البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الشريعة تحمي الأعراض

العربية

المؤلف عادل العضيب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. جريمتان هزت المجتمع .
  2. ما الذي تغير لنصل إلى هذا الحال؟ .
  3. سياج الإسلام لحماية الأعراض .
  4. تساهل الناس وتفريطهم في واقعنا .
  5. دعوات للفساد بوسائل شتى .
  6. هكذا يفسدون المرأة. .

اقتباس

يدركون أن الدعوة الصريحة لنزع الحجاب ستحرق أوراقهم وتقضي على مشروعهم، فجاؤوا بطرق خبيثة ماكرة، فادعوا أنهم يريدون قيادة المرأة؛ حفظا لها من السائق، ورياضة البنات رحمة لها من السمنة، وأن تدرس المرأة الصفوف الأولية؛ لأنها أقرب للصغار من الرجل، ثم اتهموا كل من عارض كلامهم بالتشدد والتخلف؛ ليزيحوه عن طريقهم، وهم في الحقيقة يسيرون على خطى مثيلاتهم في الدول المجاورة..

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالحق المبين وأيده بالآيات البينات؛ لتقوم الحجة على المعاندين, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينة، وإن الله لسميع عليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

عباد الله, أيها المسلمون: قبل نحو شهر نفذت وزارة الداخلية الحكم بالقصاص من شخصين، لا يهم من هم الأشخاص، لكن المهم ما هي الجريمة؟ أما الأول: فجريمة اختطاف مجموعة من الفتيات القاصرات ممن هن دون البلوغ، وفعل الفاحشة بهن، أما الثاني: ففعل فاحشة الزنا بإحدى محارمه!!.

لا يستغرب أن يفعل الإنسان الفاحشة، فنحن لسنا ملائكة، وقد وقع الزنا من أحد الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- والرسول بين أظهرهم، والوحي ينزل من السماء، لكن المستغرب والمستقبح أن يختطف رجل فتيات صغيرات في قرابة العاشرة، ويفعل بهن الفاحشة، هذا فجور وانحراف خطير، والمستغرب أن يقع الرجل على امرأة من محارمه، ويستحل فرجا حرمه الله عليه إلى يوم القيامة.

هذا ضلال وفساد لم يعرف في عصر النبوة، بل لم نعرفه نحن في هذه البلاد قبل عشرات السنين، إذا ما الذي تغير؟ ما الذي تغير حتى وقعت هذه القبائح التي تنفر منها الفطر السليمة؟!.

أقولها بكل صراحة ووضوح: الذي تغير أن الناس تجاوزوا الشرع، وتعدوا حدود ما أنزل الله على رسوله -عليه صلوات ربي والسلام-؛ لأن الشريعة الغراء وضعت سياجات كثيرة؛ حفظا للأعراض، وحرمت كل طريق توصل إلى تحريك الشهوة وفعل الفاحشة، فحرمت الخلوة بالمرأة ونهت عن الدخول على النساء، وشددت على أقارب الزوج، وحرمت على المرأة أن تسافر وحدها، وأمرتها بغض البصر، وأوجبت على المرأة الحجاب، ونهت عن التبرج وإبداء الزينة، وأمرت بالتفريق بين الأولاد في المضاجع إذا بلغوا العاشرة.

فجاء بعض الناس وضربوا بهذه التعاليم عرض الحائط، وخالفوا كلام الله وكلام رسول الله، واستخرجوا أقوال العلماء الشاذة؛ ليفعلوا ما أرادوا، ويقولوا: "أفتى في المسألة فلان"، والنتيجة أفعال يشيب لها رأس الوليد.

لقد حرم الإسلام الخلوة بالمرأة؛ حماية لها ومنها، فجاء الناس فأباحوا لها الخلوة بالسائق، وتركوها فريسة سهلة بين يديه، ونهى الإسلام عن الدخول على النساء، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إياكم والدخول على النساء". فقال رجل: أرأيت الحمو؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحمو الموت".

وقد خالف بعض الناس كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صراحة، واستثنوا أقارب الزوج، بل منهم من أجبر زوجته أن تكشف لأخيه، وأن تجلس مع أقاربه، بل وصل الأمر ببعض الذين نزعت الغيرة من وجوههم إلى التهديد بالطلاق، وتساهل الناس في دخول من هم في المرحلة المتوسطة على النساء خصوصا في الاجتماعات العائلية؛ بحجة أنهم صغار مع أنهم ربما كانوا بالغين، والنساء في كامل الزينة وقد لبسن من اللباس ما يحرك الصخر.

وقد أمر الإسلام بالحجاب، وحرم إبداء الزينة والتبرج، قال ربنا -جل وعلا-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب:33]. وقال -جل وعلا-: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [النور:31]. وقال -سبحانه وبحمده- : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب:59].

فتلاعبت النساء بالحجاب، فلبسن العباءات الضيقة، والمخصرة والمطرزة، وأنزلن العباءة على الرأس ذا الكتفين، وكشفن عن اليدين، وتنقبن نقابا واسعا يظهر الحاجبين والوجنتين، ولبسن البناطيل تحت العباءة، وخرجن إلى الأسواق وتساهلن في الحجاب أمام المحارم؛ فلبسن البناطيل أمام الأولاد والإخوة، بل ربما أمام الأعمام والأخوال، وأظهرن كامل اليد من أطراف الأصابع إلى الكتفين، وأظهرن الصدر وجزءً من الثديين، ولبست البنات القصير والضيق والعاري، وخرجن أمام الناس في الأسواق وغيرها؛ بحجة أنهن صغيرات وهن في العاشرة أو فوقها، وقد قالت عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة". [رواه الترمذي].

