البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

القادر

كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...

خطر المعاصي

العربية

المؤلف فهد بن عبد الرحمن العيبان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المهلكات
عناصر الخطبة
  1. خطر الذنوب والمعاصي .
  2. مفاسد الذنوب والمعاصي وعقوباتها .
  3. آثار الذنوب والمعاصي على الفرد .
  4. آثار الذنوب والمعاصي على الأمة .
  5. خطر الاستهانة بالمعصية .
  6. خطر المجاهرة بالمعصية .
  7. خطر عدم الإنكار على أهل الذنوب والمعاصي .

اقتباس

إنه لما طغت الماديات على كثير من الناس، وأشربوا حب الدنيا، غفلوا عن إدراك سنن الله الكونية، والنظر في آياته الشرعية، التي بينت كيف كان حال من قبلهم من الأمم، حين خالفوا أمر الله، وغفلوا كذلك عن إدراك أن ما أصابهم، وما قد يصيبهم من بلاء وشدة ونقص، إنما هو بسبب ذنوبهم، لذا لم يلتفتوا إلى محاسبة النفس، وكفها عن غيها، فانتشرت بذلك الفواحش، وكثرت المنكرات، واستبيحت المحرمات لغياب الرقيب، وضعف الإيمان في النفوس...

الخطبة الأولى:

أما بعد:

أيها المؤمنون: اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن تقوى الله هي الزاد ليوم الرحيل، وهي وصية الله لعباده أجمعين: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) [النساء:1].

عباد الله: إنه ما من شر وداء في الدنيا والآخرة إلا وسببه الذنوب والمعاصي.

تأمل -رعاك الله -كتاب ربنا -سبحانه- حين قص علينا ما حل بالأمم السابقة من أنواع العقوبات، جزاء معصية الله، ومخالفة أمره.

تأمل ما الذي أخرج الوالدين من الجنة، دار اللذة والنعيم إلى دار الآلام والأحزان؟.

وتأمل ما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه وبدله بالقرب بعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجنة ناراً، فهان على الله غاية الهوان، وحل عليه غضب الرب، فمقته أكبر المقت، كل هذا بمخالفة أمر الله، وارتكاب نهيه.

وتأمل ما حل بالأمم المخالفة لرسل ربها كيف كان عذاب الله لها أليماً شديداً.

انظر ما حل بقوم نوح من الغرق: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ) [الأعراف: 64].

وانظر ما حل بعاد قوم هود حيث سلط عليهم الريح العقيم: (مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذاريات: 42].

وانظر ما حل بقوم صالح -عليه السلام- حيث أرسل عليهم الصيحة: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [الأعراف: 78].

وانظر ما حل بقوم لوط حيث قلبت عليهم قراهم، وأمطروا حجارة من السماء: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [الأعراف: 84].

وانظر ما حل بفرعون وقومه حين كذبوا، وكذا ما حل ببني إسرائيل.

وهكذا تتوالي نذر الله على عباده الذين خالفوا أمره بأنواع العقوبات: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].

ما أهون الخلق على الله إذا هم خالفوا أمره، فكم أهلك من القرون بسبب عصيانهم وتكذيبهم.

أيها المؤمنون: المعاصي سبب كل عناء، وطريق كل شقاء، فما حلت بديار إلا أهلكتها، ولا فشت في مجتمعات إلا دمرتها، وما هلك من هلك إلا بالذنوب، وما نجا من نجا بعد رحمة الله إلا بالطاعة والتوبة.

وإن ما يصيب الناس من ضر وضيق في أبدانهم وذرياتهم وأرزاقهم وأوطانهم إنما هو بسبب معاصيهم وما كسبته أيديهم: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم: 41].

إنه لما طغت الماديات على كثير من الناس، وأشربوا حب الدنيا، غفلوا عن إدراك سنن الله الكونية والنظر في آياته الشرعية التي بينت كيف كان حال من قبلهم من الأمم حين خالفوا أمر الله، وغفلوا كذلك عن إدراك أن ما أصابهم وما قد يصيبهم من بلاء وشدة ونقص إنما هو بسبب ذنوبهم، لذا لم يلتفتوا إلى محاسبة النفس وكفها عن غيها، فانتشرت بذلك الفواحش، وكثرت المنكرات، واستبيحت المحرمات لغياب الرقيب، وضعف الإيمان في النفوس، وقلة الخوف من الله، والجهل به سبحانه، فهانوا بذلك على الله ولو عزوا عليه لعصمهم.

