البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
العربية
المؤلف | عبد الله بن عبد العزيز التميمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
وبات الحسين وأصحابه ليلتهم يصلون ويدعون ويتضرعون. ولما صلى الحسين الصبح من يوم الجمعة يومَ عاشوراء أعطى الراية لأخيه العباس بن علي؛ ثم دخل خيمته فاغتسل وتطيب بالمسك ثم ركب فرسه وأخذ مصحفه فوضعه بين يديه؛ ثم رفع يديه ودعا عليهم وعلى من خانه من أهل الكوفة؛ وكان من دعائه –وهو موجود في كتب الشيعة-: اللهم إن متعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً؛ واجعلهم طرائق قدداً؛ ولا تُرْض الولاة عنهم أبداً؛ فإنهم دعونا لينصرونا؛ ثم عَدَوا علينا فقتلونا.
الخطبة الأولى:
لما مات معاوية -رضي الله عنه- في سنة ستين من الهجرة؛ بايع الناس ابنه يزيد بالملك لأن أباه كان قد عهد به إليه إلا نفراً يسيراً امتنعوا عن ذلك؛ منهم الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير؛ وكانا بالمدينة ففرا خفية في جنح الظلام إلى مكة.
وبلغ أهلَ العراق امتناعُ الحسين عن المبايعة؛ وكانوا لا يريدون بني أمية؛ بل يريدون علياً وأولاده؛ فأرسلوا كتباً ورسائل بلغت الخمسمائة؛ كلهم يدعوه فيها للخروج إلى العراق لمبايعته أميراً للمؤمنين ومؤازرته ونصرته، فأرسل ابنَ عمه مسلمَ بن عقيل بن أبي طالب ليستطلع الأمر ويقفَ على حقيقته.
ولما وصل مسلم إلى الكوفة تسامع الناس بخبر وصوله فجاؤوا يبايعونه على بيعة الحسين -رضي الله عنه-؛ حتى بلغ عددهم اثني عشر ألفاً؛ ثم تكاثروا حتى وصلوا ثمانية عشر ألفاً. وعندها كتب مسلم بن عقيل إلى الحسين يدعوه فيها للقدوم إلى العراق.
وبلغ الخبرُ يزيدَ بن معاوية فكتب إلى واليه على البصرة: عبيد الله بن زياد؛ يضم إليه الكوفة ويدعوه إلى معالجة الأمر.
ولما وصل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة بعث من يتحرى له الأخبار ويتقصّى الحقائق؛ فعلم أن الناس ينتظرون قدوم الحسين؛ وأن الرأس المدبر هو مسلم بن عقيل فطلبه. وعلم مسلم بمراد عبيد الله بن زياد فجمع معه أربعة آلاف؛ وحاصروا قصر عبيد الله بن زياد بالكوفة، فصار عبيد الله بن زياد يأمر أشراف القبائل ووجهاء الكوفة أن يخذّلوا الناس عنه؛ حتى كانت الأم تأتي إلى ابنها وتقول: ارجع؛ والناس يكفونك. ويأتي الأب إلى ابنه فيقول: إنه لا طاقة لك بجنود الشام لو أقبلت. فتخاذل الناس عنه حتى لم يبق معه إلا خمسمائة نفس؛ ثم نقصوا حتى الثلاثمائة؛ ولم يزالوا يرجعون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً؛ فصلى بهم المغرب؛ ولما أظلم الليل صار وحيداً؛ فصار يمشي متخفياً؛ لكنه لم يلبث أن ظفر به عبيد الله بن زياد وعزم على قتله.
ولما وُقف به -أعني: مسلم بن عقيل- بين يدي عبيد الله بن زياد؛ وعَلِمَ أنه قاتله؛ التفت في وجوه الحاضرين فوقع بصره على محمد بن الأشعث؛ فأوصاه أن يبعث إلى الحسين ليرجع؛ وقال مقولته المشهورة: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة؛ فإن أهل الكوفة قد كَذَبوك وكذبوني؛ وليس لكاذب رأي. ثم قُتل -رحمه الله- في يوم عرفة من سنة ستين للهجرة.
