البحث

عبارات مقترحة:

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

استقبال رمضان

العربية

المؤلف صالح بن عبد الله الهذلول
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات
عناصر الخطبة
  1. رمضان فرصة للتوبة .
  2. نداءات للعصاة قبل رمضان .
  3. وسائل للشباب .
  4. الحذر من مضيعات رمضان .
  5. التحذير من أخذ أموال الزكاة بدون حق. .

اقتباس

أيها الشاب، إن مرحلة الشباب والفتوة لا تستغرق العمر كلّه، إنها مرحلة من مراحل عمرك، سرعان ما تطوى وتنتهي كما طوي ما قبلها، لكن أثرها على سلوك صاحبها أبلغ من أي مرحلة أخرى، فكن حذرًا أن تصير من ضحاياها، فكم غرت من فتى، وأوقعته في براثن الرذائل، ثم ولَّت هاربة عنه، وقد أسلمته لمرحلة الكهولة الممهدة للشيخوخة والعجز!! يظن الشاب أنه هكذا سيظل دائمًا في نشاط وفتوة دون رقيب ولا مسئولية، فما هي إلا مدة وجيزة ويفيق من سكرته، فيجد نفسه قد ضيع دينه ودنياه، وأهمل الاستعداد لمستقبل أيامه وآخرته؛ ضعفٌ في الدراسة وصدود عنها، وتهرُّب من كل عمل جاد، وشعور بالفشل يلاحقه.

الخطبة الأولى

أما بعد:

أيها المسلمون، فرمضان على الأبواب، وسيحل ضيفًا بعد يوم أو يومين، وشأن الضيف أن يرتحل، فماذا أعددت لضيفك؟ حري بالمسلم أن يجعل من رمضان بداية توبة جادَّة، ونقطةَ انطلاقٍ إلى الله عازمة، قدِّر نعمة الله عليك أيها المسلم، واسأله أن يبلغك رمضان، وخذ أمورَك بالجد، فكم من النفوس صامت العام المنصرم ولن تصوم هذا العام، وما تدري من أي الفريقين تكونُ أنت؟! كم صحيحًا رأيت من غير سقم ذهبت نفسه الصحيحة فلتة!!

أيها المذنب، أيها العاق لوالديه والقاطع رحمه، رمضان يدعوك ويهتف بك أن تعال نظف نفسك، طهر نفسك، رمِّم ما تهدّم في بناء قلبك، انفض غبار الشقاقِ واتباع الهوى والانسياق وراء وساوس الشيطان وتوهيماته، واحرص على ما ينفعك، فعمّا قليل سترتحل، وإلى الآخرة تنتقل، ويقفل ملفك في هذه الدنيا، دع عنك إغراءاتِ الأصدقاءِ ورفاقِ الهزل والضحك، ولا تلتفت لمكائد زوجتك إن كانت سببًا في عقوق والديك ومقاطعتهم، فإنّ كل زهرة ستذبل، وشبابك وشبابها زهرة وسيذبل، ويتقدم بك العمر إن عمرت وتعجز، وتحتاج إلى خدمة الأولاد وحنوِّهم، فإذا فتشت صفحاتِ ماضيك وعلاقتك مع والديك وجدتها لا تسر.

عجبًا لك أيها العاق! أي قلبٍ تحمل في جوفك وقد تركت والديك أو أحدهما يذرف الدمعَ كمدًا ويكظم الغم قهرًا؟! ألا تخاف من دعوة مستجابة من والدٍ وفي رمضان؟! ألا تخشى أن تبلى بمن يؤرق ليلك غدًا وينغص نهارك ممن كنت تؤمِّل برَّهم؟!

رمضان يدعوك يا آكل الربا، إلى متى تظل تبارز ربك وتعلن الحرب عليه؟! ألست تعلم أنك ضعيف وخصمك قوي ويملك جنود السماوات والأرض؟! رمضان يذكرك بحلم الله عليك وإمهاله لك؛ لعلك تتوب وتكتفي بالحلال، رمضان يفتح أمامك أبواب الرزق الحلال، ويحذرك في الوقت نفسه من مغبة التمادي في تغذية جسمك على الحرام. ألم تسمع قول النبي في الرجل الذي يمد يديه إلى السماء داعيًا ومتضرعًا: يا رب، يا رب، لكن مطعمه حرام، ومشربه حرام وملبسه حرام، قال المصطفى : "فأنى يستجاب لذلك".

يا من تتعاطى المخدرات أو تشرب المسكرات، اتق الله في نفسك، كفى أذية لنفسك، ماذا جلبتْ لك تلك المحرمات؟! همّ وخوف، وفقرٌ وذلة، وقلق وفشل، وقسوة قلب، وتهرب عن كل فضيلة، وتهافت على كل رذيلة.

يا من تتعاطى المخدرات، أترضى أن تكون أختك أو بنتك أو زوجتك فريسة لوحوش البشر؟! هل يسرك أن إحدى محارمك يعبث بها شرار الخلق مقابل أن تحصل على شيء من المخدرات؟! فإن الواقع يثبت ذلك، ولا تظنَّ أنك في مأمن من هذا. وقد حكى أحد الشباب التائبين منها أنه كان يوافق مرغمًا على أن تفعل به الفاحشة مقابل الحصول على مخدّر.

إنك بإصرارك على تناول المخدرات تسوق محارمك إلى تلك المستنقعات الموبوءة من الجريمة، غِرْ على محارمك، واحرص على ما ينفعك، فوالله عمّا قليل ستندم، وحينها ربما يكون الثمن غاليًا.

