البحث

عبارات مقترحة:

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...


المَوْصِلُ

بالفتح، وكسر الصاد: المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق وسعة رقعة فهي محطّ رحال الركبان ومنها يقصد إلى جميع البلدان فهي باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان، وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاثة: نيسابور لأنها باب الشرق، ودمشق لأنها باب الغرب، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قلّ ما لا يمر بها، قالوا: وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق، وقيل وصلت بين دجلة والفرات، وقيل لأنها وصلت بين بلد سنجار والحديثة، وقيل بل الملك الذي أحدثها كان يسمّى الموصل، وهي مدينة قديمة الأسّ على طرف دجلة ومقابلها من الجانب الشرقي نينوى، وفي وسط مدينة الموصل قبر جرجيس النبي، وقال أهل السير: إن أول من استحدث الموصل راوند بين بيوراسف الازدهاق، وقال حمزة: كان اسم الموصل في أيام الفرس نوأردشير، بالنون أو الباء، ثم كان أول من عظّمها وألحقها بالأمصار العظام وجعل لها ديوانا برأسه ونصب عليها جسرا ونصب طرقاتها وبنى عليها سورا مروان بن محمد بن مروان ابن الحكم آخر ملوك بني أميّة المعروف بمروان الحمار والجعدي، وكان لها ولاية ورساتيق وخراج مبلغه أربعة آلاف ألف درهم والآن فقد عمرت وتضاعف خراجها وكثر دخلها، قالت القدماء: ومن أعمال الموصل الطبرهان والسنّ والحديثة والمرج وجهينة والمحلبية ونينوى وبارطلّى وباهذرا وباعذرا وحبتون وكرمليس والمعلّة ورامينوبا جرمى ودقوقا وخانيجار. والموصلان: الجزيرة والموصل كما قيل البصرتان والمروان، قال الشاعر: وبصرة الأزد منّا والعراق لنا والموصلان، ومنّا الحلّ والحرم وكثيرا ما وجدت العلماء يذكرون في كتبهم أن الغريب إذا أقام في بلد الموصل سنة تبيّن في بدنه فضل قوة، وإن أقام ببغداد سنة تبيّن في عقله زيادة، وإن أقام بالأهواز سنة تبين في بدنه وعقله نقص، وإن أقام بالنّبّت سنة دام سروره واتصل فرحه، وما نعلم لذلك سببا إلا صحة هواء الموصل وعذوبة مائها ورداءة نسيم الأهواز وتكدر جوه وطيبة هواء بغداد ورقته ولطفه، فأما التّبّت فقد خفي علينا سببه، وليس للموصل عيب إلا قلة بساتينها وعدم جريان الماء في رساتيقها وشدة حرها في الصيف وعظم بردها في الشتاء، فأما أبنيتهم فهي حسنة جيدة وثيقة بهية المنظر لأنها تبنى بالنورة والرخام، ودورهم كلها آزاج وسراديب مبنية ولا يكادون يستعملون الخشب في سقوفهم البتة، وقلّ ما عدم شيء من الخيرات في بلد من البلدان إلا ووجد فيها، وسورها يشتمل على جامعين تقام فيهما الجمعة أحدهما بناه نور الدين محمود وهو في وسط السوق وهو طريق للذاهب والجائي مليح كبير، والآخر على نشز من الأرض في صقع من أصقاعها قديم وهو الذي استحدثه مروان بن محمد فيما أحسب، وقد ظلم أهل الموصل بتخصيصهم بالنسبة إلى اللواط حتى ضربوا بهم الأمثال، قال بعضهم: كتب العذار على صحيفة خدّه سطرا يلوح لناظر المتأمل بالغت في استخراجه فوجدته: لا رأي إلا رأي أهل الموصل ولقد جئت البلاد ما بين جيحون والنيل فقلّ ما رأيته يخرج عن هذا المذهب فلا أدري لم خصّ به أهل الموصل، وقال السريّ بن أحمد الرفاء الشاعر الموصلي يتشوّقها: سقّى ربى الموصل الفيحاء من بلد جود من المزن يحكي جود أهليها أأندب العيش فيها أم أنوح على أيامها أم اعزّي في لياليها؟ أرض يحنّ إليها من يفارقها، ويحمد العيش فيها من يدانيها قال بطليموس: مدينة الموصل طولها تسع وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، طالعها بيت حياتها عشرون درجة من الجدي تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان في الإقليم الرابع، ومن بغداد إلى الموصل أربعة وسبعون فرسخا، وأما من ينسب إلى الموصل من أهل العلم فأكثر من أن يحصوا ولكن نذكر من أعيانهم وحفّاظهم ومشهورهم ما ربما احتيج إلى كثير من الوقت عند الكشف عنهم، منهم: عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث أبو القاسم الأزدي الموصلي، سمع الكثير ورحل فسمع بدمشق من هشام بن عمار ودحيم بن إبراهيم، وبحمص من محمد بن مصفّى، وبعسقلان الحسن بن أبي السري العسقلاني، وبمصر محمد بن رمح، وحدث عنهم وعن العباس بن سليم وأبان بن سفيان وإسحاق بن عبد الواحد ومحمد بن علي بن خداش وغسّان بن الربيع ومحمد بن عبد الله بن منير وأبي بكر بن أبي شيبة الكوفيين وأبي جعفر عبد الله بن محمد البقيلي وأحمد ابن عبد الملك وافد الحرّانيين، روى عنه ابناه أبوجابر زيد وإبراهيم أبو عوانة الأسفرايينيّان، وقال أبو زكرياء يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب طبقات محدّثي أهل الموصل: عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث المعولي، ومعولة من الأزد، كان فيه فضل وصلاح، وطلب الحديث ورحل فيه وأكثر الكتابة، سمع من المواصلة والكوفيين والحرّانيين والجزريين وغيرهم وكتب بالشام وصنف حديثه وحدث الناس عنه دهرا طويلا، وتوفي سنة 261، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنّى بن يحيى بن عيسى ابن هلال التميمي الموصلي الحافظ.

