البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

لا إله إلا الله

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم الحمد
القسم كتب وأبحاث
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات العبادات - شهادة أن لا إله إلا الله
لا إله إلا الله : في هذه الرسالة بيان معنى لا إله إلا الله، أركانها، فضائلها، هل يكفي مجرد النطق بها ؟ شروطها.

التفاصيل

لا إله إلا الله المقدمة معنى: لا إله إلا الله أركان:لا إله إلا الله فضائل:لا إله إلا الله ( ) شروط لا إله إلا الله ( )  لا إله إلا اللهتأليف الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد المقدمةإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله_صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً_. أما بعد:فإن كلمة التوحيد_لا إله إلا الله_هي أساس الدين، وحصنه الحصين، وطريقه القويم، وصراطه المستقيم. ولهذه الكلمة المكانةُ العظمى في دين الإسلام؛ فهي أول ركن من أركان الإسلام، وأعلى شعبة من شعب الإيمان، وهي أول واجب على المكلف، وآخر واجب عليه، وقبول الأعمال متوقف على النطق بها، والعمل بمقتضاها. وفيما يلي من صفحات سيكون الحديث عن هذه الكلمة وذلك من خلال الوقفات التالية:- معنى لا إله إلا الله.       - أركانها. - فضائلها.- هل يكفي مجرد النطق بها ؟        - شروطها. فما كان في ذلك من حق فهو محض فضل الله_عز وجل_وما كان فيه من باطل فمن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم. محمد بن إبراهيم الحمدالزلفي: ص.ب: 460www.toislam.net معنى: لا إله إلا اللهأما معناها الحق الذي لا ينبغي العدول عنه فهو:لا معبود حق إلا الله. ولا يجوز لنا أن نقول:إن معناها لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله، أو لا موجود إلا الله، وذلك لأمور منها:1_أن كلمة =إله+ عند العرب فِعالٌ بمعنى مفعول، كغِراس بمعنى مغروس، وفِراش بمعنى مفروش، وكتاب بمعنى مكتوب؛ فإله:فِعال بمعنى مفعول:أي مألوه، والتأله في لغة العرب معناه التنسك والتعبد، فمعنى مألوه:معبود ومنه قول رؤبة بن العجاج:لله در الغانيات المده                   سبحن واسترجعن من تألهي ( ) وقد سمَّت العرب الشمس لما عبدوها إلهةً، وقالت مية بنت أم عتبة ابن الحرث:تروَّحنا من اللعباء عصراً                   فأعجلنا الإلهة أن تؤوبا ( ) 2_أن كفار قريش والمشركين في الجاهلية لا ينكرون أنه لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله، قال_تعالى_في شأنهم:[وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] (لقمان:25) . وأشعارهم مليئة بالإقرار بهذا الأمر، أعني توحيد الربوبية، ومن ذلك قول زهير ابن أبي سلمى:فلا تكتُمُن الله ما في نفوسكم                    ليخفي ومهما يكتم الله يعلميُؤخر فيُوضَعْ في كتاب فيُدَّخَر                   ليوم الحساب أو يعجل فينتقم ( ) ومنه قول حاتم الطائي:أما والذي لا يعلم السر غيره                   ويحيي العظام البيض وهي رميم ( ) 3_أن كفار قريش لما قال لهم الرسول" =قولوا:لا إله إلا الله+ قالوا كما أخبر الله_تعالى_عنهم [أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ] (ص:5) . فما الذي فهمه كفار قريش عندما أمرهم النبي"أن يقولوا لا إله إلا الله ؟ هل فهموا من لا إله إلا الله أن معناها لا خالق أو لا قادر على الاختراع إلا الله ؟. الجواب لا؛ لأنهم لا ينكرون ذلك، إنما أنكروا أن تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له، إذاً فمعنى لا إله إلا الله:لا معبود حق إلا الله، وتُقَدَّر كلمة =حق+ لأن المعبودات كثيرة، ولكن المعبود الحق هو الله وحده لا شريك له. قال_تعالى_:[ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ] (الحج:62) .  أركان:لا إله إلا اللهللشهادة ركنان:1_نفي في قوله (لا إله) . 2_إثبات في قوله (إلا الله) . فـ: (لا إله) نفت الألوهية عن كل ما سوى الله، و: (إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له. وهذا الأسلوب يعرف بأسلوب القصر، وهو أسلوب عربي معروف، وجملة القصر في قوة جملتين، إحداهما مثبتة، والأخرى منفية. وهذا الأسلوب من أقوى الأساليب التي يؤتى بها لتمكين الكلام وتقريره في الذهن؛ لدفع ما فيه من إنكار أو شك. وطريقُ القصر في كلمة التوحيد:النفي والاستثناء. ولا إله إلا الله في قوة قوله_تعالى_ [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] (الفاتحة:5)، وقوله:[قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا] (الملك:29) . فطريق القصر في الآيتين تقديم ما حقه التأخير؛ ففي آية الفاتحة قدم المفعول به (إياك) على الفعل (نعبد) . وفي آية الملك قدم الجار والمجرور (وعليه) على الفعل (توكلنا) .هل يكفي مجرد النطق بـ:لا إله إلا الله ( ) كما مر بنا أن معنى الشهادة هو لا معبود حق إلا الله، فلا يعبد إلا الله، ولا يجوز أن يُصرف أيُّ نوع من أنواع العبادة لغير الله؛ فمن قال هذه الكلمة عالماً بمعناها، عاملاً بمقتضاها؛ من نفي الشرك، وإثبات الوحدانية، مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل به ؟ فهو المسلم حقاً، ومن عمل بها من غير اعتقاد فهو المنافق، ومن عمل بخلافها من الشرك فهو المشرك الكافر وإن قالها بلسانه.  فضائل:لا إله إلا الله ( ) لقد اجتمع لكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكثرة فضائلها كثرت أسماؤها، وما ذلك إلا لعظم ما تحمله تلك الكلمة في طياتها من عمق في المعنى والمدلول، فشأنها عظيم، ونفعها عميم، وفضائلها يقصر دونها الحصر والعد. غير أن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها، عاملاً بمقتضاها. وفيما يلي ذكر لبعض ما هو مثبوت في كتب أهل العلم في فضل تلك الكلمة، وبيان أهميتها. 1_أنها أعظم نعمة أنعم الله بها_عز وجل_على عباده؛ حيث هداهم إليها؛ ولهذا ذكرها في سورة النحل، التي هي سورة النِّعم، فقدمها على كل نعمة فقال:[يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ] (النحل:2) . 2_وهي العروة الوثقى:[....فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] (البقرة:256) . قاله سعيد بن جبير والضحاك. 3_وهي العهد الذي ذكره الله_عز وجل_إذ يقول:[لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً] (مريم:87) . قال ابن عباس_رضي الله عنهما_: =العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة إلا بالله، ولا يرجو إلا الله_عز وجل_+ ( ) . 4_وهي الحسنى التي ذكرها الله في قوله:[فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى] (الليل:5_7) . قاله أبو عبدالرحمن السلمي، والضحاك عن ابن عباس_رضي الله عنهما_ ( ) . 5_وهي كلمة الحق كما في قوله_تعالى_:[إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (الزخرف:86) . 6_وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله في قوله:[وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا] (الفتح:26) . 7_وهي القول الثابت، قال_تعالى_:[يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ] (إبراهيم:27) . 8_وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلاً في قوله_تعالى_:[أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ] (إبراهيم:24) . فأصلها ثابت في قلب المؤمن، وفرعها_في العمل الصالح_صاعدٌ إلى الله_عز وجل_. فالكلمة الطيبة هي كلمة الإخلاص والشجرة الطيبة هي النخلة. وقد شبه الله_سبحانه وتعالى_كلمة الإخلاص بالنخلة لأمور منها:أ_ أن النخلة لابد لها من ثلاثة أشياء:عرقٍ راسخ، وأصلٍ قائم، وفرعٍ عالٍ. كذلك الإيمان لابد له من ثلاثة أشياء:تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ب_ أن النخلة لا تنبت في كل أرض، كذلك كلمة التوحيد لا تستقر في كل قلب، بل في قلب المؤمن فقط. ج_ أن النخلة عرقها ثابت بالأرض، وفرعها مرتفع، كذلك كلمة التوحيد أصلُها ثابت في قلب المؤمن، فإذا تكلم بها وعمل بمقتضاها عرجت فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله_عز وجل_. قال_تعالى_:[إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ] (فاطر:10) . د_ أن النخلة يؤكل ثمرها ليلاً ونهارهاً، صيفاً وشتاءً، إما تمراً، أو بسراً، أو رطباً. كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار، وآخره، وبركة إيمانه لا تنقطع أبداً، بل تصل إليه في كل وقت ( ) . 9_وهي سبيل الفوز بالجنة، والنجاة من النار [...فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ](آل عمران:185) . وكما في الحديث المتفق عليه =من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق_أدخله الله الجنة على ما كان من العمل+ ( ) . 10_أنها سبب مانع للخلود في النار لمن استحق دخولها؛ كما في حديث الشفاعة =أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان+ ( ) . فأهل لا إله إلا الله وإن دخلوها بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لابد أن يخرجوا منها كما في الصحيحين: =يخرج من النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرَّةٍ من خير، ويخرج من النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذَرَّة من خير+ ( ) . 11_أن من قالها يبتغي بذلك وجه الله_فإن الله يحرمه على النار، كما في حديث عتبان المتفق عليه =فإن الله قد حرم على النار من قال:لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله+ ( ) . 12_ولأجلها خلقت الجن والإنس:قال الله_عز وجل_:[وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ] (الذاريات:56) . 13_وهي سبيل السعادة في الدارين:قال الله_عز وجل_:[الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] (الأنعام:82) . 14_وهي أول واجب على المكلف:قال": =أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله+ ( ) . 15_وهي آخر واجب على المكلف:فمن كانت آخر كلامه من الدنيا_دخل الجنة كما جاء في حديث معاذ÷ =من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة+ ( ) . 