الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
العربية
المؤلف | رشيد بن إبراهيم بو عافية |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان - الأديان والفرق |
ولتحقيق هذه الغاية، تم تشكيل المنظمات الداخلية والخارجية, التي قامت بانتهاكاتٍ وفتنٍ وثوراتٍ وتفجيرات وأعمال عنفٍ في بعض البلدان العربية, كالكويت والسعودية ولبنان. وعقيدة تصدير الثورة الإيرانية نابعة من أمرين اثنين: النـزعة القومية الإيرانية المناكفة للعرب، والعقيدة الشيعية الإمامية، التي تعتبر أهلَ السنّة نواصب كفاراً ينبغي قتالهم وقتلهم...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون, وبعدله ضل الضَّالون, ولحكمه خضع العباد أجمعون, لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون، لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب, بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام.
أحمدُهُ -سبحانه- على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام, وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام, وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له, لا تحيطُ به العقولُ والأوهام, وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام, صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام, وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام, وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام, وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
معشر المؤمنين: حديثنا اليوم عن العقيدة الضالة لهؤلاء القوم, وكيف امتزجت لديهم بأطماع سياسية ثورية توسّعيّة, فجمعت بين الكفر والضلال الديني والظلم و التعسّف السياسي:
الصفوية يتبنّون عقيدة الشيعة الإمامية الاثني عشرية, وهذه الأخيرة -معشر المؤمنين- فرقة تمسكت بحق عليٍّ -رضي الله عنه- في وراثة الخلافة دون الشيخين وعثمان -رضي الله عنهما-, وقالوا باثني عشر إماماً دخل آخرُهُم السرداب بسامراء على حد زعمهم, والشيعة الرافضة هم القسيم المقابل لأهل السنة والجماعة في ذكرهم وآرائهم المتميزة, وهم يتطلعون لنشر أفكارهم ومذهبهم ليعم العالم الإسلامي.
وأما أئمّتهم الذين يعتقدون فيهم العصمة, فهم على النحو التالي:
1 - علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي يلقبونه بالمرتضى, رابع الخلفاء الراشدين, وصهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, وقد مات غيلة حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40 هـ.
2 - الحسن بن علي -رضي الله عنهما- ( ت 50 هـ ) ويلقبونه بالمجتبى.
3 - الحسين بن علي -رضي الله عنهما- ( ت 61 هـ ) ويلقبونه بالشهيد.
4- علي زين العابدين بن الحسين (80-122هـ ) ويلقبونه بالسَّجَّاد.
5- محمد الباقر بن علي زين العابدين ( ت 114 هـ ) ويلقبونه بالبَاقر.
6 - جعفر الصادق بن محمد الباقر ( ت 148هـ ) ويلقبونه بالصّادق.
7- موسى الكاظم بن جعفر الصادق ( ت 183هـ ) ويلقبونه بالكاظم.
8- علي الرضا بن موسى الكاظم ( ت 203 هـ ) ويلقبونه بالرّضي.
9- محمد الجواد بن علي الرضا ( 195-226هـ ) ويلقبونه بالتّقِي.
10- علي الهادي بن محمد الجواد ( 212-254هـ )ويلقبونه بالنّقِي.
11- الحسن العسكري بن علي الهادي ( 232-260هـ ) ويلقبونه بالزّكِي.
12- محمد المهدي بن الحسن العسكري ويلقبونه بالحجة القائم المنتَظَر.
هؤلاء القوم -معشر المؤمنين- يزعمون أن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بـ (سُرَّ مَنْ رَأى) أي سامراء ولم يعد!, وقد اختلفوا في سنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات, غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً, وأنه من اختراعات الشيعة ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم).
وينبغي أن نعلم -معشر المؤمنين- أن انتساب الشيعة لهؤلاء الأفاضل كانتساب اليهود لموسى -عليه السلام- وانتساب النصارى لعيسى -عليه السلام-, فموسى وعيسى -عليهما السلام- بريئان من اليهود والنصارى, وكذلك هؤلاء الفضلاء بريؤون من هؤلاء القوم!.
