الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
العربية
المؤلف | سليمان بن حمد العودة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
فالسماء مرفوعة بلا عمد؛ وهي سقف العالم المرفوع، والأرض مستقر ومستودع، وقد ذللها الله وأرساها؛ ليمشي الناس في مناكبها، ويستخرجوا خيراتها، والشمس والقمر سراجان يزهران، وبهما ضياء الكون ونوره، ولا يتخلف نورهما إلا لعارض يقدره العليم الخبير، والنجوم مصابيح وزينة وأدلة للمسافرين، والجواهر والمعادن مخزونة في هذا العالم العجيب، وأنواع النبات وصنوف الحيوان، كل ذلك مسخر لبني الإنسان ..
الحمد لله رب العالمين، جعل الأرض قراراً، وجعل خلالها أنهاراً، وجعل لها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزاً، أإله مع الله؟ بل أكثرهم لا يعلمون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن السنة الإلهية والقدرات الربانية أن الشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أخبر الأمة عن الآيات البينات في الكون والأنفس والآفاق، فآمن المؤمنون وأبى المبطلون، اللهم صل وسلم عليه، وعلى سائر أنبياء الله ورسله، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين. والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
عباد الله: ومن تأمل أحوال الكون وما فيه من مخلوقات وموجودات أدرك عظمة الله وكمال قدرته، وتفرده بالربوبية والألوهية: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء) [النمل: من الآية88].
فالسماء مرفوعة بلا عمد؛ وهي سقف العالم المرفوع، والأرض مستقر ومستودع، وقد ذللها الله وأرساها؛ ليمشي الناس في مناكبها، ويستخرجوا خيراتها، والشمس والقمر سراجان يزهران، وبهما ضياء الكون ونوره، ولا يتخلف نورهما إلا لعارض يقدره العليم الخبير، والنجوم مصابيح وزينة وأدلة للمسافرين، والجواهر والمعادن مخزونة في هذا العالم العجيب، وأنواع النبات وصنوف الحيوان، كل ذلك مسخر لبني الإنسان كل ذلك ليستدل به على عظمة الخالق وليعبد الله وحده لا شريك له ولتعمر الأرض بذكره وشكره.
أيها المسلمون: وفي (مفتاح دار السعادة) حديث مطول عن بديع خلق الله في الكون، بسمائه وأرضه ونجومه وأحيائه، وهو جدير بالقراءة والتأمل.
إخوة الإسلام: بين عشية وضحاها تحولت مساحة قدرها مئة وإحدى وثلاثون ألف كيلومتر مربع شمال غرب تركيا، إلى ساحة لمأساة مفتوحة، تملؤها مشاهد الموت والدمار، ويلفها الحزن الكئيب، وتعصف بها رياح الفزع والأمطار الحمضية القاتلة، خمسة وأربعون ثانية فقط – من زلزال تركيا المدمر – كانت كافية لوقوع ما يقرب من خمسة وأربعين ألف قتيل وجريح، ومائتي ألف مشرد في العراء، يبحثون عن مأوى، والألم يعتصرهم، ومخاوف المستقبل تحيط بهم، ورائحة الموتى، وحطام المباني، والبحث عن أقاربهم، تبث الرعب في قلوبهم، وتزيدهم هلعاً، إنها ثوان تعصف بالحياة والأحياء، وتخلف خسائر تقدر بخمسة وعشرين مليار دولار، وأعظم منها خسائر الأرواح التي لا تعوض.
سبحان الله: في لحظة من الزمن كان من هو أعلى الأرض في أسفلها، ونقص عدد الأحياء، وارتفع مؤشر الأموات، فضلاً عن الرعب والرهبة، وكيف لا يكون ذلك، وقد ذكر أحد المراصد الأمريكية أن هذا الزلزال يعادل قوة أربعمائة قنبلة ذرية من النوع الذي ألقي على هيروشيما – من قبل – .
