العربية
المؤلف | |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يدعي بعض المتوهمين أن القرآن الكريم خلط بين هاجر أم إسماعيل، ومريم أم عيسى، ويستدلون على دعواهم
* بقوله سبحانه وتعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا [مريم: 16]
* وقوله سبحانه وتعالى: ۞ فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا [مريم: 22]
فيزعمون أن هاجر هربت إلى البرية بإسماعيل، ولما عطشت هيأ الله لها عين ماء فشربت منها، أما مريم العذراء فلم تهرب إلى برية، ولا احتاجت إلى الماء، ولا كانت تحت نخلة.
وجوه إبطال الشبهة:
1) ليس في القرآن خلط بين هاجر أم إسماعيل ومريم أم عيسى، إنما الخلط في عقول هؤلاء المدعين وأفهامهم المنحرفة.
2) كان خروج هاجر وولدها بأمر من الله - عز وجل - لإبراهيم - عليه السلام - بأخذهما إلى تلك الأرض، ليعمر بهما ذلك الوادي.
3) هناك العديد من أوجه الاختلاف بين قصة خروج هاجر ومريم التي تنفي وقوع خلط أو تشابه، يؤدي إلى الخلط بين القصتين.
التفصيل: أولا. ليس في القرآن خلط بين هاجر أم إسماعيل ومريم أم عيسى عليهم السلام:للمسيح عيسى - عليه السلام - ولأمه البتول مريم ابنة عمران مكانة سامية في قلوب المسلمين وفي كتابهم، يؤكد ذلك وجود سورة كاملة في القرآن الكريم باسم مريم، على حين لا تجد في الإنجيل سفرا واحدا باسمها.
إن القرآن الكريم تناول قصة المسيح عيسى - عليه السلام - وأمه في أكثر من موضع، تناول القرآن ميلاد أمه، وكفالة زكريا - عليه السلام - لها، كما تناول عبادتها في بيت المقدس، وتناول أيضا قصة حملها بعيسى - عليه السلام - وقصة وضعه، ومعجزاته، وعرض القرآن دعوته إلى التوحيد وعبوديته لله، كما أفرد أيضا مشهد محاكمة المسيح عيسى - عليه السلام - وهو واقف بين يدي الله يوم القيامة وعرضه بدقة، وتحدث القرآن عن نبوته، وعن موته - عليه السلام - وتناول عقيدة النصارى فيه.
إن عقيدة المسلمين في عيسى - عليه السلام - وأمه - شأن سائر جوانب اعتقادهم - منضبطة ودقيقة وخالية من التخبط والخلط، على عكس ما هو موجود عند غيرهم كالنصارى واليهود، ولم لا والقرآن الكريم هو الكتاب السماوي الخاتم المهيمن، المصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، لايستطيع أحد أن يشكك في حفظه ونقله ودقته، فلا يوجد فيه خطأ واحد على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان، ولم لا والله سبحانه وتعالى حفظه
* فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]
ونفى أن يدخله أو يداخله باطل فقال:
* لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصّلت: 42]
وهو بذلك لا يقارن بكتاب سماوي آخر قد حرف، وتدخلت فيه أيدي البشر؛ فالكتاب المقدس مثلا بشهادة طائفة من علماء الغرب المنصفين يشمل على نحو خمسن ألف خطأ[1].
إن القرآن الكريم هو الكتاب الخاتم المهيمن على ما سبق من كتب وهو الذي ارتضاه الله كتابا خاتما تستنير منه وبه الأجيال المتتابعة من لدن بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة، ومن الغريب أن يأتي بعد ذلك جاهل متخبط ليقول: إن القرآن به خطأ وتخبط؛ لأنه ذكر أن مريم )إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16)( (مريم)، وهي لم تخرج إلى الصحراء ولم تلد تحت نخلة ولم تأكل وتشرب؛ لأنها لم تكن في حاجة إلى الماء، وإننا سنلخص ردنا عليه بما يلي:
مريم قبل حملها بعيسى عليه السلام:
إن مريم جعلتها أمها محررة تخدم بيت المقدس، وإن زوج أختها أو خالتها - نبي ذلك الزمان زكريا عليه السلام - كفلها، واتخذ لها محرابا، وهو المكان الشريف من المسجد لا يدخله أحد عليها سواه[2].