16_وهي التي لأجلها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء:25) . 17_وهي مفتاح دعوة الرسل:فالرسل_عليهم السلام_دعوا إليها جميعاً، فكلهم يقول لقومه[اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ] (الأعراف:73) . 18_وهي أفضل الحسنات:قال أبو ذر÷قلت يا رسول الله:علمني عملاً يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: =إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها+ . قال:قلت يا رسول الله:أمِنَ الحسنات لا إله إلا الله ؟. قال: =هي أفضل الحسنات+ ( ) . 19_وهي الحسنة:قال الله_تعالى_ [مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا] (الأنعام:160) ؛ إذ هي أفضل الحسنات كما مر. 20_وهي أفضل ما ذكر الله به_عز وجل_:كما قال النبي": =أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له+ ( ) . 21_وهي أثقل شيء في الميزان:كما في المسند عن عبدالله بن عمر_رضي الله عنهما_عن النبي"أن نوحاً_عليه السلام_قال لابنه عند موته: =آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع، والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله+ ( ) . 22_وهي تطيش بسجلات الذنوب، وترجح بصحائفها، وتثقل الميزان، كما في حديث صاحب البطاقة:قال رسول الله": =إن الله سيخلِّصُ رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فَيحْشُرُ عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجلٍّ مثل مدِّ البصر، ثم يقول:أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول:لا يا ربِّ، فيقول:أَفَلَكَ عذر ؟ فيقول:لا يا ربِّ. فيقول:بلى، إن لك عندنا حسنةً؛ فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها:أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول:أحضر وزنك. فيقول:يا ربِّ ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال:إنك لا تُظْلم. قال:فتوضع السجلات في كفةٍ، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء+ ( ) . 23_وهي أعلى شعب الإيمان:وذلك لما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة÷قال: قال رسول الله ": =الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله+ ( ) . 24_وهي أفضل الأعمال والأذكار، وأكثرها تضعيفاً، وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزاً من الشيطان:كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة÷عن النبي"أنه قال: =من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة_كانت له عَدْل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه+( ). وفي الصحيحين أيضاً عن أبي أيوب الأنصاري÷عن النبي": =من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل+( ) . 25_أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية:كما جاء في صحيح مسلم: =ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ_أو فيسبغ_الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبدالله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء+ ( ) . 26_وهي التي يكون السؤال عنها يوم القيامة:قال_تعالى_:[فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (الحجر:92، 93)، وقال_تعالى_ [فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ] (الأعراف:6) . 27_وهي المثل الأعلى:الذي ذكره الله_عز وجل_في قوله:[... وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ] (الروم:27) . فالمثل الأعلى هو الوصف الكامل، وأعظم وصف لله هو أنه لا إله إلا هو؛ كما جاء ذلك في آية الكرسي:[اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ] (البقرة:255) . 28_وفي شأنها تكون السعادة والشقاوة. 29_وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال. 30_ولأجلها يفرّق بين القريب والقريب [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ] (المجادلة:22) . 31_ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار. 32_وهي أصل الدين، وأساسه، ورأس أمره، وساق شجرته، وعمود فسطاطه، وبقية الأركان والفرائض متفرعة عنها، متشعبة منها، مكملات لها، مقيدة بالتزام معناها، والعمل بمقتضاها. 33_وهي الأمان من وحشة القبور، وهول المحشر. 34_أن قبول الأعمال متوقف عليها وعلى تحقيقها. 35_وهي أعظم سبب للتحرر من رق المخلوقين:فلا يتعلق العبد بهم، ولا يخافهم ولا يرجوهم، ولا يعمل لأجله. وهذا هو العز الحقيقي، والشرف العالي، الذي به يتم فلاحه، ويتحقق نجاحه. 36_وهي أصل كل خير ديني أو دنيوي:[تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين] (إبراهيم:25) . 37_وهي سبب لصفاء النفس، والبعد عن الأثرة:قال_تعالى_في وصف أهلها:[وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة] (الحشر:9) . 38_وهي أعظم سبب لتحرير العقل من الخرافات والأوهام والأباطيل. 39_وهي كلمة السواء:قال_تعالى_:[قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً] (آل عمران:64) . 