البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

في تفسير سورة العصر

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. انقسام الناس في استغلال الأوقات .
  2. الكل خاسر إلا من جمع صفات أربع .
  3. قوام الأمة وشرفها بالأمر بالمعروف.
  4. الفشل سببه أمران .
  5. الاجتماع على الحق قوة .
اهداف الخطبة
  1. الدعوة إلى تدبر كلام الله
  2. تأمل معاني سورة العصر
  3. الدعوة إلى وحدة المسلمين
  4. الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

اقتباس

واعلموا أنه ما قام أحدٌ بأمر يريد به ثوابَ الله وإصلاح عباد الله، إلا أعطاه الله ما تمنَّاه عليه من الثواب سواءً حصل إصلاحُ الغير أم لم يحصل، إذن فالأجدرُ بنا أن لا نتوانى، وأن لا نكسلَ في العمل على ما يصلح العباد والبلاد راجين بذلك ثواب الله قاصدين به إصلاح عبادِ الله؛ لأننا إذا سلكنا ذلك فنحن...

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله الذي منَّ على عباده المؤمنين بدين يجمع كلمتهم ويوحد صفوفهم، وأوجب عليهم أن يكونوا إخواناً للحق ناصرين, وفي سبيل إقامته وإزالة ما يحول دون تحقيقه متعاونين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, الذي وعد بنصر الحق وهو أصدق القائلين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, جمع الله به بعد الفرقة، وألَّف به بعد الخلاف، ونصر به الذِّلة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى أصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فقال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فأقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر الذي هو ميدان العاملين ومضمار المتسابقين، الدهر الذي يختلف الناس في استهلاكه اختلافاً كبيرا. فمنهم من يستهلكُه في طاعة مولاه وإصلاح أمته، وهؤلاء هم الرابحون، ومنهم من يذهب عليه سبهللا، ومنهم من يستهلكه في معاصي الله، وإفساد أمته، وكلاهما من الخاسرين. أقسم الله بهذا العصر على أن كلَّ إنسانٍ من بني آدم، فهو في خيبة وخسر مهما كثر مالُه وولُده وعظُمَ قدرُه وشرفُه؛ إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة:

أحدهما: الإيمان ويشمل كلَّ ما يقرب إلى الله تعالى؛ من اعتقاد صحيح وعلم نافع.

الثاني: العمل الصالح، وهو كلُّ قول أو فعل يقرب إلى الله بأن يكون فاعلُه لله مخلصاً ولمحمد صلى الله عليه وسلم  متَّبِعا.

الثالث: التواصي بالحق, وهو التواصي على فعل الخير والحث عليه والترغيب فيه.

الرابع التواصي بالصبر بأن يوصي بعضُهم بعضا بالصبر على فعل أوامر الله، وترك محارم الله، وتحمُّل أقدار الله, والتواصي بالحق والتواصي بالصبر يتضمنان الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر, اللذين بهما قوامُ الأمة وصلاحُها ونصُرها, وحصولُ الشرف والفضيلة لها. فلقد جعلنا الله خير أمة أخرجت للناس وبيَّنَ أسباب ذلك فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران: 110].

فاتقوا الله -أيها المسلمون- وحققوا هذه الفضيلة التي فُضِّلتم بها على العالمين، فتآمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، واجتمعوا على ذلك، وأصلحوا أنفسكم وأهليكم وجيرانكم، واعلموا أنه ما اجتمع قومٌ على حقٍّ بنيةٍ خالصةٍ وعمل صالح، إلا كُلِّلَ اجتماعُهم بالنجاح، وحصلوا على مقصودهم، ولن يتخلف النجاح عنهم إلا لأحد أمرين: إما نقصٌ في إخلاصهم؛ بأن يكون لأحدهم غرضٌ غير ما اجتمعوا عليه، وإما لخللٍ في عملهم بأن لم يسلكوا الطرقَ الموصلةَ إلى المقصود على وجهٍ صحيح. ولو تأملتم ذلك لوجدتموه ظاهرا في كل عمل تقومون به إذا اجتمعم عليه، وأحسنتم النية، وسلكتم طريق الحكمة في الوصول إلى مقصودكم, كانت النتيجةُ حصولَ المقصود على الوجه المطلوب بل ربما تكون النتيجة على وجه أفضل مما يُتوقع.

إذن فالواجب أن يكون المسلمون يداً واحدةً وصفاً واحداً وقلباً واحداً فيما فيه خيرهم وصلاحهم واستقامة دينهم ودنياهم، فبذلك يصلون إلى عزهم الذي كتب اللهُ لهم: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 40، 41].

فشدوا -أيها المسلمون- أيديكم بعضَها ببعض، وكونوا كما وصفكم نبيُكم بالبنيان يشد بعضُه بعضا، وشبَّك بين أصابعه. خذوا على أيدي السفهاء، أطِرُوهم عَلَى الحَقِّ أطْراً، واعلموا أنكم بذلك لهم راحمون، وإليهم محسنون؛ لأن رحمة الخلق الحقيقية، والإحسانَ الحقيقيَ إليهم هو أن تمنعَهم مما يضرهم، وأن ترشدَهم إلى ما فيه خيرهم واستقامة دينهم وباستقامة الدين تستقيم الدنيا والدين.

واعلموا أنه ما قام أحدٌ بأمر يريد به ثوابَ الله وإصلاح عباد الله، إلا أعطاه الله ما تمنَّاه عليه من الثواب سواءً حصل إصلاحُ الغير أم لم يحصل، إذن فالأجدرُ بنا أن لا نتوانى، وأن لا نكسلَ في العمل على ما يصلح العباد والبلاد راجين بذلك ثواب الله قاصدين به إصلاح عبادِ الله؛ لأننا إذا سلكنا ذلك فنحن بحول الله رابحون، ومن عذابه وعقابه ناجون إن شاء الله.

وفقنا الله وإياكم للعمل بما فيه صلاحنا وصلاح أمتنا، وجعلنا وإياكم ممن غنموا أوقاتهم، واكتسبوها، واستهلكوها في طاعة الله، وعمروها، وأعاذنا وإياكم من الخيبة والخسران، وجنبنا الإثم والفسوق والعصيان.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله... الخ.