الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد البصري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
إِذَا كَانَت هَذِهِ الأَيَّامُ العَظِيمَةُ هِيَ أَيَّامَ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَشُكرٍ لِنِعَمِهِ وَفضلِهِ؛ وَأَيَّامَ عِيدٍ لأَهلِ الإِسلامِ، يُسَنُّ لَهُم أَن يَشتَرِكُوا في خَيرَاتِهَا وَأَفرَاحِهَا، وَإِذَا كَانَ أَعظَمُ الفَرَحِ هُوَ الفَرَحَ بِفَضلِ اللهِ وَطَاعَتِهِ وَكُلِّ مَا يُقَرِّبُ إِلَيهِ، فَإِنَّ مِنَ الحِرمَانِ العَظِيمِ وَالخِذلانِ الَّذِي يُبتَلَى بِهِ بَعضُنَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ أَنَّهُ لا يَقدُرُ هَذِهِ الأَيَّامَ قَدرَهَا، وَلا يَلتَفِتُ لِحُرمَتِهَا، وَلا يَحرِصُ عَلَى التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ فِيهَا بِمَا يُرضِيهِ، بَل لا يَشتَغِلُ إِلاَّ بِهَوَى نَفسِهِ وَرَاحَتِهَا المَوهُومَةِ، فَتَرَاهُ يَسهَرُ طُولَ لَيلِهِ، ثم يَنَامُ في نَهَارِهِ...
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعدُ، فَـ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) [البقرة: 21].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَا زِلنَا اليَومَ في أَحَدِ أَيَّامِ أَعيَادِنَا الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ لَنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَلَم يَشرَعْهَا أَحَدٌ غَيرُهُ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ، عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ" (رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
قَالَ الإِماَمُ ابنُ رَجَبٍ – رَحِمَهُ اللهُ -: وَقَد أَشكَلَ وَجهُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ العُلَمَاءِ؛ لأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ يَومُ عِيدٍ لا يُصَامُ، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَن بَعضِ المُتُقَدِّمِينَ، وَحَمَلَهُ بَعضُهُم عَلَى أَهلِ المَوقِفِ وَهُوَ الأَصَحُّ؛ لأَنَّهُ اليَومُ الَّذِي فِيهِ أَعظَمُ مَجَامِعِهِم وَمَوَاقِفِهِم، بِخِلافِ أَهلِ الأَمصَارِ فَإِنَّ اجتِمَاعَهُم يَومَ النَّحرِ، وَأَمَّا أَيَّامُ التَّشرِيقِ فَيُشَارِكُ أَهلُ الأَمصَارِ أَهلَ المَوسِمِ فِيهَا؛ لأَنَّهَا أَيَّامُ ضَحَايَاهُم وَأَكلِهِم مِن نُسُكِهِم. هَذَا قَولُ جُمهُورِ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ ابنُ تَيمِيَةَ – رَحِمَهُ اللهُ -: "وَإِنَّمَا يَكُونُ يَومُ عَرَفَةَ عِيدًا لأَهلِ عَرَفَةَ لاجتِمَاعِهِم فِيهِ، بِخِلافِ أَهلِ الأَمصَارِ، فَإِنَّمَا يَجتَمِعُونَ يَومَ النَّحرِ، فَكَانَ هُوَ يَومَ عِيدِهِم".
أَجَل – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - هَذَا عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَنَحنُ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَالعِيدُ عِيدُنَا جَمِيعًا بِلا استِثنَاءٍ، فَكَانَ مِمَّا يَنبَغِي وَيَحسُنُ بِكُلِّ مُسلِمٍ يَستَطعِمُ لَذَّةَ كَونِهِ مُسلِمًا وَيَفتَخِرُ بِذَلِكَ التَّمَيُّزِ، أَن يَفرَحَ بِهَذِهِ الأَيَّامِ جَمِيعًا أَشَدَّ الفَرَحِ، وَيَحمَدَ اللهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيهِ مِن جَعلِهِ مُسلِمًا، فَيُشَارِكَ إِخوَانَهُ المُسلِمِينَ في سُنَنِ هَذِهِ الأَيَّامِ وَأَعمَالِهَا الصَّالِحَةِ فَرَائِضِهَا وَنَوَافِلِهَا، وَيَلحَقَ بِرَكبِ الجَمَاعَةِ المُؤمِنَةِ وَلا يَتَخَلَّفَ عَنهَا وَيُقصِيَ نَفسَهُ.