عباد الله: إن ضرر المعاصي وشؤمها عظيم، وخطير على الفرد والجماعات.

فأما أفراد الناس، فللمعصية أثر ظاهر لمن تأمل وأنار الله بصيرته، دل على ذلك النصوص الشرعية والواقع المشاهد.

فمن هذه الآثار:

حرمان العلم، فهو نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئه، قال مالك -رحمه الله- للشافعي لما رأى فطنته وذكاءه: "إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية".

ومن الآثار: حرمان الرزق، كما في الأثر: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"[أحمد].

ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه، بينه وبين الله، وبينه وبين الناس، وكلما قويت هذه الوحشة بعد عن مجالسة أهل الخير، وقرب من حزب الشيطان وأهله.

ومنها: تعسير الأمور، فكما أن من يتق الله يجعل له من أمره يسراً، فبخلافه من عصى الله.

ومنها: ظلمة يجدها العاصي في قلبه تقوى هذه الظلمة حتى تظهر على الوجه يراها كل أحد، قال ابن عباس: "إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر والقلب".

ومنها: حرمان الطاعة.

ومنها: أن المعصية تورث الذل، فأبى الله إلا أن يذل من عصاه: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)[فاطر: 10].

ومنها: سوء الخاتمة، فإن العبد قد تخونه جوارحه أحوج ما يكون إليها، وأعظم من ذلك أن يخونه قلبه ولسانه عند احتضاره وقرب وفاته.

وأما آثار الذنوب والمعاصي على الأمة بأجمعها، فكثيرة جداً، قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام: 44].

ومن هذه الآثار: أن الذنوب تزيل النعم بمختلف أنواعها، وتحل النقم والمحن، قال تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) [النحل: 112].

فكم أزالت الذنوب والمعاصي حين تنتشر في الأمة من الأموال والأرزاق، والأمن والعافية.

ومن ذلك: حبس القطر من السماء، قال: "ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا".

بل إن البهائم لتلعن عصاة بني آدم إذا أمسك المطر؛ أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة: أنه مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- بجنازة، فقال: "مستريح ومستراح منه" قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما المستريح؟ وما المستريح منه؟ فقال: "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب".

قال تعالى: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال: 52-53].

أيها المؤمنون: إن أثر الذنوب وخطرها ليعظم في حق المذنب، وفي حق عموم الأمة، حيث يقترن هذا الذنب بأمور، نذكر ثلاثة؛ منها.

أولاً: الاستهانة بالمعصية، وعدم استعظام الذنب، فإنه بقدر ما يصغر الذنب عند العاصي بقدر ما يعظم عند الله، قال ابن القيم -رحمه الله-: "فاستقلال العبد للمعصية عين الجرأة على الله، وجهل بقدر من عصاه، وبقدر حقه".

نعم؛ لأنه إذا استصغر المعصية هان أمرها، وخفت على قلبه، ولم يجد حرجاً الاستزادة منها.

إن استعظام الذنوب يولد عند صاحب الذنب الاستغفار والندم والتوبة، أما أولئك الذين يحتقرون الذنوب فإنهم وإن عزموا على التوبة كانت العزيمة باردة؛ لأن داعي التوبة ضعيف.

روى البخاري عن أنس قوله لأهل زمانه الذين هم من خير القرون: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من الموبقات".

وجاء عن حذيفة قال: "إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصير بها منافقاً، وإني لأسمعها من أحدكم في المجلس الواحد أربع مرات".

وإن المسلم ليتساءل: ماذا عسى هؤلاء أن يقولوا لو رأوا ما نحن فيه؟.

قال ابن مسعود مصوراً حال المؤمن وحال الفاجر: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فطار".

قال المحب الطبري -رحمه الله-: "وإنما كانت هذه صفة المؤمن لشدة خوفه من الله، ومن عقوبته وسخطه، والفاجر قليل المعرفة بالله، فلذلك قل خوفه من الله واستهان بالمعصية".

أخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه".

ثانياً: مما يعظم به أثر الذنوب وخطرها على الأمة: المجاهرة بها وإعلانها.

إن المجاهرة بالمعصية إثم كبير، ووزر عظيم، يترفع عنه المؤمنون بالله تعظيماً له، وإجلالا وخوفاً منه ورهبة، وطلباً للعفو والستر والمغفرة في الدنيا والآخرة، ولا يقدم على المجاهرة بالمعصية إلا كل جهول ضال عن سواء السبيل، لا يعرف لله قدراً قد خف خوف الله، والحياء منه من قلبه.

ولقد ذم الله الأمم الخالية ممن جاهر بالعصيان، وأمن مكر الله، فأخذهم الله على غرة، وهم في غيهم يعمهون.

وهكذا سنة الله فيمن عصاه، فإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى)[طه: 128].

(تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ) [الأعراف: 101].

قال بعض السلف: "بغت القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قوماً إلا عند سلوتهم ونعمتهم وعزتهم، فلا تغتروا بالله".

قال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين"[متفق عليه].

وإن المجاهرة بالمعصية تغري الغافل ومن في قلبه مرض على مجاراة العاصي، وتقليده في معصيته، فيكون قد جمع إلى معصيته معصية أخرى، وهي الدلالة على الضلالة، فيكون عليها وزرها ووزر من عمل بها.

ثالثاً: مما يعظم به خطر الذنوب على المجتمع: عدم الإنكار على أهل الذنوب والمعاصي، بل قد يتطرق ذلك إلى مجالستهم ومشاركتهم بالسكوت عنهم، وهذا من أسباب عموم العذاب واللعنة، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)المائدة: 78- 79].

ثم إن النجاة حين ينزل العذاب تكون للمصلحين: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) [الأعراف: 165].

والمتأمل في كتاب الله وسنة رسوله يجد أن سنة الله في هذا جلية واضحة، فإن الله قد نجى رسله أجمعين، لما نزل العذاب والعقاب، فإن الله يعذب من عصاه ومن سكت، وهو قادر على الإنكار؛ كما جاء في الحديث.

عن أبي بكر قال: سمعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب" وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ولا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب"[أبو داود وابن ماجة].

إن إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لحفظ المجتمع وصلاحه وفلاحه، وترك ذلك سبب في هلاكه وفساده ؛كما شبه ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسفينة حيث يتهاون أهلها في ردع من يريد خرقها؛ لأنهم سيغرقون جميعاً، وإن أخذوا على يده ومنعوه نجو جميعاً.

فأصحاب المنكرات اليوم يدقون بمعاولهم في مجتمع المسلمين، فالزاني، وتارك الصلاة، ومانع الزكاة، والمستهزئ بالدين، ودعاة السفور والفجور، وشياطين القنوات، وآكل الربا، وآكل أموال الناس بالباطل، وأصحاب الرشاوي، وغيرهم كثير، كل هؤلاء ينخرون في سفينة المجتمع، فإن لم يمنعوا وينكر عليهم صار العذاب عاماً، والعقوبة مطبقة.

قالت أم المؤمنين -رضي الله عنها-: "أنهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم-: "نعم إذا كثر الخبث".

وما أحسن ما قال الإمام الشوكاني -رحمه الله-: "اعلم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما من أعظم عُمُد الدين؛ لأن بهما حصول مصالح الدنيا والآخرة، فإن كانا قائمين قام بقيامهما سائر الأعمدة الدينية والدنيوية.

أما إذا كان هذان الركنان العظيمان غير قائمين إلا قياماً صورياً لا حقيقياً، فيالك من بدع تظهر، ومن منكرات تستبين، ومن معروف يستخفي، ومن جولان العصاة وأهل البدع تقوى وترتفع، ومن ظلمات بعضها فوق بعض تظهر في الناس، ومن هرج ومرج في العباد يبرز للعيان، وتقرّ به عين الشيطان، عند ذلك يكون المؤمن كالشاة العائرة، والعاصي كالذئب المفترس، وهذا بلا شك ولا ريب يمحو رسوم هذا الدين، وحينئذ يصير المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، ويعود الدين غريباً كما بدأ" ا. هـ.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...