العربية
المؤلف | |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
ينكر بعض المشككين حادثة الطوفان الواردة في قصة نوح - عليه السلام - في القرآن الكريم ويدعون أنه أسطورة وردت في الكتب القديمة. مستدلين على ذلك بأنه لا يمكن حدوث مثل هذا السيل الذي يغطي الكرة الأرضية كلها بجبالها الشامخة، كما أن سفينة نوح - عليه السلام - لا يمكن أن تسع كل أصناف الحيوانات و مهما تكن فهي أضيق من أن تضم كل حيوانات الأرض[1].
وجوه إبطال الشبهة:1) أثبتت البحوث التاريخية والأركيولوجية [2] أن الطوفان العظيم غمر بلاد الرافدين القديم مما يؤكد صحة وجود الطوفان.
2) توصل علماء المناخ والجيولوجيا [3] إلى أن الجزيرة العربية مرت بعصور مطيرة تسببت في فيضانات غامرة[4].
3) الأدلة العلمية ترجح ما ورد في القرآن وأقوال المفسرين على ما ورد في التوراة بخصوص الطوفان.
4) تجمعت عدة أدلة عقلية تثبت أن أحداث الطوفان كانت حدثا واقعيا وحقيقيا. وأنه لم يكن ضربا من الأساطير.
5) الطوفان معجزة إلهية، والمعجزات لا مدخل للعقل في النظر إليها، وكذلك صنع السفينة كان بوحي من الله وتعليم من الملائكة.
6) إن السياق القرآني لقصة الطوفان العظيم سياق وعظي، رام إلى اتخاذ العبرة والعظة من قوم أشركوا بالله وعصوا الرسول نوحا عليه السلام؛ فحل بهم العقاب - الطوفان العظيم - فلم يكن حديث خرافة وإنما كان حديث حق.
التفصيل: أولا. تاريخ بلاد الرافدين القديم والكشف عن آثار الطوفان:أثبتت البحوث التاريخية والأركيولوجية أن الطوفان العظيم غمر بلاد الرافدين القديم مما يؤكد صحة وجود الطوفان، فلقد مر التاريخ القديم لبلاد الرافدين بالعصور الآتية[5]:
1. العصر الحجري القديم: اكتشف العالم سويلي آثار هذا العصر سنة 1954م في كهف شانيدار شمالي شرقي الموصل، حيث عثر على بقايا هياكل عظمية تعود إلى هذا العصر.
2. العصر الحجري الحديث: ويتضمن ما يأتي:
حضارة جرمو: عثر الأستاذ بريد وود سنة 1948م على مركز هام من مراكز هذا العصر في قرية جرمو الواقعة في غربي مدينة السليمانية، وأرجع العلماء تاريخ هذا المركز إلى نحو 6500 ق. م، أي إلى ما بعد ظهور المجتمعات القروية الزراعية بقليل.
حضارة عصر تل حسونة: ويقع جنوبي الموصل، ويرجع عهد هذا العصر إلى حوالي سنة 5750 ق. م. وكانت بعثة مديرية الآثار العراقية قد نقبت في هذا التل سنة 1943م، ومن أغرب ما عثرت عليه البعثة تماثيل فخار صغيرة الحجم، تمثل أشكالا مصنوعة من الطين الفخارى، مما يدل على ظهور نوع من العبادات الوثنية. ووجد العالم مالوان سنة 1931م نماذج مماثلة لـ "حضارة تل حسونة" في نينوي بالقرب من الموصل، واكتشف نماذج أخرى من هذه الحضارة في أماكن متعددة في شمالي العراق.
حضارة تل حلف: عثر عليها العالم الألماني البارون فون أوبنهايم في قرية تل حلف، بالقرب من ناحية رأس العين في سورية[6].
العصر النحاسي الحجري في وادي الرافدين: تمثل حضارة هذا العصر في ثلاثة مواقع هامة وهي:
تل العبيد: قرب مدينة أور القديمة جنوبي بلاد الرافدين، وقد اكتشفته بعثة المتحفة البريطانية برئاسة د. هول، وتابع التنقيب[7] المؤرخ ليونانرد وولي، وعثر في أور على دمى[8] من الطين ذات مغزى ديني.
