القاهر
كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...
العربية
المؤلف | عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - فقه النوازل |
السياسة الحكيمة ترصد كل الأمور، وتراعي كل الأحوال، وتضع للأمة السياسة الحكيمة تقيها الشر والفساد، وتخلصها من المتآمرين، وحسد الحاسدين، وحقد الحاقدين، ولهذا ولله الفضل بحسن سياسته الخارجية وقوتها وقدرتها جنبت البلاد المساوئ والأضرار. كل ذلك من الحكمة والمصلحة، فإن السياسة في هذا اليوم متقلبة لا تستطيع أن ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التقوى.
عباد الله: إن من كمال هذه الشريعة: اهتمامها بجميع شؤون الحياة التي تتعلق بالإنسان، ولهذا أمرت كل فرد القيام بمسئوليته على قدر موقعه ومكانه، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
أيُّها المسلم: في هذا الحديث يبين صلى الله عليه وسلم كثيرا من أصناف المسئولين عن رعاية المجتمع المسلم:
فيبدأ بالإمام، والإمام كل من يقتدى به، وكل مسئول قلت مسئوليته أو كثرت.
ولا شك أن الإمام العام هو أولى بتلك المسئولية، لكمال مكانته، وعلو شأنه.
فالإمام العام، وهو المسئول عن الأمة، ومسئول عن رعيته عن شؤون رعيته، فيسوسهم سياسة حكيمة في شؤونهم وأمورهم، سياسة تفرض من الصلاح قدر الاستطاعة.
ومن حق الرعية عليه: حل مشاكلهم، وما يواجهونه وما يعانونه من مشكل حل هذه المشكل بقدر الاستطاعة والإمكان.
ومن حقهم عليه: تأمين حاجاتهم كلها، حاجة حياتهم والسعي في تحقيها، وتسهيل المهمة قدر ما استطاع.
ومن حقهم عليه: أن يسوسهم بالعدل في المعاملة والرعاية، ولا يفرق بينهم بغير سبب شرعي؛ فإن العدل سبب لصلاح المجتمع، والعدل سبب لصلاح الأمة، وانتظام الدولة وشؤونها، وبالعدل تتآلف القلوب، وتجتمع الكلمة، ويقل الشر والفساد.
والإمام العادل له في هذا العدل فضل كبير، وشأن عظيم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الإمام العادل أحد السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، فقال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تحت ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ".
فجعل الإمام العادل له منزلة عظيمة عند الله يظله الله في ذلك اليوم الذي لا ظل إلا ظله.
وجعل الإمام العادل أحد الثلاثة المستجابة دعاؤهم، يقول صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا الله فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الله: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".
ومن مهمة الإمام أيضا: أن يسوس الأمة سياسة خارجية تقتضي ربط الأحداث، وتقلب السياسة وتلونها، فإن في هذا الزمن السياسة مضطربة لا تدري عن حيث شأنها، يوم شرق ويوما غربا ويوم شمال ويوما جنوبا، تتقلب هذه السياسة على قدر المخططين لها من المتنفذين بالعالم لأجل مصالحهم الخاصة.
فالسياسة الحكيمة ترصد كل الأمور، وتراعي كل الأحوال، وتضع للأمة السياسة الحكيمة تقيها الشر والفساد، وتخلصها من المتآمرين، وحسد الحاسدين، وحقد الحاقدين، ولهذا ولله الفضل بحسن سياسته الخارجية وقوتها وقدرتها جنبت البلاد المساوئ والأضرار.
كل ذلك من الحكمة والمصلحة، فإن السياسة في هذا اليوم متقلبة لا تستطيع أن تحكم عليها بجهة معينة؛ لأن أولئك لا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة، ولا يبالون بالخلق صلحوا أم فسدوا سفكت الدماء، ودمرت الممتلكات أم لا.
لا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة، فالسياسة الحكيمة ترصد كل الأحداث، وتراعي كل الأمور، وتضع النقاط على الحروف بما يحفظ الأمة كيانها وقدرتها وانتظام شأنها.
ومن حق الرعية على راعيها: أن يكون منع الظلم في كل الأحوال، فالظلم بلاء، الظلم ظلمات يوم القيامة، فالظلم لا خير فيه، فيجنبهم الظلم، ويجنبهم المشقة عليهم، يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا من ولي أمرا من أمر أمتي ففرق بهم فرفق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فشقق عليه".
أيُّها المسلم: وكل فرد منا راع على نفسه، يقول الله -جل وعلا-: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29].
ويقول جل وعلا: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195].
فأنت مؤتمن على نفسك، حمايتها وأن لا تتعدى عليها، وأن لا تكون سببا في إزهاقها، يقول صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا".
ومن حق الراعي على رعيته: أن تكون الرعية محمية لراعيها، ساعية الإصلاح، تمدوه بدعاء الله بالتوفيق والسداد، حريصة على الأمن والاستقرار والطمأنينة، بعيدا عن الفوضى والاضطرابات، تعلم أن الأمن والاستقرار من أجل نعم الله على العباد، وأن الفوضى والاضطرابات كلها شعارات جاهلية، ودعوات ضالة، تناور الإسلام وأهله.
