﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾
العربية
المؤلف | باحثو مركز أصول |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
العِلمُ الحديثُ جاء ليُثبِتَ ما ذكَرهُ القرآنُ الكريم؛ فمُدَّةُ خلقِ السمواتِ والأرضِ هي ستَّةُ أيَّامٍ، كما ذكَرَها القرآنُ الكريم، بلا تعارُضٍ بين الآيات.
كما أن أن مسألةَ الزمَنِ هي مسألةٌ نِسْبيَّةٌ؛ كما في
قولِهِ تعالى:
﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا﴾
[طه: 102- 104]
وقولِهِ سبحانه:
﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾
[الحج: 47]
واللهُ تعالى قادرٌ على خَلْقِهِنَّ في أقلَّ مِن طَرْفةِ عَيْن.
ليس هناك أيُّ تعارُضٍ بين تحديدِ زمنِ خلقِ السمواتِ والأرضِ في ستَّةِ أيَّام، وبين ما يَراهُ العلمُ الحديثُ مِن أن ذلك
استغرَقَ بلايينَ السِّنين، ولا تعارُضَ بين الآياتِ كذلك، وبيانُ ذلك مِن الوجوهِ التالية:
أوَّلًا: لا يُوجَدُ تعارُضٌ بين الآياتِ في مُدَّةِ خلقِ السمواتِ والأرض:
فقد ذكَرَ اللهُ تعالى في آياتٍ كثيرةٍ أنه خلَقَ السمواتِ والأرضَ في ستَّةِ أيَّامٍ؛
قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾
[ق: 38]
وقال سبحانه:
﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾
[السجدة: 4]
وغيرَ ذلك مِن الآيات.
إلا أن المتوهِّمينَ وقَفوا عند الآيةِ التي يقولُ اللهُ فيها:
﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾
[فصِّلت: 9- 12]
فتوهَّموا أن مجموعَ الأيامِ المذكورةِ هو ثمانيةُ أيَّام.
غيرَ أن الواقعَ غيرُ ما يتوهَّمون تمامًا، وبقليلٍ مِن التركيزِ والتدبُّرِ للآيةِ: يتَّضِحُ لنا أنْ لا تناقُضَ بينها وبين غيرِها مِن الآيات؛ وذلك أن مُدَّةَ الخَلْقِ كلِّه هي ستَّةُ أيامٍ، وليست ثمانيةً، كما توهَّموا.
فاللهُ تعالى ذِكرُهُ يقولُ:
قل - أيها الرسولُ - موبِّخًا المشرِكين: لماذا أنتم تكفُرون باللهِ الذي خلَقَ الأرضَ في يومَيْنِ - يومِ الأحدِ والاثنَيْنِ - وتَجعَلون له نُظَراءَ تعبُدُونهم مِن دونِه؟! ذلك ربُّ المخلوقاتِ كلِّها.
وقد جعَلَ سبحانه فيها - أي: الأرضِ - جبالًا ثوابتَ مِن فوقِها، تثبِّتُها لئلا تضطرِبَ، وقدَّر فيها أقواتَ الناسِ والبهائمِ في أربعةِ أيَّامٍ مُتِمَّةً لليومَيْنِ السابقَيْنِ - هما: يومُ الثلاثاءِ، ويومُ الأربِعاءِ - سواءً لمن أراد أن يسألَ عنها.
