البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

القادر

كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...

دروس من الهجرة النبوية

العربية

المؤلف خالد بن علي المشيقح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - السيرة النبوية
عناصر الخطبة
  1. من فوائد التأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم .
  2. أهمية الهجرة النبوية .
  3. قصة الهجرة وأحداثها (باختصار) .
  4. أبزر الدروس المستفادة من حادثة الهجرة .
  5. قصة بداية التاريخ الهجري .

اقتباس

في مثل هذه السيرة العطرة تتجلى الخواطر لننهل منها دروساً عظيمة يتربى عليها المسلم في حياته، قال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في حادث الهجرة: "وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها". ولعل من أبرز الدروس المستقاة من حادثة الهجرة: أن صاحب الدين والعقيدة الصحيحة، يجب عليه أن...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

اتقوا الله -أيها المؤمنون-: فإن خير الزاد التقوى، فما هي إلا أعمار تطوى وآجال تفنى، كم من مؤمل قعد به أمله؟ وكم من مسوف عاجله أجله؟ فاجتهدوا -رحمكم الله- في العمل، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.

عباد الله: إن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- بكل ما فيها من مواقف محل لكل تأمل، وحق لكل تدبر، تأمل يحرك القلوب، ويستثير الهمم، ويقود إلى العمل.

إن الحب الصادق للنبي -صلى الله عليه وسلم- يستدعي العزمات الصادقة في الاستمساك بسنته؛ هدياً، وعلماً، وعملاً، وعبادة، وإن الحب الرخيص حين يكون زعماً، وكلاماً خالياً عن العمل: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عمران: 31].

من حسن حظ المؤمن أنه ما قلب سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يوماً فأخطأ دمع العين مجراه، في أيام نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أيام خوالد ما تزال تتوضأ على الأيام، وتتألق في غرة الزمان، ومن أروعها وأسطعها يوم الهجرة.

إن حادث الهجرة يزداد بهاء وسناء كلما تناوله العرض، والبحث كالذهب الإبريز كلما عرضته على النار لتمحصه ازداد إشراقاً وصفاء.

وهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت فاتحة الأمل، وبارقة النصر، وطريق العودة له ولأصحابه إلى مكة فاتحين ظافرين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)[القصص: 85].

الهجرة النبوية تعطينا قدوة وأسوة، فيها تتجلى دروس من التضحية والفداء والبدل؛ فهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يتحمل العبء الثقيل في سبيل الدعوة إلى الله، وإعلاء كلمته،

ويشتط المشركون من أعدائه في مقاومته، والتطاول عليه بالسخرية، ثم بحيلة الوعد والإغراء، ثم بتسليط الغوغاء والسفهاء ثم بالتآمر على قتله: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].

عباد الله: لما رأى المشركون أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرجوا إلى المدينة خافوا خروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولحوقه بهم، فاشتد عليهم أمره ولم يبقى بمكة من المسلمين إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعلي -رضي الله عنهما- ومن اعتقله المشركون كرهاً.

فلما كانت ليلة من الليالي همَّ المشركون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء جبريل بالوحي من عند الله -تبارك وتعالى- فأخبره وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر -رضي الله عنه- نصف النهار في ساعة لم يكن يأتيه فيها من قبل، فقال: "أخرج من عندك" فقال: "إنما هم أهلك يا رسول الله" فقال: "إن الله قد أذن لي في الخروج" فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: "الصحبة يا رسول الله؟" قال: "نعم" فقال أبو بكر: "فخذ بأبي وأمي إحدى راحلتي هاتين" فقال عليه الصلاة والسلام: "آخذها بالثمن".

وأمر علياً بأن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمعوا أولئك النفر من قريش يتطلعون من شقوق الباب، ويرصدون النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويأتمرون أيهم يكون أشقاها.

فخرج عليه الصلاة والسلام فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يدره على رؤوسهم، وهم لا يرونه، وهو يتلو قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ)[يــس: 9].

ومضى عليه الصلاة والسلام إلى أبي بكر -رضي الله عنه- فخرجا ليلاً ثم مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى غار ثور فدخله، وجدَّت قريش في طلبهما، وأخذوا معهم القافة، حتى انتهوا إلى باب الغار فوقفوا عليه، فقال أبو بكر: "يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدمين لأبصرنا" فقال عليه الصلاة والسلام: "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما".

ولما يئس المشركون من الظفر بهما جعلوا لمن جاء بهما دية كل واحد منهما، فجدَّ الناس في الطلب، فلما مروا بحي مدلج بَصُر بهم سراقة ابن مالك، فركب جواده، وسار في طلبهم، فلما قرب منهم سمع قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدعا عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فساقت يدا فرسه في الأرض، ثم قال سراقة: "أدعو الله لي ولكما علي أن أرد الناس عنكما" فدعا له عليه الصلاة والسلام فأطلق، ورجع يقول للناس: "قد كفيتهم ما هاهنا".