حضارة عصر أوروك (الوركاء): عثرت عليها بعثة ألمانية.
حضارة عصر جمدة نصر: اكتشف آثار هذا العصر العالم الأثري لانكدون Langdon سنة 1920م في تل صغير يقع بالقرب من مدينة كيش القديمة يدعى جمدة نصر.
وفي نهاية هذا العصر - كما تقول كتب التاريخ - حصل الطوفان العظيم الذي غمر بلاد ما بين الرافدين فقضى على معظم السكان، ولم يبق منهم إلا عدد ضئيل[9]، وقد أثبتت الحفريات التي حفرت في أور وأورك وكيش وشوروباك، حدوث فيضان عظيم بين عصر العبيد وعصر السلالات الأولي، فيضان عظيم حصل في آخر عصر جمدة نصر. وقد وجد العالم الأثري وولي طبقات كثيفة من الغرين في مدينة أور بعمق مترين ونصف. ووجد وولي آثار السكنى البشرية فوق هذه الطبقات وتحتها، واستنتج من ذلك أن هذا الغرين قد أتت به مياه فيضانات دجلة والفرات، وقد قدر مساحة الأرض التي غمرها الفيضان بأربعمائة ميل طولا، وألف ميل عرضا.
ثانيا. نظرة مناخية وتضاريسية:مرت الجزيرة العربية بعصور مطيرة (البلايستوسيين) وهي اليوم جافة تجري فيها سيول عند سقوط المطر، فالظروف المناخية الحالية تختلف عن تلك التي كانت موجودة في المنطقة قديما، فبينما كانت أوربا تمر بالعصر الجليدي في بدء الدور الجيولوجي الرابع، كان الشرق الأدنى يمر بالعصر المطير (البلايستوسين)، وكانت المناطق الصحراوية الممتدة في وسط إفريقية وجزيرة العرب وإيران ذات مناخ معتدل يشبه مناخ أوربا الغربية الآن.
وقرر العلماء نتيجة لما سبق، أن الإنسان لم يكن في ذلك العصر المطير يعيش في الشرق الأدنى القديم على ضفاف الأنهار؛ لكثرة الفيضانات والمستنقعات، بل كان يعيش فوق المناطق الجبلية، وفوق الهضاب التي كانت أمطارها ومياهها ونباتاتها كثيرة، ولكنها أصبحت بعد ذلك من المناطق الصحراوية بانتهاء عصر (البلايستوسين) المطير، وما تزال كذلك حتى اليوم، ذلك أن الدفء والجفاف أخذا ينتشران فيها شيئا فشيئا، بينما كانت الثلوج تذوب في أوربا ويعتدل مناخها[10].
هذا من ناحية المناخ.. أما من الناحية التضاريسية.. فبلاد الرافدين كانت رقعتها أصغر، حتى إن دجلة والفرات اللذين يصبان اليوم معا كانا في التاريخ القديم يبعدان عن بعضهما حوالي 80 كيلو مترا، وتشكل السهل الجنوبي في العراق من رواسب هذين النهرين؛ إذ كانت مياه الخليج العربي تغمر جزءا كبيرا من هذا السهل، ويقدر العلماء أن الساحل الحالي يبعد ما يقرب من 190 كيلو مترا عن الساحل القديم، وأن الأرض اليابسة كانت تكسب من البحر ما يزيد عن أربع كيلو مترات كل مائة سنة[11].
ثالثا. الأدلة العلمية ترجح ما جاء في القرآن وأقوال المفسرين على ما ورد في التوراة بخصوص الطوفان:ويؤكد جمهور العلماء على أن الطوفان كان في الظاهر عاما مهلكا لكل الكافرين، وحفظ الله تعالى منه نوحا - عليه السلام - ومن آمن معه، وقال بعض المفسرين: إن ظواهر الآيات تدل بمعونة القرائن على أنه لم يكن في الأرض كلها في زمن نوح - عليه السلام - إلا قومه، وأنهم هلكوا كلهم بالطوفان، ولم يبق فيها بعده غير ذريته، وهذا يقتضي أن يكون الطوفان في البقعة التي كانوا فيها من الأرض سهلها وجبالها لا في الأرض كلها، فالطوفان كان خاصا؛ لأن النوع الإنساني لم يكن في جميع الكرة الأرضية، بل كان منحصرا في بلاد الرافدين حيث نوحـ عليه السلام - وقومه.
