البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

ادِّعاءُ أن الصحابةَ قالوا بوجودِ نقصٍ في القرآنِ؛ كآيةِ الرجمِ، وآيةِ الرَّضاع

العربية

المؤلف باحثو مركز أصول
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات جمع القرآن - شبهات حول القرآن
الجواب المختصر:

مضمونُ السؤال:

جاءت آيةُ الرجمِ في «سننِ ابنِ ماجه» (2553)، وغيرِهِ،

مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ، قال: «قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: «مَا أَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ»، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ: إِذَا أُحْصِنَ الرَّجُلُ، وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوْ اعْتِرَافٌ، وَقَدْ قَرَأْتُهَا: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ»؛ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ».

ومِن معلَّقاتِ البخاريِّ (قبل الحديثِ 7170)، قال: «قال عُمَرُ: «لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ، لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي». وينظر: «مسنَدُ أحمد» (35/ 472 رقم 21596). وجاءت آيةُ الرَّضاعِ في «صحيحِ مسلم» (1452)، عن عَمْرةَ،

عن عائشةَ؛ أنَّها قالت: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَات مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ؛ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ».

وورَدَ ذكرُ الآيتَيْنِ في «مسنَدِ أحمدَ» (43/ 342 رقم 26316)

عن عَمْرةَ، عن عائشةَ، قالت: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ، وَرَضَعَاتُ الْكَبِيرِ عَشْرٌ، فَكَانَتْ فِي وَرَقَةٍ تَحْتَ سَرِيرٍ فِي بَيْتِي، فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ ﷺ، تَشَاغَلْنَا بِأَمْرِهِ، وَدَخَلَتْ دُوَيْبَّةٌ لَنَا، فَأَكَلَتْهَا».

وكلُّ ذلك يدُلُّ على أنه قد تَمَّ تحريفُ القرآنِ منذُ عهدِ الصحابة

مختصَرُ الإجابة:

لا يَصِحُّ الاستدلالُ بآيةِ الرجمِ وآيةِ الرَّضاعِ على وجودِ نقصٍ في القرآنِ؛ لأنهما مما نُسِخَ لفظُهما، وبَقِيَ حكمُهما؛ لحِكَمٍ متعدِّدةٍ ذكَرها العلماء.

وثبوتُ القرآنِ دلَّت عليه أدلَّةٌ كثيرةٌ، مِن القرآنِ والسنَّةِ والإجماع، ومِن العقلِ كذلك؛ ومنها: واقعُ الصحابةِ الذي يَشهَدُ على حرصِهم الشديدِ على حفظِ كتابِ اللهِ سبحانه، واهتمامِهم به، وتنافُسِهم في ذلك؛ مما يُبطِلُ هذه الدعوى.

وأيضًا: فلا تعارُضَ بين نسخِ هذه الآياتِ وبين ثبوتِ القرآنِ؛ فإن العقلَ والشرعَ لا يَمنَعانِ مِن وجودِ آياتٍ نُسِخَ لفظُها، وبَقِيَ حكمُها.

وغايةُ الأمرِ - عند فرضِ التعارُضِ، ولا تعارُضَ - هو القولُ بأن الرواياتِ الواردةَ عن عُمَرَ رضيَ الله عنه: إما أنها لم تثبُتْ سنَدًا، أو هي اجتهادٌ وفهمٌ خاصٌّ منه، أو نحوُ ذلك مِن الأجوبة؛ لثبوتِ الأصلِ المتقدِّمِ مِن كمالِ القرآنِ وحفظِه. بل إن توافُقَ الصحابةِ على عدَمِ روايتِها قرآنًا مِن أظهرِ الأدلَّةِ على أنها: إما قرآنٌ نُسِخَ لفظُهُ - وهو جائزٌ شرعًا وعقلًا - أو لم تكن قرآنًا أصلًا؛ فإن هذه الحوداثَ أمرٌ جزئيٌّ، ليست هي مِن القرآنِ المأمورِ بحفظِ نصِّه


الجواب التفصيلي:

لا يَصِحُّ الاستدلالُ على وجودِ نقصٍ في القرآنِ بآيةِ الرجمِ وآيةِ الرَّضاعِ، ويُمكِنُ الجوابُ على ذلك بوجوهٍ:

الأوَّلُ: أن ثبوتَ كمالِ القرآنِ في المُصحَفِ ثبَتَ ثبوتًا لا ريبَ فيه؛ بأدلَّةٍ كثيرةٍ، مِن القرآنِ والسنَّةِ والإجماع، ومِن العقلِ كذلك:

ومَن عرَفَ الصحابةَ، وما قاموا به تُجاهَ القرآنِ لا يُمكِنُ أن يَتصوَّرَ أبدًا أن يَحذِفَ أحدُ الصحابةِ حرفًا واحدًا؛ ناهيك عمَّا هو أكثرُ، بينما بقيَّةُ الصحابةِ شهودٌ على ذلك، ولا يَنبِسونَ ببِنْتِ شَفَةٍ.