ومر عليه الصلاة والسلام في مسيره بخيمة أم معبد، فقام عندها، ورأت من آيات نبوته في الشاة العجفاء، وكيف حلبها لبناً كثيراً في سنة مجدبة، ما بهر العقول عليه الصلاة والسلام.

ولما بلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده المدينة، وكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه أول النهار، فإذا اشتد حر النهار رجعوا على عادتهم إلى منازلهم، فلما كان في يوم من الأيام خرجوا على عادتهم، فلما حمي حر الشمس رجعوا وصعد رجل من اليهود على حصن من حصون المدينة لبعض شأنه، فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، فصرخ بأعلى صوته: "يا بني قيلة، هذا صاحبكم قد جاء هذا، جدكم الذي تنتظرونه -يعني هذا حظكم-".

فبادر الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسمعت الرجة والتكبير في المدينة، وكبر المسلمون فرحاً بقدومه، وخرجوا إلى لقائه، فتلقوه وحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيقين مطبقين والسكينة تغشاه.

وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأكثرهم لم يره بعد، وكان بعضهم أو أكثرهم يظنوه أبا بكر لكثرة شيبه، فلما اشتد الحر قام أبو بكر -رضي الله عنه- بثوب يظلل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتحقق الناس حينئذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: في مثل هذه السيرة العطرة تتجلى الخواطر لننهل منها دروساً عظيمة يتربى عليها المسلم في حياته، قال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في حادث الهجرة: "وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها". ا. هـ.

ولعل من أبرز الدروس المستقاة من حادثة الهجرة: أن صاحب الدين والعقيدة الصحيحة، يجب عليه أن لا يساوم في عقيدته، أو دينه، أو أن يحيد عنها، بل إنه يجاهد من أجلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإنه ليستهين بالشدائد والمصاعب من أجل دينه.

ومن ذلك: أن الهجرة تؤكد أن الدين هو السياج الحامي لكل حق من نفس، أو عرض، أو مال؛ من أجل الدين تهجر الأوطان، ويضحى بالمهج والثروات.

ومن دروس الهجرة: ما يتعلق بالصداقة والصحبة، فالإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يعيش وحيداً منفرداً، بل لا بدّ من الصديق يلاقيه ويناجيه ويواسيه، يشاركه مسرته، ويشاطره مسغبته، وقد تجلت هذه الصداقة في تلك الرابطة التي ربطت بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه-.

ولقد أصبحت علاقات كثير من الناس في هذا اليوم تقوم لقرض، أو لعرض، أو على أمر محرم -إلا من رحم الله-، وما أحوج الناس إلى عصبة أهل الخير التي تتصادق في الله، وتتناصر على تأييد الحق، وتتعاون على البر والتقوى: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 67].

ومن دروس الهجرة: أن الله ينصر من ينصره، ويعين من يلجأ إليه، ويعتصم به، ويلوذ بحماه، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص الموقن بما عند الله حين تنقطع به الأسباب، وحين يخذله الناس.

ومن دروس الهجرة: الجمع بين الأخذ بالأسباب، والتوكل على الله -عز وجل-، ويتجلى ذلك من خلال استبقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي وأبي بكر -رضي الله عنهما- معه، حيث لم يهاجر إلى المدينة مع المسلمين، ويتجلى في استعانته بعبد الله ابن أريقط، وكان خبيراً ماهر في الطريق.

ومن دروس الهجرة: الإخلاص لله -عز وجل- في العمل.

ومن دروسها أيضاً: الاعتدال حال السراء والضراء؛ فيوم خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة مكرهاً لم يخنع، ولم يفقد ثقته بربه، ولما فتح الله عليه مكة، وأقر عينه بعز الإسلام لم يفخر، ولم يتكبر، بل دخل مكة وقد طأطأ رأسه، وقال لأهل مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".

ومن دروسها: أن اليقين بأن العاقبة للتقوى وللمتقين، فهذا كانت العاقبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومن دروس الهجرة: ثبات أهل الإيمان في المواقف الحرجة، وذلك في جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر -رضي الله عنه- لما كانا في الغار، وذلك حين قال أبو بكر: "والله يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا" فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- مطمئناً بوعد الله، وواثقاً بما عنده: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما".

فهذا مثل من الأمثلة في الصدق، والثبات، والثقة، والاتكال على الله في الشدائد.