أما شأن الحسين؛ فإنه لما بلغته الرسالة الأولى من مسلم يدعوه فيها إلى العراق؛ عزم أمره وأجمع السير إلى هناك؛ وخرج من مكة يوم التروية -أي: قبل مقتل ابن عمه مسلمٍ بيوم واحد-.
ولما علم الصحابة بما أراده الحسين توافدوا عليه لثنيه عن وجهته؛ فكان ممن جاءه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وجابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة وغيرهم، بل إن عبد الله بن عمر لما بلغه مخرج الحسين لحق به على مسير ثلاثة أيام من مكة ونصحه بالعودة فقال له الحسين: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال ابن عمر: لا تأتهم؛ وإني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يُرِد الدنيا. وإنكم بَضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ والله لا يليها منكم أحد أبداً؛ وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم. فأبى الحسين أن يرجع؛ فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
وفي الطريق: وصل خبر مقتل مسلم بن عقيل إلى الحسين؛ فاسترجع وقال: لا خير في العيش بعده. وقيل: بل قال بعض من معه: إنك لست كمسلم بن عقيل؛ وإنك إن تقدم على أهل الكوفة يكونوا معك؛ وقيل: بل وثب إليه بعض إخوان مسلم بن عقيل وقالوا: لا نرجع حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا. وبكل حال؛ فقد أراد الله وقدّر أن يسير الحسين ولا يرجع؛ وتلك حكمة الله البالغة؛ لا راد لقضاء الله ولا معقب لحكمه.
وإذا أجرى الله قضاءً مفعولاً لا ينفع حذرُ
وأرسل عبيد الله بن زياد الحر بن يزيد الحنظلي في ألف مقاتل ليصدوا الحسين؛ فلقيه بالقادسية وطلب منه أن يغيّر وجهته فأبى؛ فصار الحر يعاكسه ويمانعه؛ حتى توقف الحسين بمن معه وكانوا قريباً من الستين؛ فسأل عن المكان الذي وقف فيه فقيل: كربلاء؛ فقال: كرب وبلاء. وأمر الحسين من معه أن يترووا من الماء ويسقوا خيلهم وخيل عدوهم؛ فلما حضرت الصلاة اجتمع الفريقان خلف الحسين فصلى بهم؛ ثم عاد كل فريق إلى موقعه. حتى جاء أربعة آلاف مقاتل من الكوفة بقيادة عمر بن سعد وصار هو أمير جيش الكوفة كله. فتقدم إلى الحسين وعرض عليه أن يسير به إلى عبيد الله بن زياد وينزل على حكمه؛ فأبى وعرض عليه أن يخلّي بينه وبين إحدى ثلاث خصال: إما أن يتركوه ليرجع إلى مكة؛ أو يفسحوا له الطريق ليخرج إلى ثغر من ثغور الإسلام فيرابط هناك؛ أو يسير إلى يزيد بن معاوية فيضع يده في يده. فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد بما عرضه الحسين؛ فقبل عبيد الله بن زياد بما يختاره الحسين من تلك الخلال؛ وكاد الأمر يتم؛ لولا أن قام الشقي شَمِر بن ذي الجوشن -وكان من جلساء ابن زياد- وقال: لا؛ حتى ينزل على حكمك. فاغترّ ابن زياد وقال: أجل. حتى ينزل على حكمي. ثم أرسله وقال: إن رضي عمر بهذا الرأي؛ وإلا فأنت القائد مكانه.
ثم إن الحسين وقف خطيباً في جيش ابن زياد وقال: راجعوا أنفسكم وحاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي وأنا ابن بنت نبيكم؟! وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري؛ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيّ وفي أخي الحسن: "هذان سيدا شباب أهل الجنة". فانضم إليه الحر بن يزيد الذي كان قائد الفرقة الأولى من الجيش؛ وانضم معه ثلاثون فارساً.
ثم رجع كلٌ مكانه؛ وفي يوم الخميس التاسع من المحرم وصل شَمِر بن ذي الجوشن برسالة ابن زياد إلى عمر بن سعد أمير الجيش؛ فلما صلوا العصر تقدم جيش الكوفة؛ فبلغ ذلك حسيناً وسأل عن سبب تقدمهم فجاء الجواب: أن الأمير رفض إجابته إلى ما طلب؛ وليس له إلا أن ينزل على حكم ابن زياد أو يقاتل. فقال: اتركوني هذه الليلة لأصلي لربي ولأنظر في أمري؛ فأجابوه إلى ما أراد.
