الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد البصري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
بِالهِدَايَةِ امتَنَّ اللهُ عَلَى عَبدِهِ وَرَسُولِهِ مُحمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى الأَنبِيَاءِ مِن قَبلِهِ، وَبها امتَنَّ عَلَى سَائِرِ عِبَادِهِ، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)، وَقَالَ -سُبحَانَهُ- عَن إِبرَاهِيمَ -عَلَيهِ السَّلامُ-: (وَوَهَبنَا لَهُ إِسحَاقَ وَيَعقُوبَ كُلاًّ هَدَينَا وَنُوحًا هَدَينَا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحيَى وَعِيسَى وَإِليَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلنَا عَلَى العَالَمِينَ * وَمِن آبَائِهِم وَذُرِّيَّاتِهِم وَإِخوَانِهِم وَاجتَبَينَاهُم وَهَدَينَاهُم إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ).
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ:
فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (لِلَّذِينَ أَحسَنُوا في هَذِهِ الدُّنيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وَلَنِعمَ دَارُ المُتَّقِينَ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: نِعَمُ اللهِ عَلَى العِبَادِ كَثِيرَةٌ وَافِرَةٌ، لا تُحصَى ولا تُستَقصَى: (وَإِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، غَيرَ أَنَّهَ لَو طُلِبَ مِنَ النَّاسِ في هَذَا الزَّمَانِ، أَن يَعُدُّوا نِعَمَ اللهِ عَلَيهِم وَيَذكُرُوا أَحَبَّهَا إِلَيهِم، لَتَوَجَّهَت عُقُولُهُم إِلى النِّعَمِ المَادِّيَّةِ الدُّنيَوِيَّةِ، وَالَّتي وَإِن كَانَت في ذَاتِهَا مِنَحًا رَبَّانِيَّةً جَلِيلَةً، تَكمُلُ بِكَثِيرٍ مِنهَا حَيَاتُهُم في دُنيَاهُم، وَلا يُطِيقُونَ لها مَهمَا اجتَهَدُوا شُكرًا، إِلاَّ أَنَّها نِعَمٌ مُنقَطِعَةٌ بِانقِطَاعِ الحَيَاةِ، وَقَد تَكُونُ عَلَى بَعضِ النَّاسِ نِقَمًا وَشُؤمًا، وَقَد تَزُولُ وَصَاحِبُهَا حَيٌّ فَتُعقِبُهُ حَسرَةً وَأَلَمًا.
وَثَمَّةَ نِعمَةٌ غَالِيَةٌ عَالِيَةٌ، هِيَ أَعظَمُ النِّعَمِ وَأَجَلُّهَا، وَعَلَيهَا مَدَارُ فَلاحِ الإِنسَانِ وَفَوزِهِ مَتى وَجَدَهَا وَمُنِحَهَا، وَبِفَقدِهَا تَكُونُ خَيبَتُهُ وَخَسَارَتُهُ، وَلِعِظَمِ هَذِهِ النِّعمَةِ وَأَهَمِيَّتِهَا، كَانَت هِيَ الدَّعوَةَ الوَحِيدَةَ، الَّتي تَضَمَّنَتهَا أَعظَمُ سُورَةٍ في القُرآنِ، وَغَدَت هِيَ هَمَّ المُسلِمِ الَّذِي يَلهَجُ بِهِ في كُلِّ يَومٍ عِدَّةَ مَرَّاتٍ، لا تَقِلُّ عَن سَبعَ عَشرَةَ مَرَّةً لِمَنِ اقتَصَرَ عَلَى الفَرَائِضِ، وَتَصِلُ إِلى عَشَرَاتِ المَرَّاتِ لِمَن كَانَ مِن أَهلِ النَّوَافِلِ. أَتَدرُونَ مَا هَذِهِ النِّعمَةِ؟! إِنَّهَا نِعمَةُ الهِدَايَةِ لِلصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَالَّتي لا يَهَبُهَا إِلاَّ اللهُ بِفَضلِهِ وَرَحمَتِهِ، وَلا يُحرَمُهَا إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ، قَالَ -سُبحَانَهُ- لِنَبِيِّهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: (إِنَّكَ لا تَهدِي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ)، وَقَالَ -تَعَالى-: (مَن يَهدِ اللهُ فَهُوَ المُهتَدِي وَمَن يُضلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ).