40_وهي سبب للشجاعة والإقدام:فكلما ازداد الإنسان علماً بها، وعملاً بمقتضاها_ازداد بذلك شجاعة وإقداماً في الحق. ولا أدل على ذلك من حال الأنبياء_صلوات الله عليهم وسلامه_وكذلك حال أتباعهم من الصديقين، والشهداء، والصالحين، والمجاهدين في كل زمان ومكان. 41_أنها أعظم سبب لعلو الهمة:فأعلى الهمم الوصولُ إلى رضا الله ودخول الجنة. وصاحبها القائم بها أعظَمُ همِّه هو ذلك الأمر. 42_وهي أعظم مصدر للعزة والكرامة: قال_تعالى_:[...وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ] (المنافقون:8) . 43_وهي الصدق:كما في قوله_تعالى_:[وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ] (الزمر:33) . 44_وهي التي لأجلها جردت سيوف الجهاد: قال_تعالى_:[وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ] (الأنفال:39) . 45_وهي مشتملة على نوعي الدعاء: دعاء العبادة ودعاء المسألة. 46_تفريج الكربات: فمن فضائلها أنها السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع عقوبتهما، ولذا لما كان يونس_عليه السلام_في بطن الحوت، [...فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ] (الأنبياء:87) _استجاب الله له وفرج كربته. 47_أنها أعظم سبب لحسن الخلق: ولين الجانب، وكرم النفس، والارتفاع عن الدنايا، ومحقرات الأمور. 48_أنها هي كلمة التوحيد: والتوحيد هو السبب الأعظم لنيل رض_ا الله وثوابه قال_تعالى_:[وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ] (البقرة:163) . 49_أن أسعد الناس بشفاعة محمد"من قال:لا إله إلا الله خالصاً من قلبه:فعن أبي هريرة÷عن النبي"قوله: =أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه+ ( ) . 50_أن من كَمُلَ التوحيد في قلبه، وعرف معنى الشهادة، وعمل بمقتضاها_سهل عليه فعل الخيرات، وترك المنكرات، وهانت عليه المصيبات؛ فالمخلص لله تخف عليه الطاعات؛ لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لما يخشى من سخطه وأليم عقابه، ويتسلى عند المصائب؛ لعلمه أنها من عند الله، وكل ما يصيبه من الله فهو خير له في دينه ودنياه، علم حكمة ذلك أم لم يعلم. 51_أنها إذا اكتملت المعرفة بها، والعمل بمقتضاها حبب الله لصاحبها الإيمان، وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين. 52_أن التوحيد إذا كمل وتم في القلب، وتحقق تحققاً كاملاً بالإخلاص التام_صار القليل من عمله كثيراً، وتضاعفت أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب. 53_أن الله تكفل لأهلها بالفتح والنصر في الدنيا، والعز والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال والتسديد في الأقوال والأفعال. 54_أن الله يدفع عن أهلها شرور الدنيا والآخرة:قال_تعالى_:[إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا] (الحج:38) . 55_وهي حبل الله المتين:قال_تعالى_:[وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً] (آل عمران:103) . 56_الحياة الطيبة:فالحياة الطيبة إنما هي لأهل الإيمان والتوحيد الخالص. قال_عز وجل_:[مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة] (النحل:97) . وقال_تعالى_:[وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً] (النور:55) . 57_حصول البشرى عند الممات:فمن فضائلها أن من استقام عليها تحصل له البشرى عند الممات. قال_تعالى_:[إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ] (فصلت:30) . 58_وهي شعار المؤمنين الموحدين:فهم أهل لا إله إلا الله. 59_وهي الرابطة بين المؤمنين:فبمجرد الإيمان بها ينتسب الإنسان إلى أشرف نسب؛ فيصبح إبراهيم_عليه السلام_أباك، وأزواجُ النبي أمهاتِك، وباقي المؤمنين إخوةً لك. قال_تعالى_:[... مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ] (الحج:78) . وقال:[النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ] (الأحزاب:6)، وقال:[إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ] (الحجرات:10) . 60_وهي سبب استغفار الملائكة:فالملائكة تستغفر للمؤمنين_أهل لا إله إلا الله_قال_تعالى_:[وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا] (غافر:7) . 61_وهي سبب استغفار المؤمنين: قال_تعالى_: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ] (محمد:19) . فكل مؤمن يستغفر للمؤمنين ينالك أيها الموحد نصيب من بركة ذلك الاستغفار. 62_وهي كلمة الإخلاص:لأن عمل القلب هو الأصل. 63_وهي كلمة الإحسان:قال_تعالى_:[هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ] (الرحمن:60) قال_تعالى_ [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ] (يونس:26) . يعني قالوا لا إله إلا الله ( ) . 64_وهي دعوة الحق:قال_تعالى_:[لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ] (الرعد:14) . قال ابن عباس: =هي لا إله إلا الله+ ا. هـ ( ) . وتقديم الخبر يفيد الحصر أي لا يقال لا إله إلا الله إلا في حقه_تعالى_. 