فلما أظلم الليل خطب الحسين في أصحابه وقال: من أراد أن ينصرف إلى أهله في ليلته هذه فقد أذنت له؛ فإن القوم إنما يريدونني. فلم ينصرف عنه أحد وفدوه بالأنفس والأهل.
وبات الحسين وأصحابه ليلتهم يصلون ويدعون ويتضرعون. ولما صلى الحسين الصبح من يوم الجمعة يومَ عاشوراء أعطى الراية لأخيه العباس بن علي؛ ثم دخل خيمته فاغتسل وتطيب بالمسك ثم ركب فرسه وأخذ مصحفه فوضعه بين يديه؛ ثم رفع يديه ودعا عليهم وعلى من خانه من أهل الكوفة؛ وكان من دعائه –وهو موجود في كتب الشيعة-: اللهم إن متعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً؛ واجعلهم طرائق قدداً؛ ولا تُرْض الولاة عنهم أبداً؛ فإنهم دعونا لينصرونا؛ ثم عَدَوا علينا فقتلونا.
وبدأ القتال واستمر حتى الظهر؛ فقال الحسين: مروهم فليكفّوا عنا حتى نصلي الظهر؛ ثم صلى بأصحابه صلاة الخوف؛ والتحم الصفان من جديد وحمي الوطيس؛ وتكاثر جيش الكوفة حول الحسين؛ فصار هَمَّ أصحابه الدفاعُ عنه والموتُ دونه؛ حتى قُتلوا جميعاً وبقي الحسين وحده؛ وكان من القتلى ثلاثة وعشرون من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ منهم: إخوة الحسين: جعفر والعباس وأبو بكر وعثمان ومحمد –وهو غير ابن الحنفية-؛ وبنوه: عليٌّ الأكبر –وهو غير الأصغرِ زينِ العابدين- وعبد الله؛ وبنو أخيه الحسن: أبو بكر وعبد الله والقاسم.
وبقي الحسين وحيداً؛ ومكث من النهار طويلاً لا يأتيه رجل إلا رجع عنه مهابة أن يقتله وهو سبط النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وهو يردّ عن نفسه بشجاعة وبسالة؛ فصاح فيهم شَمِر بن ذي الجوشن -قبّحه الله-: ويحكم؛ أحيطوا به واقتلوه؛ فقتله سنان بن أنس النخعي وحزّ رأسه؛ وقيل: بل قتله شَمِرٌ بن ذي الجوشن.
وهكذا.. قُتل الحسين هذه القِتلة البشعة؛ وهو سبط النبي -صلى الله عليه وسلم- وريحانته؛ ومن أهل بيته وصحابته؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ والحمد لله على كل حال.
بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
عباد الله: إن لنا مع هذه الحادثة الأليمة وقفات:
الوقفة الأولى: إن قضاء الله نافذ؛ لا راد لقضاء الله؛ ولا معقب لحكمه؛ يفعل سبحانه ما يشاء ويحكم ما يريد؛ وله الحكمة البالغة والمشيئة النافذة.
الوقفة الثانية: لقد أثبت التاريخ -كما سمعتم- أن قتلة الحسين هم شيعته الذين دعوه إلى العراق ثم خذلوه وتخلّوا عنه؛ كما فعلوا بابن عمه مسلم بن عقيل؛ بل كان منهم من قاتله -رضي الله عنه- ووقف ضده في المعركة. ثم تأتي الرافضة بعد ذلك –الذين يسمّون أنفسهم بالشيعة- فيتهمون أهل السنة بقتله ويحمّلونهم الوزر والإثم.
ورضي الله عن الحسين وأبيه وسائر أهل البيت؛ فما خَبَر أحدٌ الشيعةَ كما خبرهم أهل البيت.. يقول علي -رضي الله عنه-: لو ميّزت شيعتي لما وجدتهم إلا واصفة؛ ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين؛ ولو تمحّصتهم لما خلص من الألف إلا واحد.