بِالهِدَايَةِ امتَنَّ اللهُ عَلَى عَبدِهِ وَرَسُولِهِ مُحمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى الأَنبِيَاءِ مِن قَبلِهِ، وَبها امتَنَّ عَلَى سَائِرِ عِبَادِهِ، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)، وَقَالَ -سُبحَانَهُ- عَن إِبرَاهِيمَ -عَلَيهِ السَّلامُ-: (وَوَهَبنَا لَهُ إِسحَاقَ وَيَعقُوبَ كُلاًّ هَدَينَا وَنُوحًا هَدَينَا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحيَى وَعِيسَى وَإِليَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلنَا عَلَى العَالَمِينَ * وَمِن آبَائِهِم وَذُرِّيَّاتِهِم وَإِخوَانِهِم وَاجتَبَينَاهُم وَهَدَينَاهُم إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ). وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا-: (يَمُنُّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أَن هَدَاكُم لِلإِيمَانِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ).
أَجَلْ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- إِنَّ أَعظَمَ نِعمَةٍ يَمُنُّ بها الرَّبُّ -تَبَارَكَ وَتَعَالى- عَلَى عِبَادِهِ، هِيَ الهِدَايَةُ لِلدِّينِ القَوِيمِ وَالصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَلأَنَّ هَذِهِ الهِدَايَةَ دَرَجَاتٌ كَثِيرَةٌ وَمَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ، بَعضُهَا أَكمَلُ مِن بَعضٍ وَأَفضَلُ وَأَعلَى وَأَجَلُّ، كَانَ العَبدُ يَسأَلُ رَبَّهُ هَذِهِ الهِدَايَةَ في كُلِّ رَكعَةٍ مِن صَلاتِهِ، وَلَو كَانَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ في الإِسلامِ هُوَ نِهَايَةَ الهِدَايَةِ، لَمَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى العَبدِ تَكرَارُ هَذَا الدُّعَاءِ العَظِيمِ في كُلِّ يَومٍ عَشَرَاتِ المَرَّاتِ؛ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَختَلِفُونَ في قُربِهِم مِن رَبِّهِم وَحَظِّهِم مِنَ الهِدَايَةِ، فَمِنَهُم المُسلِمُ المُقتَصِرُ عَلَى الأَعمَالِ الظَّاهِرَةِ وَالأَركَانِ الوَاجِبَةِ، قَد سَلِمَ النَّاسُ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَمِنهُمُ المُؤمِنُ الَّذِي جَمَعَ حُسنَ العَمَلِ في الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ، وَجَمَعَ مَعَ الفَرَائِضِ النَّوَافِلَ وَاستَكمَلَ الفَضَائِلَ، وَأَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِم وَأَموَالِهِم، وَمِنهُمُ المُحسِنُ الَّذِي يَعبُدُ اللهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَيَعمَلُ في كُلِّ وَقتٍ مَا يَطلُبُهُ اللهُ وَيَرضَاهُ، وَفِيهِمُ المُهَاجِرُ الَّذِي هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ وَرَسُولُهُ، وَالمُجَاهِدُ الَّذِي يُجَاهِدُ نَفسَهُ عَلَى فِعلِ الخَيرِ وَتَركِ الشَّرِّ، وَمِنهُمُ الظَّالِمُ لِنَفسِهِ وَمِنهُمُ المُقتَصِدُ، وَمِنهُمُ السَّابِقُ بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ اللهِ.
أَجَلْ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، إِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ في حَظِّهِم مِنَ الهِدَايَةِ، بِحَسَبِ عَمَلِهِم بما يَعلَمُونَ، وَصَبرِهِم عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ وَدَعوَةِ غَيرِهِم إِلَيهِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ دُعَاؤُهُمُ المُتَكَرِّرُ الَّذِي لا يَنفَكُّونَ عَنهُ، أَن يَهدِيَهُمُ اللهُ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ المُنعَمِ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَأَن يُجَنِّبَهُم طَرِيقَ المَغضُوبِ عَلَيهِم، مِمَّن يَعلَمُونَ وَلا يَعمَلُونَ، وَسَبِيلَ الضَّالِّينَ الَّذِينَ يَعمَلُونَ بِلا عِلمٍ وَلا بَصِيرَةٍ.