وسافرت المرأة وحدها دون محرم، بل منهن من سافرت دون محرم إلى بلاد الكفر، وأقامت هناك، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تسافر المرأة لوحدها، فلما قال له رجل: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزة كذا وكذا، قال -عليه الصلاة والسلام-: "انطلق فحج مع امرأتك".

المرأة خرجت للحج لأداء عبادة، لم تسافر للنزهة، ولا للدراسة، وخرجت مع من؟ مع الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- مع أشرف الخلق بعد الأنبياء، والرجل كتب اسمه في الجهاد، ومع هذا لم يأذن لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تسافر لوحدها، بل قال: "انطلق فحج مع امرأتك".

وأمرت الشريعة بغض البصر، قال الله: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ). لماذا يا الله؟ (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30]. (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:31].

أطلق الكثيرون لأبصارهم العنان فلا حرام، وقلب الرجال أبصارهم في نساء الدنيا وهن متبرجات بحجة مشاهدة الأخبار أو بحجة التسرية، ونظرت النساء إلى الفنانين والممثلين واللاعبين، وتعدى الأمر إلى التواصل مع الرجال الأجانب في مواقع الإنترنت؛ حتى سهل على الفجرة الحصول على صورهم، ومن ثم لعبوا بعفتهن، بل استطاعوا دخول البيوت، وهذا بسبب التساهل مع الرجال الأجانب إما صوتا أو كتابة، مع أننا في القديم لا نسمح للمرأة أن ترفع سماعة الهاتف إن كانت شابة؛ حفظا له وحماية.

فتكلم المرأة البقالة والمطعم, وتناقص الباعة بصوت يسمع من بعيد, في سلسة من التجاوازات التي تقرح القلب وتبكي العين وتنبئ عن جرأة عظيمة على حرمات الله، وتقود إلى فساد أخلاقي عظيم إن لم يتدارك الله الجميع برحمته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما, وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، وصل اللهم وسلم وبارك على البشير النذير والسراج المنير, صل الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الميعاد والمصير.

أما بعد:

فيا معاشر المسلمين: صور من التعدي على الأعراض لم تكن مألوفة ولم نسمع بها في غابر الأزمان، لكن مرضى القلوب لم يكتفوا بذلك، فهم يريدون نزع الحجاب، يريدون من بناتنا ونسائنا أن يلقين الحجاب ويكشفن عن الوجوه، لذا هم يطالبون بقيادة المرأة للسيارة، ورياضة البنات، وأن تدرس المرأة الصفوف الأولية، وأن تحصل المرأة على بطاقة وأن تمكن من السفر؛ لأنهم يدركون أن الدعوة الصريحة لنزع الحجاب ستحرق أوراقهم وتقضي على مشروعهم، فجاؤوا بطرق خبيثة ماكرة، فادعوا أنهم يريدون قيادة المرأة؛ حفظا لها من السائق، ورياضة البنات رحمة لها من السمنة، وأن تدرس المرأة الصفوف الأولية؛ لأنها أقرب للصغار من الرجل، ثم اتهموا كل من عارض كلامهم بالتشدد والتخلف؛ ليزيحوه عن طريقهم، وهم في الحقيقة يسيرون على خطى مثيلاتهم في الدول المجاورة.

يقول الشيخ على الطنطاوي -رحمه الله- ويتكلم عن بلاد الشام: "بدأوا بالرياضة تعلمها معلمات للطالبات في باحة المدرسة، ثم خرجوا بهن إلى الساحات المكشوفة التي يراها الجيران، فلما رآه الناس تثنى جعلوا لها ثيابا تكشف عن بعض الساق وعن نصف الذراع، فلما رأوها سكتن، ألفوا من البنات فرقة الكشافة المرشدات، أخرجوهن يوم العرض... إلى أن قال: صنعوا ما صنعوا على تخوف أولا وحذر, فلما رأوا أنا لا نبالي ولا نعترض ولا نغار على بناتنا خلعوا الحجاب وأزاحوا الستار, وجاؤوا جهارا نهارا من الباب بعد أن كانوا يتسللون من النافذة".

هؤلاء هم دعاة الشر والرذيلة في كل زمان وفي كل مكان، يتلونون تلون الحرباء, ويسلكون كل طريق لنشر الفاحشة، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) [البقرة: 11، 12].

ولكن بحول الله -جل وعلا- ستتكسر سهامهم على صخرات من الإيمان في مجتمع انقاد إلى لا إله إلا الله، وأدرك ما يدار في الخفاء.

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله امتثالا لأمر الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من صل علي صلاة واحدة صل الله عليه بها عشرا".

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبنينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء, أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى سائر الصحابة أجمعين, وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك المجاهدين، واجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم فك أسر المأسورين، اللهم فرج هم المهمومين، اللهم نفس كرب المكروبين، اللهم اقض الدين عن المدينين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزلازل والمحن وسائر الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة، اللهم أنت المستعان وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحانك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.