إذن كانت مريم تقطن بيت المقدس، فأين ولدت المسيح إذن؟ هل ولدته ببيت المقدس؟!
قصة ميلاد المسيح عيسى ابن مريم - عليه السلام - كما وردت في سورة مريم:
يقول الطبري في تفسيره لقوله سبحانه وتعالى: )فحملته فانتبذت به مكانا قصيا (22)( (مريم): فاعتزلت بالذي حملته - وهو عيسى - وتنحت به عن الناس مكانا قصيا. يقول: مكانا نائيا قاصيا عن الناس، يقال: هو بمكان قاص وقصي بمعنى واحد، كما قال الراجز:
لتقعدن مقعد القصي
مني ذي القاذورة المقلي
يقال منه: قصا المكان يقصو قصوا، وإذا تباعد. وأقصيت الشيء: إذا أبعدته وأخرته[3].
وعن السدي قال: لما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب الشرقي منه فأتت أقصاه. وقال ابن عباس في قوله سبحانه وتعالى: )فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة( (مريم: ٢٣): ألجأها المخاض إلى جذع النخلة[4].
هذه هي قصة ميلاد المسيح كما رواها الإمام الطبري - رحمه الله - وجميع المفسرين من بعده، والعجيب أن أحدا منهم لم يقل: إن هذه الآيات هي قصة هاجر أم إسماعيل وليست مريم أم عيسى!
قال الحافظ ابن كثير: "قال محمد بن اسحاق: شاع واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل - يعني مريم - فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل بيت زكريا. قال: واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد، وتوارت عنهم مريم واعتزلتهم، وانتبذت مكانا قصيا".
وقوله سبحانه وتعالى: )فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة(: فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة، وهو - بنص الحديث الذي رواه النسائي بإسناد لا بأس به عن أنس مرفوعا، والبيهقي بإسناده عن شداد بن أوس مرفوعا أيضا - ببيت لحم[5].
هذا هو ابن إسحاق، وهو رأس علماء المسلمين في السيرة يروي قصة ميلاد المسيح - عليه السلام - كما رواها الإمام الطبري صاحب التفسير، والعجيب أنه لم يأت أحد من علماء السيرة بقول جديد يخالف قول ابن إسحاق، أو يدعي أن هذه القصة ليست قصة ميلاد المسيح عليه السلام.
رواية العلماء عن أهل الكتاب لقصة ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام:
روي عن الحبر الذي أسلم وهب بن منبه - كان أحد أعلم الناس بأخبار أهل الكتاب في زمانه - أنه قال: لما حضر ولادها - يعني مريم - ووجدت ما تجد المرأة من الطلق خرجت من المدينة مغربة من إيلياء حتى تدركها الولادة إلى قرية من إيلياء على ستة أميال يقال لها "بيت لحم"، فأجاءها المخاض إلى أصل نخلة إليها مذود بقرة[6] تحتها ربيع من الماء فوضعته عندها[7].
سبب انتباذ مريم بالمسيح عيسى - عليه السلام - مكانا قصيا:
وربما سأل سائل فقال: إذا كان الانتباذ هو الاعتزال فلماذا انتبذت به الناس واعتزلتهم؟
يقول الإمام الزمخشري: لعل ذلك يرجع إلى ما لحقها من فرط الحياء والتستر من الناس على حكم العادة البشرية، ولا كراهة لحكم الله، أو لشدة التكليف عليها؛ إذ بهتوها وهي عارفة ببراءة الساحة، وبضد ما قرفت به من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام؛ لأنه مقام دحض قلما تثبت عليه الأقدام، أن تعرف اغتباطك بأمر عظيم وفضل باهر تستحق به المدح، وتستوجب التعظيم ثم تراه عند الناس لجهلهم به عيبا يعاب به، ويعنف بسببه[8].
ويقول المراغي: إنما اتخذت المكان البعيد حياء من قومها، وهي من سلائل بيت النبوة؛ ولأنها استشعرت منهم اتهامها بالريبة، فرأت ألا تراهم وألا يروها[9].
المكان الذي ولدت فيه مريم المسيح عليه السلام:
يقول د. عبد الوهاب النجار: ولما حان انفصال جنين مريم ألجأها المخاض إلى جذع نخلة هناك في الموضع الذي فيه مدينة بيت لحم وهي على بضعة من الكيلو مترات من بيت المقدس[10].