[معجم البلدان]

الموصل

المدينة العظيمة المشهورة التي هي إحدى قواعد بلاد الإسلام، رفيعة البناء ووسيعة الرقعة محط رحال الركبان. استحدثها راوند بن بيوراسف الازدهاق على طرف دجلة بالجانب الغربي. والآن لها سور وفصيل وخندق عميق وقهندز، وحواليها بساتين. وهواؤها طيب في الربيع، أما في الصيف فأشبه شيء بالجحيم! فإن المدينة حجرية جصية تؤثر فيها حرارة الصيف، تبقى كالشاخورة، وخريفها كثير الحمى تكون سنة سليمة والأخرى موبئة، يموت فيها ما شاء الله. وشتاؤها كالزمهرير. بها أبنية حسنة وقصور طيبة على طرف دجلة. وفي نفس المدينة مشهد جرجيس النبي، عليه السلام. وفي الجانب الشرقي منها تل التوبة، وهو التل الذي اجتمع عليه قوم يونس لما عاينوا العذاب، وتابوا وآمنوا فكشف الله تعالى عنهم العذاب. وعلى التل مشهد مقصود يقصده الناس كل ليلة جمعة وينذر له النذور. وبها بساتين نزهة. وفيها جواسق في غاية الحسن والطيب. وأهل الموصلانتفعوا بدجلة انتفاعاً كثيراً مثل شق القناة منها، ونصب النواعير على الماء يديرها الماء بنفسه، ونصب العربات وهي الطواحين التي يديرها الماء في وسط دجلة في سفينة، وتنقل من موضع إلى موضع، وفي الجانب الشرقي عند انتقاص الماء يبقى على طرف دجلة ضحضاح على أرض ذات حصباء، يتخذ الناس عليها سرراً وقباباً من القصب في وسط الماء، يسمونها السواريق ويبيتون فيها ليالي الصيف. يكون هواؤها في غاية الطيب، وإذا نقص الماء وظهرت الأرض زرعوا بها القثاء والخيار، فتكون حول القباب مقثاة ويبقى ذلك إلى أول الشتاء. وأهلها أهل الخير والمروءة والطباع اللطيفة في المعاشرة والظرافة، والتدقيق في الصناعات، وما فيهم إلا من يحب المختطين؛ قال الشاعر: كتب العذار على صحيفة خدّه سطراً يلوح لناظر المتأمّل بالغت في استخراجه فوجدته لا رأي إلاّ رأي أهل الموصل ينسب إليها جمال الدين الموصلي. كان من كرام الدنيا، أصله من أصفهان. توزر من صاحب الموصل، وكان يعطي أكثر من عبر الموصل، فعرف الناس أن عنده الكيمياء، وكل من سأله أعطاه. وحكي أن رجلاً صوفياً قال له: أنت الجمال الموصلي؟ قال: نعم. قال: اعطني شيئاً! قال له: سل ما شئت. فنزع طرطوره وقال: املأ هذا دراهم! فقال: اتركه عندي وارجع غداً خذه! فتركه عنده، فلما عاد أعطاه إياه مملوءاً من الدراهم، فأخذه وخرج ثم عاد وقال: ما لي إلى هذا حاجة، وإنما أردت أن أجربك هل أنت أهل لهذه الصنعة أم لا، فعرفت أنك أهل، وأنت ما تعرف إلا عمل الفضة، أريد أن أعلمك عمل الذهب أيضاً. فعلمه وذهب. وحكي انه استأذن من الخليفة أن يلبس الكعبة في بعض السنين، فأذن له فأخذ للكعبة لباساً أخضر، ونثر على الكعبة مالاً كثيراً، وأعطى أهل مكة وضعفاء الحاج أموالاً وسار ذكره. في الآفاق.وحكي أنه كان بينه وبين بعض الأمراء صداقة، فتعاهدا على أن من مات منهما أولاً فصاحبه يحمله إلى البقيع، فمات الجمال الموصلي أولاً في سنة خمسين وخمسمائة. فاشترى ذلك الأمير جمالاً كثيرة. وعين قوماً من الصلحاء وأقواماً من المقرئين، وأموالاً للصدقة عنه في كل منزل، وقال: الجمال الموصلي لا يبعث إلى البقيع إلا هكذا. ودفنه بالبقيع بهذا الاحترام. وينسب إليها الشيخ كمال الدين بن يونس. كان جامعاً لفنون العلوم عديم النظير في زمانه، في أي فن باحثته فكأنه صاحب ذلك الفن من المنقول والمعقول. وأما فن الرياضيات فكان فيه منفرداً. ومن عجيب ما رأيت منه أن الفرنج في زمن الملك الكامل بعثوا إلى الشام مسائل ارادوا جوابها: منها طبية، ومنها حكمية، ومنها رياضية. أما الطبية والحكمية فأجاب عنها أهل الشام، والهندسية عجزوا عنها. والملك الكامل أراد أن يبعث جواب الكل، فبعثوا إلى الموصل إلى المفضل ابن عمر الأبهري أستاذنا، وكان عديم النظير في علم الهندسة، فأشكل الجواب عليه، فعرضه على الشيخ ابن يونس، فتفكر فيه وأجاب عنه، والمسألة هذه نريد أن تبين قوساً أخرجنا لها وتراً، والوتر أخرج من الدائرة عملنا عليه مربعاً، تكون مساحة المقوس كمساحة المربع، هذه صورتها: فكتب برهانه المفضل وجعله رسالة بعث بها إلى الشام إلى الملك الكامل، فلما مشيت إلى الشام رأيت فضلاء الشام يتعجبون من تلك الرسالة، ويثنون على استخراج ذلك البرهان، فإنه كان نادر الزمان. وينسب إليها الشيخ فتح الموصلي. كان الغالب عليه الخوف والبكاء، وفي أكثر أوقاته كان باكياً. فلما توفي رئي في المنام، قيل له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه وقال: ما الذي أبكاك؟ فقلت: يا رب الخجالة من ذنوبي! فقال: وعزتي وجلالي، أمرت ملك الذنوب أن لا يكتب عليك أربعين سنة لبكائك من هيبتي!

[آثار البلاد وأخبار العباد]

الموصل

جاءت في قصة سلمان الفارسي وانتقاله من دين المجوس إلى النصرانية، ثم إلى الإسلام. وهي الموصل العراقية. مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم: مكان ولادة النبي: وهو مكان معروف لدى أهل مكة، على مصبالمخطط رقم (44)شعب عليّ في سوق الليل فوق الحرم بين أبي قبيس والحتادم كان عليه بيت حوّل إلى مكتبة، تسمى مكتبة مكة.

