المليك
كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...
العربية
المؤلف | أحمد فريد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - صلاة العيدين |
من النصر الذي ينصر الله -عز وجل- به عباده المؤمنين وهو نصر الحجة كما قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) [الأنعام: 83], وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور السلطان فهذه أنواع من النصر تدخل في...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
قال الله -عز وجل-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
فالله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر, الله أكبر ما صام المسلمون شهر رمضان, الله أكبر ما أحيوا ليله بالقيام, الله أكبر ما أخرجوا زكاة فطرهم طيبة بها نفوسهم, الله أكبر ما اجتمعوا في عيد الفطر يشكرون الله على ما هداهم للإسلام.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
ويا شهر رمضان غير مودع ودّعناك، وغير مقليّ فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً.
سلام من الرحمن كل أوان | على خير شهر قد مضى وزمان |
لئن فنيت أيامك الغر بغتـة | فمـا الحزن من قلبي عليك بفان |
عباد الله: وعد الله -عز وجل- المؤمنين بالنصر فقال عز وجل: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47], وهذا النصر -عباد الله- ليس مقصوراً على نصر التمكين ولكن النصر له صور مختلفة، فلا بد للمؤمنين من نوع من أنواع هذا النصر.
فمن أنواع النصر الذي وعد الله به المؤمنين: نصر العزة، والتمكين في الأرض، وجعل الدولة للإسلام، والجولة للإسلام، كما نصر الله -عز وجل- داود وسليمان -عليهما السلام-, قال تعالى: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ) [البقرة: 251] وقال عز وجل: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ) [الأنبياء: 79]. فجمع الله -عز وجل- لهذين النبيين الكريمين بين النبوة والحكم والملك العظيم، وكما نصر الله -عز وجل- نبيه محمداً -صلى الله عليه وآله وسلم-، فما فارق النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الدنيا حتى أقرّ الله -عز وجل- عينه بالنصر المبين، والعز والتمكين، بل جعل الله -عز وجل- النصر ودخول الناس في دين الله أفواجاً علامة قرب أجل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) [النصر: 1 - 3], فما فارق النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الدنيا حتى حكم الإسلام جزيرة العرب، ثم فتح تلامذته من بعده البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حتى استنار أكثر المعروف من الأرض بدعوة الإسلام، وسالت دماء الصحابة في الأقطار والأمصار، يرفعون راية الإسلام، وينشرون دين النبي -عليه الصلاة والسلام-، حتى وقف عقبة بن عامر على شاطئ الأطلنطي وقال: "والله يا بحر لو أعلم أن وراءك أرض تفتح في سبيل الله لخضتك بفرسي هذا" وما كان يعلم أن وراءه الأمريكتان. وهذا الخليفة المسلم هارون الرشيد نظر إلى السحابة في السماء وقال لها: "أمطري حيث تشائين فسوف يأتيني خراجك".
انتصر الإسلام -عباد الله- لما وجد الرجال الذين يقومون به ويضحون من أجله، والله -عز وجل- يقول: (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [الصافات: 173]، فإذا كنا جنداً لله -عز وجل- فلا بد أن ينصرنا الله -عز وجل-.
ومن أنواع النصر كذلك -عباد الله-: أن يهلك الله -عز وجل- الكافرين والمكذبين، وينجي رسله وعباده المؤمنين. قال -عز وجل- حاكياً عن نوح -عليه السلام-: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) [القمر: 10 - 15], وكما نصر الله -عز وجل- هوداً وصالحاً ولوطاً وشعيباً -عليهم الصلاة والسلام-، أهلك الله -عز وجل- الكافرين والمكذبين، وأنجى رسله وعباده المؤمنين.
النوع الثالث -عباد الله- من النصر: وهو نصر العقيدة والإيمان، وهو أن يثبت المؤمنون على إيمانهم، وأن يضحوا بأبدانهم حماية لأديانهم، وأن يؤثروا أن تخرج أرواحهم ولا يخرج الإيمان من قلوبهم، فهذا نصر للعقيدة ونصر للإيمان، ألم تعلموا -عباد الله- خبر الغلام في قصة أصحاب الأخدود, حين عجز الملك عن قتله فقال له: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به – وانظر إلى عزة الإسلام وهو يقول للملك: "ما آمرك به" - قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك، قد آمن الناس.
فانظروا -عباد الله- كيف ضحى بحياته من أجل الدعوة، فعلى الدعاة إلى الله -عز وجل- أن لا يبخلوا بشيء في سبيل نشر دعوتهم، ولو أنفقوا حياتهم ثمناً لإيمان الناس، فقد مضى الغلام إلى ربه، إلى رحمته وجنته، وآمن الناس بدعوته، عند ذلك أمر الملك بحفر الأخاديد في أفواه السكك وأضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم.
ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق. وسجل الله -عز وجل- لنا في كتابه الخالد خاتمة القصة، وعاقبة الفريقين في الآخرة فقال عز وجل: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) [البروج: 4 - 11].
