العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - المعاملات |
وهذه السنن الربانية تدل على اختيار الإنسان ومسئوليته، وأن العذاب لا يصيبه إلا بما اقترفت يده، وأن نجاته تكون بتعلم هذه السنن وفقهها وموافقتها، والبعد عن معارضتها، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه ما أخفاها عنا، بل كشفها لنا في وحيه المنزل لنقرأها ونفقهها ونعمل على وفقها. إنها سنن تستجيب لمن يوافقها ولو كان ضعيفا، وتستعصي على من يعارضها ولو كان قويا جبارا
الحمد لله رب العالمين، وخالق الناس أجمعين؛ زين السماء بالنجوم ورفعها، ووضع الأرض للبشر وذللها، ودلهم على أرزاقها وخيراتها، وسخر لهم ما فيها ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [الملك:15] نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يقع شيء في الأرض إلا بأمره، ولا يقضى شأن إلا بعلمه ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) [الرَّحمن:29]
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أرسله الله تعالى لنا هاديا ومعلما، ففتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أقاموا دين الله تعالى في أنفسهم وأمتهم، فصلحت لهم أمور الدين والدنيا، فرضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وجعل دار الخلد مأواهم، والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه؛ فما أحوجنا لتقوى الله تعالى في زمن فاضت علينا النعم والخيرات حتى اعتدناها، وأحاطت بنا المخاطر والأزمات حتى خفناها، ولا نجاة إلا بالله تعالى، ولا مخرج من المضايق إلا بتقواه ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) [الطَّلاق:2-3].
أيها الناس: من المتقرر عند المسلم أن الله تعالى وهب الناس حياتهم، وكتب أرزاقهم، وسخر الأرض وما فيها لهم ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) [البقرة:29]، وفي آية أخرى ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [الجاثية:13].
وهذا الهبات الربانية، والتسخير الإلهي له سنن جعلها الله تعالى للناس في الأرض؛ فمن عقلها وأخذ بها نال بحبوحة العيش، وأَمِن من الجوع وزوال الرزق.
وقد دعانا ربنا جل جلاله للنظر في هذه السنن وفهمها، والعمل بمقتضاها؛ ليكتمل لنا عيشنا، ولئلا يصيبنا ما يكدره أو يقلبه إلى خوف وجوع وقلة ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ ) [الأنعام:11].
وهؤلاء المكذبون لم يعقلوا سنن الله تعالى في الأرض فحادوا عنها فكان الهلاك عاقبتهم، وقوم شعيب عليه السلام كان من أسباب عذابهم حيدتهم عن سنن الله تعالى في الاقتصاد والمعاملات، وغشهم في البيع والشراء.
والسنن الربانية هي طريقة الله تعالى وقانونه في معاملة البشر، وهي سنن مضطردة لا تتخلف ولا تتبدل ولا تتحول ولو اختلف الزمان والمكان؛ ولذلك أحال الله تعالى عليها في كثير من الآيات القرآنية ( سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا ) [الإسراء:77] وفي آية أخرى ( سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلا ) [الأحزاب:62] وفي آية ثالثة ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَحْوِيلا ) [فاطر:43].
وهذه السنن الربانية تدل على اختيار الإنسان ومسئوليته، وأن العذاب لا يصيبه إلا بما اقترفت يده، وأن نجاته تكون بتعلم هذه السنن وفقهها وموافقتها، والبعد عن معارضتها، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه ما أخفاها عنا، بل كشفها لنا في وحيه المنزل لنقرأها ونفقهها ونعمل على وفقها.
إنها سنن تستجيب لمن يوافقها ولو كان ضعيفا، وتستعصي على من يعارضها ولو كان قويا جبارا.
ومن العجيب أن انقياد السنن لمن يأخذ بها ويوافقها هو أيضا سنةٌ من سنن الله تعالى في عباده، كما أن استعصاء سنة الله تعالى على من يعارضها ويخالفها سنة من سننه عز وجل.
والقواعد الاقتصادية المبثوثة في القرآن والسنة هي من سنن الله تعالى القطعية في هذا المجال المهم، والقوانين البشرية الاقتصادية هي احتمالية؛ لأنها من نتاج العقل البشري، فإذا عارضت هذه القوانين البشرية سنن الله تعالى فهي فاشلة؛ لأن القطعي أقوى من الاحتمالي.
