البحث

عبارات مقترحة:

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

بر الوالدين

العربية

المؤلف علي عبد الرحمن الحذيفي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. فضل الوالدين على الولد وعظم حقهما .
  2. فضل بر الوالدين .
  3. معنى بر الوالدين .
  4. خطر عقوق الوالدين .
  5. أصناف العقوق .
اهداف الخطبة
  1. ترغيب الناس في بر الوالدين
  2. تخويف الناس من عقوق الوالدين

اقتباس

ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو كان والداً أو غيره، والبر بركة ونماء، وزكاة وخير، وحسن عاقبة وسعادة وفلاح، وبر الوالدين يسري في الذرية والأجيال المتعاقبة، وصاحب البر قد شرح الله صدره ويسر أموره، ولطف به وفتح له أبواب الخيرات، وحفظه من المكروهات

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فأوصيكم معشر المسلمين ونفسي بتقوى الله سراً وعلانية؛ فهي وصية الله لعباده..قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء:131]، فمن تمسك بعروتها تولاه الله ورعاه وبلغه رضاه، وأصلح له دنياه وأخراه.

عباد الله: اذكروا نعم الله عليكم التي لا يحيط بها إلا المنعم الكريم -عز وجل-، واشكروه عليها بدوام الطاعات وهجر المحرمات، فقد بيَّن الله لكمُ الحقوقَ التي أوجبها عليكم لتفوزوا بثوابها، ولتنجوا من عقابها.. ومن أعظم الحقوق حق الرب -سبحانه وتعالى- بالعمل بتوحيده، وهجر الشرك به وبغضه والبراءة من أنواع هذا الشرك وأهله.

ثم بيان حق رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بمحبته وطاعة أمره وترك ما نهى عنه، وعبادة الله لشرعه مع الإخلاص والصدق واليقين فذلك هو الفوز المبين، وجعله قدوة لك -أيها المسلم- في كل شيء..قال -تعالى-: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) [الأحزاب:6]، وقال -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21]، ثم بيان حقوق الوالدين الذين جعلهما الله -سبحانه- سبباً لوجودك، وحنوَا عليك ورحماك من الطفولة إلى أن فارقتهما أو فارقاك.. تعباً لترتاح وجهِداً لتسعد، وسهِراً لتنام وآثراك لتهنأ بالمعيشة، ورعياك حال الضعف لتكمل، وسرَّيا عنك الهموم والأحزان لتفرح، وأعطياك المال لتغتني، ودفعاك للتعليم لترتقي درجات الخلق والدين، وهيئا لك الظروف والأجواء المناسبة بتوفيق الله -تعالى- ومعونته لتشق طريقك في الحياة ناجحاً مُجِدَّاً مُوَفقا؛ فما من خير يتمناه المرء لنفسه إلا والوالدان يتمنيان خيراً منه للولد، وما من شر يخافه الإنسان ويحذره على نفسه إلا سأل الله الوالدان أن يحفظَ الولد منه.

لهما الفضل بعد الله على الولد في كل شيء، ولا يقدر الولد أن يقوم بحق الوالدين على صفة الكمال مهما بذل من البر والإحسان في سبيل والديه، ولعِظم حقِّ الوالدين على الولد قَرن الربُّ حقه على الإنسان بحق الوالدين.. (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24]، وقال -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14]، وقال -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً..) [الأحقاف:15].

ولعظم حقوق الوالدين على الولد فمهما قام به الولد من البر فلن يوفي الوالدين حقوقهما الواجبة عليه؛ لما لهما من الفضل عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه " رواه مسلم، ومعنى:" لا يجزي ولد والداً -أي لا يقدر الولد على مكافأة الوالد إلا في حالة واحدة.. أن يجده مملوكاً فيعتقه من الرق.

وكما قرن الله -تعالى- بين حقه وحق الوالدين في كتابه، بيَّن ذلك رسولُه -صلى الله عليه وسلم- في سنته؛ فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله -تعالى-؟ قال: " الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: برُّ الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله " رواه البخاري ومسلم ، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: " يا رسولَ اللهِ من أحقُّ الناس بحسن صَحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك " رواه البخاري وسلم.

والوالدان سبب من أسباب دخول الجنة ببرهما؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " رَغِم أنفٌ ثم رغم أنف ثم رغم أنف مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة " رواه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه " رواه الترمذي، وقال: حديث حسنٌ صحيح.. يعني ضيِّعه  بالعقوق، أو احفظه بالبر..

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد " رواه الترمذي..

وعن عبد الله بن عمرو -أيضاً- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستأذنه في الجهاد، فقال: " أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد " رواه البخاري وسلم؛ أي قم بخدمتهما وطاعتهما ورعايتهما بدل الجهاد..

