الشاكر
كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التوحيد |
إياك نعبد وإياك نستعين، لا إله إلا الله اشتملت على معنى عظيم وهو أن العبد لا يقصد شيئاً بالتأله والتعبد والخضوع والتذلل إلا لله جل وعلا الواحد الأحد، يتأله إليه بتوحيد نقي تخرج به النفس من ظلمات الجهل وترتفع به من أوحال الشرك، وتتطهر به من دنس الخرافات والأوهام
الحمد لله العلي العلى.. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله النبي المصطفى، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأتقياء.
أما بعد:
يا أيها المسلمون أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا؛ فمن اتقاه وقاه وأسعده ولا أشقاه.
أيها المسلمون: إن أعظم مطلوب وأنبل مقصود تحقيق توحيد الألوهية الذي هو معنى شهادة الحق لا إله إلا الله، ولذلك فألزم ما على العبد في هذه الدنيا أن يدرك معناها، وأن يفهم مقصودها، وأن يعمل بمقتضاها.
إخوة الإسلام: هذه الكلمة العظيمة لها شروطها ولوازمها؛ قيل للحسن البصري رحمه الله: إن ناسا يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال: " من قال لا إله إلا الله وأدى حقها وفرضها دخل الجنة ".
وقيل لوهب ابن منبه رحمه الله لما سئل عن مفتاح الجنة وأنه لا إله إلا الله قال: " نعم لكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن أتيت بالأسنان وإلا لن يفتح لك ".
وكان الحسن البصري رحمه الله مع الفرزدق يوماً والفرزدق يدفن امرأته فقال: " ما أعدت لمثل هذا اليوم؟ " فقال الفرزدق: شهادة ألا إله إلا الله منذ سبعين سنة. فقال البصري: " نعم العدة ولكن للا إله إلا الله شروط فإياك وقذف المحصنات ".
ففرض على كل أحد القيام بحقيقة مدلولها، والتطبيق لأساس مقصودها؛ من إثبات الوحدانية لله جل وعلا ونفي الشرك عنه سبحانه وتعالى.
هذه الكلمة ليست اسماً لا معنى له، أو قولاً لا حقيقة له، أو لفظاً لا مضمون له، بل لها المعنى العظيم والمفهوم الجليل الذي هو أجل من جميع المعاني وأعظم من جميع المباني، هو أنها تضمنت معنى أساسياً هو أن ما سوى الله لا يعبد ولا يؤله، وأن إلهية ما سواه أبطل الباطل وأظلم الظلم، ومنتهى الضلال.
كلمة عظيمة لا تنفع قائلها إلا إذا عرف مدلولها نفياً وإثباتاً، واعتقد ذلك وعمل به، من قالها وهو يعلم جازماً أنه لا معبود حق إلا الله جل وعلا.
كلمة تقتضي إثبات العبادة وإخلاصها لله وحده واجتناب عبادة ما سواه، ونفي جميع أنواع العبادة عما سوى الله.
إياك نعبد وإياك نستعين، لا إله إلا الله اشتملت على معنى عظيم وهو أن العبد لا يقصد شيئاً بالتأله والتعبد والخضوع والتذلل إلا لله جل وعلا الواحد الأحد، يتأله إليه بتوحيد نقي تخرج به النفس من ظلمات الجهل وترتفع به من أوحال الشرك، وتتطهر به من دنس الخرافات والأوهام.
توحيد خالص يرتفع به الإنسان، فيكون كريماً من أن يخضع لأي مخلوق علت مرتبته أو دنت، الله جل وعلا يقول: ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ) [البينة:5].
لا إله إلا الله معناها إفراد الله وحده بالعبادة والبراءة الكاملة من عبادة كل ما سواه من الشفعاء والأنداد، ولو كانوا ملائكة مكرمين أو أنبياء مرسلين.
كلمة تتضمن الإقبال الكامل على الله وحده خضوعاً وتذللاً، طمعاً ورغبة وإنابة وتوكلا، دعاء وطلبا، رجاء وخوفا.
فأهل لا إله إلا الله لا يصرفون شيئاً من العبادة والتدين لغير الله جل وعلا، فهم لا يسألون إلا الله، ولا يدعون إلا إياه، ولا يتوكلون إلا عليه، ولا يرجون غيره، ولا يذبحون ولا ينذرون إلا له، ولا يرجون كشف ضر ولا جلب نفع إلا منه وحده، يقول جل وعلا: ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) [الأنعام:162-163].
أيها المسلم: لا إله إلا الله من شروطها العلم بمعناها المذكور آنفا يقول ربنا جل وعلا: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) [محمد:19].
ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" رواه مسلم.
من شروطها أن يكون قائلها موقنا بها يقيناً جازماً لا شك فيه ولا ريب، ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) [الحجرات:15].
ورسولنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم يقول: " أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلق الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ".
ويقول لأبي هريرة: " اذهب بنعلتي هاتين فمن رأيته وراء هذا الحائط يشهد ألا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة " رواه مسلم.
من شروطها الإخلاص الكامل المنافي للشرك والرياء؛ بتصفية الأعمال والأقوال وتنقيتها من أن تكون لغير الله جل وعلا ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ).