65_وهي كلمة العدل:التي قال_تعالى_:[إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ] (النحل:90) . قال ابن عباس: =العدل شهادة أن لا إله إلا الله+ ( ) . 66_وهي الطيب من القول:قال_تعالى_:[وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ] (الحج:24) . أي هدوا إلى كل طيب، فلا أطيب ولا أطهر من هذه الكلمة. 67_وهي الكلمة الباقية:فالتوحيد لا يزول بكل معصية، ولكن كل معصية تزول بسبب التوحيد وتفنى، قال تعالى عن إبراهيم_عليه السلام_:[وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ] (الزخرف:26_28) . فذكرها_عز وجل_بعد ذكر معنى الشهادة فقوله:[بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ] بمعنى لا إله، [إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي] بمعنى إلا الله. 68_وهي كلمة الله العليا:قال_تعالى_:[... وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا] (التوبة:40) . فكلمة الله عليا على الدوام؛ ولهذا لم يعطفها على ما قبلها. 69_وهي النجاة:كما في قول مؤمن آل فرعون [وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ] (غافر:41) . والنجاة هي لا إله إلا الله، ولا تكون النجاة إلا بها. 70_وهي كلمة الاستقامة:[إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا] (فصلت:30) . 71_وهي سبب الاجتماع والألفة:فكلمة التوحيد هي أساس توحيد الكلمة، ولا يكون الاجتماع إلا عليها، فلقد امتن الله على المؤمنين بها، فجمع بها شملهم بعد الشتات، ولَمَّ شعثهم بعد التفرق. قال_تعالى_:[وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً] (آل عمران:103) . 72_وهي القول السديد:كما في قوله_تعالى_:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً] (الأحزاب:70) . 73_وهي البرُّ:قال_تعالى_:[لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ] (البقرة:177) . 74_وهي الدين:كما قال_تعالى_ [أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ] (الزمر:3) فَحُصِرَ الخضوع لله، ودل على أنه لا إله سواه، ولا معبود إلا إياه. 75_وهي الصراط المستقيم:قال_تعالى_:[اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ] (الفاتحة:6) . وقال:[وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ] (الأنعام:53) وقال:[وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] (الشورى:52) . 76_وهي سبب النصر على الأعداء:قال_تعالى_ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] (الأنفال:45)، ولا إله إلا الله أعظم ذكر. 77_وهي سبب التمكين في الأرض : قال _تعالى_ : [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ] (النور:55) . 78_وهي سبب للرفعة والعلو:فلقد عز بها بلال الحبشي وسلمان الفارسي_رضي الله عنهما_، وذل بسبب تركها أشراف قريش. لقد رفع الإسلام سلمان فارس                   كما وضع الكفر الشريف أبا لهب79_وهي سبب لعصمة الدماء والأموال: قال": =أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام+ ( ) . 80_وهي كلمة الشهادة:قال_تعالى_:[شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] (آل عمران:18) . 81_وهي المعروف الأكبر:قال_تعالى_:[وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ] (آل عمران:104) . فالتوحيد هو المعروف الأكبر، كما أن الشرك هو المنكر الأكبر. 82_وهي أول شيء يدعى إليه:كما في حديث معاذ÷عندما بعثه الرسول"إلى اليمن فقال: =فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله+ ( ) . 83_ وهي ملة أبينا إبراهيم _ عليه السلام _ : قال_تعالى_:[مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ] (الحج:78) . 84_وهي الزكاة:قال_تعالى_:[وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ] (فصلت:6، 7) . قال ابن القيم×في إغاثة اللهفان: =قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم هي التوحيد؛ شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان الذي به يزكو القلب؛ فإنه يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب، وذلك طهارته وإثبات إلهيته_سبحانه_وهو أصل كل زكاء ونماء+ ( ) . 85_وبسببها تبيض وجوه وتسود وجوه:فتبيض وجوه أهلها أهل الطاعة والإيمان، وتسود وجوه أعدائها من أهل الكفر والعصيان، قال_تعالى_:[يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه] (آل عمران:106) . هذا فيض من غيض من فضائلها وثمراتها العظيمة.  