الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
أيها الإخوة: إن العمل عملان: عمل داخل البيت، وعمل خارج البيت، والعامل اثنان: رجل وامرأة.
والقسمة العقلية أربع صور: الصورة الأولى: أن تعمل المرأة في البيت، والرجل خارج البيت، وهذا هو الذي عليه البشر منذ آدم وعبر العصور، حتى قيام الثورة الصناعية في أوربا. هذا هو السائد الأعم، ووجود استثناءات هنا وهناك لا يبطل سيادة هذه الصورة، ولا عيب فيها ولا نقص. بل هو المنطق بالنظر إلى مؤهلات المرأة وطبيعتها: أمومة، تدبير منزل، تربية، حضانة. هذه..
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ذكرنا فيما مضى: أن لكل إنسان قيما ومبادئ يبني عليها قناعته ومواقفه من كل حدث.
وذكرنا: أن بعض الناس تشكلت مبادؤهم من دينهم، وبعضهم من غيره.
وقد تقرر أنه بصفتنا مسلمين، فإنه ينبغي: أن يكون الدين هو مرجعنا، ودونه تقف جميع المبادئ.
ومن ثم يجب أن نظرتنا لموضوع عمل المرأة نظرة نابعة من ديننا، فالدين هو مرجعنا، وليس مرد هذا لهوى ولا فلسفة، فقد قطع القرآن بذلك بكل وضوح بقوله تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59].
إن تنازعتم في شيء، فنحن -ولله الحمد- نؤمن بالله واليوم الآخر، فمرد أمرنا إذن لله والرسول، أي للقرآن والسنة.
ولو تأملنا لوجدنا أن القرآن الذي هو مردنا يحدد الوضع المثالي والملائم للمرأة في قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33].
فالأصل والأمثل في حق المرأة القرار في البيت، ورعاية شأنه، مهما احتج المحتجون، واستهزأ المستهزئون.
فالقرآن فوق الجميع، ولكن هذا الأصل في الوقت ذاته لا يحرم على المرأة العمل خارج البيت؛ كأجيرة إذا لزم الأمر، ما دام العمل منضبطا بضوابط الشرع، فلا اختلاط فيه، ولا سفور، ولا محرم، ولا نحو ذلك.
فنحن لا ندعو بأن تكون المرأة العصفور الحبيس داخل القفص، ولا مطلقة العنان ترحل وتحل حيثما اتفق.
القرآن -يا إخوة-: يؤصل، القرآن لا أنا ولا أنت، القرآن يؤصل الوضع الصحيح للمرأة.
في قصة موسى -عليه السلام- مع المرأتين اللتين اعتادتا على الخروج من البيت لرعاية وسقاية الماشية؛ يقول الله -تعالى- بكل تفصيل: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) [القصص: 23].
قال البغوي في تفسيره: "ولا نستطيع أن نزاحم الرجال، فإذا صدروا سقينا مواشينا ما أفضلت مواشيهم في الحوض: (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) لا يقدر أن يسقي مواشيه، فلذلك احتجنا نحن إلى سقي الغنم".
ويقول ابن كثير في تفسيره: "فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى".
وجاء في التحرير والتنوير: "اعتذارا عن حضورهما للسقي مع الرجال لعدم وجدانهما رجلا يستقي لهما؛ لأن الرجل الوحيد لهما، هو أبوهما وهو شيخ كبير، لا يستطيع ورود الماء؛ لضعفه عن المزاحمة".
قال تعالى: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)[القصص: 24- 26].
جاء في التنوير: "عرضت إحدى المرأتين على أبيها أن يستأجره للعمل في ماشيته، إذ لم يكن لهم ببيتهم رجل يقوم بذلك".
هكذا يبين القرآن الفطرة، نعم، قد تضطر الظروف المرأة إلى الخروج للعمل أجيرة في مكان ما، خاصة إذا لم يكن ثمة زوج ينفق عليها ويرعاها، أو أسرة تقوم عليها وتحقق من خلالها ذاته، ورسالتها في الحياة.
