البحث

عبارات مقترحة:

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

وقل جاء الحق وزهق الباطل

العربية

المؤلف عبد الله بن محمد البصري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. أهمية الدعوة إلى الله تعالى .
  2. وجوب التبليغ عن الله تعالى ولو بآية .
  3. مجيء الحق مزهق للباطل .
  4. من نعم الله على دين الإسلام .
  5. الدعوة حياة الأديان .
  6. أهمية مواجهة أهل الباطل .
  7. أهم المهمات إخراج الناس من الظلمات إلى النور .

اقتباس

.. وَمَن أَمْعَنَ النَّظَرَ عَلِمَ أَنَّ الدَّعوَةَ هِيَ حَيَاةُ الأَديَانِ، بَلْ هِيَ حَيَاةُ كُلِّ أَمرٍ عَامٍّ حَقًّا كَانَ أَم بَاطِلاً، وَإِنَّهُ مَا قَامَ دِينٌ وَلا انتَشَرَ مَذهَبٌ، وَلا ثَبَتَ مَبدَأٌ وَلا رَسَخَ أَصلٌ إِلاَّ بِالدَّعوَةِ، وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّهُ مَا تَدَاعَت أَركَانُ مِلَّةٍ بَعدَ قِيَامِهَا، وَلا دَرَسَت رُسُومُ طَرِيقَةٍ بَعدَ ارتِفَاعِ أَعلامِهَا، وَلا اندَكَّت حُصُونُ مَذهَبٍ بَعدَ إِحكَامِهَا، إِلا بِتَركِ الدَّعوَةِ وَالتَّفرِيطِ فِيهَا ..

 

 

 

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: وَكُلَّمَا بَعُدَ عَهدُ النَّاسِ بِالنُّبُوَّةِ وَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ كَانَ ذَلِكَ أَقرَبَ لِقَسوَةِ قُلُوبِهِم وَبُعدِهِم عَنِ الحَقِّ واستِنكَارِهِم لَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَدعَى لِلاهتِمَامِ بِدَعوَتِهِم إِلى اللهِ وَإِعَادَتِهِم إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَإِخرَاجِهِم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ وَإِنقَاذِهِم بِالهُدَى مِنَ الضَّلالَةِ.

وَتِلكَ وَظِيفَةُ رُسُلِ اللهِ وَأَنبِيَائِهِ مِن لَدُنْ نُوحٍ إِلى محمدٍ -عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- وَهِيَ وَظِيفَةُ أَتبَاعِهِم وَمُهِمَّةُ أَنصَارِهِم في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ.

وَإِذَا كَانَت هَذِهِ المُهِمَّةُ النَّبِيلَةُ وَالرِّسَالَةُ الجَلِيلَةُ تَتَرَدَّدُ بَينَ الوُجُوبِ الكِفَائِيِّ وَالوُجُوبِ العَينِيِّ بِحَسَبِ الأَحوَالِ وَالمُلابَسَاتِ - فَإِنَّهَا لم تَكُنْ في زمَنٍ ممَّا مَضَى أَوجَبَ وَلا آكَدَ وَلا أَهَمَّ مِنهَا اليَومَ، في هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي رَفَعَ فِيهِ البَاطِلُ عَقِيرَتَهُ دُونَ خَوفٍ وَلا حَيَاءٍ، وَأَطَلَّ الكُفرُ بِرَأسِهِ عَلَى المَلأِ بِلا وَجَلٍ وَلا تَسَتُّرٍ، وَاشْرَأَبَّ فِيهِ النِّفَاقُ وَتَكَلَّمَ الرُّوَيبِضَةُ، وَابتُلِيَ فِيهِ أَهلُ الحَقِّ وَعُودُوا وَطُورِدُوا، وَحُورِبُوا في عَقَائِدِهِم وَأَخلاقِهِم وَأُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم، وَضُيِّقَ عَلَيهِم في أَنفُسِهِم وَامتُحِنُوا في أَعرَاضِهِم، وَصَارَ لِدُعَاةِ جَهَنَّمَ مَنَابِرُ لا سُتُورَ عَلَيهَا ولا حُجُبَ دُونَهَا، يُنَادُونَ مِن فَوقِهَا بِأَعلَى أَصوَاتِهِم مُتَبَجِّحِينَ؛ لإِغوَاءِ مَن أَصَابَ وَإِضلالِ مَنِ اهتَدَى، آخِذِينَ بِمَنهَجِ إِمَامِهِم وَقَائِدِهِم الأَكبَرِ حَيثُ قَالَ : (لأَتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفرُوضًا * وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ).