شروط لا إله إلا الله ( ) ذكر العلماء لكلمة الإخلاص شروطاً سبعة، لا تصح إلا إذا اجتمعت، واستكملها العبد، والتزمها بدون مناقضة لشيء منها. وليس المرادُ من ذلك عدَّ ألفاظِها وحِفْظَهَا؛ فكم من عامي اجتمعت فيه، والتزمها ولو قيل له عَدِّدْها لم يحسن ذلك. وكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم، وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها. وهذه الشروط مأخوذة بالتتبع والاستقراء، وقد نظمها الشيخ حافظ الحكمي×بقوله:العلمُ واليقينُ والقبولُ                    والانقياد فادر ما أقولوالصدق والإخلاص والمحبة                   وفقك الله لما أحبه ( ) ونظمها بعضهم بقوله:علم يقين وإخلاص وصدقك مع                   محبة وانقياد والقبول لهاوأضاف بعضهم شرطاً ثامناً ونظمه بقوله:وزيد ثامنُها الكفران منك بما                  سوى الإله من الأوثان قد ألها وهذا الشرط مأخوذ من قوله": =من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه+ ( ) . هذه هي الشروط السبعة مع زيادة الشرط الثامن على وجه الإجمال، وإليك تفصيلها:1_العلم:والمراد به العلم بمعناها نفياً وإثباتاً، وما تستلزمه من عمل، فإذا علم العبد أن الله_عز وجل_هو المعبود وحده، وأن عبادة غيره باطلة، وعمل بمقتضى ذلك العلم_فهو عالم بمعناها. وضد العلم الجهل؛ بحيث لا يعلم وجوب إفراد الله بالعبادة، كأن يرى جواز عبادة غير الله مع الله. قال_تعالى_:[فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ] (محمد:19) . وقال:[... إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (الزخرف:86) . أي من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم. وقال_تعالى_:[شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] (آل عمران:18) . وقال_تعالى_:[... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ] (الزمر:9) . وقال:[... إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ] (فاطر:28) . وقال:[وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ] (العنكبوت:43) . وفي الصحيح عن عثمان÷قال:قال رسول الله" =من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة+ ( ) . 2_اليقين:وهو أن ينطق بالشهادة عن يقين يطمئن إليه قلبه، دون تسرب شيء من الشكوك التي يبذرها شياطين الجن والإنس، بل يقولها موقناً بمدلولها يقيناً جازماً. فلابد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه، ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله_تعالى_وبطلان إلهية من عداه، وأنه لا يجوز أن يُصرف لغيره شيءٌ من أنواع التأله والتعبد. فإن شك في شهادته، أو توقف في بطلان عبادة غير الله؛ كأن يقول:أجزم بألوهية الله، ولكنني متردد ببطلان إلهية غيره_بطلت شهادتُه ولم تنفعه. قال_تعالى_مثنياً على المؤمنين:[وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ] (البقرة:4) . وقد مدح الله المؤمنين_أيضاً_بقوله:[إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا] (الحجرات:15) . وذم المنافقين بقوله:[... وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ] (التوبة:45) . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة÷قال:قال رسول الله": =أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة+ ( ) . وعنه÷أن النبي"قال: =من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه_فبشِّرْهُ بالجنة+ ( ) . 3_القبول:والقبول يعني أن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، فيصدق بالأخبار، ويطيع الأوامر، ويؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله"، ويقبل ذلك كله، ولا يرد منه شيئاً، ولا يجني على النصوص بالتأويل الفاسد، والتحريف الذي نهى الله عنه، بل يصدق الخبر، ويمتثل الأمر، ويقبل كل ما جاءت به هذه الكلمة واقتضته بكل رضا، وطمأنينة، وانشراح صدر. قال_تعالى_واصفاً المؤمنين بامتثالهم، وقبولهم، وعدم ردهم:[آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ] (البقرة:285) . وقال_تعالى_:[قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا] (البقرة:136) . وضد القبول:الرد، فإن هناك من يعلم معنى الشهادة ويوقن بمدلولها، ولكنه يردها كبراً وحسداً. وهذه حال علماء اليهود والنصارى كما قال_تعالى_عنهم:[الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (البقرة:146) . وقال_تعالى_ [... حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ] (البقرة:109) . وكذلك كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله، وصدق رسالة محمد"ولكنهم يستكبرون عن قبول الحق كما قال_تعالى_عنهم:[إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ] (الصافات:35) . وقال_تعالى_عنهم:[... فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ] (الأنعام:33) . وكذلك كان شأن فرعون مع موسى_عليه السلام_. ويدخل في الرد وعدم القبول من يعترض على بعض الأحكام الشرعية، أو الحدود التي حدها الله_عز وجل_كالذين يعترضون على حد السرقة، أو الزنا، أو على تعدد الزوجات، أو المواريث، وما إلى ذلك، فهذا كله داخل في الرد وعدم القبول؛ لأن الله يقول [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً] (البقرة:208) . ويقول:[وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ] (الأحزاب:36) . ويدخل في الرد_أيضاً_من يعطل أسماء الله وصفاته، أو يمثلها بصفات المخلوقين. 