مَيُورْقَةُ
بالفتح ثم الضم، وسكون الواو والراء يلتقي فيه ساكنان، وقاف: جزيرة في شرقي الأندلس بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة، بالنون، كانت قاعدة ملك مجاهد العامري، وينسب إلى ميورقة جماعة، منهم: يوسف بن عبد العزيز بن علي بن عبد الرحمن أبو الحجاج اللخمي الميورقي الأندلسي الفقيه المالكي، رحل إلى بغداد وتفقّه بها مدّة وعلّق على الكياء وقدم دمشق سنة 505، قال ابن عساكر: وحدثنا بها عن أبي بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني وأبي الخير المبارك بن الحسين الغساني وأبي الغنائم أبيّ النّرسي وأبي الحسين ابن الطيوري وعاد إلى الإسكندرية ودرّس بها مدة وانتفع به جماعة، والحسن بن أحمد ابن عبد الله بن موسى بن علون أبو علي الغافقي الأندلسي الميورقي الفقيه المالكي يعرف بابن العنصري، ولد بميورقة سنة 449، سمع ببلده من أبي القاسم عبد الرحمن بن سعيد الفقيه، وسمع ببيت المقدس ومكة وبغداد ودمشق ورجع إلى بلده في ذي الحجة سنة 471، ومن ميورقة محمد بن سعدون بن مرجا بن سعد ابن مرجا أبو عامر القرشي العبدري الميورقي الأندلسي الحافظ، قال الحافظ أبو القاسم: كان فقيها على مذهب داود بن علي الظاهري وكان أحفظ شيء لقيته، ذكر لي أنه دخل دمشق في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء وغيره ولم يسمع منهم، وسمع من أبي الحسن بن طاهر النحوي بدمشق ثم سكن بغداد وسمع بها أبا الفوارس الزّينبي وأبا الفضل بن خيرون وابن خاله أبا طاهر ويحيى بن أحمد البيني وأبا الحسين ابن الطيوري وجعفر ابن أحمد السّرّاج وغيرهم وكتب عنهم، قال: وسمعت أبا عامر ذات يوم يقول وقد جرى ذكر مالك بن أنس قال: دخل عليه هشام بن عمّار فضربه بالدّرّة، وقرأت عليه بعض كتاب الأموال لأبي عبيد فقال لي يوما وقد مرّ بعض أقوال أبي عبيد: ما كان إلا حمارا مغفلا لا يعرف الفقه، وحكى لي عنه أنه قال في إبراهيم النخعي: أعور سوء، فاجتمعنا يوما عند أبي القاسم ابن السمرقندي لقراءة الكامل لابن عدي فحكى ابن عدي حكاية عن السعدي فقال: يكذب ابن عدي إنما هو قول إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، فقلت له: السعدي هو الجوزجاني، ثم قلت له: إلى كم يحتمل منك سوء الأدب؟ تقول في إبراهيم النخعي كذا وفي مالك كذا وفي أبي عبيد كذا وفي ابن عدي كذا! فغضب وأخذته الرعدة، قال: وكان البرداني وابن الخاضبة يحاقّوني وآل الأمر إلى أن تقول لي هذا! فقال له ابن السمرقندي: هذا بذاك، وقلت له: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة فإذا أطلقت القول فيهم فما نحترمك، فقال: والله لقد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدمني، وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه من صحيحيهما، فقلت له على وجه الاستهزاء: فعلمك إذا إلهام! فقال: إي والله إلهام! فتفرّقنا وهجرته ولم أتمم عليه كتاب الأموال، وكانسيّء الاعتقاد يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني أنه قال يوما في سوق باب الأزج يوم يكشف عن ساق فضرب على ساقه وقال: ساق كساقي هذه، وبلغني أنه قال: أهل البدع يحتجون بقوله: ليس كمثله شيء، أي في الألوهية، فأما في الصورة فهو مثلي ومثلك، وقد قال الله تعالى: يا نساء النبيّ لستنّ كأحد من النساء، أي في الحرمة لا في الصورة، وسألته يوما عن مذهبه في أحاديث الصفات فقال: اختلف الناس في ذلك فمنهم من تأولها ومنهم من أمسك عن تأوّلها ومنهم من اعتقد ظاهرها ومذهبي أحد هذه الثلاثة مذاهب، وكان يفتي على مذهب داود، وبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل فقال: لا غسل عليه إلا أني فعلت ذلك بأمّ أبي بكر، يعني ابنه، وكان بشع الصورة أزرق اللباس يدّعي أكثر مما يحسن، مات يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 524 ودفن بباب الأزج بمقبرة الفيل وكنت إذ ذاك ببغداد ولم أشهده، آخر ما ذكره ابن عساكر، وعلي ابن أحمد بن عبد العزيز