البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

أنفلونزا الخنازير

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. حكمة الله في مخلوقاته .
  2. أرقام وتقارير وإحصائيات عن أضرار الإصابة بأنفلونزا الخنازير .
  3. بعض أزمات الدول الغربية .
  4. خفايا مخيفة عن الشركات الغربية .
  5. حاجة البشرية للإسلام .

اقتباس

الله -تعالى- له حكمة بالغة في خلق البشر، بالرغم من طبيعة الإفساد التي يمارسها الأكثرون، ولذلك عندما رد على تساؤل الملائكة لم يخاطبهم وإنما أخبرهم أنه سبحانه وتعالى يعلم ما لا يعلمون من المصالح والحكم: (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 30]. فمن هؤلاء البشر من يعمل الخير ويصلح ما يفسده المجرمون، ولن يكون كذلك إلا ب...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وأنا أستمع إلى أخبار ما يسمى بأنفلونزا الخنازير، وقبل ذلك أنفلونزا الطيور، وقبلها جنون البقر، وغيرها من اللأواء والأمراض؛ تذكرت قول الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة: 30].

فالله -تعالى- له حكمة بالغة في خلق البشر، بالرغم من طبيعة الإفساد التي يمارسها الأكثرون، ولذلك عندما رد على تساؤل الملائكة لم يخاطبهم وإنما أخبرهم أنه سبحانه وتعالى يعلم ما لا يعلمون من المصالح والحكم: (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 30].

فمن هؤلاء البشر من يعمل الخير ويصلح ما يفسده المجرمون، ولن يكون كذلك إلا بهداية إلهية، تجلت الملائكة عندما علم الله آدم الأسماء كلها، ثم أنبأ آدم الملائكة بأسمائهم، فقالوا: (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة: 32].

إن دين الاسلام الذي هو الدين عند الله، يثبت يوما بعد يوم، وحدثا بعد حدث، أن البشرية بدونه في خسر وضلال؛ لأنه الدين الوحيد الذي يضبط مصالح العباد ضبطا لا تشوبه الأهواء والأطماع.

معاشر الإخوة: ترجع أحداث هذا المرض الأخيرة إلى بداية شهر أبريل الماضي، حين أعلنت حكومة المكسيك عن إصابة أشخاص بأنفلونزا الخنازير، أكثر من ألف مصاب، وتضاربت الأعداد حول من مات بسبب المرض، وقد توقفت جميع أشكال الحياة في العاصمة المكسيكية، وهي واحدة من أكبر مدن العالم.

كما أغلقت المطاعم، ودور السينما، بل حتى الكنائس، وبقي ملايين الأشخاص داخل منازلهم.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلنت حالة الطوارئ، طوارئ صحية لمكافحة المرض، بعد التأكد من إصابة أربعين شخصا، في عدة ولايات.

في كندا أعلنت سلطات صحية إقليمية من رصد حالات إصابة المرض لطلاب سافروا للمكسيك في الآونة الأخيرة.

في نوزلوندا يخضع عشرة طلاب للفحص الطبي بعد ظهور أيضا أعراض أنفلونزا الخنازير.

أسبانيا بلغت الإصابات فيها ثلاث حالات، عادوا من زيارات المكسيك، وعليهم أعراض المرض.

انتقل المرض بعد ذلك لثلاثة وعشرين بلدا، منها: بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وهونج كونج، وكوريا الجنوبية.

الدول العربية: أعلنت وزارة الصحة المصرية في بيان لها أنها لم تسجل في البلاد أية إصابات للمرض، لكنها قررت قتل جميع الخنازير، وتعليبها وتبريدها احترازا من انتشار المرض.

علق الأردن أيضا استيراد منتجات الخنازير من الدول التي سجلت فيها الإصابات للأنفلونزا؛ كإجراء احترازي.

لن أتكلم عن الخنازير، وحرمة الأكل منها، إلى آخره...

شهد العالم من قبل -أيها الإخوة- وفاة أعداد كبيرة من البشر، بسبب فيروس انفلونزا الخنازير، عام 1968 تفشى فيروس انفلونزا الخنازير في هونج كونج، أدى إلى وفاة ما يقارب 750 شخصا في مختلف أنحاء العالم.

في عام 1976 أعلن في أمريكا عن انبعاث هذا المرض، وأعلن عن حالة وفاة واحدة في بلادهم، وتدافع ما يقارب الأربعين مليون أمريكي للاستجابة لنداء الوطن بضرورة تلقي اللقاح اللازم الذي هلك منه أيضا عشرات من الناس، من اللقاح نفسه.

في عام 1988 أصيبت سيدة أمريكية حاملة بالفيروس، وتلقت العلاج، ولكنها توفيت بعد أسبوع.

وقعت إصابات المرض عام 2005 أصيب 12 شخصا بالفيروس في الولايات المتحدة أيضا، ولكن لم تقع أي حالة وفاة.

في عام 2007 وردت أنباء عن إصابات بالفيروس في كل من أمريكا وأسبانيا.