وعن ابن عمرَ -رضي الله عنهما- قال: " قال رجل: يارسول الله: إني أصبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال: هل لك من أمٍّ؟ قال: لا، قال: هل لك من خالة؟ قال:نعم، قال: فبرها " رواه الترمذي؛ لأن الخالة بمنزلة الأم.

والآيات والأحاديث في الأمر ببر الوالدين، وما أعد الله -تعالى- لصاحب البر في الجنة وما له في الدنيا من الثواب العاجل كثيرة جداً.

والبر هو طاعة الوالدين في الواجبات والمستحبات، واجتناب المحرمات والمكروهات، وإكرامهما وتكريمهما وإرضاؤهما دائماً، وإيثارهما وتقديمهما على النفس والأهل والولد، وإيناس وحشتهما وإدخال السرور عليهما دائماً، والإنفاق عليهما إذا كانا فقيرين، وإن كانا غنيين فببذل المال الذي يرضيهما، والهدية التي تتحفهما؛ لأن حق الوالدين في مال الولد أقله السدس، فليبذل لهما في غناهما من هذا السدس أو أكثر.

ومن أعظم البر بالوالدين سماع نصائحهما وإرشادهما لطاعة الله -تعالى- والابتعاد عما يكرهان ويحذران منه، فاستقامة الولد على الدين أعظم البر، ومن البر بهما كثرةُ الدعاء لهما والصدقة عنهما، والحج والعمرة بعد الموت، وصلة أصدقائهما بعد موتهما.. عن أبي أسيد الساعِديِّ أن رجلاً قال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: " نعم.. الصلاة عليهما؛ أي الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما " رواه أبو داود.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمارٌ يتروَّح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامةٌ يشد بها رأسه، فبينما هو يوماً على ذلك الحمار إذ مرَّ به أعرابي، فقال: ألست فلان ابن فلان؟ قال: بلى فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، والعمامة؟ قال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك.. أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك، والأعراب يكفيهم اليسير، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن من أبر البر صلةَ الرجل أهلَ ود أبيه بعد أن تولى"، وإن أباه كان وداً لعمر " رواه مسلم.

ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو كان والداً أو غيره، والبر بركة ونماء، وزكاة وخير، وحسن عاقبة وسعادة وفلاح، وبر الوالدين يسري في الذرية والأجيال المتعاقبة، وصاحب البر قد شرح الله صدره ويسر أموره، ولطف به وفتح له أبواب الخيرات، وحفظه من المكروهات.

وضدُّ البر العقوقُ وهو معصية الوالدين، وكما قرن الله حقه بحق الوالدين، كذلك قرن الشرك بالله -وهو أعظم معصية لله- قرنه بعقوق الوالدين، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس؛ أي اليمين الكاذبة " رواه البخاري، وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال:الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت " رواه البخاري ومسلم.

فانظر كيف قرن أعظم معصية لله بعقوق الوالدين لعظم جُرم العقوق، والعقوق معناه: هو معصية الوالدين وعدم طاعتهما، والاستخفاف بحقهما وترك رعايتهما، وعمل ما يغضبهما والاعتداء عليهما وظلمهما، والسطو على مالهما بغير رضاً منهما، وقطيعتهما وقلة الإحسان إليهما، وقطيعة أقاربهما وأصدقائهما، وعدم الدعاء لهما في الحياة أو بعد الممات، وعدم العمل بنصائحهما ونسيان فضلهما.

وأعظم العقوق الإعراض عن إرشادهما للولد إلى الصلاة وإلى الاستقامة، وإرشادهما الولد أن يبتعد عن ارتكاب ما نهيا عنه من المحرمات وجلساء السوء وفعل المنكر؛ فإن الوالدين يأمران بالخير وينهيان عن الشر -إذا كانا مسلمين- والعقوق شؤم وشر، وهلكة ومحق بركة، وتعسر في الأمور وعقوبات مؤلمة، وقد تسري إلى الذرية فيصيبهم شقاء، وقد يختم لصاحبه بسوء خاتمة..

رُويَ عن عبد الله بن أبي عوف -رضي الله عنه- قال: " كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتاه آتٍ، فقال: شاب يجود بنفسه، فقيل له: قل لا إله إلا الله، فلم يستطع، فقال: كان يصلي، فقال نعم، فنهض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهضنا معه ودخل على الشاب، فقال له: قل لا إله إلا الله، فقال: لا أستطيع، قال: كان يعق والدته، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيَّةٌ والدته؟ قال: ادعوها فدعوها فجاءت، فقال: هذا ابنك فقالت: نعم، فقال: أرأيت لو أُجِّجت نارٌ عظيمة ثم قذف فيها أكنتِ تشفعين له؟ قالت: نعم، فقال: أشهدي الله وأشهدينا أنك راضية عنه، فقالت: أشهد الله وأشهد رسوله أني راضية عن ابني، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا غلام قل لا إله إلا الله، فقال لا إله إلا الله وانطلق بها لسانه " رواه الطبراني.

