البحث

عبارات مقترحة:

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

توهم تناقض القرآن في حكم الجمع بين الأختين

العربية

المؤلف مجموعة مؤلفي بيان الإسلام
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات شبهات حول القرآن
الجواب التفصيلي:
(*)


يتوهم بعض المغرضين وجود تناقض بين

* قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 23]

إلى أن يقول:

* حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 23]

* ، وبين قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6)) [المؤمنون]

، حيث دلت الآية الأولى على حرمة الجمع بين الأختين بالنكاح وملك اليمين، ودلت الثانية على جواز الجمع بينهما بالوطء بملك اليمين.
ويتساءل هؤلاء: كيف يقع مثل هذا التناقض في القرآن الذي تدعون له العصمة؟! ويهدفون من وراء ذلك إلى الطعن في عصمة القرآن من التناقض.

وجها إبطال الشبهة:


1) عموم آية

* (وأن تجمعوا بين الأختين) []

أرجح من عموم آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

وذلك من خمسة أوجه:
• عموم(وأن تجمعوا بين الأختين) (النساء: 23) نص في محل المدرك المقصود بالذات، أي أنها واردة في سياق ذكر من تحل من النساء ومن تحرم.
• آية (أو ما ملكت أيمانهم) ليست باقية على عمومها بإجماع المسلمين.
• التعميم الوارد في معرض المدح أو الذم، اختلف العلماء في اعتبار عمومه.
• الأصل في الفروج التحريم حتى يدل دليل على الإباحة.
• العموم المقتضي للتحريم أولى من العموم المقتضي للإباحة.
2) أجاز العلماء الجمع بين الأختين في ملك اليمين فقط دون الوطء.

التفصيل:
أولا. عموم الآية الأولى أرجح من عموم الآية الثانية:


لا بد أن يخصص عموم إحدى الآيتين بعموم الأخرى، فيلزم الترجيح بين العمومين، والراجح منها يقدم، ويخصص به عموم الآخر؛ لوجوب العمل بالراجح إجماعا، وعليه فعموم

* (وأن تجمعوا بين الأختين) []

أرجح من عموم

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

من خمسة أجه:


الأول: أن عموم

* (وأن تجمعوا بين الأختين) []

نص في محل المدرك المقصود بالذات؛ لأن سورة النساء هي التي بين الله فيها من تحل منهن ومن تحرم، أما آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

فإنها لم تذكر من أجل تحريم النساء ولا تحليلهن، بل ذكر الله صفات المتقين فذكر من جملتها حفظ الفرج، فاستطرد أنه لا يلزم حفظه عن الزوجة والسرية [1]، وقد تقرر في الأصول أن أخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها من غير مظانها.


الثاني: أن آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

ليست باقية على عمومها بإجماع المسلمين؛ لأن الأخت من الرضاع لا تحل بملك اليمين إجماعا للإجماع على أن عموم

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

يخصصه عموم:

* حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 23]

، وموطوءة الأب لا تحل بملك اليمين إجماعا للإجماع على أن عموم

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

يخصصه عموم:

* وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء: 22]


والأصح عند الأصوليين في تعارض العام الذي دخله التخصيص مع العام الذي لم يدخله التخصيص هو: تقديم الذي لم يدخله التخصيص ووجهه ظاهر.


الثالث: أن عموم

* (وأن تجمعوا بين الأختين) []

غير وارد في معرض مدح ولا ذم، وعموم

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

وارد في معرض مدح المتقين، والعام الوارد في معرض المدح أو الذم اختلف العلماء في اعتبار عمومه، فأكثر العلماء على أن عمومه معتبر

* كقوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم (13) وإن الفجار لفي جحيم (14)) [الانفطار]

فإنه يعم كل بر مع أنه للمدح، وكل فاجر مع أنه للذم، وخالف في ذلك بعض العلماء منهم الإمام الشافعي - رحمه الله - قائلا: "إن العام الوارد في معرض المدح أو الذم لا عموم له؛ لأن المقصود منه الحث في المدح والزجر في الذم".
ولذا لم يأخذ الإمام الشافعي بعموم

* قوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34)) [التوبة]

في الحلي المباح؛ لأن الآية سيقت للذم، فلا تعمم عنده في الحلي المباح، فإذا حققت ذلك فاعلم أن العام الذي لم يقترن بما يمنع اعتبار عمومه أولى من المقترن بما يمنع اعتبار عمومه عند بعض العلماء.