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله جل وعلا حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" رواه البخاري.
وفي صحيح البخاري أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ".
من شروطها -أيها المسلمون- الصدق فيها باللسان والقلب والعمل، صدقاً في الظاهر والباطن بحيث يجري ذلك على الجوارح بالأعمال والامتثال لأوامر الله جل وعلا وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) [العنكبوت:3].
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار ".
من شروطها المحبة الكاملة لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولشرعه ودينه ولأهل الإيمان والطاعة، يقول جل وعلا عن المؤمنين: ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ) [البقرة:165].
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " ثلاثة من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " متفق عليه.
من شروطها القبول الكامل لهذه الكلمة قبولاً كاملاً بالقلب واللسان والجوارح، مع الانقياد والاستسلام لشرع الله والإذعان لحكمه وعدم التعقب لشيء من أحكامه جل وعلا ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) [الأحزاب:36].
فتوحيد الاعتقاد يتبعه توحيد العمل والاستقامة في الإتباع، فلا تقوم العقيدة بصفائها إلا حين يقابلها العمل الصالح والإحسان فيه، فصاحب لا إله إلا الله مشاعر قلبه وخلجات ضميره مرتبطة بربه مؤتمرة بأوامر ربه منتهية عن نواهيه.
معاشر المسلمين: أمة لا إله إلا الله، أمة مؤمنة باختصاص ربها بالحكم لا تنازع ربها في حكمه مسيطر دينها على هواها، متغلب على النفوس وبواعثها وغايتها، الإسلام دستورها ونظامها، وهو مصدر فخرها وعزها، خاضعة لربها طائعة لخالقها، منقادة مسلمة لشريعة خالقها ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) [النساء:56].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما فيه من الهدي والبيان، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا- فهي وصية الله للأولين والآخرين.
أيها المسلمون: من عقائد أهل السنة والجماعة العمل بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم، له ذمة الله وذمة رسوله فلا تغفلوا الله في ذمته " رواه البخاري.
من عقائد أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله؛ فمن الإفك العظيم والبهتان العظيم إطلاق التكفير لأهل لا إله إلا الله بدون برهان من القرآن الكريم ولا من السنة المطهرة ولا من إجماع المسلمين المعتبر، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -في الحديث المتفق عليه-: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ".
قال أهل العلم -في بيان قوله وإلا رجعت عليه- أقوالاً أشهرها: أن ذلك محمول على من استحل التكفير فيبوء يومئذ بالكفر، وقيل: المعنى رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره إياه، وقيل: إن ذلك يؤول به إلى الكفر؛ لأن المعاصي بريد الكفر، وهذه المعاني كلها صحيحة.
فاتقوا الله عباد الله والتزموا بحقائق لا إله إلا الله، وعظموا فروضها والتزموا بشروطها تسلموا وتفلحوا وتسعدوا دنياً وأخرى.
ثم إن الله جل وعلا أمرنا بأمر عظيم ألا وهو الصلاة والتسليم على النبي الكريم، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، وارض اللهم على الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل وسائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن ترفع مكانة المسلمين في كل مكان وأن تعز كلمتهم، وأن ترفع القهر والخضوع عنهم بحقائق لا إله إلا الله،نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تكبت أعداء المسلمين، وأن ترينا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أعز كلمتك، اللهم أعز كلمتك، اللهم أعز كلمتك، اللهم انصر دينك، اللهم وحد بين كلمة المسلمين بـ لا إله إلا الله، اللهم وحد بين كلمة المسلمين بـ لا إله إلا الله، اللهم وحد بين قلوب المسلمين بـ لا إله إلا الله وبشهادة أن محمداً رسول الله، اللهم اجمع بين كلمتهم على الدين والشريعة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام نسألك أن تقبل أعمالنا، اللهم اقبل أعمالنا، اللهم اقبل أعمالنا، اللهم اقبل أعمالنا، اللهم اقبل حجنا، اللهم اقبل حجنا، اللهم اقبل حجنا، اللهم رد الحجاج إلى أهلهم سالمين غانمين وقد غفرت لهم ذنوبهم وأكرمتهم يا أكرم الأكرمين.
اللهم وفق خادم الحرمين لما تحب وترضى، اللهم بارك في عمره، اللهم بارك في عمره، اللهم بارك في عمره، اللهم ارزق ولي عهده الصحة والعافية، اللهم رده إلى هذه البلاد سالما غانماً معافى يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لما تحب وترضى، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لما تحب وترضى.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
اللهم اجعلنا من أهل لا إله إلا الله صدقا وعملاً واعتقاداً، اللهم اجعلنا من أهل لا إله إلا الله اعتقاداً وعملاً وقبولاً.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، اللهم يا غني يا حميد، اللهم يا غني يا حميد، اللهم يا غني يا حميد، اللهم اسق أرضنا، اللهم اسق أرضنا، اللهم اسق أرضنا، اللهم ارحم بهائمنا، ارحم بهائمنا، ارحم بهائمنا.
عباد الله اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.