وقال الحسن عنهم لما تنازل لمعاوية: أرى والله معاوية خيراً لي من هؤلاء؛ يزعمون أنهم لي شيعة؛ ابتغوا قتلي وأخذوا مالي... والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلمًا.
ومرّ بنا دعاء الحسين عليهم؛ وقال لهم زين العابدين علي بن الحسين: هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق؛ ثم قاتلتموه وخذلتموه؟! وقال عنهم أيضاً: إن هؤلاء يبكون علينا، فمن قتلنا غيرهم؟! وكل هذه الأقوال تشهد بها كتب الشيعة أنفسهم.
الوقفة الثالثة: إن مقتل الحسين فاجعة من الفواجع ومصيبة من المصائب؛ وهو جرم عظيم وإثم كبير. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "لا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب؛ وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله". وقال في موضع آخر: "وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً".
وينبغي لكل من تذكّر هذه الرزية أن يسترجع استرجاع المؤمن عند المصائب؛ فالقلب يحزن؛ والعين تدمع؛ ولا ينطق اللسان إلا ما يرضي الله -جل وعلا-.
ولذا؛ لا تحلّ أفعال الرافضة في هذا اليوم من النياحة واللطم على الحسين؛ ولو زعم بعضهم أنه يكفّر بذلك خطيئة أجداده الذين خانوا الحسين؛ لأن النصوص جاءت عامة بالنهي عن النياحة على الميت؛ وعن لطم الخدود وشق الجيوب.
ثم إنه قد قُتل من هو خير من الحسين فلم يفعل معه الناس ما فعل الرافضة؛ فقد قُتل أبو الحسين عليٌ فجر الجمعة في السابع عشر من رمضان فلم يُتخذ يوم مقتله مأتماً؛ وقُتل عثمان؛ وقبله عمر؛ ومات الصديق؛ بل مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما مات الأنبياء والرسل قبله فلم تُتخذ أيام موتهم مآتم.
قال ابن رجب -رحمه الله-: "وأما اتخاذه -يعني: يوم عاشوراء- مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي فيه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم". اهـ.
الوقفة الرابعة: إن الموقف الحق من مقتل الحسين هو الموقف الوسط موقف أهل السنة والجماعة وهو: أن الحسين قُتل مظلوماً شهيداً؛ وكونه مظلوماً لأنه أراد الرجوع من حيث جاء فأبوه عليه إلا أن ينزل على حكم ابن زياد أو يقاتل.
ولم يكن -رضي الله عنه- خارجياً –كما تقول النواصب- ولا الإمام الذي تجب طاعته –كما تقول الرافضة-.
الوقفة الخامسة: لقد بالغ الرافضة في يوم مقتل الحسين الذي وافق يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة من الكذب الفاحش الذي لا يُصدّق: ككون الشمس كسفت يوم قتله حتى بدت النجوم، وما رُفع حجر إلا وجد تحته دماً، وأن أرجاء السماء احمرت، وأن الكواكب ضرب بعضها بعضاً، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه الدم، وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام، وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء.
الوقفة السادسة: إن صيام المسلمين ليوم عاشوراء لا علاقة له بمقتل الحسين أبداً، وإنما هو لما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟!"، فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية". وفي رواية: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
قال البيهقي -رحمه الله-: "وهذا فيمن صادف صومه وله سيئات يحتاج إلى ما يكفّرها، فإن صادف صومه وقد كُفّرت سيئاته بغيره انقلبت زيادة في درجاته".
ولفضل صوم عاشوراء فقد كان للسلف حرص كبير على إدراكه حتى كان بعضهم يصومه في السفر خشية فواته، كما نقله ابن رجب عن طائفة منهم ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي والزهري وقال: رمضان له عدة من أيام أخر، وعاشوراء يفوت. ونص أحمد على أن عاشوراء يصام في السفر. وإن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كان قد عزم على صيام التاسع؛ لكن الأجل وافاه قبل ذلك. تقبل الله من الجميع؛ وجمعنا بنبينا وآل بيته وصحابته في جنات النعيم.