البحث

عبارات مقترحة:

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

شرط الأجرة

ويشترط في الأجرة ما يشترط في الثمن في العقد البيع، لأن الأجرة في الحقيقة هي ثمن المنفعة المملوكة بعقد الإجارة. فيشترط فيها: أ - أن تكون طاهرة: فلا يصحّ عقد الإجارة إذا كانت الأُجرة كلباً أو خنزيراً أو جلد ميتة لم يُدبغ أو خمراً، لأن هذه الأشياء نجسة العين. ففي الصحيحين أن رسول الله نهي عن ثمن الكلب. وفيهما أنه قال: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ". (البخاري: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام. وباب: ثمن الكلب، رقم: 2121، 2122. ومسلم في المساقاة، باب: تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي، وباب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، رقم: 1567، 1581). وكذلك إذا كانت عيناً متنجسة لا يمكن تطهيرها، كالخل واللبن والدهن المائع والزيت والسمن، لأن النبي أمر بإراقة السمن المائع إذا تنجس. روي ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله عن الفأرة تقع في السمن فتموت؟ قال: " إنْ كان جامداً ألقي ما حَوْلَها وأكَلَهُ، وإن كان مائعاً لم يقربه ". وفي رواية: " فأريقوه". (انظر: موارد الظمآن إلي زوائد ابن حبان: الأطعمة، باب: في الفأرة تقع في السمن، رقم: 331). فالأمر بإراقته والنهي عن قربه دليل علي أنه لا يمكن تطهيره، وبالتالي لا يجوز بيعه. ولما كانت هذه الأشياء لا يصحّ بيعها لنجاستها لم يصحّ جعلها أُجرة. وقيس علي ما ذُكر غيرها من الأعيان النجسة التي لم تذكر، وهي في معناها. ب - أن تكون منتفعاً بها: فلا يصحّ جعل الأجرة شيئاً لا يُنتفع به: إما لخسْته كالحشرات وكحبَّتي حنطة، وإما لإيذائه كالحيوانات المفترسة، وإما لحرمة استعماله شرعاً كآلات اللهو والأصنام والصور. وذلك لأن هذه الأشياء وأمثالها مما لا نفع فيه لا يُعََد مالاً، فلا يصحّ أخذ المال في مقابلته. والمنفعة التي هي محل عقد الإجارة مال متقوم كما ذكرنا، فلا يصح بذلها في مقابلة ما لا يُعدّ مالاً. جـ - أن تكون نقدوراً علي تسليمها: فلا يصحّ أن تكون الأجرة طيراً في الهواء، ولا سمكاً في الماء، كما لا يصحّ أن تكون مالاً مغصوباً إلا إذا كانت لمن في يده المغصوب، أو لقادر علي انتزاعه منه. د - أن يكون للعاقد ولاية علي دفعها: بملك أو وكالة، فإن كانت الأُجرة لا ولاية للعاقد عليها بما ذُكر لم تصح الإجارة. هـ - أن تكون معلومة للعاقدين: فلا تصحّ إجارة الدار بما تحتاجه من عمارة، ولا إجارة سيارة بوقودها، أو دابة بعلفها، لجهالة الأُجرة في هذه الحالات. ومن الجهالة في الأُجرة أن تجعل جُزءًا من المأجور يحصل بعمل الأجير، كما إذا استأجره ليذبح شاة ويسلخها بجلدها أو جزء منها، للجهالة بثخن الجلد أو قدر الجزء. وكذلك إذا استأجره ليطحن له قدرًا مُعيَّنًا من القمح بجزء مما يخرج من دقيقه، كربعه أو خمسه، للجهالة بقدر الدقيق. ولأن الأجير ينتفع هنا بعمله، فيكون عاملاً لنفسه من وجه، فلا يستحق الُأجرة علي عمله. وقد روي الدارقطني (البيوع /الحديث: 195): أن النبي نهي عن قَفيز الطَّحَّان. وقد فسر بأن تُجعل أُجرة الطحن قفيزاً مطحوناً مما استؤجر لطحنه. [القفيز: مكيال كان معروفًا]. فلو استأجره بجزء من الحنطة ليطحن باقيها صحّ، لانتفاء المعني الذي مُنع من أجله، وهو الجهالة وكون الأجير عاملاً لنفسه. ويدخل في هذا المنع من باب أولي: - أن يعطي من يقوم بحصاد الزرع ـ بنفسه أو بواسطة الآلات ـ جزءاً من المحصول ـ كالعشر أو نحوه ـ أُجرة علي الحصاد. - أن يعطي جباة الأموال، للجمعيات ونحوها، جزءاً مما يجبونه من الأموال كاثنين في المائة ونحو ذلك. - أن يعطي سماسرة الدور ونحوها أيضاً جزءاً بنسبة معينة من قيمة ما يَبيعونه كاثنين في المائة أو ثلاثة. فهذه الأنواع الثلاثة من الإجارة غير صحيحة، لأن الأُجرة فيها مجهولة، وينبغي أن يعلم أن أخذ هذه الأموال بهذه الطريقة كسب خبيث غير مشروع، يُؤاخذ عليه من يأخذ ومَن يعطيه، فليحذر الذين يخالفون شرع الله تعالي، ولا سيما جباة أموال الجمعيات الذين كثيراً ما تكون الأموال التي يوجبونها حقًّا للفقراء والمساكين، فيأكلون جزءًا منها ظلمًا وزورًا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فليحذر هؤلاء سخط الله تعالى وعقابه. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.