الحاصل أن الأخبار كثيرة، ولكني كنت أتابع تقريرا أعدته شبكة الأخبار الحقيقية، حتى لا تسمى، هي مؤسسة عالمية لا ربحية ولا تتبع لأي دولة، ومهمتها كشف حقائق الأخبار التي قد تغيب عن الناس لأسباب سياسية، أو غيرها من الأسباب.

كنت أستمع وأنظر إلى تقرير حول هذا الموضوع ورد فيه: أن السلطات المكسيكية تتبعت الفيروس، حتى قررت أن مصدر انتشار الوباء هو مزرعة صناعية لإنتاج لحوم الخنازير، في وسط ولاية فيراكروز إحدى الولايات المكسيكية.

وقد صور التقرير حالة المزرعة التي انبعث منها المرض في مدينة من تلك الولاية، والتي كان سكانها أول الضحايا، ثلاثمائة مصاب.

ومزرعة الخنازير تلك تشغلها شركة اسمها جروند هاوس كارن، ضمن ستة عشر مزرعة خنازير، وتملك 50% من أسهم هذه الشركة شركة أمريكية عملاقة، وهي الشركة الأكبر في العالم لإنتاج لحوم الخنازير.

ومع ذلك فإن الحكومة المكسيكية الفيدرالية لم تلقِ باللائمة على تلك الشركة؛ لأن أحد من عمالها لم يصب بالفيروس، مع أن أول إصابة كانت من نصيب طفل صغير، يعيش ببيت لصيق بتلك المزرعة.

العجيب بالتقرير: أنه أشار بتحذيرات، بأن الوضع القائم بتلك المزارع تكررت مرارا منذ العام 2003، وعرض التقرير دعاية تحذيرية منذ عدة سنوات، حول حقيقة مزارع الخنازير الصناعية، وكيف أن الشركات الجشعة أرادت زيارة الإنتاج بأي صورة، ولم لم تتقيد بالضوابط الصحية، فخرجت من الولايات المتحدة أي تلك الشركة فرارا من النظام الرقابي، واتجهت لمزارع الخنازير في المكسيك، حيث الرقابة تشترى بسهولة، وكدست آلاف الخنازير في حظائر ذات مساحة ضيقة جدا جداً، كل حيوان ملتصق بالآخر، حتى أن الحيوان لا يستطيع أن يلتف بجسده من شدة الزحام، كلهم تحت سقف واحد، آلاف في جو حار لا يطاق، في تهوية سيئة.

ولكم أن تتخيلوا -أعزكم الله- القذارة المترتبة على ذلك، والأمراض الأكيدة.

فماذا فعلوا؟

قاموا بسكب كبسولات من المضادات الحيوية في غذاء الخنازير، حتى تصمد أمام الأمراض والأوبئة أطول فترة ممكنة، قبل ذبحها، وبيعها للناس.

ومع اعتياد الفيروسات التي تصاب بها الخنازير على تلك المضادات نشأ جيل من الفيروسات، يمتلك مناعة خاصة، ضد تلك المضادات، مما يجعلها فيروسات خطيرة وقاتلة.

وبدأت المراكز والمجلات العلمية الطبية تنشر مقالات دقيقة عن مخاطر الأمراض المتوقع انبعاثها من تلك المزارع الصناعية الحيوانية، منذ أكثر من ست سنوات، ولم يهتم بتلك المقالات، إلا بعد أن أصبح هذا النوع من الأمراض عالميا، تحركت من أجله منظمة الصحة العالمية، وأعلنت حالة الطوارئ في العالم.

وجاء في التقرير: أن في جسد الخنزير جزيئات بإمكانها استقبال واحتضان أكثر من نوع من أنواع الأنفلونزا، منها: أنفلونزا الإنسان، وأنفلونزا الطيور، وأنفلونزا الخاصة بالخنزير نفسه.

وبالتالي يمنح جسد الخنزير بيئة لاجتماع تلك الأنواع الثلاث من الفيروسات في مكان واحد، في جسد الخنزير -أجلكم الله-، وعبر اختلاط تلك الفيروسات، وتناقل الجينات بينها في جسد الخنزير تكونت فيروسات من نوع آخر متطور، وخطير جدا، وقابل الانتقال للإنسان.

وسبق أن غذوا الأبقار على أحشاء ولحوم أغنام مريضة بمرض الرجفان، فظهر مرض جنون البقر عام 1986، وما زالوا في إفسادهم.

هكذا -أيها الإخوة-: تثبت لنا الأيام كيف أن الغرب والشرق أصبح مصدرا للبلاء العالمي، المالي، والصحي، والاجتماعي، والسياسي.

فمن أزمة مالية، إلى أزمة نووية بيئية، إلى أزمة صحية إلى أزمة أمينية، الشرق والغرب مهما بلغ من مراتبه في التقدم الصناعي، فهما معوقان، أو فيما يتعلق بالمثل والقيم الإنسانية الطيبة.

في طبيعتهم إعاقة مستديمة تمنعهم من التحلي بالأخلاق الفاضلة، ومن أكبر أسباب تلك الإعاقة: الجشع والبعد عن منهج الله: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) [طـه: 123- 124].