الرابع: أننا لو سلمنا بالمعارضة بين الآيتين، فالأصل في الفروج التحريم حتى يدل دليل لا معارض له على الإباحة.


الخامس: أن العموم المقتضي للتحريم أولى من المقتضي للإباحة؛ لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام" [2].

ثانيا. يجوز الجمع بين الأختين في ملك اليمين دون الوطء:


إن الجمع بين الأختين في ملك اليمين فقط يجوز بإجماع كافة أهل العلم، قال القرطبي: واختلفوا في الأختين بملك اليمين، فذهب كافة العلماء إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما بالملك في الوطء، وإن كان يجوز الجمع بينهما في الملك بإجماع، وكذلك المرأة وابنتها صفقة واحدة، واختلفوا في عقد النكاح على أخت الجارية التي وطئها، فقال الأوزاعي: إذا وطئ جارية له بملك اليمين لم يجز له أن يتزوج أختها، وقال الشافعي: ملك اليمين لا يمنع نكاح الأخت، قال أبو عمر: من جعل عقدة النكاح كالشراء أجازه، ومن جعله كالوطء لم يجزه [3].

الخلاصة:


• لا تعارض بين

* قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 23]

* ، وبين قوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6)) [المؤمنون]

، فقد رد العلماء على هذا بأكثر من وجه؛ منها أن:
o عموم الآية

* (وأن تجمعوا بين الأختين) []

أرجح من عموم آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

؛ لأنها فرائض في محل المدرك المقصود بالذات؛ لأن سورة النساء هي التي تختص بحكم من تحل من النساء ومن تحرم، أما آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

فإنها لم تذكر من أجل تحريم النساء ولا تحليلهن.
o آية

* (أو ما ملكت أيمانهم) []

ليست باقية على عمومها بإجماع المسلمين؛ لأن الأصح عند الأصوليين هو تقديم العام الذي لم يدخله التخصيص على العام الذي دخله التخصيص.
o العام الوارد في معرض المدح أو الذم اختلف العلماء في اعتبار عمومه، فمنهم من اعتبره ومنهم من لم يعتبره، وعلى الرأي الثاني يكون ق

* وله سبحانه وتعالى: (أو ما ملكت أيمانهم) []

وارد في معرض مدح المتقين فقط لمجرد الحث على هذا الفعل.
o الأصل في الفروج التحريم مالم يثبت نص يدل على الإباحة.
العموم المقتضي التحريم أولى من العموم المقتضي الإباحة.
• أباح كافة أهل العلم الجمع بين الأختين في ملك اليمين، وحرموا الجمع بينهما في الوطء.

المراجع
  1. (*) البيان في دفع التعارض المتوهم بين آيات القرآن، د. محمد أبو النور الحديدي، مكتبة الأمانة، القاهرة، 1401هـ/ 1981م. [1]. السرية: الأمة المملوكة يتخذها سيدها للجماع، وهي في الأصل منسوبة إلى السر بمعنى الجماع، غير أنهم ضموا السين تجنبا للبس، وفرقوا بينها وبين السرية، وهي الحرة التي يتزوجها الرجل سرا، وقيل: هي من السر بمعنى الإخفاء، لأن الرجال كثيرا ما يتخذون السراري سرا ويخفونهن عن زوجاتهم الحرائر، وقيل: هي من السر بالضم بمعنى السرور.
  2. دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، ط2، 1420 هـ/ 2000م، ص62، 64. البيان في دفع التعارض المتوهم بين آيات القرآن، د. محمد أبو النور الحديدي، مكتبة الأمانة، القاهرة، 1401هـ/ 1981م، ص250، 251 بتصرف.
  3. دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج5، ص116.