وهذا هو أهم سبب لإخفاق النظريتين الاقتصاديتين الاشتراكية والرأسمالية، ونجاح النظام الإسلامي الاقتصادي، حتى صار أعداؤه من الغربيين ينادون بتطبيقه في هذا الظرف الاقتصادي الحرج، ولم ينادوا بالنظام الاشتراكي؛ لثبوت فشله أيضا، ولا يُعرف في التاريخ فشل للنظام الاقتصادي الإسلامي مع أنه أقدم من النظامين الرأسمالي والاشتراكي بقرون كثيرة.
إن فهم هذه السنن الربانية في الاقتصاد والمال هو أهم ما يعين على معرفة أسباب الانتكاسة المالية العالمية في الفكر الرأسمالي؛ وإلا فإن التحليلات المادية، والحلول البشرية لن تجدي شيئا أمام سنة ربانية عارضوها، ومهما بلغت الحلول العاجلة والإسعافات الطارئة فلن تكون إلا مجرد حبال بالية قد مُدَّت لغريق يصارع الموت في لجة محيط مضطرب لا تلبث إلا يسيرا فتنقطع ويغرق.
إن من تدبير الله تعالى في الرزق أن الله سبحانه لما خلق الأرض وأسكنها البشر قدَّر فيها ما يحتاجونه من كل شيء: من هواء وماء وطعام ولباس ونار وغير ذلك ( وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) [الرعد:8]، وفي آية أخرى ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) [الفرقان:2].
وبخصوص الرزق في الأرض قال الله سبحانه: ( وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ) [فصِّلت:10] فقدر تعالى في الأرض من الرزق ما يستوعب البشر كلهم مهما بلغت كثرتهم، وعظم استهلاكهم، فهو سبحانه خالقهم ورازقهم.
فكان من الأوامر الإلهية للبشر لاستمرار الرزق والأمن إقامةُ العدل، واجتناب الظلم؛ لأن الظلم قد ينشأ عن اعتقاد كثرة البشر، وقلة الرزق، فيظنون أنه لا ظفر بالرزق إلا بالقوة وسحق الضعفاء؛ لئلا يشاركوا الأغنياء في أرزاق الأرض، فيكون هذا المعتقد الخاطئ هو سببَ الظلم والبغي والفساد في الأرض، وهو ما وقع فيه البشر لما حادوا عن هدى الله تعالى وشريعته.
وكان من سنة الله تعالى في ذلك إهلاكُ الأقوياء إذا ظلموا، وإصابتهم بالقوارع والكوارث إذا اعتدوا على الفقراء، وهو ما وقع من الدول الرأسمالية على غيرها من الدول، بل وقع في الدولة الرأسمالية الواحدة حين انتهب أغنياؤهم أموال فقرائهم بالربا والتأمين والغش والاحتكار ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) [هود:102]، وفي آية أخرى ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ) [الأنبياء:11]، وفي آية ثالثة ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ المَصِيرُ ) [الحج:48].
وما قرره الله تعالى في القرآن الكريم من أن أرزاق الأرض مقدرة على عدد البشر، وأن خيراته سبحانه تكفيهم مهما بلغت كثرتهم؛ يبطل نظرية مالتُس وأتباعه التي كان لها أثر كبير في الفكر الرأسمالي المتسلط، وملخصها: أن ما في الأرض من موارد لن يكفي البشر، ولا بد من التخلص من بعضهم ليعيش البعض الآخر، فكانت الحروب تُفتعل في دول العالم الثالث؛ لأجل ذلك؛ فتنهب ثرواتهم، وتستعمر بلدانهم، ويقتل بشرهم، وتجوع أسرهم؛ لضمان رفاهية الدول الرأسمالية وشعوبها، وهذا الظلم العظيم كان مبناه على هذه النظرية الباطلة، وكان فيه معارضة لسنة الله تعالى الثابتة في أخذ الظالمين.
ومن العجيب أن هذا الفكر المنحرف، وتلك النظرية الخبيثة عارض بها كثير من المسلمين سنن الله تعالى، فغرتهم قوة الرأسماليين، وبنو اقتصادهم على وفق منهجه الفاسد، وظهرت نتائج ذلك للعيان، ويُخشى من أزمة جارفة لا تبقي ولا تذر، وصدق الله تعالى، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذب الرأسماليون ونظرياتهم ( وَلله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) [النساء:126].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم |
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأنيبوا إليه، وتوكلوا عليه، وسلِّموا لأمره، واجتنبوا نهيه، وارضوا بقدره ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) [التوبة:51].