فَهَنِيئًا لِمَنِ استَشعَرَ هَذَا –أَيُّهَا الإِخوَةُ– فَصَامَ يَومَ عَرَفَةَ احتِسَابًا لِلأَجرِ، وَطَمَعًا في تَكفِيرِ سَيِّئَاتِهِ، ثم شَهِدَ العِيدَ وَصَلاَّهَا مَعَ إِخوَانِهِ وَحَضَرَ خُطبَتَهَا وَشَهِدَ دَعوَةَ الخَيرِ، وَضَحَّى وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا وَشَكَرَهُ.
اليَومَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – هُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشرِيقِ، الأَيَّامُ المَعدُودَاتُ، الَّتِي قَالَ فِيهَا المَولى – تَبَارَكَ وَتَعَالى -: (وَاذكُرُوا اللهَ في أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ) [البقرة: 200]، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ" (رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ).
وَيُسَمَّى هَذَا اليَومُ يَومَ القَرِّ، حَيثُ يَستَقِرُّ الحُجَّاجُ في مِنًى بَعدَ أَن وَفَّقَهُمُ اللهُ – تَعَالى - فَوَقَفُوا بِعَرَفَاتٍ وَبَاتُوا بِمُزدَلِفَةَ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثُمَّ يَومُ القَرِّ" (رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وَفي هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ الكَرِيمَةِ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – تَجتَمِعُ لِلمُسلِمِينَ حُجَّاجًا وَمُقِيمِينَ مَنَاسِكُ وَعِبَادَاتٌ وَشَعَائِرُ وقُرُبَاتٌ، وَأَعمَالٌ جَلِيلَةٌ وَطَاعَاتٌ عَظِيمَةٌ، جَامِعُهَا وَالدَّاعِي إِلَيهَا هُوَ إِقَامَةُ ذِكرِ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَتَعظِيمُهُ، فَالحُجَّاجُ يَستَكمِلُونَ أَعمَالَ حَجِّهِم، فَيَرمُونَ الجَمَرَاتِ الثَّلاثَ في كُلِّ يَومٍ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ بَعدَ الزَّوَالِ، وَيَبِيتُونَ بِمِنًى، وَفِيهِم مَن يَطُوفُ بِالبَيتِ وَيَسعَى بَينَ الصَّفَا وَالمَروَةِ، طَوَافَ الحَجِّ وَسَعيَهُ، اللَّذَانِ هُمَا ركُنَانِ مِن أَركَانِهِ، وَفِيهِم مَن يَذبَحُ هَديَهُ إِن لم يَكُنْ قَد ذَبَحَهُ يَومَ العِيدِ، ثم يَطُوفُونَ لِلوَدَاعِ بَعدَ أَن قَضَوا تَفَثَهُم وَأَوفَوا نُذُورَهُم.
وَأَمَّا المُقِيمُونَ مِن أَهلِ البُلدَانِ، فَإِنَّهُم يُكمِلُونَ ذَبحَ ضَحَايَاهُم وَيُكَبِّرُونَ، وَيَأكُلُونَ وَيَشرَبُونَ، وَيَشكُرُونَ اللهَ عَلَى مَا هَدَاهُم وَآتَاهُم.
وَمِنَ المَعلُومِ – أَيُّهَا الإِخوَةُ – أَنَّهُ يَحرُمُ صِيَامُ هَذِهِ الأَيَّامِ، وَأَنَّ الذَّبحَ فِيهَا وَالتَّكبِيرَ مُمتَدٌّ إِلى غُرُوبِ شَمسِ اليَومِ الثَّالِثِ مِنهَا، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامِ أَيَّامَ التَّشرِيقَ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ" (رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - في كُلِّ أَيَّامِنَا وَلَيَالِينَا، وَلْنَستَعِنْ بما أَنعَمَ بِهِ عَلَينَا مِن أَكلٍ وَشُربٍ عَلَى ذِكرِهِ وَطَاعَتِهِ، وَلْنَستَكثِرْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، فَإِنَّهُ – تَعَالى – قَد أَمَرَ بِذَلِكَ رُسُلَهُ وَالأَمرُ لِلأُمَّةِ جَمِيعًا فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بما تَعمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَإِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتِينَ. الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُم وَالمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ. وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ لَكُم فِيهَا خَيرٌ فَاذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَيهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَت جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرنَاهَا لَكُم لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ. لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ) [الحج: 34- 37].