ومن دروس الهجرة: أن من حفظ الله حفظه، ويؤخذ هذا المعنى من حال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن كفار قريش ائتمروا على قتله فأنجاه الله -عز وجل- منهم بعد أن حثا في وجوههم التراب، وخرج من بينهم سليماً معافى، وهذه سنة ماضية؛ فمن حفظ الله في امتثال أمره واجتناب نهيه فإن الله -سبحانه وتعالى- يحفظه في الشدائد.

ومن دروس الهجرة: أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فالمهاجرون تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم التي هي أحب إليهم، تركوها لله -عز وجل- فعوضهم بذلك مرتبة صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنقبة الهجرة من مكة إلى المدينة، وفتح الله عليهم الدنيا، وملكوا شرقها وغربها.

ومن دروس الهجرة: فضيلة المهاجرين على الأنصار.

ومن دروسها: ظهور مزية المدينة، فالمدينة لم تكن معروفة قبل الإسلام بشيء من الفضل على غيرها من البلاد، وإنما أحرزت فضلها بهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إليها.

ومن دروس الهجرة: ضرورة التربية الدينية، فقد دلت الهجرة على ذلك، فقد سار الصحابة بتربية النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤهلين للاستخلاف، وتحكيم شرع الله، والقيام بأمره -سبحانه وتعالى-.

ومن دروس الهجرة: أن النصر مع الصبر.

ومن دروسها أيضاً: التنبيه على عظم دور المسجد في الأمة.

ومن دروسها: التنبيه على عظم دور المرأة، ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء -رضي الله عنهما-.

ومن دروسها: عظم دور الشباب في نصر الحق، ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين نام في فراش النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الهجرة، ومن خلال ما قام به عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- حين كان يتسمع أخبار قريش ويزودها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر.

ومن دروسها: حصول الأخوة، وذوبان العصبيات الجاهلية.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم علمنا ما ينفعها وانفعنا بما علمتنا.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

عباد الله: وهناك دروس أخرى تؤخذ من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة؛ فمن ذلك: مفارقة أهل الكفر والفسق، وعدم البيتوتة معهم.

ومن ذلك أيضاً: الاعتدال حال السراء والضراء كما سبق.

ومن ذلك أيضاً: الاعتناء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته وتدارسها وتعلمها.

عباد الله: لقد كان ابتداء التاريخ الإسلامي الهجري منذ عهد أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث جمع الناس إبان خلافته فاستشارهم من أين يبدأ التاريخ، فقال بعضهم: يبدأ من مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم: من بعثته، وقال بعضهم: من هجرته، وقال بعضهم: من وفاته.

ولكنه رجح أن يبدأ من الهجرة؛ لأن الله فرق بها بين الحق والباطل، فجعل مبتدأ تاريخ السنين من الهجرة، ثم تشاوروا من أي شهر يبدؤون السنة؛ فقال بعضهم: من ربيع الأول، وقال بعضهم: من محرم، واتفق رأي عمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- على ترجيح البداءة بالمحرم؛ لأنه شهر حرام، ويليه الحج الذي به تمام أركان الإسلام.

فعلينا جميعاً -أيها المسلمون- أن نأخذ بالتاريخ الهجري، فأعداء الإسلام حريصون على أن يمسكوا الأمة المسلمة في كل شؤونها، حتى في تسمية الشهور والأعوام، وإن استبدال تاريخ الكفار بالتاريخ الهجري عدول عن الطريق السوي، والمسلك القويم، وتشبه بالكفار والمشاكلة في الأمور الظاهرة، توجب المشابهة في الأمور الباطنة.

وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم".

عباد الله: تهنئة المشركين بأعيادهم الدينية ومشاركتهم في ذلك إما بالإهداء أو بإجابة الدعوات بهذه المناسبات، أو نحو ذلك، كل هذا محرم ولا يجوز؛ لأن هذا نوع من الرضا بالكفر.

كذلك أيضاً مما ينبه له أن ختم العام الهجري بعبادة؛ كاستغفار، أو توبة، أو محاسبة، أو صيام، أو نحو ذلك من العبادات فإن هذا غير مشروع؛ لأن العبادات توقيفية مرجعها إلى النص، ولم يرد تخصيص العام الهجري بشيء من العبادات.

كذلك أيضاً ما يتعلق بالتهنئة بالعام الهجري القادم هذا موضع خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله تعالى -، وأوسع الناس في ذلك علماء الشافعية؛ فقد استحبوا مثل ذلك، ومن أهل العلم من منعه، ومنهم من فصل، فقال: لا أبدأ أحداً بالتهنئة، ومن هنأني أجبته، وهذا القول هو أعدل الأقوال.