قافلة الإيمان تسير يتقدمها الأنبياء الكرام والصديقون والشهداء, (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23] ما جفت الأرض من دماء الشهداء في عصر من العصور.
وهذا كاتب إسلامي بذل حياته كلها من أجل أن يبين أن الحكم من أمور العقيدة، والتحاكم إلى غير شرع الله، والحكم بغير حكمه كفر بالله -عز وجل-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [يوسف: 40], وقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) [المائدة: 44].
وبعد أن حكم عليه بالإعدام، وقبل أن ينفذ فيه الحكم الظالم، كتب هذه الأبيات، وكتب الله -عز وجل- لها الحياة، وخرجت من خلف القضبان.
أخي أنت حر وراء السـدود | أخـي أنت حر بتلك القيـود |
إذا كنـت بالله مسـتعصمـا | فماذا يضـيرك كـيـد العبيد |
أخي سـتبيد جيوش الظـلام | ويشرق في الكون فجر جديد |
أخي إن نمـت نـلق أحبابنا | فروضـات ربي أعـدت لنا |
وأطيـارها رفـرفت حولنا | فطوبى لنا في ديـار الخلود |
أخي إن ذرفت علي الدموع | وبللت قبري بهـا في خشوع |
فأوقد لهم من رفاتي الشموع | وسيروا بها نحو مجـد تليـد |
فرحمة الله على صاحب الظلال.
نوع رابع -عباد الله- من أنواع انتصار المؤمنين: وهو أن يحمي الله -عز وجل- عباده المؤمنين من كيد الكافرين، كما قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141], وكما قال عز وجل لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: 67]. وجاء في السيرة المباركة كيف عصمه الله -عز وجل- من الرجل الذي رفع عليه السيف وقال: من يعصمك مني؟ فقال: "الله" فارتجف الرجل وسقط السيف من يده, وقصة الشاة المسمومة التي أنطقها الله -عز وجل- وأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها مسمومة, وقصة إجلاء بني النضير, ونزول جبريل وميكائيل يوم أحد يدافعان عن شخص النبي .
هل سمعتم -عباد الله- عن يوم الرجيع، هل تعرفون عباد الله عاصم بن ثابت؟، بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت – وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب - فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا لحى من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلاً نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهي إلى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد -أي مكان مرتفع- وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق، إن نزلتم إلينا لا نقتل منكم رجلاً. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم حتى قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء.
وكان عاصم بن ثابت قد عاهد الله أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً أبداً، فكان عمر يقول لما بلغه خبره: "يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما حفظه في حياته".
فكان عاصم -رضي الله عنه- مدافعاً أول النهار عن دين الله، ودافع الله -عز وجل- عن جسده آخر النهار، فلم يمسه مشرك، فإن قال قائل: لماذا لم يمنعهم الله -عز وجل- من قتله كما منعهم من الوصول إلى جسده بعد مقتله؟ فالجواب: إن الله -عز وجل- يحب أن يرى صدق الصادقين، يحب أن يرى عباده المؤمنين وهم يبذلون أنفسهم لله -عز وجل- فينزلهم الله -عز وجل- منازل الكرامة، ويزيدهم من فضله، فالله -عز وجل- أراد أن يشرفه بدرجة الشهادة فلم يمنعهم من قتله, ثم حمى الله -عز وجل- جسده من أن يمسه مشرك.
نوع خامس: من النصر الذي ينصر الله -عز وجل- به عباده المؤمنين وهو نصر الحجة كما قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) [الأنعام: 83], وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور السلطان فهذه أنواع من النصر تدخل في وعد الله -عز وجل-: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47], ولكن النصر الذي بشرنا الله -عز وجل- به، وبشرنا به رسوله -صلى الله عليه وسلم- هو النصر الأول، وهو نصر التمكين والظهور قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها". وأتت الأحاديث الصحيحة بأن المسلمين لهم لقاء حتمي مع الروم وهم النصارى.
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق -والأعماق ودابق موضعان بالشام قرب حلب- فيخرج إليهم جيش بالمدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلوهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً، فيفتحون قسطنطينية". وعن يسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيري إلا: يا عبد الله بن مسعود: جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكئا فقال: "إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام, فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا، فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتتلون مقتلة, إما قال: لا يرى مثلها وإما قال: لم ير مثلها, حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخرّ ميتاً، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح، أو أي ميراث يقاسم".
كما أتت الأحاديث الصحيحة كذلك بأن المسلمين سوف يقاتلون اليهود. عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله, هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود", وقوله: "يا مسلم" يدل على أن المسلمين في هذا الوقت يعملون بدين الله، لا ينتسبون إلى الإسلام ظلماً وزوراً.
فنصر الله -عز وجل- قادم، ودولة الإسلام قادمة، وجولة الإسلام آتية، رغم أنف المنافقين والعلمانيين والكافرين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين وأعلى راية الحق والدين.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فرد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.