فخروج المرأة استثناء، وأداء رسالتها التي خلقت من أجلها هي القاعدة، وهي الأصل، وبالتالي فإن هذا الاستثناء لا يستمر إذا وجدت المسلمة الفرصة للخلاص منه، تماماً كما جرى للفتاتين مع أبيهما لما وجدتا الفرصة، فطلبت إحداهما منه أن يستأجر موسى -عليه السلام-، فالفتتان لا تعشقان الخروج من البيت للعمل، بل هما تقومان بذلك للضرورة؛ لأن أباهما شيخ كبير، لا يقوى على العمل كما هو صريح الآيات.
أيها الإخوة: ما زلت أقول: إن للمرأة الحق في أن تمارس حياتها بالشكل الذي ترتاح إليه، ما دام ذلك ضمن حدود الشرع، فإن الإسلام لا يصادر حق المرأة في الخروج للعمل سداً لحاجتها، لاسيما إن لم يكن في أسرتها من يقوم بسد هذه الحاجات، ولم يقم المجتمع بأداء واجبه الشرعي في كفالة النساء من هذا النوع.
فعمل المرأة خارج البيت ليس هدفا في ذاته، بل هو وسيلة لغايات أخرى، فقد تكون الغاية من العمل إثبات الذات إذا كانت المهنة متعلقة بنشر العلم أو تربية النشء، أو المساهمة في تنمية، أو خدمة المجتمع، في وظائف لا تحسنها إلا المرأة.
وقد تكون الغاية ضمان ما تحتاج إليه المرأة من مستلزمات حياتها، وقد تكون الغاية أمور أخرى.
ولكن أعود وأقول: إن الشريعة رسمت للمرأة المسلمة غايات عليا، وأهداف سامية، تؤديها في البيت، لكن أثرها تلك المهام يفيض ويتعدى حدود البيت ليعم المجتمع كله، وهي تؤديه في البيت.
هذه الغايات تدركها المرأة الواعية، وتعمل جاهدة على الخلاص من حالة الاستثناء، والبحث عن وسيلة تخلصها عن الوضع الذي يحول بينها وبين أداء رسالتها البيتية التي لا يمكن أن يقوم بها غيرها.
معاشر الإخوة: هناك تضليل كبير في قضية عمل المرأة، فالمناصرون لعمل المرأة تخطوا حواجز المنطق والحكمة؛ لأنهم جعلوا من عمل المرأة في أجواء مختلطة، واقعا غير قابل للنقاش.
كما قال أحدهم في برنامجه: "واجهة الصحافة" معربا عن تبرمه من ديانة المجتمع، وإيثار المجتمع لمبادئ الحياء والستر والعفاف، قال: "إن المجتمع يمر بحالة من الجهل لا يعرف أين مصلحته إذاً لا بد أن يقوده أحد ويبلغه إياه".
وصفه بالجهل؛ لأنه مجتمع متدين.
إن أولئك المناصرين لعمل المرأة لا يقصدون مجرد العمل، لا، فلا أحد يعارض عمل المرأة بضوابط الشرع التي تحميها من الفتنة، لا العلماء، ولا الدعاة، ولا غيرهم.
وإنما هم يقصدون من الأعمال ما كان قائما على مبدأ مساواة المرأة بالرجل في نوع العمل ومدته وبيئته، بلا تقييد ولا تحفظ على اختلاط، ولا ضياع بيت، وما شابهه.
ولذلك لو تأملتم في أنواع العمل المطروح للمرأة، والتي يشجعها أولئك، ويروجون له بشدة: موظفات استقبال، مضيفات، دبلوماسيات، كاشيرات، إلى آخره!.
تجدونها تقصد بالتحديد مبدأ المساواة بالرجل لا مجرد العمل.
فلنع ذلك، وليكن هذا منا على بال، يوما ما في الماضي القريب هذه النقطة الحرجة مساواة المرأة في نوع العمل مع الرجل كانت مناهج الدعوة كلها تقاومها، لكن ذلك اليوم تغير.
