صورة المسألة

يعاني بعض الناس من ضيق التنفس أو ما يعرف بــ (الربو)، فيضطر لاستخدام دواء يدعى ببخاخ الربو، وهو: عبارة عن علبة فيها دواء سائل يحتوي على مواد كيميائية وماء وأكسجين، ويستعمل بأخذ شهيق عميق مع الضغط على البخاخ في نفس الوقت، ويتطاير منه رذاذ، ويبقى منه شيء في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية قليلة جدا إلى الجوف، فهل استعماله يفطر الصائم؟ انظر: "الفقه الطبي" (ص: 112)، "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة - العبادات" (ص: 419).

فتاوى أهل العلم المعاصرين

«السؤال: فضيلة الشيخ ما حكم البخاخ للربو في رمضان؟ الجواب: البخاخ لمعالجة الربو والإنسان صائم في رمضان أو غيره لا بأس به؛ لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة التي هي مجمع الطعام والشراب، وإنما غاية ما فيه أنه يفتح قنوات التنفس ولا يصل إلى المعدة، فلا بأس به» "لقاء الباب المفتوح" (231 /17).

---

«استعمال بخاخ الربو والتحاميل واستعمال المنظار الطبي من أي موضع دخل لا تعتبر من المفطرات» "فتاوى يسألونك" (12 /148).

---

«بخاخ الربو علبة فيها دواء سائل يحتوى على ثلاثة عناصر، وهي: مواد كيميائية (مستحضرات طبية)، وماء، وأكسجين. وعند الضغط على البخاخ يخرج الدواء على هيئة رذاذ، فمع أخذ المريض شهيقاً عميقاً عند الضغط على البخاخ، يدخل هذا الرذاذ إلى القصبة الهوائية، ولكن يبقى منه جزء في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية قليلة جداً إلى المريء. وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن استعمال بخاخ الربو يفسد الصوم، قالوا: لأن محتوى البخاخ يصل إلى المعدة عن طريق الفم، فيكون مفطراً. وذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى أن استعمال هذا البخاخ لا يفسد الصيام، وهذا القول هو الصحيح، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة: 1- أن الأصل صحة الصيام، ولا يمكن العدول عن هذا الأصل إلا بيقين، ووصول شيء من رذاذ هذا البخاخ إلى المعدة أمر مشكوك فيه، فقد يدخل إلى المعدة وقد لا يدخل، لأن الأصل أن هذه المادة تذهب إلى الجهاز التنفسي، ولكن قد يدخل شيء منها إلى المعدة، فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بفساد الصيام، وبهذا أجيب عن دليل القول الأول. 2- على فرض أن جزءاً من هذا الدواء يدخل إلى المعدة فعلاً، فهو معفو عنه، ولا يفسد الصيام، قياساً على المضمضة واستعمال السواك. أما المضمضة فإن الصائم إذا تمضمض يتبقى في فمه شيء من ماء المضمضة، وينزل جزء من هذا الماء إلى المعدة، ولهذا لو تمضمض بماء به مادة مشعة، لظهرت تلك المادة المشعة في المعدة بعد قليل، مما يؤكد نزول شيء من ماء المضمضة إلى المعدة، ولكن هذا الجزء النازل إلى المعدة جزء يسير قد عفا الشرع عنه، وحكم بصحة الصيام مع المضمضة، والجزء النازل من بخاخ الربو إلى المعدة ـ إن نزل ـ أقل من الجزء النازل مع المضمضة، فيكون غير مفسد للصيام من باب أولى. وأما السواك، فإنه يحتوى على مواد تتحلل باللعاب وتنزل إلى البلعوم ثم إلى المعدة، ولكن عفا الشرع عنها، ولم يعتبرها مفسدة للصيام، لأنها قليلة وغير مقصودة، فكذلك الجزء الذي قد ينزل إلى المعدة من بخاخ الربو جزء قليل، وغير مقصود إنزاله إلى المعدة، فيكون غير مفسد للصيام قياساً على السواك. وبهذا يتبين قوة هذا القول الثاني، وقد اختاره من علمائنا المعاصرين: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن العثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين، وعلماء اللجنة الدائمة، وقد نقلنا شيئاً من فتاويهم في هذا في جواب السؤال رقم (37650). انظر: "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (المجلد العاشر، ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام المعاصرة)، "مفطرات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد الخليل (ص: 33-38)» "مموقع الإسلام سؤال وجواب" (5 /3010، بترقيم الشاملة آليا).