[المعالم الأثيرة في السنة والسيرة]

الموصل

المدينة المشهورة، من أهم مدن العراق وإحدى قواعد الإسلام. قيل إنها سميت الموصل لأنها تصل بين الجزيرة والعراق. خرج منها كثير من العلماء والأدباء والحفاظ، وينسب إليها إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق، أصحاب الشهرة في الموسيقى العربية.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

الموصل (1) :

في الجانب الغربي من دجلة وسميت بهذا الاسم لأنها وصلت بين الفرات ودجلة، وشرب أهلها من ماء الدجلة، وبساتينها قليلة، وضياعها ومزدرعاتها ممتدة، وأبنيتها بالجص والحجارة، ولها رساتيق عظيمة وكور كثيرة. وهي مدينة (2) عتيقة ضخمة عليها سوران وثيقان، وباطن الداخل منهما بيوت بعضها على بعض مستديرة بجداره المطيف بالبلد كله، قد أمكن فتحها فيه لغلظ بنيته وسعة وضعه، فللمقاتلة في هذه البيوت حرز ووقاية، وهي من المرافق الحربية، وفي أعلى البلد قلعة عظيمة قد رص بناؤها رصاً، عليها سور وثيق البنية مشيد البروج، وتتصل بها دور السلطان، ويفصل بينها وبين البلد شارع متصل ممتد من أعلى البلد إلى أسفله، ودجلة شرقي البلد متصلة بالسور وأبراجه في مائها، وللبلد ربض كبير فيه المساجد والحمامات والخانات والأسواق، وأحدث فيها أحد أمراء البلد، كان يعرف بمجاهد الدين (3)، جامعاً على شط دجلة ما رؤي أحفل منه، وأمامه مارستان حفيل، وبنى بداخل البلد قيسارية للتجار عليها أبواب حديد، وتطيف بها دكاكين وبيوت بعضها على بعض بأبدع بناء، وللمدينة جامعان: أحدهما جديد والآخر من عهد بني أمية، وفي وسط صحن هذا الجامع الجديد سارية رخام قائمة قد خلخل جيدها بخمسة خلاخل مفتولة فتل السوار من جرم رخامها، وفي أعلاها جامة رخام مثمنة يخرج عليها أنبوب من الماء خروج انزعاج وشدة، فيرتفع في الهواء أزيد من القامة كأنه (4) قضيب بلور معتدل، ثم ينعكس إلى أسفل القبة. ويجمع في هذين الجامعين القديم والحديث، ويجمع أيضاً في جامع الربض. وفي المدينة مدارس للعلم نحو الست أو أزيد قد بنيت على دجلة فتلوح كأنها القصور ولها مارستان. وبهذه المدينة مشهد جرجيس. وإذا عبرت دجلة نحو الميل ظهر لك تل التوبة، وهو التل الذي وقف عليه يونس عليه السلام بقومه، ودعا ودعوا حتى كشف الله عنهم العذاب، وبمقربة منه (5)، على قدر الميل أيضاً، العين المباركة المنسوبة إليه عليه السلام ويقال إنه أمر قومه بالتطهر منها وإظهار التوبة ثم صعدوا إلى التل داعين، وفي هذا التل بناء عظيم هو رباط يشتمل على بيوت كثيرة ومقاصير، يضم الجميع باب واحد، وفي وسط ذلك البناء بيت ينسدل عليه ستر ويغلق عليه باب مرصع كله يقال إنه كان الموضع الذي وقف فيه يونس عليه السلام، ومحراب هذا البيت يقال إنه كان بيته الذي كان يتعبد فيه، ويطيف بهذا كله شمع كأنه جذوع النخل عظماً، فيخرج الناس إلى هذا الرباط ليلة كل جمعة ويتعبدون، وقريب من هذا الرباط خراب عظيم يقال إنه كان مدينة نينوى، مدينة يونس عليه السلام، وأثر السور المحيط بهذه