فمن الناس اليوم من يحسب على أهل الدعوة من ينضم إلى هؤلاء، ينصر سعيهم بعلم أو بدونه، أو ربما تغيرت عنده بعض المسائل؛ كالعمل المختلط، والسفر بلا محرم، وهذا مما يزيد كيد الليبراليين متانة، وتمكينا مع الآسف.
أيها الإخوة: إن العمل عملان: عمل داخل البيت، وعمل خارج البيت، والعامل اثنان: رجل وامرأة.
والقسمة العقلية أربع صور:
الصورة الأولى: أن تعمل المرأة في البيت، والرجل خارج البيت، وهذا هو الذي عليه البشر منذ آدم وعبر العصور، حتى قيام الثورة الصناعية في أوربا.
هذا هو السائد الأعم، ووجود استثناءات هنا وهناك لا يبطل سيادة هذه الصورة، ولا عيب فيها ولا نقص.
بل هو المنطق بالنظر إلى مؤهلات المرأة وطبيعتها: أمومة، تدبير منزل، تربية، حضانة.
هذه من أساسيات أعمال البيت التي لا يقوم البيت السليم إلا بها، ولا غنى له عنها.
والرجل يسعى في معاشه خارج البيت، فإن كان في هذه الصورة شك فلننظر في الصور الأخرى.
الصورة الثانية: أن تعمل هي خارج البيت وهو داخل البيت! أي عكس الصورة الأولى.
ولا تكاد تجد من يقبل هذه الصورة لا من الرجال ولا حتى من النساء إلا من كان شاذ متطرفا منفردا؛ كطرح من تدعى ب"نوال السعداوي" مثلا.
فقد كان طرحها في البديل لخروج المرأة من البيت إنشاء محاضن ومطاعم ومغاسل عامة، وهو طرح لا يخفى شذوذه على عاقل.
وقد يطرح بعضهم بديلا مضحكا آخر لغياب المرأة من البيت، وهو استقدام خادمة.
والعجيب في هذا البديل الخادمة أنه يعد انقلاب على أصل المبدأ، إذ كيف ينادى إلى خروج المرأة من البيت في العمل خارجه تحررا من رق البيت ثم يكون البديل أن تقبع امرأة أخرى في بيت غير بيتها لتعمل فيه؟!
أتخرج من بيتها لتعمل في بيت غيره! فالنتيجة إذن واحدة أنها تعمل في البيت، ألم يكن بقاؤها في بيتها خير لها وأحسن تأويلا؟.
إذاً بطلت هذه الصورة أيضا.
الصورة الثالثة: أن يعمل سويا في البيت، ولا أحد يدعوا إلى هذا؛ لأن معناه ترك الخارج كلياً، وهذا لم يقل به أحد، فبطلت هذه الصورة أيضا.
الصورة الرابعة: أن يعملا سويا خارج البيت، وهذا ما دعت إليه المدعوة "نوال السعداوي" وغيرها، حتى لو كان عمل المرأة في بيت آخر، المهم خروجها من البيت، فالمقصود الخروج هو المطلوب لذاته، وكأنما العمل وسيلة للخروج، وليس العكس.
وهذه الصورة الرابعة -مع الأسف- هي الواقعة، وهي على المدى البعيد الكارثة؛ لأنها تعطل المرأة من عمل البيت، والخادمة بالقطع لن تقوم به؛ إذ عملها في بيتها ليس مجرد خدمة طبخ وغسيل، كلا، بل أرقى من ذلك.
المرأة في بيتها حلقة وصل بين جميع الساكنين، فهي التي تدبر أمورهم وشئونهم كلها، وهي التي تجمع بيت قلوبهم وتفصل في النزاعات وتمنع الشحناء بين الأولاد، وتقف على مشاكلهم وأحزانهم، تقع على مشاكل أهل البيت وأحزانهم لتساندهم، وتعينهم على تجاوزها، تفعل ذلك بالحب والشوق والصداقة، بدافع الأمومة والزوجية.
