاً.

فسلّم المسلمون بما أمر الله، فتغيرت مكانة النساء بالإسلام، فأصبحن شقائق الرجال.

أما عن وضع المرأة في الجاهليات القديمة والمعاصرة، أما عن مصالحها في المجتمعات غير الإسلامية، فوضعها متدني، وحالها منحط؛ لأن جميع هذه الحضارات الجاهلية حضارات من صنع البشر في أصولها وجذورها، فالذين يكتبون القوانين، ويسنون اللوائح الخاصة بالمرأة هم رجال، أو ما كان لهم أن يعطوا المرأة حقوقا مثل حقوقهم، أو مكانة مساوية لمكانتهم؛ لأنهم فقط يريدونها للاستمتاع والتسرية عنهم، ولخدمة أغراضهم، والواقع المشاهد اليوم أكبر دليل على ذلك؛ كما سيمر معنا في حديثنا عن المرأة المعاصرة في بلاد الغرب.

في الإسلام المرأة؛ كما قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "إنما النساء شقائق الرجال".

ففي هذا الحديث يرسخ النبي المصطفى مبدأً عاماً يتعلق بالمرأة، هذا المبدأ هو أن الأصل المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات.

لأن شقائق جمع شقيقة، وهي الأخت من الأب والأم، فهي أخت الرجل وشقيقته من أب واحد، هو آدم أم واحدة هي حواء.

ويأتي معنى شقيقة أي المثيلة، فالمرأة مثل الرجل في البشرية وفي الإنسانية، وفي كل ما يتعلق بهما من خصائص ومميزات.

ولا يخرق هذا الأصل وجود بعض التعارض بينهما في بعض الطبائع، أو بعض نواحي الخلقة والتكوين، فلولا وجود مثل هذا التعارض لم يكن الرجل رجلاً ولا المرأة امرأة.

والله -تعالى- حين خلق الرجل والمرأة جعل لكل منهما ما يناسبه، فإن الشارع الحكيم الذي قرر مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ووزع الوظائف بينهما، فجعل وظيفة المرأة متمثلة في كونها زوجة ترعى بيت الزوجية، وتوفر السكينة، وفي كونها أما ومدرسة للناشئة تربيهم على عبادة الله والصلاح، وإصلاح المجتمع، لا إفساده وتخريبه.

أيها الإخوة: نقول هذا لأن بعض أذناب الإفرنج المتفرنجون المتأمركون يطنطنون دائما في الصحف والمجلات، وفي المسلسلات والتمثيليات، وفي القنوات، يطنطنون ويصورون المرأة المسلمة بأنها مظلومة، وأنهم سيعون لتحريرها من هذا الظلم، وهذا الرق، وهذه العبودية، هكذا يحاول أذناب أمريكا، وأذناب الإفرنج ممن رضوا من تلك الثقافات الهابطة، والقوانين البشرية الوضيعة المزيفة من بني جلدتنا، وممن يتكلمون بألسنتنا المندسون بين صفوفنا، الذين يريدون أن نكون مثل أمريكا وأوروبا، وأن تكون المرأة في بلادنا كالمرأة هناك!.

وهدفهم في ذلك غزو أفكارنا وقلوبنا، وغزو عقول وأفكار وقلوب أخواتنا المسلمات، لتكون مهيأة للفساد الذين يعانون منه في تلك المجتمعات، ويودون تصديره إلينا -إن لم يكن صدروا كثيرا منه إلينا-، فيفتعلون قضيه المرأة، وأنها مظلومة ومقهورة من أجل هذا الغرض.

وإن كان هناك أفراد وقع عليهم ظلم، فإن هذا لا يعني أن المسلمة في المجتمع المسلم مظلومة ومقهورة!!

ولو افترضنا جدلاً وهو افتراض غير واقع ولا صحيح أن المجتمع المسلم تعاني فيه المرأة من الظلم والقهر، فليس معنى هذا أن هذا هو الإسلام، فإنما يقع هذا من المسلمين إن وقع، نتيجة إنحرافهم وبعدهم عن تعاليم دينهم، وآداب نبيهم -صلى الله عليه وسلم-.

فتشريعات الله ورسوله منزهة عن الظلم والإجحاف: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس: 44].

فلئن ساء وضع المرأة في مجتمع مسلم في بعض الظروف، فمرد ذلك إلى عدم التزامها هي بأحكام الإسلام، وتوجيهات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 فانحرافها هو السبب الرئيسي فيما وقع عليها من ظلم أو إهانة!.

ونحن لا نسوغ الأخطاء وما يقع على المرأة من ظلم أو نحوه، فهناك من لا يرحم الضعفاء، ويكلفهم فوق طاقتهم، وهناك الأزواج الجهلة، والآباء القساة، وهناك من يهملون حقوقها، ولا يأبهون بها.

ولكنهم أفراد معدودون، وحالات شاذة قليلة " والشاذ لا حكم له ".

بهذا نعلم -أيها المسلمون- كذب تلك الدعاوى التي تقول: المرأة المسلمة مظلومة، مهانة، مسترقة، لابد من تحريرها، وهم نعم يريدون تحريرها من هذا التكريم والحفظ والإعزاز لتكون موضعاً، ومستقرا لشهواتهم.

فالهدف من هذه الدعاوى المزيفة: انهيار المجتمع المسلم بانهيار قوام الأسرة المسلمة فيه إلا وهو المرأة، فإن النساء المسلمات لو صدقن بهذه القضية المقنعة، وانطلت عليهن لخرجن من البيوت وهجرنها، ولذهبن كاسيات عاريات، يزاحمن الرجال في الأسواق وفي الأعمال، فماذا تكون النتيجة؟!

إنه انهيار للأسرة، وفساد للذرية والأبناء، وضياع للخلق، والدين والتربية، فينهار المتجمع ككل؛ لأن المجتمع عبارة عن مجموعة من الأسر المتماسكة، فإذا انهارت الأسر انهار المجتمع، وهذه هي الغاية التي يسعى لتحقيقها المستغربون المتفرنجون عملاء أمريكا، وعملاء الصهيونية العالمية.

فيا أسماء ويا خديجة ويا فاطمة ويا خولة ويا عائشة، يا أيتها المرأة المسلمة في كل مكان احملي نور الإسلام بيمينك، وأضيئي أفكار أخواتك المسلمات، وظلي طالبة حق وناشدة فطرة، قولي للمرأة بلسان المرأة من هي المرأة في الإسلام وما مكانتها فيه وما وظيفتها.

خوفيها التمرد على الفطرة، والتنكر للدين ومبادئه في سبيل الهوى والشيطان، فقد كثرت رايات الباطل، وزحمت المرأة في طريقها حتى حادت.

فعوداً حميداً -أيتها الطاهرة العاقلة- عوداً حميداً -أيتها الدرة المصونة- تنالي السعادة في الدنيا والآخرة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل:97].

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات.

اللهم ألف بين قلوبهم.

اللهم أعزَّ دينك


دعاء..