وَمِن هُنَا -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- فَإِنَّ مِن وَاجِبِ الأُمَّةِ اليَومَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَرِجَالاً وَنِسَاءً، مُعَلِّمِينَ وَمُتَعَلِّمِينَ وَمُثَقَّفِينَ وَعَامَّةً، أَن يُبَلِّغُوا مِنَ الحَقِّ مَا يَعرِفُونَ، وَأَن يَقذِفُوا بِهِ في كُلِّ مَجمَعٍ عَلَى البَاطِلِ؛ لِيَدمَغَهُ وَيُزهِقَهُ، مُتَعَاوِنِينَ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، مُحتَسِبِينَ لِلأَجرِ مِن رَبِّهِم الأَعلى، جَاعِلِينَ نِبرَاسَهُم قَولَهُ -سُبحَانَهُ-: (وَمَن أَحسَنُ قَولاً ممَّن دَعَا إِلى اللهِ وَعَمِلَ صَالحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسلِمِينَ).

وَقَولَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً"، وَقَولَهُ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "فَوَاللهِ لأَن يَهدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ".

وَلَعَلَّهُم بِذَلِكَ أَن يَكُونُوا مِن خُلَفَاءِ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في رِسَالَتِهِ وَنُوَّابِهِ في مُهِمَّتِهِ؛ لِيَحظَوا مَعَ الشَّرَفِ العَظِيمِ بِالحَظِّ الوَافِرِ الَّذِي وَعَدَهُم بِهِ في قَولِهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "وَإِنَّ الأَنبِيَاءَ لم يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلمَ فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".

وَإِنَّ مِن فَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ وَحُسنِ تَدبِيرِهِ، أَنَّ مُجَرَّدَ مَجِيءِ الحَقِّ مُزهِقٌ لِلبَاطِلِ، وَارتِفَاعِ رَايَةِ الهُدَى مَاحِقٌ لِسَرَابِ الضَّلالِ، وَظُهُورِ نُورِ الإِسلامِ دَامِغٌ لِظُلُمَاتِ الكُفرِ، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَسَالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ في النَّارِ ابتِغَاءَ حِليَةٍ أَو مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثلُهُ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ في الأَرضِ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللهُ الأَمثَالَ)، وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا-: (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)، وَقَالَ -تَعَالى-: (بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيلُ مِمَّا تَصِفُونَ)، وَقَالَ -سُبحَانَهُ-: (قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ).

وَإِنَّ مِن حُسنِ تَقدِيرِهِ -تَعَالى- وَتَصرِيفِهِ أَنْ جَعَلَ لِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ طَائِفَةً قَائِمَةً عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ مَنصُورِينَ، لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم وَلا مَن خَالَفَهُم حَتى يَأتِيَ أَمرُ اللهِ وهم على ذلك، وَجَعَلَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِن هَذِهِ الطَّائِفَةِ مَن يُجَدِّدُ لها أَمرَ دِينِهَا عَلَى رَأسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ، وَجَعَلَ لِهَذَا الدِّينِ وَالعِلمِ مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولَهُ الَّذِينَ يَحمِلُونَهُ، فَيَنفُونَ عَنهُ تَحرِيفَ الغَالِينَ وَانتِحَالَ المُبطِلِينَ وَتَأوِيلَ الجَاهِلِينَ، وَلا يَتَوَلَّى قَومٌ ويُعرِضُونَ إِلاَّ وَكَّلَ اللهُ بِهِ قَومًا خَيرًا مِنهُم، وَلا ارتَدَّت عَنهُ طَائِفَةٌ على أَدبَارِهَا إِلاَّ استَبدَلَ اللهُ بها خَيرًا مِنهَا، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (وَإِن تَتَوَلَّوا يَستَبدِلْ قَومًا غَيرَكُم ثم لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم)، وَقَال -تَعَالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

