البحث

عبارات مقترحة:

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

شعبان وتقارير العباد

العربية

المؤلف حسان أحمد العماري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. كل أعمال بني آدم مكتوبة ومسجلة .
  2. مواقيت رفع الأعمال إلى الله تعالى .
  3. شعبان يُرفع فيه التقرير السنوي لأعمال العباد .
  4. الاستعداد للعبادة في شعبان .
  5. فضيلة ليلة النصف من شعبان .
  6. التحذير من بدع نصف شعبان .

اقتباس

وأما التقرير السنوي الختامي لأعمالك فإنه يرفع في هذا الشهر -شهر شعبان- الذي غفل الناس عن فضائله ومنحه وجوائزه الربانية، فقد شرع فيه جميع أعمال البر من الصدقة وقراءة القرآن والذكر والصيام، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر أيامه، وعندما سئل عن ذلك أخبر -عليه الصلاة والسلام- أنه شهر ترفع فيع الأعمال...

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضَّالون، ولحكمه خضع العباد أجمعون، لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون، لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب.

بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام، أحمدُهُ على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام، وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله الَّذِي لا تحيطُ به العقولُ والأوهام، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام، وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام، وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام، وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عباد الله: لقد جعل الله حياة الإنسان في هذا الكون تسير وفق نظام دقيق في جميع جوانبها، فالإنسان لم يخلق سدى ولم يترك عبثًا؛ قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون: 115، 116].

ولذلك فقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وأقام الحجة، وبيّن طريق الخير والفلاح، وحذّر من طريق الضلال والانحراف، وجعل لهذه الحياة نهاية ليكون بعدها الثواب والجزاء والحساب والعقاب والجنة والنار؛ قال تعالى: (وَاتّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].

وخلال مسيرة حياتنا هناك أعمال وتكاليف ربانية يجب على الفرد والمجتمع والأمة القيام بها، وهي تحصى علينا وتسجل في كتاب؛ قال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) [الكهف:49].

فكل شيء مسجل ومحسوب ويتم توثيقه في سجل لا يغير ولا يبدل ولا يزور؛ قال تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة:6]، وقال تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) [الإسراء: 13-14].

وقد وكل الله بكل إنسان ملكين من ملائكته؛ أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات؛ قال تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار: 10-12]، وهناك غيرهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار ليرفعوا تقارير للملك الجبار سبحانه عن أعمالنا صغيرها وكبيرها؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟! فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون". متفق عليه.

قال النووي: "ومعنى "يتعاقبون": تأتي طائفة بعد طائفة, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم, فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"..

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخمس كلمات، فقال: "إن الله -عز وجل- لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل...". رواه مسلم.

قال المناوي: "معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده، وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده؛ فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل". فيض القدير شرح الجامع الصغير (2/276).

حتى يوم الجمعة تشهده الملائكة ليكتبوا ويسجلوا الذين يحضرون المساجد للصلاة، بل يسجّلون متى حضر فلان؟! ومتى حضر فلان؟! وهناك من لا ينال هذا الشرف بتقصيره وتساهله، وانظروا عندما ترفع حافظة دوام حضور وانصراف الموظفين فيكتب كل واحد مجتهد وحريص على عمله لينال كلمة شكر أو ثناء من مديره، فكيف بمن يثني عليه الله -سبحانه وتعالى-!!

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ثم كالذي يهدي بقرة ثم كبشًا ثم دجاجة ثم بيضة، فإذا خرج الإمام -أي صعد المنبر ليخطب- طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر". البخاري 887.

أيها المؤمنون عباد الله: وترفع الأعمال إلى الله كل يوم اثنين وخميس من كل أسبوع؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: "تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرءًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا -أي: أخروا- هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا". مسلم.

وهذا بمثابة التقرير الأسبوعي عنك يا ابن آدم، فأين العمل وأين الحياء من الله؟! وأين المسابقة والمنافسة على الأعمال الصالحة؟! وصدق الله إذ يقول: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء: 47].

وأما التقرير السنوي الختامي لأعمالك فإنه يرفع في هذا الشهر -شهر شعبان- الذي غفل الناس عن فضائله ومنحه وجوائزه الربانية، فقد شرع فيه جميع أعمال البر من الصدقة وقراءة القرآن والذكر والصيام، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر أيامه، وعندما سئل عن ذلك أخبر -عليه الصلاة والسلام- أنه شهر ترفع فيع الأعمال؛ عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "شعبان بين رجب وشهر رمضان، تغفل الناس عنه، تُرْفع فيه أعمال العباد، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم". صحيح الجامع:3711.