واعلم - أيها المسلم رعاك الله وحفظك وهداك - أن الموسيقى والغناء مفتاحٌ يلج به المرء عوالم المخدرات والمسكرات والفواحش، كثير من نجوم الموسيقى والغناء يتعاطون المخدرات علنًا، سواءً على المسرح أو خارجه، وكثير من الأغاني مطعمٌ بلغة المخدرات، فاحذروا.

أيها الشاب، إن مرحلة الشباب والفتوة لا تستغرق العمر كلّه، إنها مرحلة من مراحل عمرك، سرعان ما تطوى وتنتهي كما طوي ما قبلها، لكن أثرها على سلوك صاحبها أبلغ من أي مرحلة أخرى، فكن حذرًا أن تصير من ضحاياها، فكم غرت من فتى، وأوقعته في براثن الرذائل، ثم ولَّت هاربة عنه، وقد أسلمته لمرحلة الكهولة الممهدة للشيخوخة والعجز!!

 يظن الشاب أنه هكذا سيظل دائمًا في نشاط وفتوة دون رقيب ولا مسئولية، فما هي إلا مدة وجيزة ويفيق من سكرته، فيجد نفسه قد ضيع دينه ودنياه، وأهمل الاستعداد لمستقبل أيامه وآخرته؛ ضعفٌ في الدراسة وصدود عنها، وتهرُّب من كل عمل جاد، وشعور بالفشل يلاحقه.

أيها الشاب الفاضل، إن ضحايا الترصد للقنوات الفضائية ومتابعة غثها مما تعرضه في شاشاتها يكلفك كثيرًا، فاحرص على ما ينفعك، والسعيد من وُعظ بغيره. لا يكن حظك من رمضان السهر في الاستراحات ومتابعة المسلسلات والنظر إلى المحرمات. وتذكر، كم من الشباب صاموا العام الماضي والآن هم في القبور.

حذارِ - أيها الشاب - أن تظن أن مرحلة الشباب لا يُستمتع بها إلا أن تمضي سفهًا وعبثًا أو اقترافًا للحرام، إنها أغلى وأشرف من ذلك وأقدس، وفي المسند للإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: قال رسول: "إن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليس له صبورة". والصبوة: الهوى والميل عن طريق الحق.

 وفي الحديث المتفق عليه عَدَّ رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "شابًّا نشأ في طاعة الله"، وما ذاك إلا لتغلبه على هواه وانتصاره على نفسه وقهرِه للشيطان ودحرِه وترقبه لما عند الله. فرحة النصر على أعدائه من الشيطان وهوى النفس وقرناء السوء أبدلت طموحاته الأرضيةَ الوضيعةَ شوقًا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

أيها المفرط والمتساهل والمتهاون، أيها المذنب، لا تظن أن الأمر سهل وهين، إن الأمر جِدٌ، (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) [الطارق:13، 14].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [لقمان:33].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، سبقت رحمته غضبه، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، يحب أنين النادمين، ويسمع دعاء المتضرعين، ويقبل توبة التائبين، ويعجب من الشباب الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الحقُ المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين، عبد ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، وسلم كثيرًا.

أما بعد: معاشر المسلمين، فإن من الناس من يفرح بقدوم شهر رمضان ليستغله في التسول وفتح جيبه ليضع الناس فيه زكواتهم، وهو ليس من أهل الزكاة، ولم يشرع له السؤال. ونسي أو تناسى أو جهل حديث الرسول : "ما فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر".

فاحذر - أيها المسلم - أن تفتح على نفسك باب الفقر فتشقى، ويشقى معك من تعول، ولن تغتني ولو صبَّت زكوات المسلمين كلها في جيبك؛ لأن الله فتح عليك باب الفقر حين فتحت على نفسك باب سؤال الناس (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر:2].

أما من كان محتاجًا وذا عيالٍ ودخله لا يغطّي ضرورياته فالزكاة لم تُشرع إلا لمثله والحمد لله، لكن كن حذرًا - أيها المسلم- أن تظن أن مظاهر الترف والكماليات والتوسع في متع الدنيا، حذار أن تظن أن تلك ضرورياتٌ، فهذه حتى لو لم تجدها ولا تستطيع تأمينها فلا يحل لك أخذ الزكاة.

أيها المسلمون، المرأة يجب أن يكون لها من رمضان نصيب، ليس من اللائق أن يضيع نهارها تفننًا في إعداد المآكل والمشارب، ويضيع ليلها تجوالاً في الأسواق بحجة شراءِ ملابسِ الشتاء أو العيد، لم لا يكون الاستعداد للعيد والشتاء قبل دخول رمضان؛ حتى تتفرغ المرأة أكثر للتزود منه لآخرتها؟!

عباد الله، لا تغفلوا عن الدعاء لإخوانكم المجاهدين في سبيل الله؛ فإن الجهاد ذروة سنام هذا الدين، ونرجو أن يكون المجاهدون قد قاموا به، وقاموا بفرض الكفاية ليسقط عن العاجزين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. إن المجاهدين كما أنهم يدافعون عن دينهم وحقوقهم وأعراضهم وديارهم فهم خط المواجهة أمام الأعداء، ولولا ما يبثه الجهاد من إثارة الرعب في قلوب الأعداء المتربصين لما أمهلونا ساعة، فالأعداء لم يتركونا حبًا لنا وشفقة علينا بل خوفًا من ثروتنا الحقيقية ومجدنا التليد، خوفًا من الجهاد أن يتفجر في مواقع أخرى، وقد جربوا وذاقوا نكايته بهم.

فاللهم أقم علم الجهاد، وانصر المجاهدين في سبيلك، وثبت أقدامهم، وسدد سهامهم وآراءهم، وانصرهم على القوم الكافرين...