ثم قصَدَ سبحانه إلى خلقِ السماءِ، وهي يومئذٍ دُخَانٌ، فقال لها وللأرضِ: انقادَا لأمرِي مختارتَيْنِ، أو مكرَهتَيْن، لا مَحِيدَ لكما عن ذلك، قالتا: أتينا طائعتَيْن؛ فلا إرادةَ لنا دون إرادتِكَ يا ربَّنا. فأتمَّ اللهُ تعالى خلقَ السمواتِ في يومَيْنِ - يومِ الخميسِ، ويومِالجُمُعةِ - وبهما تَمَّ خلقُ السمواتِ والأرضِ في ستَّةِ أيَّامٍ، وأوحى اللهُ في كلِّ سماءٍ ما يقدِّرُهُ فيها، وما يأمُرُ به مِن طاعةٍ وعبادةٍ، وزيَّنَّا السماءَ الدنيا بالنجومِ، وحَفِظْنا بها السماءَ مِن استراقِ الشياطينِ السمعَ، وذلك المذكورُ كلُّه تقديرُ العزيزِ الذي لا يَغلِبُهُ أحدٌ، العليمُ بخلقِه.
هذا معنى الآياتِ باختصارٍ.
والذي لا يصدِّقُ بأن القرآنَ كلامُ الله، ويقولُ: «إنه كلامُ محمَّدٍ ^»، عليه أن يُجيبَ على الأسئلةِ المنطقيَّةِ التالية:
ألم يكن ^ يَعرِفُ الحِسابَ؟
ألم يكن يَعلَمُ أن هناك آياتٍ كثيرةً تؤكِّدُ أن خَلْقَ السمواتِ والأرضِ كان في ستَّةِ أيام؟
والأجدَرُ: أنه كان سينتبِهُ أن هناك تناقُضًا بين الآيات؛ فيعدِّلُها لو كان مدلولُ هذه الآيةِ هو ما جاء في السؤالِ أَعْلاه.
فالقرآنُ لو كان مفترًى - كما يدَّعي بعضُ النصارى والملاحدةِ - فإن محمَّدًا ^ لم يكن لِيَجهَلَ مثلًا أن اثنَيْنِ، وأربعةً، واثنَيْنِ، تُساوي ثمانيةً، وأنه قال في مكانٍ آخَرَ مِن القرآن: إن اللهَ خلَقَ السمواتِ والأرضَ في ستَّةِ أيامٍ؛ مثلَ هذا الموضعِ:
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
[الأعراف: 54].
فهل يتصوَّرُ عاقلٌ أن مَن يُقدِمُ - كما زعَموا - على تزييفِ كتابٍ بهذا الإعجازِ، يُمكِنُ أن يُخطِئَ مثلَ هذا الخطأِ الذي لا يُخطِئُهُ طفلٌ صغير؟!
ثانيًا: أن مسألةَ الزمَنِ هي مسألةٌ نِسْبيَّةٌ:
فقد أشار القرآنُ إلى أن المَدَى الزمَنيَّ لـ «اليومِ» عند اللهِ سبحانه وتعالى، يختلِفُ تمامًا عن المَدَى الزمَنيِّ لـ «اليومِ» الذي نَعرِفُهُ؛
فقال تعالى:
﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا﴾
[طه: 102- 104].
هذه الأيَّامُ التي يحسُبُها المجرِمون هي مِن أيَّامِ الدنيا، بينما اليومُ الواحدُ عند الله سبحانه يعادِلُ ألفَ سنةٍ مما نعُدُّهُ مِن أيَّامِنا؛
قالسبحانه:
﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾
[الحج: 47].
ثم إن سُرُعاتِ الضوءِ التي اكتشَفَها العِلمُ الحديثُ تَجعَلُ اختلافَ مقاييسِ مصطلَحِ «اليومِ» واقعًا عِلْميًّا.
ونحن نُؤمِنُ تمامًا: أنه سبحانه قادرٌ على بسطِ الزمنِ وقبضِهِ: بقدرتِهِ وحكمتِهِ وعِلمِه، وحسَبَ إرادتِه، وأنه كان قادرًا على خلقِ السمواتِ والأرضِ في أقلَّ مِن لَمْحةِ البصَر؛ لكنه شاء وقدَّر أن يكونَ ذلك في ستَّةِ أيَّامٍ؛ لحِكَمٍ يَعلَمُها سبحانه وتعالى. فالاعتراضُ على ما جاء في القرآنِ باطلٌ نقلًا وعقلًا.