4_الانقياد:وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص. ولعل الفرق بين الانقياد والقبول أن القبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول. أما الانقياد فهو الاتباع بالأفعال، ويلزم منهما جميعاً الاتباع. فالانقياد هو الاستسلام، والإذعان، وعدم التعقب لشيء من أحكام الله. قال_تعالى_:[وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ] (الزمر:54) . وقال [وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ] (النساء:125) . وقال:[وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى] (لقمان:22) . وقال_تعالى_مثنياً على إبراهيم_عليه السلام_ [إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] (البقرة:131) . ومن الانقياد_أيضاً_أن ينقاد العبد لما جاء به النبي"رضاً، وعملاً دون تعقب أو زيادة أو نقصان. قال_تعالى_:[فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً] (النساء:65) . وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد لها، ولم يعمل بمقتضاها_فإن ذلك لا ينفعه، كما هي حال أبي طالب، فهو يعلم أن دين محمد حق، بل إنه ينطق بذلك ويعترف، حيث يقول مدافعاً عن الرسول":والله لن يصلوا إليك بجمعهم                   حتى أوسد في التراب دفينافاصدع بأمرك لا عليك غضاضة                   وافرح وقر بذلك منك عيوناولقد علمت بأن دينَ محمدٍ                   من خير أديان البرية دينالولا الملامةُ أو حِذارُ مسبةٍ                   لوجدتني سمحا بذلك مبينا فما الذي نقص أبا طالب ؟ الذي نقصه هو الإذعان والاستسلام. وكذلك الحال بالنسبة لبعض المستشرقين؛ فهم يعجبون بالإسلام، ويوقنون بصحته ويعترفون بذلك، وتجد بعض المسلمين يهشون لذلك الإطراء، ويطربون لهؤلاء القوم، ويصفونهم بالموضوعية والتجرد. ولكن إعجابَهم ويقينَهم واعترافَهم لا يكفي، بل لابد من الانقياد. ومن عدم الانقياد ترك التحاكم لشريعة الله_عز وجل_واستبدالها بالقوانين الوضعية، الفرنسية، والإنجليزية، والسويسرية وغيرها. 5_الصدق:وهو الصدق مع الله، وذلك بأن يكون العبد صادقاً في إيمانه، صادقاً في عقيدته. ومتى كان ذلك فإنه سيكون مصدقاً لما جاء في كتاب ربه، وسنة نبيه". فالصدق أساس الأقوال، ومن الصدق أن يصدق في دعوته، وأن يبذل الجهد في طاعة ربه، وحفظ حدوده، قال_تعالى_:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] (التوبة:119) . وقال في وصف الصحابة:[... رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ] (الأحزاب:23) . وقال:[وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ] (الزمر:33) . وقد ورد اشتراط الصدق في الحديث الصحيح حيث قال": =من قال لا إله إلا الله صادقاً من قلبه دخل الجنة+( ) . وضد الصدق الكذب، فإن كان العبد كاذباً في إيمانه فإنه لا يعد مؤمناً، بل هو منافق؛ وإن نطق بالشهادة بلسانه، وحاله هذه أشد من حال الكافر الذي يظهر كفره. فإن قال الشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإن هذه الشهادة لا تنجيه، بل يدخل في عداد المنافقين، الذين ذكر الله عنهم أنهم قالوا [. . . نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ] (المنافقون:1) . فرد الله عليهم تلك الدعوى بقوله:[وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ] (المنافقون:1) . وقال_تعالى_أيضاً في شأن هؤلاء:[وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ] (البقرة:8) . وقال:[وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ] (البقرة:204) . والأدلة في ذلك كثيرة جداً وهي مبسوطة في أوائل سورة البقرة، وفي سورة التوبة أيضاً وغيرها. فإذا قامت أعمال الإنسان واعتقاداته على عقيدة سليمة كان الإيمان قوياً سليماً، وبالتالي يكون العمل مقبولاً بإذن الله، والعكس بالعكس. ثم إن الناس يتفاوتون في الصدق تفاوتاً عظيماً. ومما ينافي الصدق في الشهادة تكذيب ما جاء به الرسول"أو تكذيب بعض ما جاء به؛ لأن الله_سبحانه_أمرنا بطاعة الرسول وتصديقه، وقرن ذلك بطاعته قال_تعالى_:[مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ] (النساء:80) . وقد يلتبس على بعض الناس الأمر في موضوع اليقين والصدق، لذا يقال:إن اليقين أعم من التصديق، وعلى ذلك يكون كلُّ موقن مصدقاً، وليس كل مصدق موقناً؛ أي بينهما عموم وخصوص كما يقول أهل الأصول؛ أي أن الموقن قد مر بمرحلة التصديق. 6_الإخلاص:وهو تصفية الإنسان عمله بصالح النية من جميع شوائب الشرك. وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله، وابتغاء مرضاته، ليس فيها شائبة رياء، أو سمعة، أو قصد نفع، أو غرض شخصي، أو شهوة ظاهرة أو خفية، أو أن يندفع للعمل لمحبة شخص، أو مذهب، أو مبدأ، أو حزب يستسلم له بغير هدى من الله. والإخلاص كذلك مهم في الدعوة إلى الله_تعالى_فلا يجعل دعوته حرفة لكسب الأموال، أو وسيلة للتقرب إلى غير الله، أو الوصول للجاه والسلطان. بل لابد أن يكون مبتغياً بدعوته وجه الله والدار الآخرة، ولا يلتفت بقلبه إلى أحد من الخلق يريد منه جزاءً أو شكوراً. والقرآن والسنة حافلان بذكر الإخلاص، والحث عليه، والتحذير من ضده، ومن ذلك