بن طير أبو الحسن الأنصاري الميورقي، قدم دمشق وسمع بها وحكى عن أبي محمد غانم بن الوليد المخزومي وأبي عمر يوسف بن عبد الله ابن محمد بن عبد البرّ النّميري وأبي الحسن علي بن عبد الغني القيرواني وغيرهم، روى عنه عبد العزيز الكناني وهو من شيوخه وأبو بكر الخطيب وهبة الله ابن عبد الوارث الشيرازي وعمر بن عبد الكريم الدهستاني وأبو محمد بن الأكفاني وقال: إنه ثقة وكان عالما باللغة وسافر من دمشق في آخر سنة 463 إلى بغداد وأقام بها، ومات بها سنة 477، قال الحافظ: حدثني أبو غالب الماوردي قال: قدم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري البصرة في سنة 469 فسمع من أبي علي التّستري كتاب السنن وأقام عنده نحوا من سنتين وحضر يوما عند أبي القاسم إبراهيم بن محمد المناديلي وكان ذا معرفة بالنحو والقراءة وقرأ عليه جزءا من الحديث وجلس بين يديه وكان عليه ثياب خلقة فلما فرغ من قراءة الجزء أجلسه إلى جنبه، فلما مضى قلت له في إجلاسه إلى جنبه، فقال: قد قرأ الجزء من أوله إلى آخره وما لحن فيه وهذا يدل على فضل كثير، ثم قال: إن أبا الحسن خرج من عندنا إلى عمان ولقيته بمكة في سنة 73 أخبرني أنه ركب من عمان إلى بلاد الزنج وكان معه من العلوم أشياء فما نفق عندهم إلا النحو، وقال: لو أردت أن أكسب منهم ألوفا لأمكن ذلك وقد حصل لي منهم نحو من ألف دينار وتأسّفوا على خروجي من عندهم، ثم إنه عاد إلى البصرة على أن يقيم بها فلما وصل إلى باب البصرة وقع عن الجمل فمات من وقته، وذلك في سنة 474، كذا قال أولا مات ببغداد وههنا بالبصرة، ومن شعر الميورقي قوله: وسائلة لتعلم كيف حالي. .. فقلت لها: بحال لا تسرّ وقعت إلى زمان ليس فيه إذا فتّشت عن أهليه حرّ
[معجم البلدان]
ميورقة
هي عدة جزر تقع أمام الساحل الشرقي لأسبانيا وأهمها ثلاثة جزر هي: ميورقة majorca ومنورقة minorca ويابسة ibiza وتسمى في المصادر العربية بالجزر الشرقية. خضعت لنفوذ قرطبة سنة 234 هـ (848 م) في عهد الأمير عبد الرحمن الثاني الأوسط الأموي غير أنها لم تضم نهائيا بواسطة عمال الدولة الأموية بالأندلس إلا منذ سنة 290 هـ (902 م) حينما أرسل إليها الأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الثاني قائده عصام الخولاني حاكما عليها وظلت في يد المسلمين إلى أن احتلها ملك أراجون (جاك الأول) (1230-1287م).
[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]
ميورقة (1) :
هي جزيرة في البحر الزقاقي، تسامتها من القبلة بجاية من بر العدوة، بينهما ثلاثة مجار، ومن الجوف برشلونة من بلاد أرغون، وبينهما مجرى واحد، ومن الشرق إحدى جزيرتيها منرقة، وبينهما مجرى في البحر طوله أربعون ميلاً، وشرقي ميورقة هذه جزيرة سردانية، بينهما في البحر مجريان، وغربيها جزيرة يابسة، بينهما مجرى في البحر طوله سبعون ميلاً، وغربي يابسة مدينة دانية من بر الأندلس بينهما في البحر سبعون ميلاً. وميورقة أم هاتين الجزيرتين وهما بنتاها، وإليها مع الأيام خراجهما. وطول ميورقة من الغرب إلى الشرق سبعون ميلاً، وعرضها من القبلة إلى الجوف خمسون ميلاً. فتحها المسلمون سنة تسعين ومائتين إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني وخربها سنة ثمان وخمسمائة، وهي المرة الأولى، ودخل المدينة فلم يجد سوى العيال والأطفال والشيخ الفاني، فلحسابهم أحالوا السيف عليهم، فلما قضى وطره من هذه الجزيرة أسرع الرجوع إلى بلاده. ثم اختلفت عليها ولاة ابن تاشفين، ثم وليها محمد بن علي بن غانية المسوفي، وهو أول ولاة بني غانية ثم تعاقبوا على ولايتها إلى أن كان آخرهم عبد الله بن إسحاق، فوجه إليه الملك الناصر محمد بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن السيد أبا العلا ادريس بن يوسف بن عبد المؤمن والشيخ أبا سعيد بن أبي حفص، ، فاجتمعا بدانية فعرض كل واحد منهما من أسند إليه، فكان الفريقان ألفي فارس ومائتي فارس والرماة سبعمائة والرجالة خمسة عشر ألفاً، غير غزاة