موقع بيت لحم مهد المسيح عليه السلام:
يقول ياقوت الحموي: بيت لحم: بالفتح وسكون الحاء المهملة. بليدة قرب بيت المقدس... مكان مهد عيسى ابن مريم.[11] وبيت لحم مدينة فلسطينية تقع جنوب الضفة الغربية تقع على بعد حوالي 10 كم جنوب القدس الشرقية[12].
وهكذا يتبين لنا أن السيدة مريم هربت من قومها - ببيت المقدس - حتى أتت بيت لحم - مكانـا قصيـا - وهنـاك عنـد النخلـة التي يجـري بالقرب منها نهر صغيـر )قد جعل ربك تحتك سريا (24)( (مريم) ولدت مريم ابنة عمران المسيح عيسى - عليه السلام - عبد الله ورسوله.
هذه هي القصة كما وردت في القرآن وكتب التفسير والسيرة، وقصص الأنبياء، وكلها تقرر أن الآيات الواردة في سورة مريم تتكلم عن قصة ولادة مريم المسيح - عليه السلام - وأنها ليست هاجر أم إسماعيل - عليه السلام - لأن هاجر خرجت بولدها إلى مكة وليس إلى بيت لحم، ولأنها خرجت بعد أن ولدت إسماعيل، في حين تتكلم آيات سورة مريم عن قصة مريم حين ولادة المسيح )فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة( (مريم: 23).
ومن المعروف أن المخاض هو ألم الولادة أو ما يعرف بـ "الطلق"، ومن حقنا الآن أن نتوجه إلى هذا المتوهم والمغالط بعدد من الأسئلة قائلين له: إذا كنــت تنكــر أن مريـم هربت إلى البريـة - لأسبـاب عـدة - وأنهـا حملتــه: )فانتبذت به مكانا قصيا (22)( (مريم) ألم تكن مريم تقيم مع قومها وأهلها في بيت المقدس، فلماذا إذن ولدت المسيح في بيت لحم التي تبعد عن بيت المقدس بــ 10 كم؟
ليس أمام المدعي إلا أن يجيب بإحدى إجابتين، إما أن ينفي ميلاد المسيح - عليه السلام - ببيت لحم، وفي هذه الحالة يقع في الطعن في نصوص الإنجيل، ويكذب بما ورد فيه، ففي إنجيل متى: "ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية، في أيام هيرودس الملك، إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له". (متى 2: 1، 2)، وإما أن يجيب بأن مريم انتبذت به مكانا قصيا على نحو ما أخبر القرآن فولدته في بيت لحم، وبهذا الجواب يكون قد أقام الحجة على نفسه[13].
أما الطعن في قوله سبحانه وتعالى: )فكلي واشربي وقري عينا( (مريم: ٢٦) بحجة أن مريم لم تكن في حاجة إلى الماء؛ لأنها لم تكن عطشى فهو طعن مردود على صاحبه، يدفعه ما سقناه وأثبتناه سلفا - بلا خلاف بين أهل العلم من المسلمين وأهل الكتاب، وبلا خلاف بين القرآن والإنجيل في شأن مكان ميلاد المسيح - عليه السلام - حيث أثبتنا أنه ولد ببيت لحم في حين كان مقام أمه مريم ابنة عمران ببيت المقدس، وعليه فهل من المعقول أن تسير امرأة حامل بها آلام المخاض مسافة 10 كم دون أن تأكل أو تشرب ثم تكون بعد ذلك في غير حاجة للطعام أو للماء؟!
يبقى أن نسأل المدعي في النهاية: ما سند دعواه وما أدلته على ذلك؟ ومن قال بقوله طوال أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان هي مدة وجود القرآن في الأرض أيا كانت ديانة القائل وأيا كان اتجاهه؟ ولماذا اتخذ النصارى المشرق قبلة لهم، مع العلم أنهم كانوا يستقبلون بيت المقدس في زمن عيسى - عليه السلام - وما استقبلوا الشرق إلا بعد رفعه عليه السلام[14] ولم يكن استقبالهم للشرق بنص من الكتاب المقدس أو تشريع من الله؟
يجيب عن هذا السؤال الإمام الزمخشري فيقول: "إن النصارى اتخذت الشرق قبلة؛ لانتباذ مريم مكانا شرقيا"[15].