أيها المسلمون: الأمن والشبع نعمتان يطلبهما كل الناس، والخوف والجوع عقوبتان يفرون منهما، والهجرات الجماعية من الدول المضطربة، وترك الناس بيوتهم التي عمروها، ومفارقة ديارهم التي نشئوا فيها، والبحث عن غرباء يؤوونهم، ويتجرعون عندهم كأس الذل والهوان - إنما هو بسبب الفرار من الجوع والخوف، وطلب الأمن والرزق.
والدول الحديثة ليست كالدول القديمة، وشعوب اليوم ليست كشعوب الأمس؛ فالدول القديمة قد تهتز وتسقط ويخلفها غيرها، ولا يتضرر الناس كثيرا بذلك، أما الدول الحديثة فإن أغلبها قد ربطوا اقتصادهم وعملاتهم بالدول الكبرى التي إذا انهار اقتصادها تبعتها في الانهيار والسقوط عشرات الدول، واضطربت الأسعار، وأضحت الأوراق النقدية لا تساوي شيئا وإن امتلأت بها البنوك.
وشعوب الأمس كانت تعيش حالة من القلة والضراء فهي أقدر على تحمل النكسات الاقتصادية من شعوب اليوم المتخمة بالترف والثراء؛ ولأجل ذلك فإن من يستشرفون مستقبل هذه الأزمة المالية الضخمة، ويحللون أبعادها وآثارها من المختصين يحذرون من كوارث بشرية متلاحقة لا يُعلم مداها الذي تنتهي إليه، ولا ما تخلفه من أضرار جسيمة، وعواقب وخيمة.
وواجب على المسلم إن أراد موقفا صحيحا في مثل هذه الكوارث المتوقعة أن يَصْدُرَ عن الكتاب والسنة؛ ففيهما الرشاد للمسترشدين، ودلالة التائهين، ومن أخذ بهما فلن يَضِل أبدا.
إنه لن يحصل شيء كَبُر أو صَغُر إلا بعلم الله تعالى وقدره؛ فحق على العباد أن يلجئوا إليه سبحانه في كل ما يحاذرونه من كوارث ومشكلات ( قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ) [الأنعام:63-64].
وروى عبد الله بن عَمْرِو رضي الله عنهما قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كَتَبَ الله مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قبل أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: وَعَرْشُهُ على الْمَاءِ " رواه مسلم.
وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: " جاء مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ: يوم يُسْحَبُونَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " رواه مسلم.
ونحمد الله الذي لا إله إلا هو أن مقادير كل شيء بيده، وهو الحكم العدل الرحيم بعباده، ولم يترك ذلك لعباده وهم أهل الجهل والظلم؛ فلنؤمن بالله تعالى، ولنعلق قلوبنا به سبحانه، ولنتوكل عليه، ولنسلم أمرنا إليه؛ فهو أرحم بنا من الناس.
ولنعلم أن ما أصاب البشر، وما يتوقعونه من نكسات مالية ضخمة يتداعى معها الغنى والأمن، وينتشر الجوع والخوف في الأرض ما هو إلا بسبب ذنوب العباد؛ فكم حاربوا الله تعالى في مشارق الأرض ومغاربها بالربا والظلم، وأنواع الغش والبيوع المحرمة، والمعاملات الفاسدة، وقد كانوا يظنون أنهم في منأىً عن العقوبة الربانية، وقد عارضوا سنن الله تعالى في خلقه، وخالفوا شرعه ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران:165]، ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) [الشُّورى:30].
ولا نجاة من العذاب إلا بالتوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها، سرها وعلانيتها كما رفع الله تعالى العذاب عن قوم يونس لما تابوا ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) [يونس:98].
وبما أن هذه الأزمة المالية العالمية وما سينتج عنها ما هي إلا من قدر الله تعالى فإننا مأمورون أن نتعوذ بالله تعالى من سوء القدر، وأن نسأله أن يرده عنا؛ فإن الدعاء يرد القدر كما جاء في الحديث.
وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تَعَوَّذُوا بِالله من جَهْدِ الْبَلاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ " رواه الشيخان واللفظ للبخاري.
ألا فتوبوا إلى الله تعالى من ذنوبكم، وسلوه العافية لكم ولأمتكم، وَاعْلَمْوا أَنَّ الأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُوكَم بِشَيْءٍ لم يَنْفَعُوكَم إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله لكم، وَلَوْ اجْتَمَعُوا على أَنْ يَضُرُّوكَم بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَم إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله عَلَيْكَم رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ.
وصلوا وسلموا على نبيكم ...