فيا عباد الله: اتقوا الله -تعالى-.. يقول -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر: 18 – 19].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله.. الصادق الوعد الأمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون وربوا في نفوس أبنائكم وبناتكم حب الله -تعالى- وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- وطاعة الوالدين والتحذير من عقوق الوالدين؛ فإن عقوق الوالدين شرٌّ كبيرٌ للبنين والبنات..

وإن من الكبائر ومن العقوق ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- وقاله: أن يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، وأن يلعن أباه فيلعن أباه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- " لا يسب أحدكم والديه ولا يلعن أحدكم والديه، قالوا: يارسول الله.. كيف يسب الرجل والديه؟ قال يسب الرجل فيسب الرجل أباه ويسب أمه فيسب أمه، ويلعن أباه فيلعن أباه ويلعن أمه فيلعن أمه؛ فلا يكن سبب في ذلك ".

وإن من العقوق ياعباد الله: ترك برهما وعدم الاعتراف بفضلهما ومجازاتهما أن يتركهما الولد للجمعيات الخيرية أو دور العجزة ولا يسأل عنهما..

وإن وجود الوالدين في البيت وإن برهما في البيت وإن مجيء الأولاد وإقبالهما على الوالدين في البيت ذلك بركةٌ وخير، وإن هذا الرجل أو البنت العاقة للوالدين إذا أخرجا الوالدين أو أحدهما من البيت ونسياه وتركاه ولم يعطفا عليه ولم يرحما ضعفه فإن الله -تبارك وتعالى- يعاقبهما بنقيض قصدهما، فما من سبب أخرج الوالدين من البيت وأدخلاه إلى بيوت العجزة أو تركاه للجمعيات الخيرية أو للمحسنين فإن الله -تبارك وتعالى- يعاقب الولد بنقيض قصده في كل سببٍ فعله بوالديه..

فليتقِ الله في نفسه وليعملْ لآخرته وليحسنْ على نفسه..

وإن هذه عادة لم تكن في المسلمين، وإن المجتمع الإسلامي يجعل للكبير وللعاجز منزلةً عظيمةً ويجعل المجتمع يعطف عليه، ويزيد تقديرهما ويزيد محبة الوالدين كلما كبرا في السن وطال عمرهما.. فإن ذلك خيرٌ للبيت وخيرٌ للولد وخيرٌ للبنت؛ فاتقوا الله -أيها المسلمون- وأحسنوا إلى الضعفاء وأحسنوا إلى المساكين وأحسنوا إلى الوالدين.

عباد الله: أمركم الله بأمرٍ فقال -عز من قائل تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: " من صلى علي صلاةً واحدةً صلى الله بها عليه عشرا ".

فصلّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد وسلِّم تسليماً كثيرا.

اللهم وارض عن الصحابة أجمعين وعن خلفاء رسولك -صلى الله عليه وسلم- أجمعين، اللهم وارض عن خلفائه الراشدين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن العشرة المبشرين بالجنة، وعن سائر الصحابة وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وذريته إلى يوم الدين.

اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم أصلح لنا أمورنا يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا.. أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأعذنا من شر كل ذي شرٍّ يا رب العالمين..
اللهم أعذنا وذريتنا من إبليس وذريته وشياطينه يا رب العالمين، اللهم أعذ المسلمين من إبليس وذريته وشياطينه.

اللهم استعملنا في طاعاتك وجنبنا معاصيك..

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث.. أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

اللهم فقهنا والمسلمين في الدين، اللهم ثبتنا والمسلمين على دينك، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا يا رب العالمين..
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح اللهم ولاة أمورنا.

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وأعنه على الإصلاح يا رب العالمين، وأعنه على أمور الدنيا والدين فيما يرضيك يا أرحم الراحمين، اللهم أعنه على ما فيه الخير للإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم اجعله من الهداة المهتدين..

اللهم وفق نائبه لما تحب وترضى ولما فيه الخير للإسلام يا رب العالمين، اللهم وفق نائبه الثاني لما تحب وترضى ولما فيه الخير للإسلام والمسلمين إنك على كل شيء قدير.
اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خيرٌ لشعوبهم وأوطانهم.

(..رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]، عباد الله..(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90] (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل:91].

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، (ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).