---

«س: ما حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهارا لمريض الربو ونحوه؟ ج: حكمه الإباحة إذا اضطر إلى ذلك؛ لقول الله عز وجل: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [ الأنعام الآية 119] ولأنه لا يشبه الأكل والشرب فأشبه سحب الدم للتحليل والإبر غير المغذية». "مجموع فتاوى ابن باز" الشويعر (15 /265).

---

السؤال : لدي مشكلة في مرض الربو المزمن الذي يلزمني استعمال دواء (ventoline)، وهو عبارة عن هواء يوسع المجاري التنفسية، فهل يجوز استعماله في نهار رمضان، وهل هو مفطر، مع أنني لا أستطيع عدم استعماله يوما كاملاً؟ الجواب : أخذ البخاخ عن طريق الأنف أو الفم مفطر؛ لأن الدواء في هذه البخاخات يراد له الوصول إلى الرئتين، وهما من الجوف، فمن كان يستعمله في بعض الأيام يستعمله ويبقى ممسكاً (إمساك بقية النهار هنا على وجه الندب) ويقضي فيما بعد، ومن كان يستعمله كل يوم يستعمله ويبقى ممسكاً ويطعم عن كل يوم مسكيناً، وإطعام المسكين يقدر بستين قرشاً هذا العام (1421هـ). والله أعلم.

---

يسأل الناس عن استعمال البخاخة في رمضان نهارًا، هل يبطل ذلك الصوم؟ ونحن نجيبهم بالإبطال، ويجوز استعماله للضرورة مع القضاء؛ لأنَّ الدواء وسط البخاخة عينٌ سائل تبخره الآلة عند الاستعمال. "مناهل العرفان من فتاوى وفوائد الشيخ فضل بن عبد الرحمن" (ص183).

---

الآراء والاتجاهات

حقل نصي طويل

اختلف العلماء المعاصرون في بخاخ الربو على قولين: القول الأول: إن بخاخ الربو لا يفطر الصائم، ومن أبرز من قال به عبد العزيز ابن باز ، ومحمد ابن عثيمين، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. القول الثاني: إن بخاخ الربو يفطر الصائم، وقال به محمد تقي الدين العثماني، ووهبة الزحيلي، ونوح القضاة، وفضل بن عبد الرحمن بافضل. وهذا هو الجاري على تقريرات المذهب الشافعي، لأمرين: الأول: أنهم ذكروا أن البطن جوف، وهذا بلا خلاف في المذهب، سواء وصلت العين إلى الجهاز التنفسي أو الهضمي فلا فرق، لكونها عينًا وصلت إلى الجوف من منفذ مفتوح. الثاني: وعلى التسليم بأن الجزء الواصل إلى الجهاز الهضمي يسير جدًّا، فإننا لا نسلم العفو عنه. وقد قال الفقهاء: «لو بلَّ خيطًا أو سواكًا بريقِه أو بماء فردَّه إلى فمه وعليه ‌رطوبة تنفصل وابتلعها؛ فيفطر، بخلاف ما لو لم يكن على الخيط ما ينفصل لقلته أو لعصره أو لجفافه؛ فإنه لا يضر كأثر ماء المضمضة». "التعليق على منظومة المفطرات المعاصرة" للبيب نجيب (ص8). وانظر: "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة - العبادات" (ص: 419).

الخلاصة الفقهية

بخاخ الربو لا بفطر الصائم؛ لأن ما يصل إلى الجوف منه قليل جدا، ويقاس على المضمضة، بل ما يصل إلى الجوف من الرذاذ أقل مما يصل من المضمضة، فيعفى عن هذا النزر اليسير، والله أعلم. "الفقه الطبي" (ص: 112)، "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة - العبادات" (ص: 419).