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُروهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَتَوبَوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا) [الطلاق: 2]، (وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا) [الطلاق: 4]، (وَمَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِمْ لَهُ أَجرًا) [الطلاق: 4].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا كَانَت هَذِهِ الأَيَّامُ العَظِيمَةُ هِيَ أَيَّامَ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَشُكرٍ لِنِعَمِهِ وَفضلِهِ؛ وَأَيَّامَ عِيدٍ لأَهلِ الإِسلامِ، يُسَنُّ لَهُم أَن يَشتَرِكُوا في خَيرَاتِهَا وَأَفرَاحِهَا، وَإِذَا كَانَ أَعظَمُ الفَرَحِ هُوَ الفَرَحَ بِفَضلِ اللهِ وَطَاعَتِهِ وَكُلِّ مَا يُقَرِّبُ إِلَيهِ، فَإِنَّ مِنَ الحِرمَانِ العَظِيمِ وَالخِذلانِ الَّذِي يُبتَلَى بِهِ بَعضُنَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ أَنَّهُ لا يَقدُرُ هَذِهِ الأَيَّامَ قَدرَهَا، وَلا يَلتَفِتُ لِحُرمَتِهَا، وَلا يَحرِصُ عَلَى التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ فِيهَا بِمَا يُرضِيهِ، بَل لا يَشتَغِلُ إِلاَّ بِهَوَى نَفسِهِ وَرَاحَتِهَا المَوهُومَةِ، فَتَرَاهُ يَسهَرُ طُولَ لَيلِهِ، ثم يَنَامُ في نَهَارِهِ، مُفتَتِحًا ذَلِكَ الحِرمَانَ بِتَركِ صَلاةِ الفَجرِ مَعَ جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ، وَقَد لا يُصَلِّيهَا إِلاَّ بَعدَ طُلُوعِ وَقتِهَا، يَنقُرُهَا وَحدَهُ بِلا خُشُوعٍ فِيهَا وَلا طُمَأنِينَةٍ.
فَأَينَ ذِكرُ اللهِ المَأمُورُ بِهِ في هَذِهِ الأَيَّامِ، وَالَّذِي مِن أَعظَمِهِ الصَّلاةُ؟! أَينَ تَعظِيمُ حُرُمَاتِ اللهِ الَّتِي هِيَ مِن تَقوَى القُلُوبِ؟! أَينَ مَشَارَكَةُ المُسلِمِينَ في أَعيَادِهِم وَشَعَائِرِهِم؟! أَينَ العَمَلُ الصَّالِحُ بَعدَ الأَكلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ؟!
وَمِنَ الحِرمَانِ في هَذِهِ الأَيَّامِ أَيضًا – أَيُّهَا الإِخوَةُ – مَا ابتُلِيَ بِهِ بَعضُ مَن هَزُلَ إِيمَانُهُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَقَلَّ احتِسَابُهُ، فَقَطَعَ رَحِمَهُ وَهَجَرَ قَرَابَتَهُ، بِحِجَجٍ ضَعِيفَةٍ وَاهِيَةٍ، فَيَا للهِ مِن قُلُوبٍ قَاسِيَةٍ، تَمُرُّ بِهَا أَيَّامُ الأَعيَادِ وَالأَفرَاحِ، فَتَأبَى إِلاَّ أَن تَبقَى في سِجنِ هَوَاهَا وَجَحِيمِ أَحقَادِهَا وَضَغَائِنِهَا، لِتَستَحِقَ بِذَلِكَ أَلاَّ تُوَفَّقَ وَلا تُهدَى، قَالَ – سُبحَانَهُ -: (فَهَل عَسَيتُم إِنْ تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا في الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعمَى أَبصَارَهُم. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ أَم عَلَى قُلُوبٍ أَقفَالُهَا) [محمد: 22- 24].
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – إِخوَةَ الإِيمَانِ – وَلْنَذكُرْهُ وَلْنَشكُرْهُ، وَلْنَحذَرِ المَعَاصِيَ وَخَاصَّةً الكَبَائِرَ مِنهَا وَالمُوبِقَاتِ، فَإِنَّ ذِكرَ اللهِ الحَقِيقِيَّ المَأمُورَ بِهِ في هَذِهِ الأَيَّامِ، لَيسَ حَرَكَةَ لِسَانٍ فَحَسبُ، وَلَكِنَّهُ شُعُورٌ قَلبِيٌّ بِأَنَّ اللهَ أَكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ، وَأَعظَمُ مِن كُلِّ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ القُلُوبُ وَتَشتَغِلُ بِهِ النُّفُوسِ مِن هَذِهِ الدُّنيَا الصَّغِيرَةِ الحَقِيرَةِ، الَّتِي لَو كَانَت تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنهَا شَربَةَ مَاءٍ.