فانظر وتأمل وفكر، كيف سترفع أعمالك؟! وهل هي أعمال ترفع الدرجات؟! أم أنها أعمال تستحي أن تعرضها على إنسان مثلك، فكيف برب الأرض والسماوات الذي خلقك ورزقك وأسبغ عليك نعمه الظاهرة والباطنة؟! هل هذا التقرير يؤهلك للنجاح والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة؟! أم أنها أعمال ظلمت فيها وقصّرت في العبادات وارتكبت المحرمات  وسفكت الدماء وناصرت الظلمة وأخذت حقوق العباد دون وجه حق، وكذبت وزوت وشهدت شهادة الزور وعققت والديك وقطعت رحمك... فإذا كنت كذلك فجدد العزم والتوبة النصوح، واستغل أيامك في طاعته سبحانه قبل أن تنزل بك السكرات، ويفاجئك الموت، وتنقطع الأسباب.

وها نحن في شهر شعبان، انطلق منه لحياة جديدة وعام جديد، وهو شهر يستعد فيه العباد لاستقبال شهر رمضان بتهيئة النفوس بالطاعات والعبادات؛ قال سلمة بن كهيل: "كان يقال: شهر شعبان شهر القرّاء". وقال أبو بكر البلخي: "شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع"، وقال أيضًا: "مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان، فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟!".

اللهم استعملنا في طاعتك، ووفقنا لعبادتك.

قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

عباد الله: في هذا الشهر ليلة عظيمة ينظر الحق -سبحانه وتعالى- إلى عباده، فيمُنّ عليهم بالغفران وتتنزل عليهم الرحمات، روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن". رواه ابن ماجه وحسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1144.

فالمغفرة والرحمة في هذه الليلة لجميع عباد الله المؤمنين الموحدين إلا من لم يحمل صفتين: الأولى خطرها عظيم على التوحيد والعقيدة -وهي الشرك-، وما أكثر الشرك في حياة المسلمين اليوم!! طواف حول القبور، وزيارة السحرة والمشعوذين، ولبس الطلاسم والحرزيات، والاعتقاد أن فلانًا من الناس يضر أو ينفع بقدرته، وهنالك من يدعو الأولياء ويطلب منهم قضاء الحوائج، وهناك الشرك الخفي -وهو الرياء في الأعمال والأقوال-، فمن كانت فيه خصلة من الشرك فليتب إلى الله حتى ينال المغفرة والرحمة في هذه الليلة المباركة.

وأما الصفة الثانية التي يحرم صاحبها من عفو الله ومغفرته في هذه الليلة فهي المشاحنة والمخاصمة والعداوة بين المسلمين، بين الآباء والأبناء، وبين الجيران والإخوان، وبين الأصحاب والأصدقاء، وبين القبائل والأحزاب والجماعات، فلماذا لا يعفو بعضنا عن بعض؟! ويسامح بعضنا بعضًا؟! ويتنازل بعضنا لبعض؟! ولنحذر من فساد ذات البين؛ عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟!"، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: إنها تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين". صحيح الألباني، غاية المرام 414.

ولنكن ممن قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].

والعفو خير ما ينفقه الإنسان ويتقرب به العباد؛ يقول تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 219]. ومن أراد أن يعفو الله عنه فليعفُ عن خلقه، فكم من خصومات بين الناس والأهل والجيران والإخوة!! وكم من قلوب ممتلئة على بعضها البعض بالحقد والغل والبغضاء والحسد!! فلماذا لا يسامح بعضنا بعضًا؟! فهل من عفو يبني به المؤمن عزًا ويرفع به قدرًا لنفسه في الدنيا والآخرة ويحفظ به سلامة مجتمعة وأمنه وازدهاره؟!  عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله". رواه مسلم.

لقد جاءتِ الآيات متضَافِرةً في ذكرِ الصفح والجمعِ بينه وبين العفو كما في قوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ) [المائدة:13]، وقوله: ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة:109]، وقوله سبحانه: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [التوبة:22].

ولنحذر من البدع التي ترتكب في ليلة النصف من شهر شعبان، مثل تخصيص ليلها بالقيام ونهارها بالصيام، فلا يجوز ذلك إلا لمن كان متعودًا على القيام باقي الأيام، أو كان محافظًا على صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهي أيام البيض، وليس هناك صلوات أو ركعات في هذه الليلة، ويكفي في هذه الليلة وقبلها أن تأتي بما افترض الله عليك من الطاعات والعبادات، وأن تبتعد عن الشرك بكل صوره، وأن لا تحمل في قلبك لإخوانك المسلمين حقدًا أو غشًا أو غلًا أو حسدًا.

فهل نستفيد من هذا الشهر ونستغل أوقاته بتصفية العقيدة والتوحيد الخالص لله!! ولنحافظ على العبادات ولنتزود من الطاعات، فرب معصية أورثت ذلاً، ورب طاعة بنت عزًا ورفعت قدرًا، ولنحذر من الشحناء والبغضاء، ولنصفِّ قلوبنا من الحقد والحسد، وليعفُ بعضنا عن بعض، ولنتراحم فيما بيننا.

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.