عباد الله: ولا غرابة أن يكون الحدث محل اهتمام العالم ومتابعاته، ما حدث في تركيا يفوق الوصف، وتعجز الأقلام وتتعثر الألسن وهي تصف الحدث وأثره، ومن خلال خمس وأربعين ثانية -لم تبلغ الدقيقة- تغير ما على وجه الأرض من الحياة والأحياء، وأسفر الحدث عن آلاف القتلى والجرحى، فضلاً عن المفقودين، واتسعت دائرة الحدث الذي لم يستكمل الدقيقة لتمتد على مساحة ثلاث مئة كيلو طولاً، وما يقرب من أربعين كيلو عرضاً، ولتشمل مجموعة من البشر والمنشآت فتخلفها أجداثاً وأنقاضاً، وتترك ورائها آلافاً من البشر دون مأوى، إلى غير ذلك من أرقام موحشة وأنات موجعة، وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
ترى ما العبر والدروس والوقفات المهمة وراء الحدث؟
- الوقفة الأولى: القدرة الإلهية وضعف البشر، فأي قدرة مهما بلغت لا تستطيع أن تعمل بهذه القدرة والسرعة كالذي حصل في زلزال تركيا وغيرها من الزلازل والبراكين الأخرى، وفي مواقع متعددة من العالم، والحدث مع قوته مفاجأة لا تملك هيئة أو جهة التحذير منه قبل وقوعه بوقت كاف، للإخلاء على الأقل، فضلاً عن أن تملك التحذير قبل فترة تمكن الناس من تقليل الخسائر، إنه قدر الله وتوقيته، ولا أحد يملك العلم أو التدخل، وكفى بالله وكيلاًن ومن جانب البشر تتضاءل قواهم، وينحصر جهدهم في الإنقاذ على بطء، ولربما سمعوا الأنين ولم يستطيعوا الوصول إلى صاحبه إلا بعد مفارقته الحياة، ولربما التهمت الأرض من الموتى ما يقارب من خرجوا أحياء أو في عداد الموتى، بل ويظهر الضعف في البشر بعد وقوع الحدث، فعملية الإنقاذ سارت ببطء في بدايتها، وهول النفاجعة وضعف الإدارة أخر عمليات الإنقاذ لساعات طويلة، حتى خرجت عناوين الصحف التركية منتقدة لهذا الوضع، ومن هذه العناوين: (الدولة تحت الأنقاض)، (أتى الصليب الأحمر، أين الهلال الأحمر)، (أنقرة نمر من ورق).
إنها صورة مكشوفة من صور قدرة الله وضعف البشر أمامها.
- الوقفة الثانية: أنفرح للمصاب أم نحزن؟ ولربما فرح البعض لما حصل، وتعليلهم أن في ذلك درساً لكل من يتمرد على شرع الله ويحارب أولياءه، ويضيق الخناق على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويستدل هؤلاء بأن تركيا مؤخراً أقامت للعلمانية سوقاً، رائجة، حكمت بموجبها البلاد وطارت العباد، ونحت شرع الله، ومنعت الخيرين من مزاولة الإصلاح ودعوة الناس للخير، وتقام الدنيا من أجل امرأة محجبة دخلت البرلمان، بل ويمنع الحجاب في المدارس والجامعات، وتنحى الأحزاب الإسلامية عن الحكم، وتباح المحرمات كالزنا والخمور ونحوها، إلى غير ذلك من أمور لا شك أنها محاربة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن الأمر لا ينتهي إلى ذلك فقط – بل ينبغي أن نستشعر الحزن لما حصل في تركيا، فثمة طوائف من المتضررين من إخواننا المسلمين، ولا حول ولا قوة لهم، بل قد يكونون كارهين لما يقع، وأمر آخر ينبغي أن نستشعره دائماً؛ فما يقع من مصيبة في بلد من بلدان المسلمين هو مصيبة على العالم الإسلامي، بأسره، ينقص فيه من موارده، ويفنى فيه عدد من طاقاته، وأهم من ذلك كله فناء عدد من أبناء الأمة الإسلامية. وهؤلاء أو أبناؤهم من بعدهم هم من جنود الإسلام وحماته، فكيف إذا كان زلزال هنا أو فيضانات هناك، وجفاف في موقع ثالث من عالمنا الإسلامي وهكذا. أفنفرح بالمصاب على إخواننا وننسى أنها مصيبتنا جميعاً؟
- الوقفة الثالثة: وفرق بين التشفي والفرح، وبين الاعتبار والتأسف، فحين نعتبر بما يقع بجز من عالمنا، ونصلح ما فينا نحن من خلل، فذلك خير من أن ننشغل بنقد الآخرين والتسلي بأحداثهم، ومن باب الاعتبار نقول: وينبغي ألا ننسى أنه كان لتركيا يوماً من الدهر تاريخ مجيد. لقد كانت موطن الخلافة الإسلامية، ورائدة الفتوح في مشرق الأرض ومغربها، ولا تزال شعوب مسلمة تدين بالفضل بعد الله للأتراك إذ دعوهم للإسلام وأدخلوهم في قوائم المسلمين؛ ومع ما أخذ على الدولة العثمانية من مآخذ فقد كانت إيجابياتها ظاهرة لكل منصف.