وقد حَفِظَ الكثيرُ منهم القرآنَ الكريمَ في صدرِهِ، وتناقَلهُ بعضُهم عن بعض، وقامت عليه حياتُهم كلُّها؛ لأنه مَصدَرُ التشريعِ الأوَّلُ للدِّين؛ فمِن المستحيلِ - والحالُ هذه - أن يَتجرَّأَ أحدُهم ويَحذِفَ حرفًا واحدًا أو أكثرَ؛ وهذا دليلٌ بارزٌ وواضحٌ على أن ما ورَدَ في السؤالِ ليس صحيحًا.

الثاني: أنه لا تعارُضَ بين نسخِ هذه الآياتِ وبين ثبوتِ القرآنِ:

فغايةُ الأمرِ: وجودُ آياتٍ نُسِخَ لفظُها، وبَقِيَ حكمُها، وليس في الشرعِ ولا العقلِ ما يَمنَعُ ذلك، فإذا ثبَتَ أنه ورَدتْ آيةُ الرَّجْمِ، فهي مِن القرآنِ الذي نُسِخَ لفظُه، وبَقِيَ حُكْمُه، وكذلك آيةُ الرَّضاع.

ولذلك حِكَمٌ، منها: اختبارُ الناس، ومعرفةُ مَدَى مسارَعتِهم في طاعةِ اللهِ تعالى، واتِّباعِ مَراضِيهِ بمجرَّدِ أدنى الأدلَّة؛ كما سارَعَ إبراهيمُ الخليلُ إلى ذَبْحِ ولَدِهِ بمجرَّدِ منامٍ جاءه؛ وهو أَدْنى طُرُقِ الوحي.

وهذا لا يخالِفُ الحكمةَ؛ فالرَّجْمُ مثَلًا حالةٌ نادرةٌ لصعوبةِ الشهودِ على مثلِ ذلك؛ فورودُها، ثم نسخُها لفظًا: كافٍ، ويَبْقى الذي يُتْلى في القرآنِ، وهو ما فيه عنايةٌ خاصَّةٌ.

الثالثُ: أن غايةَ الأمرِ - عند فرضِ التعارُضِ، ولا تعارُضَ - هو القولُ بأن الرواياتِ الواردةَ عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ الله عنه: إما أنها لم تثبُتْ سنَدًا، أو هي اجتهادٌ وفهمٌ خاصٌّ منه، أو نحوُ ذلك مِن الأجوبة؛ لثبوتِ الأصلِ المتقدِّمِ مِن كمالِ القرآنِ وحفظِه.

بل إن توافُقَ الصحابةِ على عدَمِ روايتِها قرآنًا مِن أظهرِ الأدلَّةِ على أنها: إما قرآنٌ نُسِخَ لفظُهُ - وهو جائزٌ شرعًا وعقلًا - أو لم تكن قرآنًا أصلًا.

وما الشأنُ الذي يَحمِلُ صدرَ هذه الأمَّةِ على أن يُهمِلوا بعضَ القرآن، وقد كان رسولُ اللهِ ﷺ يُعْنى به غايةَ العنايةِ، وقد حَثَّ على حفظِهِ وصيانتِه، ونَصْبِ الكَتَبةِ له، وحضَرَهُ خلقٌ كثيرٌ متبتِّلون لهذا الباب، ومنصوبون لكَتْبِ القرآن؟!

وكيف يجوزُ في العادةِ أن يَذهَبَ على هؤلاءِ، وعلى سائرِ الصحابةِ: آيةُ الرَّضاعِ، وآيةُ الرَّجْمِ؛ فلا يَحفَظَها ويذكُرَها إلا الواحد؟!

فقد اتضَحَ بجملةِ ما وصَفْناهُ مِن حالِ الرسولِ، والصحابةِ: أنه لا يجوزُ أن يَذهَبَ عليهم شيءٌ مِن كتابِ اللهِ تعالى، قَلَّ أو كَثُرَ، وأن العادةَ تُوجِبُ أن يكونوا أقرَبَ الناسِ إلى حفظِهِ وحراستِهِ، وحفظِ ما نزَلَ منه، وما وقَعَ، وحفظِ تاريخِهِ وأسبابِهِ، وناسخِهِ ومنسوخِهِ، وأما هذه الحوداثُ، فما هي إلا أمرٌ جزئيٌّ، ليست هي مِن القرآنِ المأمورِ بحفظِ نصِّه.