قوله_تعالى_:[أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ] (الزمر:3)، وقوله:[وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] (البينة:5)، وقوله:[قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي] (الزمر:14) . وعن أبي هريرة÷عن النبي"قوله: =أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه+( ) . وفي الصحيحين من حديث عتبان =فإن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله+( ) . ويدخل في ذلك الإخلاصُ في اتباع محمد"وذلك بالاقتصار على سنته وتحكيمه، وترك البدع، والمخالفات، ونبذ ما يخالف شرعه من التحاكم إلى ما وضعه البشر من عادات، وقوانين؛ فإن رضيها أو حكم بها لم يكن من المخلصين. وضد الإخلاص الشرك، والرياء، وابتغاء غير وجه الله. فإن فقد العبد أصل الإخلاص فإن الشهادة لا تنفعه أبداً، قال_تعالى_:[وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً] (الفرقان:23) . فلا ينفعه حينئذ أي عمل يعمله؛ لأنه فقد الأصل، قال_تعالى_:[إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً] (النساء:48) . وعن أبي هريرة÷قال:قال رسول الله":قال الله_تبارك وتعالى: =أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه+ ( ) . وإن فقد الإخلاص في عمل من الأعمال ذهب أجر ذلك العمل. وبالجملة فالإخلاص هو تصفية العمل من كل شوب؛ بحيث لا يمازجه ما يشوبه من شوائب الشرك أو إرادة النفس:إما طلب التزين في قلوب الخلق، وإما طلب مدحهم والهرب من ذمهم، أو طلب تعظيمهم، أو طلب أموالهم أو محبتهم، أو خدمتهم، إلى غير ذلك من الشوائب التي عَقْدُ متفرقها إرادةُ ما سوى الله بالعمل. فمدار الإخلاص على أن يكون الباعث على العمل أولاً امتثال أمر الله. ولا حرج بعد هذا على من يطمح إلى شيء آخر، كالفوز بنعيم الآخرة، أو النجاة من أليم عذابها. بل لا يذهب بالإخلاص بعد ابتغاء وجه الله أن يخطر في بال العبد أن للعمل الصالح آثاراً في هذه الحياة، كطمأنينة النفس، وأمنها من المخاوف، وصيانتها من مواقف الهوان، إلى غير هذا من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد به إقبال النفوس على الطاعات قوة على قوة. 7_المحبة:أي المحبة لهذه الكلمة العظيمة، ولما دلت عليه واقتضته، فيحب الله ورسوله"ويقدم محبتهما على كل محبة، ويقوم بشروط المحبة ولوازمها، فيحب الله محبة مقرونة بالإجلال والتعظيم والخوف والرجاء، فيحب ما يحبه الله من الأمكنة؛ كمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والمساجد_عموماً_، والأزمنة؛ كرمضان، وعشر ذي الحجة، وغيرها، وما يحبه من الأشخاص كالأنبياء، والرسل، والملائكة، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وما يحبه من الأفعال كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والأقوال كالذكر وقراءة القرآن. ومن المحبة_أيضاً_تقديم محبوبات الله على محبوبات النفس وشهواتها ورغباتها، وذلك لأن النار حفت بالشهوات، والجنة حفت بالمكاره. ومن لوازم تلك المحبة أن يكره ما يكرهه الله ورسوله؛ فيكره الكفار، ويبغضهم، ويعاديهم، ويكره الكفر، والفسوق، والعصيان. قال_تعالى_ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ] (المائدة:54) . وقال:[لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ] (المجادلة:22) . وقال_تعالى_:[قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ] (التوبة:24) . وقال": =ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما+ الحديث ( ) . وعلامة هذه المحبة الانقياد لشرع الله واتباع محمد"قال_تعالى_:[قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ] (آل عمران:31) . وضد المحبة الكراهية لهذه الكلمة، ولما دلت عليه وما اقتضه، أو محبة غير الله مع الله. قال_تعالى_:[ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ] (محمد:9) . وقال الله_تعالى_:[وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ] (البقرة:165) . فهؤلاء الذين بَيَّن الله_جل وعلا_شأنهم في هذه الآية يحبون الله، ولكنهم يحبون معه غيره مثل محبته على أحد التفسيرين، ومع ذلك سماهم الله ظالمين، والظلم هنا بمعنى الشرك بدليل قوله_تعالى_في الآية التي تليها:[وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ] (البقرة:167) . فإذا كان هذا هو شأن من أحب الله، وأحب معه غيره مثل حبه_فكيف بمن أحب غير الله أكثر من حبه لله ؟ وكيف بمن أحب غير الله ولم يحب الله_سبحانه وتعالى_؟. بل كيف بمن أحب غير الله، وكره الله، وحارب الله_سبحانه وتعالى_؟ !. ومما ينافي المحبة_أيضاً_بغض الرسول"أو بغض ما جاء به الرسول، أو بغض بعض ما جاء به_عليه الصلاة والسلام_. ومما ينافيها موالاة أعداء الله من اليهود، والنصارى، وسائر الكفار والمشركين. ومما ينافيها_أيضاً_معاداة أولياء الله المؤمنين. ومما ينافي كمالها المعاصي والذنوب. نسأل الله_سبحانه وتعالى_أن يرزقنا حبه وحب من يحبه والعمل الذي يقربنا إلى حبه إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.