وإذا ذكرت التوراة أن الأرض قد علاها الماء خمسة عشر ذراعا، وأباد الله كل ذي حياة من إنسان ووحش وطير على وجه الأرض، وذكرت أبعاد السفينة كما ذكرها أصحاب هذا الادعاء، كل ذلك لا يؤخذ به؛ لثبوت أن التوراة كتبت بعد موسى - عليه السلام - بزمن بعيد، فاعتراها التحريف زيادة ونقصا حسب آخر الأبحاث العلمية.
أما القرآن الكريم الذي ثبتت علميا صحته، وأن كل ما فيه حقائق ثابتة، فقد وصف السفينة بأنها:)الفلك المشحون (119)( (الشعراء)، وبأنها: )ذات ألواح ودسر (13)( (القمر).
رابعا. الأدلة العقلية على حدوث الطوفان: تجمعت عدة أدلة عقلية تثبت أن حدث الطوفان كان حدثا واقعيا وحقيقيا وأنه لم يكن ضربا من الأساطير:1. الرقم التي اكتشفت في مكتبة آشور بانيبعل، والتي ذكرت صراحة قصة الطوفان، وذكرت أنه بانتهاء الطوفان عادت الحياة إلى الأرض فابتدأت بذلك العصور التاريخية، وهذه الرقم تعود إلى 3000 سنة ق. م.
2. اكتشاف العالم الأثري وولي طبقات كثيفة من الغرين في مدينة أور بعمق مترين ونصف، وفيها آثار السكنى البشرية فوق هذه الطبقات وتحتها.
3. وجود الأصداف والأسماك المتحجرة في أعالي الجبال، وهذه الأشياء لا تتكون إلا في البحار، فظهورها في رؤوس الجبال دليل على أن الماء صعد إليها مرة من المرات، ولا يكون ذلك إلا إذا كان الطوفان بلغ ذراها[12]، وصعود الماء إلى الجبال لمدة أيام معدودة يكفي لوجود الأصداف والأسماك المتحجرة في قمم الجبال.
4. حدوث الطوفان في أواخر العصر المطير (البلايستوسين)، أي: في ظروف مناخية وتغيرات جغرافية غير الظروف والتغيرات الحالية.
5. وجود قصة الطوفان في كتب الأقدمين من هنود وفرس وآشوريين.. يجعل الحدث حدثا معروفا عالميا.
6. في بعض أرجاء الكرة الأرضية اليوم مناطق جافة، بل معدل أمطارها صفر ملم في السنة، ومع ذلك فقد يحدث فيها فيضانات أحيانا، كما هو الحال في أسوان وسواحل البحر الأحمر الإفريقية؛ حيث معدل المطر المعروف صفر ملم، وقد حصلت عام 1979م سيول جارفة وفيضانات رهيبة تركت عشرات الضحايا وآلاف المشردين، مع أن مدة هطول الأمطار في هذه المناطق الجافة لم يستمر إلا لبضع ساعات فقط[13].
7. هذا، ونشرت مجلة (السفير) مقالة في عددها يوم الأحد 26/8/1984م على الصفحة الرابعة تحت عنوان (البعثة الأمريكية إلى جبل أرارات تعلن اكتشاف بقايا سفينة نوح)، نظم الرحلة رائد الفضاء السابق جيمس أروين، الذي أصبح متدينا بعدما سار على القمر عام 1971م أثناء رحلة أبولو 15، وطالبت البعثة الأمريكية الحكومة التركية أن تأذن لها بإغلاق المنطقة التي عثر فيها على الاكتشاف على ارتفاع 1585 مترا[14].