في الثامن من شهر ديسمبر من العام 1993 وقع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع بعض دول أمريكا الجنوبية، ومن بينها المكسيك، وبناءً عليها تدحرجت على المكسيك الشركة الأمريكية العملاقة لإنتاج الخنازير.

وأصبحت المزارع المكسيكية ضعيفة في مقابل انتاج تلك الشركة العالمية، فما كان لأصحابها خيار إلا أن يبيعوا خنازيرهم عليها، وأصبحت تلك الشركة تنتج مليون خنزير في السنة، يعني ما يقارب 2800 خنزير في اليوم الواحد.

ولسنوات عديدة احتج السكان المحيطون بتلك المزارع على البيئة غير الصحية التي تشكلها تلك المزارع، ولكن لم تقترف السلطات المكسيكية باحتجاجهم وشكواهم.

في نهاية المطاف حدث ما نراه اليوم: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم: 41].

ولا يقف الأمر عند هذا الوباء، بل يتعداه إلى ما يكتشف بين الحين والآخر، في المأكولات، ومنتجات أخرى؛ كالملابس، ومواد التنظيف، وألعاب الأطفال، بل حتى الأدوية التي تنتجها الدول الصناعية لتبيعها على الدول المستهلكة، ما يكتشف فيها من المواد الضارة والسمية والمتسرطنة، ما الله به عليم.

على سبيل المثال: مونسانتو شركة أمريكية عملاقة تنتج 90% من الانتاج العالمي لبذور المحاصيل المعدلة وراثيا، بل إنها الشركة الرائدة عالميا في مجال الصناعة والزراعة.

الباحثة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الإنسان والبيئة "ماري روبن" تكشف خبايا هذه الشركة العملاقة ذات الروابط الاقتصادية والسياسية مع الكثير من دول العالم.

والتي تزعم أن الحبوب وغيرها من الحبوب المعدلة آمنة للاستخدام البشري، وآمنة بيئيا.

تبين الباحثة كيف يدخل مركب الديكسين في منتجات تلك الشركة بشكل رئيسي والديكسين مادة كيميائية سمية، مصائب هذه المادة لا تظهر عاجلا، وإنما ينمو أثرها السيئ في جسم الإنسان ذاته، على المدى البعيد، حتى يصبح مهددا بعدة أمراض خطيرة جدا؛ كالسرطان، والسكري، وضعف جهاز المناعة، وأضرار أخرى في الكبد والكليتين -حفظكم الله جميعا-.

وقد ألف العديد من المهتمين بهذا الموضوع مؤلفات تنذر بالمآلات الوخيمة لهذه المادة؛ ككتاب "مستقبلنا المسروق " للمؤلف كولبورن، وقد أضاف آل جور المرشح الأمريكي السابق المزيد من المعلومات لفداحة الانتاج العالمي الصناعي على صحة الإنسان والبيئة.

ومن قبل كتاب: "الربيع الصامت" لراشيل كارسون، وغيرها من المؤلفات.

الحاصل أن الأيام كما ذكرت آنفا، تثبت أن الإنسان من دون هداية ربانية سائر إلى الهلاك.

أسأل الله أن يحفظنا بحفظه ورعايته، وأستغفر الله، فاستغفروه إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن البشرية في حاجة ماسة إلى منهج ديني وسلوكي وأخلاقي يحكمها بقوة ليوقظها من الواقع الكئيب المليء بالمآسي، والتعدي والوحشية، واقع يرتع فيه البشر لقرون عديدة، يتخبطون فيه بلا منهج عادل، يتحركون فيه بحسب ما عندهم من قوة، القوي يعتدي على الضعيف، والغني يبني غناه على إفقار الفقير، والوجيه يجمع مالا، ويستخدم نفوذه ويحتال.

البشرية بحاجة إلى منهج يدلها على مصالحها بكل عدل، ويبعدها عن المفاسد بكل تجرد، ولن يكون منهجا كمنهج الكتاب والسنة أصفى ولا أنقى منه في تقديم هذا المنهج.

كيف لا ورب العالمين يقول لحامله: (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا * وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 80-81].

ويقول له ولقومه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].

أيها الإخوة: ليس بالضرورة أن يكون الواقع هو الشكل الأمثل للحياة المطلوبة مهما حصل من تقدم تكنولوجي، وغير ذلك؛ لأن المسلم يرتب أولوياته وقيمه على أساس ديني قبل الأساس المادي، وبالتالي ليس عصر الذرة الملفوف بالأضرار الجسيمة عصرا يفخر به، على العكس.

كما كانت عاد تظن ظنا جاهلا أن واقع حضارتها، حضارة: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: 7-8].

تظن أن واقعها أحسن واقعا، فتقول يوم ما: من أشد منا قوة؟

نقول أيضا لرواد حضارة اليوم: مهلا مهلا، ونقول لأنفسنا نحن المسلمين: هل نسعى لطرح البديل قولا وواقعا؟ هل نسعى إلى ذلك؟

نعم، إذا تمسكنا بكتاب لله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

أسأل الله أن يصلح الحال...