هذه الفوضويات لا يرضى بها مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، لما فيها من الضرر والبلاء، وتدمير الأمة، وتفريق القلوب، وتدمير الممتلكات.
هذه الفوضويات والمظاهرات التي اجتاحت كثير من عالمنا الإسلامي عادة للأمة بالشر والبلاء -نسأل الله السلامة والعافية-.
أيُّها المسلم: الرجل راعي في بيته، ومسئول عن رعيته، نعم أنت راعي في بيتك، على زوجتك، على أولادك من بنين وبنات، وعلى من تحت من يده من الولاية من أخوات وإخوان صغار، وعلى خادم بيتك، أنت راع ومسئول عن رعيتك، مسئولا عنهم، فأنت أولا مأمور بأن تؤدب أبناءك الأدب الحسن بأن تربيهم على معرفة ربهم، ونبيهم ودينهم، على العقيدة الصافية، مأمور أنت بأن تحثهم على الأوامر الشرعية للقيام بها، يقول الله -جل وعلا-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طـه: 132].
ويقول الله عن إسماعيل -عليه السلام-: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [مريم: 55].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ".
مأمور الأب بأن يحثهم على آداب الإسلام، من رد السلام، وآداب المجلس، والبعد عن الضوضاء، واحترام الكبار، ورحمة الصغار، والتخلق بالأخلاق الكريمة، والبعد عن البذاءة والسباب والشتام، وتخلقهم بالأخلاق الفاضلة، مأمور بأن ينهاهم عن الأخلاق السيئة، مأمور بأن يراعي شأنهم، ويبحث عن جلساءهم، ومن يصاحبهم، ومن يخالطهم، فكم من شباب صالح خالط فئات منحرفة، فكان سيئا في أخلاقه، وفساد دينه، وسوء طويته.
فيا شباب الإسلام: اتقوا الله في أنفسكم، وراقبوا الله في أنفسكم.
ويا أيها الآباء: راقبوا أولادكم، وسألوهم عن سهراتهم الليلية في هذه الاستراحات وغيرها، من يجالسهم؟ من يصاحبهم؟ كم سهروا في الليل من ساعة؟ لماذا طال السهر في هذه الاستراحات؟ ماذا في داخلاه؟ هل خالطهم أصحاب سوء ودعاة فساد ومروجو مخدرات ودعاة الإجرام والفساد؟
حذروهم من هذا كل التحذير، راقبوا سلوكهم، راقبوا سهراتهم في الليل، اعلموا من جلسائهم، ومن يخالطهم، ومن يصاحبهم؛ لأنكم مؤتمنون عليهم، أنتم رعاة على أولادكم، فحققوا هذه الرعاية.
أيُّها المسلم: أنت راع على زوجتك، تؤدبها، وتحملها على الخير، وتعاشرها بالمعروف، وتكون معها على أحسن خلق، وأحسن حال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228].
أنت أيها الأب: راع على إخوانك القصر، في رعاية أموالهم، وأخلاقهم، وحقوقهم، والنظر في المصالح العامة، كل هذه من الرعاية المطلوبة شرعا.
المرأة المسلمة، راعية في بيت زوجها ومسئولية عن رعيتها، نعم ترعى أبنائها وبناتها، وتعين الأب على التربية والتوجيه، وكلما غفل الأب عن شيء، فإن الأم تقوم مقامه، فتوجه الأبناء والبنات توجيها سليما، ترشدهم على الخير، وتحثهم عليه، المرأة المسلمة في بيتها عونا لزوجها على بر أبويه، عونا لزوجها على صلة رحمه، عونا لزوجها على كل خلق كريم.
وبعض النساء، تفرق بينه وبين أبويه، وبينه وبين إخوانه وأخواته، وبينه وبين أرحامه، أما المرأة الطيبة، فهي امرأة صالحة، تؤلف، وتجمع، وتوفق، وتسعى في الخير جهدها، هذه المرأة الصالحة بركة على زوجها، وعلى بيتها، وعلى أولادها، وعلى الأسرة جميعا.
أيها الابن الكريم: أنت راع في مال أبيك ومسئول عن رعيتك، مال أبيك أمانة عندك، عندما يحملك أبوك مسئولية شيء من ماله، فأنت أمين على هذا البيت، وعلى رعيته، وعلى حفظه، وعلى القيام بالواجب فيه.
تعين أباك بأمانة وإخلاص وصدق، لا تخونه بشيء، وإنما تؤدي الأمانة على الوجه المطلوب.
تعين أباك على أداء الزكاة، على صلة الرحم، على إنفاقه على الأبناء والبنات بالخير، تحاول أبعاده عن البنوك الربوية والأعمال السيئة، تنقي ماله من كل معاملة ربوبية، من كل ظلم وغش وخداع وغرض؛ حتى يكون المال مالا طيبا، تعينه على الخير، وتساعده على الخير، هذه المصارف الإسلام كلها حق، وإذا قام الجميع كل بمسئوليته، صلح المجتمع واستقام.
ومن أعظم حقوق الراعي على رعيته: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية الأخلاق، والبعد عن كل رذيلة.