خامسا. الطوفان معجزة إلهية فلا يقاس بالعقل وكذلك السفينة كانت بوحي من الله وتعليم الملائكة:وبعد هذا بالإمكان أن نقول: إن هؤلاء المدعين أخطئوا في أمور ثلاثة في مقدماتهم، فجاءت نتائجهم واستنتاجاتهم خطأ، وهذه الأمور الثلاثة هي:
1. أن الطوفان عم الكرة الأرضية كلها، وهذا خطأ قطعا برأي جمهور العلماء. وعليه فالسفينة حملت زوجين من كل الحيوانات الموجودة في هذه البقعة التي شملها الطوفان فقط وهذا ممكن. وحتى لو افترضنا أن الطوفان عم جميع الأرض على رأي بعضهم - وهم قلة - فإن السفينة كانت عظيمة جدا بحيث تسع أن تحمل زوجين من كل المخلوقات ولذلك ورد في بعض كتب التفسير أن طولها ألف زراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات طبقة فيها للوحوش والدواب وطبقة فيها للأنس وطبقة فيها للطير[15].
2. الظروف المناخية الحالية التي اعتمد عليها هؤلاء في قياساتهم وحساباتهم، تختلف عن الظروف المناخية قبل آلاف السنين، ومن الخطأ الفادح أن تعتمد في حسابات هؤلاء، فكمية الأمطار في أواخر العصر المطير (البلايستوسين) غير كمية الأمطار اليوم، وهذه حقيقة علمية أضحت بدهية عند الباحثين، فكيف تناساها هؤلاء المدعون؟!
3. وطوفان نوح معجزة إلهية لنوح عليه السلام، والمعجزة خرق[16] للقوانين المألوفة لدى البشر، أما الله - عزوجل - فلا تعجزه هذه القوانين فهو الذي أبدعها و هو القادر على تغييرها فتكون معجزة خارقة، فالموضوع إذن موضوع إيمان أو لا إيمان.
والطوفان ذكر في القرآن العظيم - كما مر معنا - ولمحات القرآن الكريم العلمية أثبتها العلم الحديث، بل جاء العلم الحديث مطابقا لها تماما؛ مما جعل العلماء من غير العرب يقولون بالسبق العلمي للقرآن في كل لمحاته الكونية والطبية والطبيعية.
يقول د. موريس بوكاي: "صحة القرآن التي لا تقبل الجدل تعطي النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل، ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد"[17].
ويقول عن "رواية الطوفان في القرآن": "يقدم القرآن رواية شاملة مختلفة ولا تثير أي نقد من وجهة النظر التاريخية، فالقرآن يقدم كارثة الطوفان باعتبارها عقابا نزل بشكل خاص على شعب نوح عليه السلام، وهذا يشكل الفرق الأساسي الأول بين الروايتين - رواية التوراة ورواية القرآن الكريم - وهذا يجعلنا نقول بضرورة - بل بحتمية - دراسة الأمور العلمية والتاريخية الواردة في الكتب المقدسة [18] على ضوء القرآن الكريم فقط، دون سواه، فهو وحده لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث"[19].
وربما كانت قصة الطوفان المذكورة في الكتب المقدسة أقدم من هذا الطوفان بعصور كثيرة، فقد أرجعها العالم الأثري كونتنو نقلا عن العالم دي مورغان إلى العصر المطير الذي تبع عصر الجليد في نهاية الدور الرابع؛ حيث هلك عدد كبير من الناس، وقد خلدت الرقم التي اكتشفت في مكتبة آشور بانيبعل هذا الطوفان، وبعد انتهاء الطوفان تذكر هذه الرقم أن الملكية عادت إلى الأرض، فابتدأت بذلك العصور التاريخية، وفي بدء هذه العصور اشتدت قوة السومريين، فسيطرت بعض السلالات على بعض المدن، وسمي أول عصر تاريخي بـ "عصر فجر السلالات" أو "عصر السلالات الأولى القديمة"[20].
عصر السلالات الأولى: أهم الكتابات عن هذا العصر كتبها المؤرخ البابلي بوحوشا أو بيروسوس، فقد ترك سجلا تاريخيا بأسماء ملوك سومر وأكاد، وينقسم هذا السجل التاريخي إلى قسمين، الأول منهما لملوك ما قبل الطوفان، وهو ينتهي بالجملة الآتية: "وبعد ذلك جاء الفيضان، وبعد الطوفان هبطت الملكية مرة أخرى من السماء".