المدينة ظاهر، وفرج الأبواب فيه بينة، وأكوام أبراجه مشرفة. وأهل الموصل على طريقة حسنة ومروة (6)، لا تلقى منهم إلا ذا وجه طلق، ولهم بر بالغرباء وإقبال عليهم، وعندهم اعتدال في جميع معاملاتهم. وكان جرجيس (7) من الأنبياء الذين كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما أفضل الصلاة والسلام، من أهل فلسطين، بعثه الله تعالى إلى ملك الموصل يدعوه إلى الإسلام فقتله بالعذاب مرات وأحياه الله عز وجل آية لهم وعبرة، ونشره قطعاً ورماه إلى الأسد الضارية فخضعت الأسد برؤوسها، وظل يومه كذلك، فلما أدركه الليل جمع الله تعالى أوصاله ورد روحه، ثم أقبل عليهم اليوم الثاني يعظهم ويغلظ عليهم، فلما استمروا في عتوهم وكفرهم بعث الله تعالى عليهم ناراً فأحرقتهم عن آخرهم. وصورة افتتاح الموصل فيما حكاه البلاذري (8) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى عتبة بن فرقد السلمي الموصل في سنة عشرين، فسار إليها فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنها وهو الشرقي من دجلة عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والأذن لمن أراد الجلاء، ثم فتح بلاداً، ثم عزله عمر رضي الله عنه عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي، وكان بها في الجانب الغربي حصن وبيع للنصارى ومنازل ومحلة لليهود، فمصرها هرثمة وأنزل العرب بها. وقد روى الهيثم بن عدي أن عياض بن غنم أتى الموصل ففتح الحصن الغربي والله أعلم. وكان عمر رضي الله عنه وجه هرثمة بن عرفجة البارقي إليها بعد عتبة بن فرقد السلمي فأنزل العرب بها منازلهم واختط لهم، ثم بنى المسجد الجامع. وقالوا: كان الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم، وكان محمد ولي الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان، ويقال إن عبد الملك بن مروان ولى ابنه سعيداً صاحب نهر الموصل فبنى سعيد سوق الموصل، فهدمه الرشيد حين خالفوا، وفرشها بالحجارة حين اجتاز بها. وللموصل كور وأنظار وأعمال كثيرة، والذي ارتفع (9) في خراج الموصل مع الإحسانات سوى الضياع من الرزق ستة آلاف ألف وثلثمائة ألف. وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق ينسبان إليها، وناهيك بهما نبلاً وعلماً ومعارف وشهرة. (1) نزهة المشتاق: 199. (2) رحلة ابن جبير: 234، والنص هنالك ينقصه قوله ((وعليها سوران وثيقان)) مما أخل بالسياق. (3) هو مجاهد الدين قايماز الزيني كان يتولى أمور اربل نيابة عن زين الدين ابن بكتكين ثم تحول إلى الموصل سنة 571 وسكن قلعتها وتولى أمور تدبيرها، وبني بظاهرها جامعاً كبيراً ومدرسة وخانقاه، وتوفي سنة 595 (ابن خلكان 4: 82 - 84). (4) ص ع: كأنها. (5) ربما قرئت في ص ع: وبقرية. (6) ص: برده؛ ع: مردة؛ ولم ترد هذه اللفظة في رحلة ابن جبير. (7) انظر الطبري 1: 795. (8) فتوح البلدان: 407. (9) انظر قطعة الخراج لقدامة الملحقة بابن خرداذبه: 246.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