وَكَمَا أَنَّ في تَكرَارِ الدُّعَاءِ بِالهِدَايَةِ إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ في كُلِّ رَكعَةٍ دَلِيلاً عَلَى أَهمِيَّةِ الهِدَايَةِ وَعِظَمِ أَمرِهَا، وَأَنَّهَا دَرَجَاتٌ وَالنَّاسُ فِيهَا مُتَفَاوِتُونَ، فَإِنَّ في ذَلِكَ أَيضًا إِشَارَةً بَيِّنَةً، إِلى أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَن قَد يَضِلُّ بَعدَ الهُدَى، وَمِنهُم مَن يَكتَفِي بِالقَلِيلِ مِنَ الخَيرِ وَيُحرَمُ الكَثِيرَ، وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ بِدَوَامِ الاتِّصَالِ بِهِ وَالاتِّكَالِ عَلَيهِ، وَتَوفِيقُهُ لَهُم وَتَسدِيدُهُ إِيَّاهُم وَإِعَانَتُهُم، مَا زَكَا مِنهُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعرِفُوا عِظَمَ حَاجَتِكُم إِلى الهِدَايَةِ، وَضَرُورَةَ تَزَوُّدِكُم مِنهَا وَالتَّرَقِّيَ في مَرَاتِبِهَا وَالثَّبَاتَ عَلَيهَا، وَاطلُبُوهَا مِن مَالِكِهَا وَمُعطِيهَا، القَائِلِ –سُبحَانَهُ-: (مَن يَهدِ اللهُ فَهُوَ المُهتَدِ * وَمَن يُضلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرشِدًا)، وَالقَائِلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَخَلِيلِهِ إِبرَاهِيمَ -عَلَيهِ السَّلامُ- لِقَومِهِ: (قَالَ أَفَرَأَيتُم مَا كُنتُم تَعبُدُونَ * أَنتُم وَآبَاؤُكُمُ الأَقدَمُونَ * فَإِنَّهُم عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهدِينِ)، وَالقَائِلِ -سُبحَانَهُ- في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: "يَا عِبَادِي: كُلُّكُم ضَالٌّ إِلاَّ مَن هَدَيتُهُ، فَاستَهدُوني أَهدِكُم". رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ، اللَّهُمَّ أَلهِمْنَا رُشدَنَا، وَأَعِذْنَا مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا، اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحسَنِ الأَعمَالِ وَأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ، وَقِنَا سَيِّئَ الأَعمَالِ وَسَيِّئَ الأَخلاقِ لا يَقِي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ.
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَوجِبِ مَا عَلَى المُسلِمِ المُرِيدِ نَجَاةَ نَفسِهِ وَفِكَاكَ رَقبَتِهِ مِنَ النَّارِ وَالفَوزَ بِالجَنَّةِ، وَمُصَاحَبَةَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ أَن يَصدُقَ رَبَّهُ في سُؤَالِ هَذِهِ النِّعمَةِ العَظِيمَةِ، وَيَلِجَ كُلَّ بَابٍ يُدرِكُ بِهِ هَذِهِ المِنَّةَ الجَسِيمَةَ، وَأَن يَغتَنِمَ كُلَّ فُرصَةٍ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ، وَيَتَعَرَّضَ لِنَفَحَاتِ المَولى في كُلِّ لَحظَةٍ، وَأَن يَحرِصَ عَلَى أَلاَّ يُغلِقَ أَيَّ بَابٍ يُفتَحُ لَهُ، فَيُحرَمَ مِن نَصِيبِ المُوَفَّقِينَ المَهدِيِّينَ.
أَجَلْ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- إِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَن يَصدُقَ لِيُصدَقَ، وَأَن يُجَاهِدَ لِيُهدَى، وَأَلاَّ يَصُدَّ فَيُزَاغَ قَلبُهُ، فَقَد قَالَ -جَلَّ وَعَلا-: (وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم)، وَقَالَ -تَعَالى-: (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهتَدَوا هُدًى وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيرٌ مَرَدًّا)، وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا- في أَصحَابِ الكَهفِ: (إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِم وَزِدنَاهُم هُدًى)، وَقَالَ -سُبحَانَهُ-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ)، وَقَالَ في المُقَابِلِ في المَحرُومِينَ: (وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُم وَأَبصَارَهُم كَمَا لم يُؤمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُم في طُغيَانِهِم يَعمَهُونَ)، وَقَالَ: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُم وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ).
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- وَاسأَلُوهُ الثَّبَاتَ وَالمَزِيدَ مِنَ الهِدَايَةِ، وَاحذَرُوا مِنَ الظُّلمَ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهِ، وَتَجَنَّبُوا الكَذِبَ وَإِيَّاكُم وَالشَّكَّ وَالرَّيبَ، وَاحذَرُوا النِّفَاقَ وَالفِسقَ وَالإِسرَافَ، فَإِنَّهَا مِن أَسبَابِ الحِرمَانِ مِنَ الهِدَايَةِ، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ)، وَقَالَ -تَعَالى-: (إِنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالمِينَ)، وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا-: (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ لا يَهدِيهِمُ اللهُ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وَقَالَ -سُبحَانَهُ-: (إِنَّ اللهَ لا يَهدِي مَن هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)، وقال: (إِنَّ اللهَ لا يَهدِي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذَّابٌ)، وقال: (إِنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ).