البحث

عبارات مقترحة:

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

شروط المنفعة

ويشترط فيها شروط عدة، منها: أ - أن تكون متقوّمة، أي معتبرة ومقصودة شرعاً أو عرفاً، ليحسن بذل المال في مقابلتها، كاستئجار دار للسكن، أو دابة أو سيارة للركوب، لأنها إذا لم تكن ذات قيمة شرعاً كان بذل المال في مقابلها سفهاً وتضييعاً، وقد نهي الشرع عن إضاعة المال: ـ فلا يصح استئجار آلات اللهو، لحرمة منفعتها. وكذلك لا يصح استئجار لتصوير ذي روح، أو من تغنِّي أمام الأجانب، لحرمة ذلك. ـ ولا يصحّ استئجار كلب لصيد أو حراسة، لأن عينه لا قيمة لها شرعاً، فلا قيمة لمنفعته. ـ ولا يصح استئجار رجل ليقول كلمة لا تُتعب، وإن روّجت سلعة أو حصلت منفعة، وكذلك استئجار دراهم أو دنانير للتزيين بها. لأن مثل هذه المنفعة غير مقصود عرفاً، ولم يعتد الناس استيفاءه بعقد الإجارة. ب ـ أن يكون في مقدور المؤجر تسليمها، ليتمكن المستأجر من استيفائها. فلو كان المؤجر عاجزاً عن تسليم المنفعة، حساً أو شرعاً، لم تصح الإجارة. ـ فلا تصحّ إجارة مغصوب لغير مَنْ في يده، ولا يقدر علي انتزاعه مَمن في يده عقب العقد ـ ولا يصحّ تأجير سيارة مفقودة أو ضائعة. ـ ولا يصح استئجار أرض للزراعة، ليس لها ماء دائم، ولا يكفيها المطر المعتاد أو ما في معناه كالثلوج والنداوة. لعدم القدرة علي تسليم المنفعة في هذه الأشياء حسَاً. ومما لا تصح إجارته لعدم القدرة علي تسليم منفعة شرعاً: ـ استئجار المرأة الحائض أو النفساء لخدمة المسجد، لأن الخدمة تقتضي مكثها وترددها في المسجد، ولا يجوز لها ذلك، وإن أمنت تلويثه، لأنه أجيز لها العبور فيه، ولا التردّد والمكث. فهي لا تقدر علي تسليم المنفعة شرعاً. ولو استؤجرت غير الحائض لهذا، فحاضت أو نفست، انفسخت الإجارة، فإذا دخلت المسجد حال حيضها وقامت بالخدمة كانت آثمة، ولم تستحق الأجرة. ومثل خدمة المسجد تعليم القرآن. ـ وكذلك لا تصح إجارة امرأة متزوجة، لرضاع أو خدمة بغير إذن الزوج، لأن أوقاتها مستغرقة بحقه، فلا يجوز لها شرعاً شغل شيء من وقتها بغير حقه إلا بإذنه. فهي عاجزة إذن ـ شرعاً ـ عن تسليم المنفعة التي استؤجرت لها. ـ وكذلك لا يجوز إجارة امرأة مطلقاً للقيام بعمل يقتضي سفراً من غير صحبة زوج أو ذي رحم محرم، أو يقتضي خلوة بأجنبي، للحرمة الثابتة بالنهي الصريح والصحيح عن ذلك، فهي إذن غير قادرة شرعاً علي تسليم مثل هذه المنفعة. جـ - الشرط الثالث للمنفعة: أن يكون حصولها للمستأجر، لا للمؤجر: فلا تصح الإجارة علي القُرب التي تحتاج إلي نيّة ولا تدخلها النيابة كالصلاة والصوم، لأن منفعتها ـ وهي الثواب ـ تعود علي المؤجر لا المستأجر، ولأن القصد منها امتحان المكلف بالامتثال وكسر النفس، ولا يقوم غيره مقامه في هذا. وتصحّ الإجارة علي كل قربة وعبادة تدخلها النيابة وإن كانت تحتاج إلى نيّة. فتصحّ الإجارة علي الحج عن العاجز والميت، وكذلك الصوم عن الميت، ولذبح أُضحية، ونحر هدي، وتفرقة زكاة. لأن هذه العبادات ثبت في الشرع النيابة فيها عن غير المكلّف بها أصلاً وأما القرب والعبادات التي لا تحتاج إلي نيّة كفروض الكفالة: ـ فإذا كانت شائعة في الأصل ـ أي أن كل مسلم مخاطب بها، ولكنها إذا فعلها بعض المسلمين سقطت عن الباقين ـ كالجهاد، فلا يصحّ الاستئجار عليها، لأن المسلم الذي أجّر نفسه للجهاد إذا حضر المعركة تعيّن عليه الجهاد، فيقع جهاده عن نفسه لا عمّن استأجره، فلا تعود المنفعة علي المستأجر، وإنما تعود علي المؤجر، فلا تصحّ الإجارة. ـ وإن لم تكن شائعة في الأصل صحت الإجارة عليها، كتجهيز الميت من غسل وتكفين ودفن، فإنه يختص في الأصل بتركته، فإن لم تكن تركة فبمَن تجب عليه نفقته، فإن لم يكن، وجب علي أغنَياء المسلمين القيام به. وكذلك تعليم القرآن أو بعضه، لأن الأصل في التعليم أنه يختص بمال المتعلم أو مَن تلزمه نفقته. وقد ثبت أن رسول الله قال: " إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتابُ الله ". (أخرجه البخاري في الطب، باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم، عن ابن عباس رضي الله عنهما رقم: 5405). ومثل القرآن تعليم مسائل العلم والقضاء ونحو ذلك من فروض الكفاية، التي لا