ومن حق الأبناء على أبيهم: أن ينأى بهم عن المواقع السيئة، ووسائل الإجرام التي تبث الشر والفساد، فإن هناك مواقع سيئة كانت سببا في إفساد الأخلاق، وتدمير الأخلاق والقيم، فليحذر أبناءه وبناته من هذه الوسائل، ويبين الشر الكامل فيها، ويحثهم على الصلاح والاستقامة، ويبين الضرر تلك الوسائل المفسدة، فإن إهمال الأبناء، يسمعون ويشهدون أمرا خطيرا.
فإن كثيرا من هذه المواقع يشاهد شبابنا فيها خلاعة، ومجونا، وانحرافا، وانحلالا من كل القيم والفضائل.
فالواجب على الآباء والأمهات تقوى الله، وحث الأبناء والبنات على البعد عن هذه المواقع، وتبين الأخطاء والأخطار التي تحدث بها، لعل الله أن يعيذهم من شر هذه المواقع، فإنها مواقع إباحية لا خير فيها.
أسأل الله لنا ولكم على الثبات على الحق، والاستقامة عليه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقولٌ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها المسلمون: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حقَّ التقوى، وحققوا الرعاية المطلوبة عليكم في أنفسكم، في مجتمعكم، لتكونوا أمة حقا أمة خير وهدى.
أيها القاضي: إنك راع في قضاء محكمتك، وفي مكان قضاءك، فاتقِ الله في الخصوم لديك، فإنهم رعية أمامك، اتقِ الله فيهم، واحكم بينهم في العدل: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى)[ص: 26].
أيُّها القاضي: اعدل في قضاءك، واتقِ الله في ذلك، وكن مستوفيا لجميع حيثيات الخصومة، لعلك أن توفق للحكم بينهم بالعدل، فذلك منفعة عظيمة.
أيُّها المعلم: اتقِ الله في أبناءنا، أيتها المعلمة: اتقِ الله في بناتنا، ربوا الأبناء والبنات تربية الإسلام الصحيحة، جنبوهم الأخلاق السيئة، لا يكون هم المعلم أن يؤدي وظيفته فقط، أو يؤدي ساعات العمل فقط؛ بل الواجب عليه أن يراعي القيم والأخلاق، وأن يتخذ من هذا التعليم وسيلة لبث الخير، والتحذير من السوء والفساد.
أيها المسئول في جميع دوائر الدولة: كل مسئول، الوزير مسئول في وزارته، والمدير في إداراته، وكل مسئول عن مهمته، التاجر في تجارته: كل مسئول عن مهمته، القيام بالواجب وعدم الضرر، فأرباب التجارة مسئولون عن اقتصاد الأمة، ورفع الأسعار على الأمة بما لا يقضي إلى ذلك؛ بل يجب أن يكون بيوعهم وتجاراتهم وأرباحهم أرباحا مناسبة، لا ظلم فيها على الآخرين، وإنما يجمعون بين الربح، وبين مراعاة مصالح الآخرين.
أيها الداعي إلى الله: كن أمينا في دعوتك إلى الله، فإنك راع في الدعوة، فادع إلى الله بحكمة وبصيرة وعلم ورفق، وادع إلى الله على حق لا على هوى وباطل، تجنب الدعوة الفاسدة، تكن دعوة صادقة خالصة بعيدة عن التشهير والأكاذيب والأباطيل؛ بل دعوة صادقة بنية خالصة، على بصيرة.
إمام المسجد: أنت مسئول عن جماعتك، وأنت راع عليهم، فإن أديت واجب الأمانة، وحافظت على مسجدك في أوقات الصلوات، من غير تضيع وإهمال، كنت مؤديا الأمانة، وإن تخلفت عن المسجد، أو وكلت الأمر المسجد إلى من ليس أهلاً له، كنت متحملا الأوزار والآثام، فاتقِ الله في مسئوليتك، وفي إمامتك، وفي أذانك، وراقب الله في كل أحوالك.
إن المسئولية عظيمة، كل منا مسئول، وكل فرد مسئول على قدر مكانته ومقامه، تضعف المسئولية أو تقل على قدر المسئولية، فكل من عظمت مسئوليته عظمت رعايته، وكل من خفت مسئوليته خفت رعايته، فلنتقِ الله في أنفسنا، ولنؤدِ الرعاية على الوجه المطلوب، لعل الله أن يوفقنا لعمل الصالح، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا -رحمكم الله- أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا -رحمكم الله- على عبد الله ورسوله محمد امتثال لأمر ربكم، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللَّهمَّ أمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.
اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبد الله بنَ عبدالعزيزِ لكل خير، اللَّهمّ وفقه للصواب وبارك له في عمره وعمله وألبسه ثوب الصحة والسلامة والعافية، وشد عضده بولي عهده سلمان بن عبد العزيز، وبارك له في أقواله وأعماله، والنائب الثاني ووفقه للصواب إنك على كل شيء قدير، اللَّهمّ وفقهم لكل خير، إنك على كل شيء قدير.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23].
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
عبادَ الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.