القطع، وكان الأسطول ثلثمائة جفن منها سبعون غراباً وثلاثون طريدة وخمسون مركباً كباراً وسائرها قوارب منوعة، وأما العدد والسلاح والمجانيق والسلالم والمساحي والفؤوس والمعاول والرقائق والحبال فشيء لا يأخذه عدد، وكذلك الدروع والسيوف والرماح والبيضات والأتراس والدرق والقسي وصناديق النشاب، وجملة وافرة من الطعام، فصلوا الجمعة بيابسة وأقلعوا غدوة السبت الرابع والعشرين من ذي الحجة مكمل سنة تسع وتسعين وخمسمائة، فأتوا ميورقة ونزلوا وتقرب العسكر من المدينة ودار الأسطول بالمرسى مع السيد أبي العلا، وخرج إليهم عبد الله بجموعه، فنشبوا في القتال ودافعوا كل الدفاع، وآخر ذلك انهزم ثم صرع فقتل، وغلق باب المدينة فأحاطت بها الرماة وغزاة البحر، فتغلبوا عليها فدخلت ونهبت، ولم يسلم إلا قصبتها، ودخل السيد أبو العلا وأبو سعيد البلد ورأس عبد الله معهما على قناة بيد رجل غزي كان قطعه، فنهيا الناس عن النهب وأمرا بضرب عنق رجل فعل ذلك وخالف النهي، وطيف برأسه، وأمنا الناس ونودي بالأمن في الأزقة والقصبة، فخرج الناس وأمنوا، وكتبا إلى الملك الناصر بالفتح. وكان السبب في التوجه إلى ميورقة أن المنصور يعقوب كان وجه إلى صاحب ميورقة علي بن إسحاق بن محمد بن غانية يستدعي بيعته، فأنف من ذلك وأساء الرد واحتال على الرسل حتى اعتقلهم وأودعهم في السجون، ثم تحرك من ميورقة علي المذكور إلى بجاية، فاحتال حتى استولى عليها وملكها، ولما تم له ذلك أتى الجزائر فدخلها، ثم مليانة ومازونة، ثم دخل أشير عنوة ثم أتى القلعة فملكها، وبعد ثلاث من دخولها كانت له في العرب الحطمة المشهورة، وبث في هذه البلاد عمالاً وحكاماً، ثم قصد قسنطينة فسار إليها وحاصرها أشهراً فلم يفلح، وهناك بلغه أن عسكراً برياً وأسطولاً بحرياً هائلين أتياه من المغرب، ووصل الأسطول والعسكر إلى بجاية، فأخرجا نائبه منها وهو أخوه يحيى، فتوجه إلى أخيه علي وهو على قسنطينة، وخلى للقوم بلدهم، ثم توجها معاً نحو القبلة، ومرا بالقلعة فاستأصلاها، ثم سار علي إلى قفصة فأخذها ثم توزر، ومع ذلك جاء عسكر المغرب فيه المنصور يعقوب فجهز إليه عسكراً فالتقوا بوطاة عمرة، فكانت الوقيعة المشهورة والهزيمة العظيمة على عسكر المنصور بعد الإثخان الكثير في أصحابه، وتبددوا في الصحراء. وكان أول خروج ابن غانية من ميورقة لذلك في سنة ثمانين وخمسمائة وهي السنة التي مات فيها صاحب مراكش والمغرب يوسف بن عبد المؤمن ثم بقي علي بن إسحاق وأخوه يحيى يهيمان في تلك الجهات ولما بلغ المنصور خبر وقيعة عمرة وما جرى فيها على عسكره امتعض من ذلك واستبد برأيه، فتوجه بنفسه حتى نزل على قفصة فحاصرها حصاراً عظيماً إلى أن نزلوا على حكمه، فحكم فيهم بالسيف، وأثر فيهم الأثر الشنيع، وهدم سورها، ولابن مجبر في ذكر ذلك قصيدة مليحة جداً، منها: ما غر قفصة إلا أنها اجترمت. .. فلم يكن عند أهل الحلم تثريب ما بالها زار أمر الله حوزتها. .. فلم يكن عندها أهل وترحيب وقد ذكرنا ذلك في حرف العين عند ذكر عمرة. وبعد ذلك كله مات علي بعد أن تفرق جمعه، قيل سهم أصابه وهو على توزر سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وتمادت ميورقة على امتناعها إلى أن توفي المنصور في شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وولي ابنه الملك الناصر، فوجه إليها الجيوش وحكم عليها كما قلناه. ثم لم تزل ولاة الملك الناصر تختلف على ميورقة إلى أن كانت المصيبة العظمى والحادث الشنيع بهزيمة العقاب عليه سنة تسع وستمائة، ثم إن الطاغية البرشلوني تحرك إلى ميورقة عازماً عليها فنزل عليها أسطوله في شوال سنة ست وعشرين وستمائة، فأراها من القتال وشدة الحصار وأنواع المحن ما لم يجر مثله في زمان وحكم عليها عنوة بعد طول الحصار والقتل والسبي، ثم أخذ واليها ابن يحيى فعذبه أشد العذاب حتى مات، واستولى الشرك على الجزيرة في عام سبعة وعشرين وستمائة. (1) بروفنسال: 118، والترجمة: 228 (Mallorca).
[الروض المعطار في خبر الأقطار]