وَمَن أَنعَمَ النَّظَرَ عَلِمَ أَنَّ الدَّعوَةَ هِيَ حَيَاةُ الأَديَانِ، بَلْ هِيَ حَيَاةُ كُلِّ أَمرٍ عَامٍّ حَقًّا كَانَ أَم بَاطِلاً، وَإِنَّهُ مَا قَامَ دِينٌ وَلا انتَشَرَ مَذهَبٌ، وَلا ثَبَتَ مَبدَأٌ وَلا رَسَخَ أَصلٌ إِلاَّ بِالدَّعوَةِ، وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّهُ مَا تَدَاعَت أَركَانُ مِلَّةٍ بَعدَ قِيَامِهَا، وَلا دَرَسَت رُسُومُ طَرِيقَةٍ بَعدَ ارتِفَاعِ أَعلامِهَا، وَلا اندَكَّت حُصُونُ مَذهَبٍ بَعدَ إِحكَامِهَا، إِلا بِتَركِ الدَّعوَةِ وَالتَّفرِيطِ فِيهَا.

وَهَا نَحنُ نَرَى عَلَى مَرِّ التَّأرِيخِ مَذَاهِبَ بَاطِلَةً نَمَت بِالدَّعوَة إليها، وَمَذَاهِبَ حَقٍّ تَضَاءَلَت وَضَعُفَت بِإِهمَالِ أهلِهَا لها وَتَقصِيرِهم فِيهَا وَتَفرِيطِهِم في أَمرِهَا، وَلَو كَانَ الحَقُّ يَقُومُ بِنَفسِهِ وَيَنتَشِرُ بِذَاتِهِ -لأَنَّهُ الحَقُّ- لَمَا كَانَت ثَمَّ حَاجَةٌ إِلى الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ، وَلَمَا امتُدِحَ وَرَثَتُهُم مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ وَالمُرشِدِينَ النَّاصِحِينَ.

وَإِنَّنَا في هَذِهِ البِلادِ -أَيُّهَا المُسلِمُون- لَعَلَى مَنهَجٍ عَظِيمٍ وَطَرِيقٍ مُستَقِيمٍ، يُطَبَّقُ فِيهِ الكِتَابُ وَيُعمَلُ فِيهِ بِالسُّنَّةِ، وَحَولَنَا وَمِن بَينِنَا عِصَابَاتٌ مُجرِمَةٌ وَشَرَاذِمُ آثِمَةٌ، تَتَرَبَّصُ بِنَا الدَّوَائِرَ وَتَبتَغِي لَنَا العَنَتَ وَالمَشَقَّةَ، وَتُرِيدُ لَنَا النُّكُوصَ عَلَى الأَعقَابِ بَعدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ؛ فَمَاذَا عَسَانَا فَاعِلِينَ؟ هَلْ سَنَتَجَاهَلُ أَمرَهُم وَنَتَهَاوَنُ بِكَيدِهِم حَتى يَغمُرَنَا طُوفَانُ الشَّرِّ وَيَجرِفَنَا سَيلُ الفَسَادِ، أَم نَصبِرُ وَنَحتَسِبُ وَنُضَاعِفُ الجُهُودَ وَنُوَحِّدُهَا لِنَنجُوَ وَنَسلَمَ؟

إِنَّهُ لَيسَ بَينَ اللهِ وَلا أَحَدٍ مِن خَلقِهِ نَسَبٌ وَلا وَاسِطَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ نَتَائِجُ مَربُوطَةٌ بِمُقَدِّمَاتِهَا، وَأَسبَابٌ لا تَتَخَلَّفُ مَسَبَّبَاتُهَا (وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)، (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)، (قُلْ لِلمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعرَابِ سَتُدعَونَ إِلى قَومٍ أُولي بَأسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُم أَو يُسلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤتِكُمُ اللهُ أَجرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوا كَمَا تَوَلَّيتُم مِن قَبلُ يُعَذِّبْكُم عَذَابًا أَلِيمًا).

وَلا صَلاحَ لأَمرِ البِلادِ وَالعِبَادِ إِلاَّ أَن يَكُونُوا مُصلِحِينَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرَى بِظُلمٍ وَأَهلُهَا مُصلِحُونَ).

وَالمُبَلِّغُونَ عَنِ اللهِ مُعَانُونَ مَنصُورُونَ مَعصُومُونَ ممَّن عَادَاهُم، قَالَ -سُبحَانَهُ-: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لم تَفعَلْ فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهدِي القَومَ الكَافِرِينَ).

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ -إِخوَةَ الإِسلامِ- وَلْنَكُنْ مِن أَتبَاعِ خَيرِ الخَلقِ القَائِلِ: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدعُو إِلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ).

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (وَلْتَكُنْ مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَـئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاختَلَفُوا مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسوَدَّت وُجُوهُهُم أَكفَرتُم بَعدَ إِيمَانِكُم فَذُوقُوا العَذَابَ بما كُنتُم تَكفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابيَضَّت وُجُوهُهُم فَفِي رَحمَةِ اللهِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ * تِلكَ آيَاتُ اللهِ نَتلُوهَا عَلَيكَ بِالحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلمًا لِلعَالمِينَ).

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية :

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ..

وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَهَمِّ المُهِمَّاتِ عَلَى المُسلِمِينَ أَن يُخرِجُوا النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذنِ رَبِّهِم، وَأَن يَهدُوهُم إِلى الحَقِّ المُبِينِ وَيَدُلُّوهُم عَلَى الخَيرِ، وَأَن يُخَلِّصُوهُم مِن عِبَادَةِ العِبَادِ إِلى عِبَادَةِ اللهِ، وَيَأخُذُوا بِأيدِهِم مِن ضِيقِ الدُّنيَا إِلى سَعَتِهَا، وَمِن جَورِ الأَديَانِ إِلى عَدلِ الإِسلامِ.

أَلا فَلْنَكُنْ عَلَى هَذَا الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَلْنَبقَ عَلَى هَذَا النَّهجِ القَوِيمِ، وَلْنُنقِذْ أَنفُسَنَا مِنَ الخَسَارَةِ الفَادِحَةِ، فَقَد قَالَ رَبُّنَا -سُبحَانَهُ-: (وَالعَصرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ).

مَن كَانَ مِنَّا ذَا عِلمٍ فَلْيَنْشُرْهُ، وَمَن كَانَ ذَا مَالٍ فَلْيُنفِقْ مِنهُ، وَمَن كَانَ ذَا جَاهٍ فَلْيَبذُلْهُ، وَمَكَاتِبُ الدَّعوَةِ وَجَمعِيَّاتُ القُرآنِ مُفَتَّحَةٌ أَبوَابُهَا وَاضِحَةٌ أَهدَافُهَا، وَإِذَا لم نَدعَمْهَا وَنَشُدَّ مِن أَزرِهَا - فَأَينَ سَيَنَالُ كَثِيرٌ مِنَّا فَضلَ الدَّعوَةِ إِلى اللهِ وَتَبلِيغِ دِينِهِ الحَقِّ؟، وَمَتى سَيُحَصِّلُ أَجرَ تَعلِيمِ القُرآنِ وَيَتَقَلَّدُ وِسَامَ الخَيرِيَّةِ؟.

فَلْنَتَعَاوَنْ عَلَى الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ وَإِقَامَةِ شَرعِ اللهِ، وَلْيَحمِلْ بَعضُنَا بَعضًا؛ فَلَعَّل اللهَ أَن يَرحَمَنَا بِذَلِكَ وَيَنصُرَنَا كَمَا وَعَدَنَا حَيثُ قَالَ -وَهُوَ لا يُخلِفُ المِيعَادَ-: (وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).