وهنا يرد السؤال وهو أيضاً للاعتبار؟ ماذا دهى تركيا في تاريخها المعاصر؛ لماذا استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ وهل ينجح المستعمرون في فصل تركيا عن العالم الإسلامي وهي لحمة منه، وعضو فاعل من أعضائه؟.. وهل تحرك هذه المصائب الواقعة مشاعر العقلاء، وهل تكون تلك الخسائر الفادحة نذراً يستيقظ فيها الأتراك المخلصون فيعيدون تاريخ أجدادهم السابقين، وهل يسارع العالم الإسلامي في مساعدة إخوانهم الأتراك في مصابهم، أم تسبقهم الدول الغربية، متخذة من ذلك وسيلة لمزيد من التغريب والعلمنة، في بلد كان يقود العالم الإسلامي بأسره؟
ومما يلفت النظر -في زلزال تركيا- أن تستغل المساعدات الإنسانية لمآرب سياسية، فقد تحدثت صحيفة (معاريف) الصهيونية صراحة عن أن: تل أبيب، وعواصم الاتحاد الأوروبي قررت تقديم الدعم للنظام العلماني التركي في محنته، خوفاً من سقوطه أمام موجة الاستياء الشعبي، وخشية أن يستفيد الإسلاميون من هذه الحالة لتوسيع نفوذهم . من هنا ينبغي أن يفكر المسلمون بالفرح أو الحزن لما يجري ويحدث في تركيا، ولا ينبغي أن تغلب العواطف دون نظر عميق وخطوات متزنة وشاملة للتقييم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الاحقاف:27].
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلى على الظالمين، والصلاة والسلام على سائر أنبياء الله والمرسلين.
أيها المسلمون: أما الوقفة الرابعة: فهي بين المصائب والذنوب، فمما لا شك فيه ارتباط العقوبات الإلهية بذنوب البشر وانحرافهم، وهذا لا يخص تركيا وما وقع فيها، بل يعم كل أرض ويشمل جميع البشر، وتلك سنة إلهية مضت وتكرر ليتعظ الناس ويصلحوا أحوالهم: (وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس:101].
يقول تعالى -مؤكداً هذه السنة-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30]، ويقول جل ذكره: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102]، وقال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) [الاسراء:16]، إلى غير ذلك من نصوص تخوف المسلم من آثار المعصية وتحسسه بارتباط العقوبة بالذنب، وتنذره قبل يوم الحساب.
- الوقفة الخامسة: إذا كثر الخبث والسؤال المطروح: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" وفي الحديث: "إن الناس إذا رأوا الظالم ثم لم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب من عنده"، ومن هنا تأتي قيمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة للخير ومحاربة الفساد، وكشف أوكار المفسدين حتى لا تغرق السفينة ويتساقط الأبرار مع الفجار، عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشراب ولهو، فيصبحون قد مسخوا خنازير، وليخسفن بقبائل فيها، وفي دور فهيا حتى يصبحوا فيقولوا: خسف الليلة ببني فلان، خسف الليلة ببني فلان، وأرسلت عليهم حصباء حجارة، كما أرسلت على قوم لوط، وأرسلت عليهم الريح العقيم، فتنسفهم كما نسفت من كان قبلهم بشربهم الخمر، وأكلهم الربا، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وقطيعتهم الرحم، قال: وذكر خصلة أخرى فنسيتها رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
- الوقفة السادسة: بينا يكون المرء فيها مخبراً، وإذا به خبر من الأخبار، وسبحان الله كم بين الحياة والممات؟ ما هي إلا عدد من الثواني، وإذا بصفحة الحياة كلها تطوى، وينتقل المرء من حال إلى حال، ومن دار إلى أخرى. تاركاً وراءه نوايا وإرادات وهموماً وأعمالاً عاجلة الأجل دون إتمامها.