سادسا. الطوفان في القرآن الكريم:إن السياق القرآني لقصة الطوفان العظيم، سياق وعظي رام إلى اتخاذ العبرة والعظة من قوم أشركوا بالله وعصوا الرسول نوحا عليه السلام؛ فحل بهم العقاب الذي هو الطوفان العظيم فلم يكن حديث خرافة، وإنما كان حديث حق، ولقد ورد ذكر نوح - عليه السلام - في ثلاثة وأربعين موضعا من القرآن الكريم، وذكرت قصته مفصلة في السور التالية: الأعراف، وهود، والمؤمنون، والشعراء، والقمر، ونوح.
وأوضحت القصة أن قوم نوحـ عليه السلام - عكفوا على عبادة غير الله تعالى، واتخذوا لهم أصناما يعبدونها من دونه، فأرسل الله نوحا إليهم، واجتهد غاية الجهد في دعوتهم، وبذل منتهى وسعه[21] لكي يتبعه قومه في الإيمان بالله، ويقلعوا عن عبادة تلك الأصنام، وطال الزمن، وهو يقدم النصح والموعظة سرا وعلانية، وهم لا يزدادون إلا إعراضا وتأبيا[22] عن طريقته، حتى تبرموا به [23]، فأنالوه الأذى، فيئس نوح - عليه السلام - من هداية قومه، فأمره الله - عزوجل - بعمل الفلك؛ لتكون أداة لنجاته ومن معه من الغرق فسخر قومه منه، استبعادا منهم لوقوعه، فكان هو أيضا يسخر منهم، ومن غفلتهم عن الحق، وبلادتهم عن أخذ الحيطة لأنفسهم باتباعه بإحسان وتنجية أنفسهم، وصار نوح - عليه السلام - يتهددهم بذلك العذاب[24].
فلما استووا على ظهر السفينة هطلت[25] الأمطار، وانفجرت عيون الأرض، وحملت المياه السفينة ومن فيها، ومكثت ما شاء الله أن تمكث، إلى أن غرق كل ما على الأرض من إنسان وحيوان، ثم استقرت السفينة على الجودي من جبال أرارات من ديار بكر، وخرج من في السفينة، وبارك الله - عزوجل - فيهم فكثروا.
وصفوة القول: أن قوم نوح - عليه السلام - كفروا وعصوا الرسول فأغرقهم الله بالطوفان، ونجى نوحا ومن معه في الفلك، وجعل ذريته هم الباقين،
* قال عزوجل: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون (37) ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم (39) حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل (40) وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم (41) وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين (42) قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين (43) وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين (44) ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين (46) قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (47) قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم (48) [هود[26]]
* وقال عزوجل: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (10) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (12) وحملناه على ذات ألواح ودسر (13) تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدكر (15) فكيف كان عذابي ونذر (16) [القمر [27]]
الخلاصة:كان للاكتشافات الأثرية الحديثة في بلاد الرافدين أثر كبير في الكشف عن آثار وجود طوفان عظيم حدث في العصور القديمة، مما يؤيد إمكانية حدوث مثل هذه الكارثة الأرضية.
النظرة المناخية التضاريسية للجزيرة العربية تبين أن الإنسان في الشرق الأدنى القديم كان لا يعيش على ضفاف الأنهار لكثرة الفيضانات، بل كان يعيش فوق المناطق الجبلية والهضاب خوفا من المياه.
ورود قصة الطوفان في الكتب المقدسة - وإن كانت متباينة في تفصيلاتها والمعلومات التي أوردتها - يؤكد وقوعها من الناحية التاريخية.
الطوفان معجزة [28] خارقة للعادة وبالتالي فليس من الصواب أن يكون العقل - ومجال عمله القوانين المطرده - هو المرجع في الحكم عليها بالنفي أو الإثبات وكذلك السفينة كانت بوحي من الله تعالى وتعليم الملائكة. فالمسألة مسألة إيمان قبل أي شيء لأن القرآن لم يذكر تفصيلاتها وإن كان العلم الحديث جاء مطابقا لما في القرآن تماما.
حديث القرآن الكريم عن الطوفان وقصة السفينة وهلاك الناس حديث صحيح، وقد أكدت الاكتشافات الحديثة العثور على بقايا سفينة نوح - عليه السلام - عند جبل أرارات من ديار بكر.