يقصد في الأصل كل مكلّف، فإذا استؤجر عليها وقام بها لم تقع عنه، لأنه غير مقصود بفعله، فلا تعود منفعته عليه. وكذلك الشعائر غير الواجبة كالأذان، فإنه تصح الإجارة عليه. د ـ الشرط الرابع: أن لا يكون في المنفعة استيفاء عين قصداً: فلا تصحّ إجارة البستان لاستيفاء ثمرته، ولا الشاة لاستيفاء صوفها أو لبنها أو نتَاجها، لأن الأصل في عقد الإجارة تمليك المنافع، فلا تملك الأعيان بعقدها قصداً. ولأن هذا في الحقيقة استهلاك لا انتفاع، وموضوع الإجارة في الأصل الانتفاع لا الاستهلاك فإذا تضمن عقد الإجارة استيفاء منفعة تبعاً لا قصداً جاز، كما إذا استأجر امرأة للحضانة والإرضاع، أو للإرضاع فقط، فإن ذلك يستتبع استيفاء لبن المرضع وهو عين، فيصحّ ذلك للضرورة أو الحاجة الداعية إليه. قال تعالي: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ الطلاق6. ومثل هذا لو استأجر داراً للسكني، ولها حديقة فيها أشجار مثمرة، جاز، لأن استهلاك الثمر تبع لاستيفاء المنفعة. هـ ـ الشرط الخامس من شروط المنفعة: أن تكون معلومة للعاقدين عيناً وصفة وقدراً. فيشترط لصحة الإجارة: - العلم بعين المنفعة: ويكون ذلك ببيان محلها، فلا تصحّ إجارة إحدى الدارين داراً دون تعيين، لجهالة عين المنفعة بجهالة محلها. وكذلك لو قال: أجرتك داراً، دون بيان أوصافها أو الإشارة إليها. وذلك أن المنفعة هي محل العقد في الإجارة، فلا بدّ من تعيينها ليصحّ العقد، ولما كانت المنفعة ليست شيئاً مادياً يمكن تجسيده وتعيينه، استُعيض عن ذلك ببيان محلها للضرورة، فيقوم بيان محل المنفعة مقام بيانها. - العلم بنوع المنفعة وصفتها: وذلك حين يكون المستأجَر يختلف الناس في الانتفاع به اختلافاً ظاهراً لا يُتسامح به عادة. فلا تصحّ إجارة أرض للزراعة دون أن تُعيَّن المزروعات التي ستزرع فيها، لأن أثر المزروعات علي الأرض يختلف من النوع إلي نوع، فإذا ذكر المستأجر أنه يستأجرها ليزرع فيها ما يشاء صحّ العقد، لأنه يُحمل علي الأشد، فإذا انتفع فيها بالأخف كان له ذلك من باب أولي. فإذا كانت المنفعة المرادة مما لا يختلف الناس فيها اختلافاً ظاهراً يؤدي إلي المنازعة صحت الإجارة دون بيان نوعها، وذلك كاستئجار الدور للسكني، فلا يشترط بيان مَن سيسكن معه من أُسرته، أو بيان ما سيضع في البيت من أثاث وأمتعة، لأن ذلك مما يتسامح الناس فيه عادة. فإذا انتفع بها بخلاف الغالب والمعتاد لم يكن له ذلك، كما إذا انتفع بالدار بصناعة أو تجارة. وعليه: يشترط لصحة إجازة الدار إذا كانت في محلة ينتفع الناس فيها بالدور بالسكني وغيرها، أن يبيِّن نوع المنفعة من سكني أو تجارة أو صناعة، كما ذكرنا، وأن يبيّن نوع التجارة أو الصناعة كذلك. وكذلك يشترط لصحة الإجارة علي عمل: أن يبيّن نوع العمل الذي سيقوم به الأجير. - العلم بقدر المنفعة: ويختلف تقدير المنفعة باختلاف نوعها: فمنها ما يُقدَّر بالزمن، ومنها ما يقدر بالعمل، ومنها ما يصحّ فيه الأمران. أـ فما تقدر فيه المنافع بالزمن: هو كل منفعة لا يمكن ضبطها بغيره وتقلّ وتكثر، أو تطول وتقصر، كإجارة الدور للسكني، فإن سكني الدار تطول وتقصر، وكالإجارة للإرضاع، فإن ما يشربه الرضيع من اللبن يقلّ ويكثر، وكالإجارة لتطيين جدار، فإن التطيين لا ينضبط رقّة وسماكة. فمثل هذه المنافع لا يمكن تقديرها بغير الزمن، لأن تحصيلها لا ينضبط بغير ذلك. ولهذا جاء علي لسان شعيب عليه السلام: (عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) فقد قدّر منفعة استئجار موسي عليه السلام بالزمن، وإنما استأجره للرعي ونحوه، والرعي من هذا النوع من المنافع. ما تجوز عليه الإجارة من الزمن: وإذا قدرت المنفعة بالزمن وجب أن يكون مدة معلومة، تبقي فيها العين المؤجرة غالباً، ليتمكن المستأجر من استيفاء المنفعة المعقود عليها. والمرجع في معرفة المدة التي تبقي فيها كل عين غالباً إنما هو العرف وأهل الخبرة. ويختلف ذلك من عين إلي عين: ـ فالأرض ـ مثلاً ـ تصح إجارتها مائة سنة أو أكثر. ـ والدار: تصح إجارتها ثلاثين سنة. ـ والدابة: تصح إجارتها عشر سنين. وهكذا كل شيء علي ما يليق به، ويقدر أهل الخبرة أنه يبقي هذه المدة. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.