وهنا يرد السؤال: حين ينام المرء ماذا يبيت من النوايا وهو قد لا يصبح، وحين يستقل سيارته مسافراً ماذا ينوي وهو قد لا يعود من سفره، ولقد أدرك الناس أن زلزال تركيا وقع في الهزيع الأخير من الليل وما من شك أن عدداً ممن قبضت أرواحهم في الحدث كانوا ركعاً لله سجداً، وعدد أكبر كانوا يقضون الليل بسهرات صاخبة بأنواع من المعاصي والسلوكيات المنحرفة، وعدد يؤمنون بيوم المعاد، وعدد آخر يظنون الحياة الدنيا نهاية المطاف وهكذا: هموم ونوايا قد يهلك أصحابها جميعاً بحدث عام، ولكنهم يبعثون على نياتهم يوم القيامة.
- الوقفة السابعة: والسعيد من وعظ بغيره، وكم ننشغل بأحداث الآخرين وننسى أنفسنا، واله يمهل ولا يهمل، وقد يبتلي قوماً بالضراء ويبتلي غيرهم بالسراء، وقد تكون النازلة في بلد من بلدان المسلمين نذيراً لهم ولمن وراءهم من المسلمين، والسعيد من وعظ بغيره، والمسكين من خدعه الأمل، وغره طول الأجل، وفي القرآن عموماً تذكير مستمر لنا بمن أصبحوا في ديارهم جاثمين، وبمن أصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، وبالقرية الآمنة المطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، فهل نتعظ بمن مضى ومن لحق؟
- الوقفة الثامنة: ولا تعارض بين قدر الله ومعرفة العلماء بالحدث أو تحليل أسبابه، فقد تقع الزلازل في أرض يفسر أهل الاختصاص جيولوجياً سبب وقوعه، وقد يقع الكسوف أو الخسوف وفق حسابات يعلمها الفلكيون بالحساب لكن أحداً من البشر لا يستطيع أن يقدم موعد الزلازل أو يؤخرها، أو يختار مكانها، أو يحدد خسائرها، فذلك لله وحده، وكذلك الكسوف والخسوف فعلم البشر ينتهي عند حسابه، لكنهم لا يملكون تقديمه أو تأخيره أو اختيار مكانه وإذا علم هذا فلا ينبغي أن يكون دور وسائل الإعلام الإخبار عن هذه الحادثات الكونية وتجريدها من بأس الله وقوته، وانحراف البشر وعقوبتهم، ولا ينبغي التركيز كذلك على التحذير من عمى الأبصار، وإغفال الحديث عن عمى البصيرة – وهو أشد – وهكذا ينبغي أن يتميز الإعلام الإسلامي بطرق الأحداث جامعاً بين الحقائق العلمية، والسنن الإلهية، وينبغي أن يذكرهم بشدة بأس الله وغيرته حين تنتهك محارمه، وإنه لبالمرصاد، وإن أخذه أليم شديد.
- الوقفة التاسعة: هزات أرضية تبعث الحياة، وتلك هي نوع آخر من هزات الأرض نبعث لها الحياة، بخلاف الهزات التي تؤدي إلى الوفاة، وهذه الهزة الباعثة على الحياة برهان للعبث والنشور، وآية على قدرة العزيز العليم، وعن هذا النوع من الهزة ودرسها قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت:39].
- الوقفة العاشرة: وفوق ذلك كله، فكثرة الخسوف في الأرض أمارة من أمارات الساعة، وفي الحديث الصحيح عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الساعة لا تقوم حتى تكون عشر آيات: الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، ونزول عيسى ابن مريم، وفتح يأجوج ومأجوج، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا". رواه أحمد ومسلم وغيرهما.