أيها الإخوة في الله: من شخصياتهم البارزة تاريخياَ عبد الله بن سبأ, وهو يهودي من اليمن, أظهر الإسلام ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة, وعدم الموت, وملك الأرض, والقدرة على أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق، والعلم بما لا يعلم أحد, وإثبات البداء والنسيان على الله -عز وجل- تعالى عما يقولون علواً كبيراً, وقد كان يقول في يهوديته بأن يوشع بن نون وصي موسى -عليه السلام- فقال في الإسلام بأن علياً وصي محمد -عليه الصلاة والسلام-, تنقـل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة وقال لعلي: "أنتَ أنت" أي أنت الله مما دفع علياً أن يهم بقتله, لكن عبد الله بن عباس نصحه أن لا يفعل, فنفاه إلى المدائن في العراق.
كذلك من شخصياتهم البارزة: منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588هـ صاحب كتاب (الاحتجاج) طبع في إيران سنة 1302هـ. والكُليني صاحب كتاب (الكافي) المطبوع في إيران سنة 1278هـ وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة, وفيه من الخرافات والأكاذيب الشيء الكثير.
ومن شخصياتهم الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفي سنة 1320هـ والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف, وهو صاحب كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب) يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه, ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الانشراح نقص عبارة (وجعلنا علياً صهرك), معاذ الله أن يكون ادعاؤهم هذا صحيحاً. وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289هـ.
أيضًا من شخصياتهم المعروفة: آية الله المامقاني صاحب كتاب (تنقيح المقال في أحوال الرجال) وهو لديهم إمام الجرح والتعديل, وفيه يطلق على أبي بكر وعمر لقب الجبت والطاغوت, انظر207-1-طبع 1352 بالمطبعة المرتضوية بالنجف.
كذلك أبو جعفر الطوسي صاحب كتاب (تهذيب الأحكام), ومحمد بن مرتضى المدعو ملا محسن الكاشي صاحب كتاب (الوافي) ومحمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب (وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة) ومحمد باقر بن الشيخ محمد تقي المعروف بالمجلسي صاحب كتاب (بحار الأنوار في كتاب النبي والأئمة الأطهار) وفتح الله الكاشاني صاحب كتاب (منهج الصادقين) وابن أبي الحديد صاحب كتاب (شرح نهج البلاغة).
ومن أشهر رجالهم المعاصرين الهالك الخميني: صاحب كتاب (الحكومة الإسلامية), وقائد الثورة الشيعية في إيران ومصدرها إلى العالم الإسلامي.
وهذه الفرقة التي تنتسب إليها الصفوية تنتشر الآن في إيران وترتكز فيها, ومنهم عدد كبير في العراق, ويمتد وجودهم إلى البحرين والكويت ولبنان والسعودية واليمن وأذربيجان. أما باقي الدول كباكستان و أفغانستان فهم أقليات صغيرة, و ليس لهم في المغرب العربي إلا أفراد.
وقد رأينا -معشر المؤمنين- في خطبة سابقة في هذه السلسلة المباركة كيف تقوم عقائد القوم على مجموعةٍ من الأفكار والطقوس والاعتقادات الشاذّة اليهودية والوثنية وشيء من الإسلامية المحرّفة التي أدخلت في العهود المختلفة, وهي بدون شكٍّ توقِع مَن يعتنقها بالكفر الواضح الصريح, جملةً وتفصيلاً!. وقد تحوّلت عند أتباع الشيعة الإمامية إلى عقائد لا تقبل عندهم المناقشة ولا إعمال العقل ولا التغيير ولا التبديل.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينصر الحق وأهله ويقمع الباطل ويخذله, ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضَى, أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
معشر المؤمنين: الصفوية فكرةٌ ومنهاج, ولذلك فهي لم تنته بوفاة الشاه اسماعيل الصفوي, ولا بسقوط دولته في القرن الثامن عشر الميلادي, وإنما بُعثَت من جديد في إيران منذ أن انتصرت الثورة الشيعية في إيران عام 1979م.
لقد صرّح زعماؤها وأولهم مرشد الثورة وزعيمها الخميني, بأنهم لن يقفوا في ثورتهم عند حدود إيران, بل سيعملون على نشرها في بلدان العالَمَيْن: العربيّ الإسلاميّ, وبخاصةٍ في العراق ودول الخليج العربيّ ولبنان, ورفعوا شعاراً علنياً هو شعار: (تصدير الثورة)، وأعلن الخميني ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته، أي بتاريخ 11-2-1980م، إذ قال: "إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم".
ولتحقيق هذه الغاية، تم تشكيل المنظمات الداخلية والخارجية, التي قامت بانتهاكاتٍ وفتنٍ وثوراتٍ وتفجيرات وأعمال عنفٍ في بعض البلدان العربية, كالكويت والسعودية ولبنان.
وعقيدة تصدير الثورة الإيرانية -معشر المؤمنين- نابعة من أمرين اثنين: النـزعة القومية الإيرانية المناكفة للعرب، والعقيدة الشيعية الإمامية، التي تعتبر أهلَ السنّة نواصب كفاراً ينبغي قتالهم وقتلهم، أو تغيير دينهم إلى الشيعة الإمامية.
معشر المؤمنين: الهوية الإسلامية المزيفة والقومية الفارسية والمذهبية الشيعية هذه المرتكزات هي التي تشكل مثلث المشروع الإيراني الفارسي المعاصر. هذه هي جذور الصفوية التي تشكل اليوم رأس حربة المشروع الإيراني الفارسي في منطقة الخليج والوطن العربي ككل.
فالتشيع الصفوي يختلف في توجهاته كثيرًا جدًّا عن التشيع العربي, والكل في ضلال, ولكن الضلال أصناف, وما يفعله الإيرانيون اليوم يماثل ما فعله الصفويون بالأمس, وهذا -معشر المؤمنين- يؤكد أنهم امتداد للصفويين القدامى, ولا أدل على ذلك من كون أهل السنة في إيران يواجهون أوضاعاً سيئة منذ قيام الثورة الخمينية بسجل حافل من الإعدامات والاعتقالات, خصوصاً أحواز عربستان.
كما أن ملالي إيران تحالفوا مع أميركا في العراق حتى انتشرت فرق الموت الإيرانية التي تقتل على الهوية، ما يعيد إلى الأذهان الحلف الصفوي البرتغالي ومراسلاتهم للبابا لمحاصرة الدولة العثمانية، وهو ما تم اليوم مع الأميركيين ضد العراق كإحدى الدول العربية الكبرى.
إن التشيع الصفوي -معشر المؤمنين- يُحاول أن يخفي نزعته الفارسية ومشروعه التوسّعي, ولكن ما كان خافيًا على الكثيرين صار اليوم معلومًا لا يخفى على أحد.
إذا علمنا هذا -معشر المؤمنين- استطعنا أن نفهم التحرُّكات الإيرانيَّة الإقليميَّة والدوليَّة, كما نفهَمُ التحرُّكات الإسرائيليَّة اليهوديَّة, تمامًا كما نفهَمُ التحرُّكات الأمريكيَّة, مع التحرُّكات الأوروبيَّة سواء, فكلٌّ منهم لدَيْه مشروعٌ استعماريٌّ توسُّعي، إمَّا على نِطاقٍ إقليمي أو على نِطاقٍ دولي.
ومن هنا -معشر المؤمنين- نستطيعُ أنْ نفهم التدخُّل السافر الفاجر من إيران وحزب الله, والحرس الثوري الإيراني, والجيش الإيراني, والميليشيات الإيرانيَّة, والإمدادات العسكريَّة واللوجستيَّة والأمنيَّة لتأييد الأتباع والعملاء في كثير من الدول العربية والإسلامية, كل هذا يدل على مضي الصفويين قدُمًا في تحقيق مشروعهم الثوري التوسّعي بما لا يدع مجالاً للشك.