الموصل

بالفتح، وكسر الصاد: المدينة المشهورة العظيمة: إحدى قواعد بلاد الإسلام، قليلة النظير كبرا وعظما، وكثرة خلق، وسعة رقعة، باب العراق ومفتاح خراسان، منها تقصد أذربيجان. قال: وكثيرا ما سمعت أنّ بلاد الدنيا العظام ثلاثة نيسابور؛ لأنها باب المشرق، ودمشق لأنها باب المغرب، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قلّما لا يمرّ بها. وسميّت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق. وقيل وصلت بين دجلة والفرات. وقيل: لأنها وصلت بلدها والحديثة. وقيل: إن الملك الذي أحدثها كان يسمّى الموصل. وهى مدينة قديمة الأساس على طرف دجلة، ومقابلها من الجانب الشرقىّ نينوى، وفى وسط مدينة الموصل قبر جرجيس النبي عليه السلام. وفى داخل سورها جامعان. أحدهما وسط السوق جديد، والآخر عتيق. قيل بناه مروان ابن محمّد، آخر ملوك بنى أمية. وهو الذي عظّمها وألحقها بالأمصار، وجعل لها ديوانا مفردا، ونصب جسرها، وبنى سورها، وزادت بعد ذلك عمارتها، وتضاعف حاصلها، وبينها وبين بغداد أربعة وسبعون فرسخا.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]