هذه المكانة العظيمة التي تطفيها المرأة على البيت -يا إخوة- والتي يعدها الجاهلون على جلالتها وضرورتها عطالة، نصف معطل، هي التي تجعل البيت سكنا، وملاذا هنيئا؛ كحقيقة الموصوف بها في القرآن: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) [النحل: 80].
سكن البيت لا يمكن يتحقق إلا بسكن المرأة؛ أي بسكونها في البيت؛ وأداء مهمتها فيه بشكل كامل.
أما الاعتماد على الخادمة، فالتجربة شاهدة على أن المجتمعات التي أخذت بها وأخرجت نساءها من مملكتهن جنت من وراء ذلك ازدياد نسبة العنوسة، وازدياد نسبة الطلاق، واختلال نظام الأسرة، ونشوء أجيال محرومة من الأمومة، وشيوع الفساد والتحرش الجنسي، وزوال الحياء، وانتهاك الأعراض.
إن كل هذه المفاسد أكثر بكثير من المصالح المترتبة على خروج المرأة، وإن الفطرة التي فطر الله عليها البشر أقوم، فمن أفسدها فمآله الفساد والندم.
اللهم اهد ضال المسلمين، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه، واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد يسأل من غفل عن الكلام السابق، فيقول مرة أخرى: صحيح مهمة الزوجة والأم في بيتها أعظم من أية وظيفة، لكن ماذا عن العزباء أو الأرملة التي لا معين لها، أو المطلقة التي لا تجد من ينفق عليها؟ هل ينطبق عليها هذا الكلام؟
فأعيد ما تقدم ذكره: في أن الإسلام لا يحّرم ولا يُحرم أن تعمل المرأة خارج البيت كأجيرة، إذا لزم الأمر، ما دام العمل منضبطا شرعا، لا حرج فيه، من اختلاط، وسفور، وسفر بلا محرم، ونحوه.
لكنني أعود وأقول: إن غرض الملحين على خروج المرأة للعمل ليس لذات العمل، وإنما لغرض إخراجها من بيتها أولا، ومساواتها بالرجل ثانيا.
ولذلك ثار منهم من ثار عندما صدرت الفتوى من اللجنة الدائمة بتحريم عمل الكاشيرات للنساء، وقد جاءت الفتوى ردا على سؤال جاء في نصه: قامت العديد من الشركات والمحال بتوظيف النساء بوظائف كاشيرات "المحاسبات" تحاسب الرجال والنساء باسم العوائل، وتقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال، وتحادثهم وتسلم وتستلم منهم.
وكذلك ستحتاج إلى التدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها، فما حكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال؟ وما حكم توظيف الشركات والمحال للمرأة في هذه الأعمال؟
وجاء في رد اللجنة ما ذكر في السؤال: يعرض المرأة للفتنة، ويفتتن بها الرجال، فهو عمل محرم شرعا، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم فهو محرم أيضا.
لما صدرت هذه الفتوى ثاروا وقاموا وما قعدوا، فالغرض عندهم ليس في العمل، وإنما فك عقدة التدين التي تمنع المرأة من مزاولة جميع الأعمال بلا تحفظ، ولا أي قيد.
عقدة التدين التي تمنعها من الاختلاط بالرجال، ومن قيادة السيارة، عقدة التدين التي تمنعها من السفر لوحدها، وغشيان مجامع الرجال، والازدحام بهم، والجلوس معهم، والتعرف وتبادل أطراف الحديث، والضحك معهم، والتبسط، وما يجره ذلك إلى فساد وفتنة عظيمة يعيشها من حولنا.
سلمنا الله وإياكم من كل سوء، وحفظ أعراضنا من أيدي الخبثاء.
ولربما يكون لنا لقاء آخر حول هذا الموضوع المهم -إن شاء الله-.
اللهم إنا نسألك عمل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين...