البحث

عبارات مقترحة:

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

محاربة الهيئة – إعصار الخليج

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. تربص المنافقين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه .
  2. الهجمة الشرسة على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
  3. التعليق على حادثة إلقاء رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على عصابة تهريب .
  4. خطر تصديق المتربصين بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
  5. بعض سمات المتربصين بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
  6. كل بني آدم خطَّاء .
  7. بعض محاسن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
  8. كارثة إعصار جونو المدمر .
  9. خطر التربص بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
  10. بعض عقوبات الذنوب والمعاصي .
  11. بعض الأعمال المشروعة عند حدوث الكوارث .

اقتباس

أيها الإخوة: إن فراسة المؤمن تأبى أن تنطلي عليها أراجيف المبطلين، إن المؤمن الفطن لا يكتفي بالتركيز على السطور كما يريد أولئك الكتاب، بل يقرأ ما بين السطور، بل وما خلف السطور. ولا يقف عند حد القضية ذاتها؛ كما يبتغيه المفسدون، بل يجاوزها إلى أفق أرحب بكثير، ومن ثم يدرك أن...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 -71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

لما مررت بالآية الكريمة في سورة التوبة التي تتحدث عن خلق من أخلاق المنافقين، وهو: خلق التربص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، والإفساد بينهم.

فالمنافقون يتربصون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الدوائر، ويتشوقون لأدنى أذى يحل به وبهم؛ كي يثيروا حولهم الشبهات والشكوك.

تلك الآية التي منها قوله تعالى: (ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)[التوبة: 47] أي سعوا بينكم للإفساد بما يخلقونه بالأكاذيب الموجبة لفساد ذات البين.

لما مررت بها، قلت: سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة!.

نعم قد يحمل المسلم ألوانا من صفات المنافقين، ومنها: هذه الصفة البغيضة.

هجمة شرسة على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ تتكرر بين حين وآخر؛ من أناس معروفين ببغضهم وعدائهم لكل من هو محافظ في هذه البلاد الطيبة.

وبعض وسائل الإعلام من قنوات وصحف ترحب بذلك الطرح الأسود، وتجعل من نفسها منبراً لهؤلاء المبغضين.

فما إن يحدث شيء ما؛ خطأ أو شبه خطأ، أو شبهة؛ تحتمل الخطأ من رجال الهيئة إلا قاموا من أماكنهم، في عرض البلاد وطولها، وتداعوا كالغربان: لقد وقعت الفريسة هلموا؛ فانهشوها! فينسجون حول الحادثة القصص تلو القصص، ويجزمون بصدق رواية كل من وافق أهواءهم، ولو كان من كان، ولا يتريثون، ولا يستوثقون، ولا ينتظرون نتائج التحقيق!.

لا! إنها اللحظة التي طالما كانوا لها بانتظار، والفرصة التي يترقبون سنوحها من زمان!.

وملخص الحادثة: أن مجموعة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن معهم من رجال الأمن قاموا بإلقاء القبض على شخص في منزل أسرته، في مدينة الرياض، واقتادوه ومن كانوا في المنزل إلى مركز الهيئة، لكنه توفي لاحقا.

فكانت هذه الحادثة لأولئك القوم كما يقال: "فرصة على طبق من ذهب".

وما همهم: أن الإمارة سمحت للهيئة بمداهمة المنزل، بعد أن وردت معلومات أكيدة عن قيام المتوفى وأخيه ببيع الخمور والمخدرات؛ بمنزلهما.

وما همهم: أنه بعد القبض عمن بداخل المنزل، وبعد تفتيشه ضبط الآتي: 38 قارورة خمر، بالإضافة إلى جالون سعة 40 لترا من الخمر، و2 أقراص قات يزن 380جرام و 147 حبة مخدر كابتجون، ورشاش كلاشنكوف، يحمل تصريح اسم صاحب المنزل، مع 70 طلقة حية، و22 طلقة مسدس حية.

ما همتهم كل هذه المعلومات! وما همهم تصريح معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم الغيث، في الصحف بأن موضوع مقتل أحد المواطنين لدى مداهمة هيئة الأمن أحد مروجي المخدرات، ما زال رهن التحقيق، وأن تفتيش المنزل تم حسب الأنظمة والتعليمات، وأن هذه الأمور تحكمها الإجراءات النظامية، والهيئة لن تستعجل في التصريح لأي وسيلة إعلامية إلا بعد انتهاء التحقيق، حتى تتضح الحقيقة، ومن أصاب يكافئ، ومن أخطأ يحاسب.

ما همهم هذا التصريح إطلاقا؛ لأن ما في جدول أعمالهم محسوم مسبقا، والموضوع في جدولهم ليس الحادثة بعينها، وإنما هو أشبه بتصفية حسابات.

وواصلوا إثارة الموضوع؛ واستحضروا قصصا أخرى هنا وهناك، ونفخوا في هذا الموضوع، كل ذلك من أجل تشويه صورة الهيئة وإسقاطها.

والخطورة في الأمر -أيها المؤمنون-: هو أن كثيرا من الناس يصدقون ويتفاعلون مع كلامهم تماما؛ كما حذرت تلك الآية في سورة التوبة بعبارة: (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ)[التوبة: 47] أي فيكم من يسمع كلامهم، ويقبل قولهم.

أيها الإخوة: إن فراسة المؤمن تأبى أن تنطلي عليها أراجيف المبطلين، إن المؤمن الفطن لا يكتفي بالتركيز على السطور كما يريد أولئك الكتاب، بل يقرأ ما بين السطور، بل وما خلف السطور.

ولا يقف عند حد القضية ذاتها؛ كما يبتغيه المفسدون، بل يجاوزها إلى أفق أرحب بكثير، ومن ثم يدرك أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن النفس ليس بغريب.

فهؤلاء الذين يصطادون في الماء العكر، ويحاربون رجال الحسبة؛ هم أنفسهم الذين طعنوا في القضاء والقضاة من قبل.

وهم الذين يحاربون مناهج التربية الإسلامية في المدارس، وهم الذين يعادون الدعاة والمصلحين، وهم الذين ينتقدون الحجاب ويحاربونه، وهم أنفسهم الذي يطالبون بخروج المرأة من بيتها، وإقحامها في جميع المحافل المختلطة.

وهم الذين يثيرون قضية قيادتها للسيارة، وهم الذي يهزؤون بشرط المحرم في سفر المرأة، وهم الذين ينادون بالسماح بدور السينما في بلاد الحرمين، وهم الذي يلمحون بضرورة الاختلاط.

والهيئة بلا شك خصم لهم في هذه القضايا كلها، ولذلك فإن من أبعاد تلك القضية، والتي تغيب عن الكدر أنها في الأصل حرب، حرب طويلة بين محبي الإباحية والسفور والتحرر، وبين محبي التدين والفضيلة والعفاف، وأنصاره وحماته.

وما هذه الحادثة إلا واحدة من معارك تلك الحرب الطويلة، نعم لسنا بهذه السذاجة، بل ينبغي أن تكون الصورة واضحة لدينا، وأن لا ننخدع، فنكون سماعيين لهم.

أيها الإخوة: نحن نخطئ وكل الناس يخطئون، لا أولئك الناس الذين من طبيعة أعمالهم مراقبة الناس، ومواجهتهم، وضبط سلوكهم.

فرجال المرور يخطئون، يخطئون كثيرا في سلوكهم، في تقديرهم، في تعاملهم مع الناس، ورجال الجوازات يخطئون، ورجال الجمارك يخطئون، ورجال الشرطة كذلك يخطئون، ورجال بقية الخدمات الأخرى يخطئون، ورجال الهيئة لا يختلفون عنهم، بل هو كحال أولئك ليسوا معصومين هم أيضا يخطئون.

ونحن نريد جميعا التقليل من هذه الأخطاء قدر المستطاع، وندرك أن مفسدة الخطأ في أداء النهي عن المنكر، لا تعد شيئا في مقابل مصلحة قيام هذه الفريضة، وإعدادها؛ لأن في إعدادها إعزازا لحدود الله، وتعظيما لحرماته.

لكن الشيء الغريب: أنه بالغرب من أن العاملين في تلك الجهات الرسمية الأخرى يخطئون، كما تقدم إلا أنك لا ترى تركيزا، ولا تسليطا للضوء على أخطائهم، من أولئك الأدعياء المرجفين، ولا تضخيما لأخطائهم، ولا نفخا فيها، ولا نسجا للأساطير والحكايات ذات العلاقة بها، لا تراه في أي من تلك القطاعات أو الجهات؛ كما تراه عندما يكون الشأن شأن الهيئة: لماذا؟ حفاظا على العدالة أم حبا للوطن كما يردده أولئك المبطلون؟

وهذا ما جعل الشيخ إبراهيم الغيث يصرح بمرارة قائلا: "إن الخطأ إذا وقع من رجال الهيئة تم تضخيمه وتعظيمه في وسائل الإعلام، فالمفروض أن نزن الأمور بميزان العدل، وهذا ما تدعو له حكومتنا الرشيدة بأن يكون هناك عدل بين الإعلام وبين الأجهزة الحكومية، وكلها تخدم المجتمع" انتهى كلامه.

أيها الإخوة: إن من نعم الله على هذه البلاد الطيبة: أن حباها بالحرمين، وجعلها بالنسبة لغيرها من البلاد آخر معقل للفضيلة، وما والله أسبغت عليها تلك النعم إلا باحترام الدين، والزجر عن محارم الله، وحفظ حدوده، إلى حد كبير.

وما فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ما زال لها من خلال الهيئة أثرا ملموسا على حماية الفضيلة، ومنع المجاهرة بكثير من المعاصي، إلا سببا شرعيا رئيسا من أسباب الأمن من الفتن والكوارث، بل والأمن من اللعن، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة: 78-79].

قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"[أخرجه الترمذي].

فهؤلاء المحاربون للهيئة هم في حقيقة الأمر محاربون لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ثم هم كالسوس الخبيث الذي ينخر في أمن البلاد وبركتها، ويجلب لها المصائب والكوارث، وهو ما ينقلنا إلى موضوعنا الثاني.

نسأل الله السلامة من كل سوء، وأن يرد كيد المبطلين في نحورهم، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

وأستغفر الله، فاستغفروه إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا كثيرا، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

أما بعد:

فيسود العالم اليوم كوارث مهلكة، وحوادث مفزعة، وأمراض مستعصية، وحروبا مدمرة؛ تتابع كل يوم وعام، لا يهدأ ضجيجها، ولا يخمد لهيبها، ولا ينتهي مسلسلها -إلا أن يشاء الله العزيز الحكيم-.

كلما عولجت منها كارثة ظهرت ثانية، وكلما أخمدت محنة صارت ثالثة، وها هي بعض الدول المجاورة لنا في الشرق، هذه الأيام تفجع بمحنة جديدة، وكارثة عظيمة لإعصار جونو المدمر، المصحوب بالرياح العاتية، والأمواج العالية، والأمطار والفيضانات، مع ما خلفه من أضرار وأثار ودمار على الدول التي مر بها هذه الأيام حتى الآن -نسأل الله دفعه عنا وعن المسلمين-.

فينبغي على المسلمين جميعا: أن يتفكروا في هذه الأحداث، ويعيدوا النظر في مجموعها، ويعتبروا بالمحن المتتابعة التي تتعرض لها البشرية كل يوم في أنحاء المعمورة.

فالمسلم ليس كغيره من البشر، هو يعبد ربا واحدا، مدبرا حكيما، في قضائه وتقديره، وأخذه وعطائه، يبتلي عباده بالسراء والضراء، ويرسل من الآيات والعبر ما يؤدب به المجرمين، ويطمئن به المؤمنين، وهو ذكر للجميع.

والمسلم فوق هذا وذاك مأمور بالاستقامة، وترك الغفلة والمعصية، والتقلل من الدنيا، والاستعداد للآخرة، وأخذ العبر والدروس من أحوال الأمم والشعوب، لكن للأسف ما أكثر العبر، وما  أقل الاعتبار.

فأولئك القوم الجاهلون يحاربون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإعصار على الأبواب!.

أيها الإخوة: في كل عام، بل في كل يوم يحدث الله –تعالى- لعباده شيئا من هذه الآيات الكونية، والكوارث العظيمة المهلكة، التي إنما تحدث لقدرة الله –تعالى- ومشيئته: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) [طـه: 113].

سيرجعون إلى الله -تعالى- ويتوبون، ويَصلحون ويُصلحون، ثم لا تحرك في أكثرهم ساكنة، وكأن الأمر لا يعنيهم: (أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة: 126].

ألا ما أشد قسوة القلوب -إلا من رحم الله-، وغفلة العباد عن آيات الله وقدرته -إلا من عافاه الله-.

إن المعاصي سبب رئيسي من أسباب الكوارث والمحن، وما عداها من الأسباب أسباب تبعية طبيعية، وما حلت المعاصي، وجهر بها في ديار إلا أهلكتها وأضعفتها تلك المعاصي.

وما فشت في مجتمعات إلا أشقتها، وسلبت بركة أموالها، وما أهلك الله أمة من الأمم إلا بذنب ومعصية، وما نجا من نجى وفاز من فاز، إلا بتوبة وإنابة واستقامة على أمر الله -سبحانه-.

نعم -إخوة الإسلام-: إنها حقيقة ثابتة، وقاعدة مكررة في كتاب الله –تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والله -عز وجل- هو مسبب الأسباب، ومقدر الأمور على ما يشاء ويختار، وقد قال مذكرا ومحذرا: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].

فعلى المسلم: إذا رأى مثل هذه الأحداث المهلكة: أن يرجع إلى الله –تعالى-، وأن يفزع إليه بالأعمال الصالحة، ويحذر من الغفلة عن الله -تعالى-، ويكثر من العبادة والاستغفار، والذكر والصدقة، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) [الأنعام: 42] يرجعون، ويتوبون، وينيبون، ويدعون الله -عز وجل-.

في صحيح مسلم تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا عصفت الريح، قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به"  كم منا يحفظ هذا الحديث؟!

وقالت: إذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سُرِّيَ عَنْهُ فعرفت ذلك في وجهه، قالت فسألته، فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الأحقاف: 24].

أسأل الله -تعالى- أن يقي بلادنا وبلاد المسلمين جميعا من الكوارث والمحن والفتن.