ثانيا. كان خروج هاجر وولدها بأمر من الله - عز وجل - لإبراهيم - عليه السلام - بأخذهما إلى تلك الأرض ليعمر بهما ذلك الوادي:لم يأت في القرآن الكريم تفصيل لقصة هاجر وإسماعيل - عليه السلام - وإنما جاء ذلك في السنة النبوية المطهرة، وإغفال هذه التفاصيل حجة للقرآن، وليست حجة عليه.
وقد ورد في السنة - التي ما هي إلا وحي يوحى - أن الله - عز وجل - أمر إبراهيم - عليه السلام - أن يخرج بهاجر وولدها إلى مكة ويتركهما هناك؛ وذلك ليعمر الله بهما هذا الوادي المبارك، فقد جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: «أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم - عليه السلام - وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء.
ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم.. أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا. ثم رجعت.
فانطلق إبراهيم، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهذه الدعوات ورفع يديه
* فقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم: 37]
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف ذراعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فلذلك سعى الناس بينهما.
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صه - تريد نفسها -، ثم تسمعت فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء، فجعلت تـحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
* قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله أم إسماعيل! لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا، قال: فشربت وأرضعت ولدها. فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة؛ فإن ها هنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله»[16] [17]. []
ثالثا. هناك العديد من أوجه الاختلاف بين قصة هاجر ومريم:إن كان هناك وجه تشابه بين قصة هاجر ومريم وهو خروج كلتيهما من بلديهما إلى مكان آخر، فإن هناك أوجه اختلاف بين القصتين محصلتها استحالة وقوع خلط أو لبس بينهما.
أوجه الاختلاف والتباين بين قصة هاجر ومريم:
1. إن في القرآن سورة تسمى سورة مريم، تعرض قصة حمل مريم وخروجها ووضعها المسيح عيسى - عليه السلام - بكل تفاصيلها، في حين لا توجد سورة في القرآن باسم هاجر، ولم يتعرض القرآن لقصة خروجها إلى مكة إجمالا ولا تفصيلا، اللهم إلا آية في سورة إبراهيم، ولم يرد فيها ذكر هاجر ولا قصتها، وإنما وردت قصة هاجر في السنة النبوية المطهرة.
2. إن مريم حملت بلا زوج، في حين حملت هاجر بإسماعيل - عليه السلام - من إبراهيم عليه السلام.
3. إن مريم خرجت إلى بيت لحم، في حين خرجت هاجر إلى مكة.
4. إن مريم عندما خرجت كانت حاملا بعيسى - عليه السلام - في حين خرجت هاجر بإسماعيل - عليه السلام - وهو رضيع.
5. إن مريم نزلت بمكان فيه نخلة - أي زرع - وماء، في حين نزلت هاجر بواد غير ذي زرع ولا ماء.
6. إن هاجر خرجت بأمر زوجها - وبوحي من الله - وكان برفقتها، في حين أخرج مريم خوفها من أهلها وآلام المخاض، ولم يكن برفقتها أحد.
7. إن مريم اتجهت للشرق، في حين اتجهت هاجر إلى الجنوب.
بهذه الأوجه يتبين لنا أن الخلط بين القصتين ضرب من الوهم وطمس للحقيقة.
الخلاصة:·لم يخلط القرآن بين هاجر ومريم، بل أفرد القرآن لمريم سورة كاملة تحدث فيها عن قصة حملها وولادتها.
·لا يوجد من أهل العلم طوال أربعة عشر قرنا من ينكر على القرآن إقراره بانتباذ مريم مكانا قصيا عن بيت المقدس، بل أكد العلماء من أهل الكتاب ما قرره القرآن.
· خرجت مريم بحملها؛ خوفا من القيل والقال، وحتى لا تمس بسوء، ولبى الله حاجتها إلى الطعام والشراب وهي في حاجة إليهما.
·إن عدم ذكر القرآن لتفاصيل قصة هاجر وعدم وجود اسمها به حجة له وليس حجة عليه.
·هناك من أوجه الاختلاف بين هاجر ومريم ما يدفع وقوع خلط، أو تشابه يؤدي إلى الخلط بينهما.